ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي Empty قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي

مُساهمة من طرف بشير الغزاوي الأربعاء سبتمبر 15, 2010 10:25 pm

قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي
قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي 6yar1916
قوافل الشهداء
الخوري يوسف الحايك، من سن الفيل في بيروت، أُعدم في دمشق يوم 22 آذار سنة 1915م.
شهداء الحادي والعشرين من آب 1915
عبد الكريم الخليل، من الشياح قرب بيروت
محمد المحمصاني، من بيروت
محمود المحمصاني، من بيروت
عبد القادر الخرسا، أصله من دمشق ومقيم في بيروت
نور الدين القاضي، من بيروت
سليم أحمد عبد الهادي، من قرية عرّابة بفلسطين
محمود نجا العجم، من بيروت
الشيخ محمد مسلّم عابدين، مأمور أوقاف اللاذقيّة من دمشق
نايف تللو، من دمشق
صالح حيدر، من أهالي بعلبك
علي الأرمنازي، من حماة
نخلة باشا المطران، من أهالي بعلبك أغتيل قرب أُورفه بالأناضول في 17 تشرين الأول سنة 1915م.
الشقيقان أنطوان وتوفيق زريق، من طرابلس، أُعدما بدمشق سنة 1916م.
عبد الله الظاهر، من عكار، أُعدم ببيروت يوم الأول من آذار سنة 1916م.
يوسف سعيد بيضون، من بيروت، أُعدم بعاليه بلبنان يوم العاشر من شهر آذار سنة 1916م.
يوسف الهاني، من بيروت، أُعدم ببيروت في نيسان سنة 1916م.
الشقيقان فيليب وفريد الخازن من جونية بلبنان أُعدما ببيروت يوم الثاني من أيار سنة 1916م.
شهداء 6 أيار 1916 في دمشق
شفيق بك مؤيد العظم، من دمشق
الشيخ عبد الحميد الزهراوي، من حمص
الأمير عمر الجزائري، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري من دمشق
شكري بك العسلي، من دمشق
عبد الوهاب الإنكليزي، من دمشق
رفيق رزق سلّوم، من حمص
رشدي الشمعة، من دمشق
شهداء 6 أيار 1916 في بيروت
بترو باولي، من التابعية اليونانيّة، مقيم في بيروت
جرجي الحداد، من جبل لبنان
سعيد فاضل عقل، من الدامور بلبنان
عمر حمد، من بيروت
عبد الغني العريسي، من بيروت
الشيخ أحمد طبارة، إمام جامع النوفرة في بيروت
محمد الشنطي اليافي، من يافا بفلسطين
توفيق البساط، من صيدا
سيف الدين الخطيب، من دمشق
علي بن عمر النشاشيبي، من القدس
محمود جلال البخاري، من دمشق
سليم الجزائري، من دمشق
أمين لطفي الحافظ، من دمشق
شاهر بن رحيل العلي، من عشيرة التركي، أُعدم بدمشق على أثر إعلان الثورة العربية.
محمد الملحم، شيخ عشيرة الحسنة، أُعدم بدمشق في أوائل سنة 1917م.
فجر المحمود، من عشيرة الموالي، أُعدم بدمشق أوائل سنة 1917م.
الشيخ أحمد عارف، مفتي غزة، وولده، من مدينة غزة أُعدما في القدس الشريف سنة 1917م.
رجاء حار من كل من يعرف عن هؤلاء الشهداء شيئا أن يعلمنا به.
الشهيد رفيق رزق سلوم
هذا الشاب الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر هو الشهيد رفيق رزق سلّوم، الذي كتب اسمه بماء الذهب في سجلّ الكرامة والحرية والفداء، وكان من أكثر رجالات الكفاح ضد العثمانيين مكانة وسمو منزلة ومثالية ورباطة جأش حتى وهو يقابل الموت وجهاً لوجه.
ولد الشهيد رفيق رزق سلوم في مدينة حمص سنة 1891 وما إن بلغ رفيق الخامسة من العمر، حتى أدخله والداه المدرسة الروسية التابعة للجمعية الإمبراطورية الفلسطينية في حمص، ولما رأى المطران أثناثيوس نبوغه وعبقريته أرسله إلى المدرسة الإكليريكية في دير البلمند في لبنان في عام 1904 وكان في الثالثة عشرة من عمره، حيث بقي أربع سنوات، تلقى خلالها آداب اللغة العربية وعلوم اللاهوت.
وعندما عاد إلى حمص شجعه أستاذه خالد الحكيم على متابعة دراسته فقصد بيروت والتحق بالجامعة الأميركية وهو في السابعة عشر من العمر حيث درس اللغة الإنكليزية ووضع رواية (أمراض العصر) التي كرسها لمعشوقته الحرية الحمراء، فكان لها أعظم وقع في الطبقة المثقفة النازعة إلى الحرية آنذاك.
وعند عودته إلى حمص عرّفه أستاذه /خالد الحكيم/ بالمرحوم الشهيد /عبد الحميد الزهراوي/الذي بتأثيره اتجه رفيق بنفس العام إلى الأستانة لدراسة الحقوق. وفيها أخذت عبقريته تتفتح وراح في أوقات فراغه يكتب المقالات الرائعة وينشرها في (المقتطف)،(المهذب)،(المقتبس)،(المفيد) و(حمص)، وفي مجلة (لسان العرب) التي كان يصدرها المنتدى الأدبي بالإضافة إلى تحريره في جريدة (الحضارة) لصاحبها الشهيد الزهرواي والتي كانت تصدر في الأستانة باللغة العربية. وخلال مدة إقامته هناك التي امتدت إلى عام 1914 ألّف كتابه الشهير في الاقتصاد (حياة البلاد في علم الاقتصاد) وكان أول كتاب بالعربية يتطرق إلى هذا العلم وكان قد نشر منه بعض الفصول قبل طبعه كاملاً في جريدة (الحضارة) وقد دُرس هذا الكتاب مدة طويلة في الكلية الأرثوذكسية بحمص ومدرسة سلمية الزراعية وعدة مدارس أخر.
كما وضع الشهيد رفيق رزق سلوم أيضاً كتاب (حقوق الدول) الذي نشره على حلقات في جريدة (المهذب) التي كانت تصدر في زحلة ويقع هذا الكتاب في حوالي 800 صفحة ولكنه لم يُنشر وظلّ في حوزة أهله. وكان للشهيد منظومات شعرية رائعة كتب معظمها في الأغراض الوطنية ألقيت في مناسبات قومية مختلفة، كما أولع بالموسيقا فأتقن العزف على القانون والعود والكمان والبيانو.
وكان يصرف أكثر أوقات فراغه في الكتابة والتأليف. وعند انتهائه من دراسة الحقوق عام 1914 كان الشهيد يتقن الروسية واليونانية والفرنسية والتركية والعربية.
وخلال وجوده في الأستانة تسلم رفيق رزق سلوم منصب نائب رئيس النادي الأدبي، الذي ضم مجموعة من النواب والمفكرين والطلاب العرب، ليكون مكاناً يلتقي فيه الزوّار والعرب المقيمون في الأستانة، وكان يرمي إلى ائتلافهم، وحماية حقوقهم والمطالبة باستقلالهم، وإيقاظ الأمة العربية، التي كانت تغط في سبات عميق جراء الاستعباد العثماني، الذي خَيّم عليها طوال أربعة قرون، وكان النادي يقوم بأداء تمثيليات عربية ومنها رواية (السموأل)، وكان رفيق أحد أبطالها حيث ألقى في حفل تقديمها خطاباً بحضور بعض المسؤولين الأتراك بدأه ببيتين شعريين من نظمه قال فيهما:
قبلّتُ حدّ السيف قبلة عاشق
وهتفت ياسلمى افرحي وتهللّي
إن كان في موتي حياة تُرتجى
للعُربِ أَقبل يا حمام وعجّلِ
في عام 1915 وخلال اندلاع الحرب العالمية الأولى، التي شاركت فيها الدولة العثمانية انتهز جمال باشا السفاح فرصة توليه على الشام وتوسيع حكم الاستبداد في البلاد العربية وكان قائداً للقوات العثمانية فألف الديوان العرفي في عاليه، وحاكم بواسطته عدداً من القادة العرب محاكمة شكلية، وقضى بإعدامهم وكان من بين هؤلاء القادة الشهيد المناضل رفيق رزق سلوم، الذي وُشي به للسلطات التركية فألقي القبض عليه في دمشق في 27 سبتمبر/أيلول عام 1915 وسيق إلى عاليه ليلقى الشهادة، في ساحة البرج ببيروت مع مجموعة من زملائه المناضلين العرب بعد أن عانى العذابات الشديدة على يد سجانيه الأتراك في سجن عاليه كما قال في الرسالة التي كتبها إلى أهله قبل استشهاده بشهر أي في 5 نيسان 1916 ، وما تزال هذه الرسالة في حوزة ابن أخيه هلال رزق سلوم إلى الآن، وفي هذه الرسالة شرح الشهيد سلوم لأهله كيف أُلقي القبض عليه، وما قاساه في سجن عاليه، ولحظات انتظاره للإعدام، وفيها أيضاً يطلب من أهله ألا يحزنوا لموته لأنه يكره الحزن والحزانى -كما يقول- ويضيف " ثقوا بأن روحي ترفرف دائماً فوقكم فأرى كل حركة من حركاتكم، ولا ترونني فإذا حزنتم أهرب من عندكم، وإياكم أن تغيروا ثيابكم أو عادةً من عاداتكم".
وعن وزارة الثقافة السورية صدرت فيما بعد الأعمال الكاملة لرفيق رزق سلوم ضمن سلسلة الأعمال الكاملة، وضمت كتب المؤلف ومقالاته. وقد حقق الكتاب الأستاذ عبد الإله أحمد نبهان وأفرد مقدمة عن حياة رفيق سلوم القصيرة. ويقع الكتاب في 936 من القطع الكبير. عام الإصدار 2006.
كتب إلى أهله رسالة يوم الأربعاء في 5 نيسان 1916 (المصادف في 23 آذار شرقي سنة 1916) من سجنه في عاليه بعد صدور حكم الإعدام بحقه شرح فيها كيف تم القبض عليه وما قاساه في السجن من عذاب ويطلب فيها من أهله ألاّ يحزنوا لموته لأنه يكره الحزن والحزانى وجاء فيها : ثقوا بأن روحي ترفرف دائماً فوقكم فأرى كل حركة من حركاتكم ولا ترونني فإذا حزنتم أهرب من عندكم وإياكم أن تُغيّروا ثيابكم أو عادة من عاداتكم . وإنني أحمد الله لأنني عشت شريفاً وأموت شريفاً أما الجواسيس الذين تكلّموا عني فإنني أسامحهم لأن الطبيعة أوجدتهم ضعفاء . وأضاف في رسالته :
اكتبوا على قبري هذه الأبيات :
وإن الـذي بيني وبيــن أبــي و بين بنــي عمــي لمختـلف جـدا
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وإن ضيعوا عيني حفظت عيونهم وإن هووا عني هويت لهم رشـدا
وإن زجروا طيـراً بنحس تمر بي زجرت لهم طيراً تمر بهم سـعدا
وفي يوم تنفيذ الحكم قال شاهد عيا ن على إعدام رفيق رزق سلوم وهو الجنرال ( علي فؤاد أردن ) رئيس أركان الجيش الرابع :
(( سار إلى المشنقة بخطوات ثابتة سريعة ، فما أن تلقاه المأمور الذي تولّى شنقه حتى رمى طربوشه إلى الأرض ، فصاح به غاضباً ردّوا الطربوش ، لا يحق لكم أن ترموه إلى الأرض ، فأذعنوا لطلبه ووضعوه على رأسه .. ولم يلحظ آنئذ أن الطربوش تلطّخ بالتراب ، ثم صاح بهم نظفوا طربوشي من الغبار ... كنت أمعن النظر في هذا الشاب الذي أبدى من الشجاعة ورباطة الجأش ما يُحيّر العقول
دُفِن الشهيد رفيق رزق سلّوم في المقبرة الأرثوذكسية بدمشق .
لقد جعل الشعب العربي في سوريا هذا اليوم (( يوماً رسميّاً للشهداء )) الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل استقلال بلادهم جاعلاً من تاريخ 6 أيار من كل عام ذكرى خالدة وأمثولة رائعة لكل أمة تمجّد أبطالها وتتطلّع لنيل حريتها واستقلالها . وتكريماً له
ـ أهدى العلاّمة الخوري عيسى أسعد كتابه ( تاريخ حمص ج1: 1940 ) إلى صديقيه رفيق
رزق سلوم وعبد الحميد الزهراوي شهداء الوطنية حيث جاء في الإهداء : (( إليكما يا من
علا كعباهـما تربة الوطن المحبوب، فسبقا باستشهادهما صديقهما إلى العالم الآخر . أقدِّم
تاريخ ما سلف من حوادث بلدكما المحبوب . ليرى السلف الصالح الأقدم ، الصورة الجميلة
للســالفين الحديثين غير المنسيين من صحيحي الوطنية ))
ـ أطلقت مديرية التربية بحمص اسمه على إحدى ثانوياتها
ـ أصدر عمّه هلال رزق سلوم عام 1961 كتيباً عن حياة الشهيد
ـ أصدرت وزارة الثقافة عام 2006 الأعمال الكاملة للشهيد
مؤلفــات الشهيد :
ـ رواية ( أمراض العصر الجديد )
ـ كتاب ( حياة البلاد في علم الاقتصاد )
ـ كتاب ( حقوق الدول )
ـ مجموعات شعرية
مقتطفات من شعره :
(1) ـ من قصيدة : صبّوا الدماء على قبري . هي آخر ما نظم من شعر ، حيث نظمـها في
في السجن وأرسلها إلى ذويه مع الكاهن الذي استمع إلى اعترافه الكنسي
قبيل إعدامه . قال فيها :
لا العرب أهلي ولا سورية داري إن لم تهبّــوا لنيل الحق والثار
إن نمتــم عن دمي لا قمتم أبداً وكان خصمكم في المحشر الباري
أنا الذي دمه في الأرض منتشـر كأنما هو نـهر في الفلا جــار
كونوا على الترك أبطالاً ضراغمة صبّوا الصواعق من جمر ومن نار
واستجلبوا لي كأساً من دمائهــم لأنني ابتغي شرب الدم الجـاري
صبّوا الدماء على قبري بلا أسف كلا ولا جـزع هطــلا كمدرار
(2) ـ من قصيدة : لا تقنطوا يا عرب . نشرت في جريدة الحضارة بتاريخ 6/4/1911
هو الحق مثل الشمس في الكون يظهر وليس يضير الشمس أرمد ينكر
سلام على الهادي الأمين محمـــد وكل رسول جاء للحق يجهـر
لئن كنت من أتبـــاع عيسى فإنني أحب جميع المرسلين وأشكـر
دعوت جميع الخلـق دعوة مصـلح وقلت لهم للحق والفضل بادروا
ولا تقنطوا يا عرب من فضل ربّكم فللــدهر حالات تمّـر وتعبر
ولا تيأسـوا من رحمــة الله إننـا الغزاة الأولى منا الرشيد وجعفر
(3) ـ من قصيدة : أيها الشرق . وُجِدَت بين مخطوطاته وقد وردت بكتاب مرسل إلى
شقيقه بتاريخ 19/9/1908 .
أيها الشرق هل ذكرت زمانا كنت فيه هام الشعوب العلية
إذ وضعت الأساس في كل فن وبنيت المعاهد العلميـــة
كم سهرنا نراقب النجوم حيناً كم بنينا مراصدا فلكيـــة
كم كشفنا عن الطبيعـة سراً إذ وضعنا قواعدا جبريــة
ها بقايا الأجــداد تنفخ فينا روح فخر وعزمة وطنيـة
سوف تلقى منا رجالاً أسوداً قد أعادوا حياتك الأصليــة
(4) ـ من قصيدة : يــا غرب .
يا غرب لا تنكر أباك فناكر المعروف خاسر
هذا الذي ربّاك طفلاً لا تكن يا غرب غادر
ليست بنو العثمان قوم الترك بل فيهم عناصر
أقسموا أن لا ينامـوا أو يميتوا كــل غادر
فالعرب أشرف أمـة هذا وإن كره المكابـر
قد نختلف في تقييمنا لتجربة من قضى على مشانق الأتراك. إلا أن واقعا يفرض نفسه رغما عن تصوراتنا المسبقة التي ترسمها ميولنا الدينية و الفكرية و السياسية. هذا الواقع يتلخص في كون ضحايا جمال باشا السفاح، جزأ لا يتجزأ من التراث الفكري و السياسي و الثوري لشرق المتوسط الذي اكتسب الطابع العربي.
إن هذا التراث يتعرض اليوم إلى أشرس حملة محو و تزوير و تزييف على عدة محاور. تبدأ من اختزال شهداء السادس من أيار إلى مجرد متآمرين على أمن دولة الخلافة "المقدسة"، لقوا جزأءهم "العادل". إضافة للتكرار الرخيص للادعاءات التي فبركها الديوان العرفي بعاليه من العمالة للغرب و التآمر لتسهيل استيلاء الدول الأوروبية على الولايات العربية، بينما يحدثنا الواقع التاريخي عما ينفي أساس الاتهامات الباطلة في ما سجل من أعمال المؤتمر السوري، من مواقف تؤكد على وحدة البلاد السورية و استقلالها.
يجري تقزيم شخصيات شهداء أيار بإيداع التراث الفكري و الأدبي الذي تركوه طي النسيان، أو بتمزيقهم بين من يحنون لظلام الأمس و اليوم، و أصحاب دكاكين الطائفية، و عشاق هويات انتجها اتفاق سايكس بيكو. و الهدف تحطيم الأثر الروحي الذي تركه هؤلاء في البورتريه النفسي لأبناء شرق المتوسط بقصد تحطيم شخصيتهم الوطنية.
تختصر الإنعزالية المسيحية اللبنانية شخصية أول الشهداء الأب يوسف الحايك بينمى ترسم الآلة الأيديولوجية للإخوان صورة مهزوزة لأبي الحرية الشيخ عبد الحميد الزهراوي فتجعله ألعوبة في أيدي الماسونية أما "العلمانيون" من الشهداء فلا يجدون من يرعاهم، في ظل صمت قبور يلتزم به القوميون، الذين بني فكرهم على النهوض العروبي الذي أحدثه السادس من أيار.
يحدث هذا في ظل صعود أيديولوجيا الاستعماريين الجدد، التي كان أكثر أدواتها تطرفا المحافظون الجدد، و التي ترسم خارطة جديدة لشرق المتوسط و تتحدث علانية عن "حدود الدم" المزعومة بهدف وحيد مكشوف ألا وهي تحطيم الكيان النفسي لشرق المتوسط بهدف إعادة توزيع تركة "الرجل المريض" بين الدول المجاورة و الكيان الصهيوني و "النخب" الطائفية و العشائرية.
قد يذكر البعض بمواقف تركيا الأردغانية. هنا لا بد أن أذكر بدوري بأن التاريخ يبقى تاريخا و لا يمكن أعادة كتابته وفق هوى المتغيرات السياسية. نبقى لأصدقاء و جيران طيبين لتركيا و إيران، و لكن تبقى أيضا خصوصيتنا التي لا يمكن أن تمحوها التقلبات السياسية.
امطلاقا من أيماني العميق بضرورة حفظ تراث السادس من أيار سأحاول أن أقدم ملفا شخصيا عن كل منهم.
غير منقول
أحد شهداء 6 أيار امت له بصلة قرابة وهو عبد الكريم الخليل,
و في فترة من الفترات و بدافع من الفضول قمت كهاو بالتقصي عنه .... للاسفهو لم يترك اي مذكرات, لكن وقعت على جزء كبير من المراسلات و الاحاديث بينه و بين الزعيم البيروتي سليم سلام ضمن مذكرات الاخير...
ما خلصت اليه كاستنتاج هو ان عبد الكريم الخليل (و على الارجح باقي زملائه من دعاة التحرر من الاتراك) كانوا مخدوعين و يؤمنون بأن الدول الغربية ستمنحهم حريتهم ليشكلوا دولة متحضرة كباقي الدول الاوروبية.... طبعا كانت تلك نظرة مفرطة بالرومانسية, لكن الغريب ان بوادر الخديعة كانت ظاهرة للجميع منذ البداية, و وصلت ذروتها الى كشف البلاشفة وثائق سايكس بيكو, و قد استخدمها جمال باشا ضمن بياناته الداعية للعرب للتنبه لما يحاك لبلادهم... اصر عبد الكريم الخليل (كما يظهر من نقاشاته مع سليم سلام) على ان ذلك غايات الاوروبيين "نبيلة" و انهم لا يريدون سوى تحرير و رقي العرب و حاول اقناع سليم سلام بالانضمام اليهم (تم سوق سليم سلام الى المجلس العرفي كمتهم ثم اخلي سبيله, على عكس عبد الكريم الخليل الذي سيق للمشنقة)
وحتى طريقة تصرف اولي الامر حتى مع خليفة جمال باشا (نسيت اسمه الان) في اخر اشهر الدولة العثمانية حيث اقترح مخرجا يسلم فيه السلطة للامير فيصل و يعلن الاستقلال قبل وصول الجيش البريطاني المتقدم اتسمت ايضا ببعض السذاجة حيث رفضوا ذلك و نكلوا بالجنود الاتراك و اذلوهم و استقبلوا الجنرال اللنبي بالاهازيج.....
الشهيد عبد الحميد الزهراوي
عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي (1272 - 1334 هـ = 1855 - 1916 م)
مولده ونشأته
وُلِدَ عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي في مدينة حمص وبدأ دراسته فيها بتعلّم اللغة العربية وآدابها ثم عكف على دراسة اللغة التركية فأتقنها ، وأتمّ دراسته في المكتب الرشدي بحمص ثم طلب العلوم العقلية والنقلية على ايدي علماء عصره أمثال : الشيخ عبد الستار الأتاسي والشيخ عبد الباقي الأفغاني ، ثم اجتهد في التحصيل على نفسه وإذ به يصبح المرجع الأول للمثقفين والأدباء في حمص.
عائلة الزهراوي تنتسب إلى الإمام الحسين بن علي وبالتالي إلى السيدة فاطمة الزهراء.
كانت المدارس في ذلك الوقت تسمى بالمكتب ، أرسله والده إلى المكتب وعمره حينذاك ستة أعوام ، بدأ في تعلم القراءة والحساب واللغة التركية على يد الشيخ مصطفى الترك ، ثم نقله بعد ذلك والده إلى المكتب الرشدي أو المدرسة الرشدية.
وهناك من يشير أنه انتقل إلى مدرسة المعارف ، كان طالباً متفوقاً فاق أقرانه وتقدم رفاقه وأترابه في الدرس والتحصيل ، وفي هذا لابد من أن يكون موضع إعجاب على ترويه وحسن خلقه وثبات حفيظته ، فقرر أن يواصل تعليمه على يد الأستاذة المبرزين في أيامه فدرس اللغة العربية على يد بعض شيوخها الأفاضل ، والفقه الحنفي على أستاذه حسن الخوجة ، والتفسير والعقائد على محدث زمانه الشيخ عبد الستار الأتاسي ومنه أخذ الإجازة بقراءة الحديث النبوي الشريف وروايته ، وقرأ الأصول والكلام المعقول على الشيخ عبد الباقي الأفغاني،ولا بدَّ لطالب العلم والمعرفة من أن يجهد نفسه في القراءة والدرس والبحث لهذا قرر أن يسافر إلى الآستانة عاصمة السلطنة العثمانية حين اشتد عوده سنة 1890بحجة السياحة ، وحين لم تعجبه الحياة هناك انتقل منها إلى القاهرة عاصمة مصر ، نزل في دار نقيب الأشراف توفيق البكري ، والتقى بخيرة الأدباء ورجال العلم والسياسة واشترك معهم في المطارحات الفكرية والأدبية .
ثقافة الزهراوي
بدأ الزهراوي تجربته الثقافية في حمص مسقط رأسه، فأصدر صحيفة (المنير) ، كان يطبعها بنفسه ويوزعها مجاناً باليد أو من خلال البريد، وكان ينشر في كل عدد منها مقالات في الإمامة وشروطها،منتقداً أعمال الحكومة التركية الجائرة ، منبهاً لها على سوء العاقبة!
لكن السلطات العثمانية انتبهت إلى أمر الصحيفة فأصدرت أمراً بمنعها، فقرر أن يعمل في التجارة فسافر مرة أخرى إلى الآستانة عام 1895، ففتح مخزناً يدعى ( سلطان أوطه لر ) فلم تلائم طبيعة تفكيره وتحصيله العلمي هذا العمل، فانصرف عنه إلى القراءة في المكتبات ، فاتصل به طاهر بك صاحب جريدة ( معلومات) وطلب منه أن يحرر القسم الخاص باللغة العربية، فوافق وأخذ يعمل بجد ونشاط وهو ينشر المقالات الإصلاحية التي لم يكن يجرؤ أحد في البلاد العثمانية على نشر مثلها ، خاصة وأن المراقبة كانت شديدة على الصحف في ذلك الحين . في هذه الأثناء كانت دولة مصر تغلي وتفور من محاربة البريطانيين إلى تأييد العثمانيين،مما جعل شغله الشاغل العمل من أجل الإصلاح وتجديد الفكر الإسلامي وخلال زيارته للآستانة ومصر كتب أبرز كتاباته وكانت : " ثلاث رسائل في الفقه والتصوف" ، " المسائل الشرعية في الخلافة" ورسالة سماها " نظام الحب والبغض" وقد اعتبرها رسالة في علم النفس وفلسفة الأخلاق.
نضاله ضد العثمانيين
برز نشاط الزهراوي بانتقاد الحكومة العثمانية بجُرْأة متناهية حين أصدر جريدة أسماها (المنبر) السرية عام 1894 حيث كان يحررها و يطبعها على الجلاتين ويوزّعها بنفسه سراً وبالمجّان شارحاً فيها كل ما يريد من تلاحم أبناء الأمة العربية ضد الظلم العثماني ، وتوقفت ( المنبر) عن الصدور بفعل التسلّط والتشدّد العثماني ووُضعَ الزهراوي تحت المراقبة الشديدة.
في صيف عام 1895 سافر إلى الأستانة لأعمال تجارية . أثناء وجوده فيها عرف بالنشاط السياسي للطلاب العرب ، عندئذ انصرف عن الأعمال التجارية وعمد إلى التعمّق في دراسة كتب العلم والأدب والسياسة في مكتبات الأستانة ، ثم أخذ ينشر في جريدة (المعلومات) التي كانت تصدر باللغة العربية ، المقالات التوجيهية والتثقيفية لأبناء الشعب العربي ويوجّه الانتقادات العنيفة للأساليب اللاّإنسانية التي يتّبعها الحكم العثماني في البلاد العربية ، فعرض عليه منصب قاضٍ في أحد الولايات التي يختارها لكنّه رفض العرض . فأصدر السلطان أمراً بتوقيفه سنة 1897 ثم أرسله للإقامة الجبرية في دمشق ومنحه راتباً شهرياً مقداره / 500 / قرشاً ذهبياً . لكن الشيخ الزهراوي تابع نشاطه الوطني في دمشق وعمل مراسلاً لصحيفة المقطّم المصرية فألقي القبض عليه وأرسل إلى الأستانة ، ثم أُعيد إلى حمص في آذار 1898 وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله.وهرب إلى مصر وعمل في صحافتها حتى عام 1908 حيث قام الشعب بانتفاضة كبرى ترأسها رجال ( تركيا الفتاة ) فأنزلوا السلطان عبد الحميد عن عرشه أواخر شهر تموز 1908 وأعلنوا إقرار الدستور العثماني . وبعد هذا الإعلان ، انتخبت مدينة حمص ممثلها في مجلس المبعوثان الشيخ عبد الحميد الزهراوي بأكثرية ساحقة في شهر إيلول سنة 1908 . فسافر الزهراوي في أوائل تشرين الأول إلى الأستانة لتمثيل بلده وأمته ، وهناك رفع صوته عالياً مطالباً بحقوق أمّته العربية وحرّيتها وأصدر جريدة (الحضارة ) الأسبوعية مع شاكر الحنبلي ثم استقل بها عام 1910 وجعلها منبراً لكل الشباب العرب الذين كانوا يتابعون دراستهم العليا في الأستانة.
وكان قد تعرّف في حمص على رفيق رزق سلوم حيث تطابقت أفكارهما حول القضية الوطنية ، ونصح الزهراوي صديقه رفيق بأن يسافر إلى الأستانة لدراسة الحقوق فسافر إليها بنهاية صيف 1909 وبدأ يحرّر في جريدة الحضارة .
بدأ المناضلون العرب يهاجمون حزب الإتحاديين التركي وأقروا بتأسيس أحزاب وجمعيات مناوئة له منها :
ـ جمعية ( الجامعة العربية ) أسسها رشيد رضا في القاهرة سنة 1909 من أعضــــائها الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ورفيق العظم .
ـ جمعية ( العربية الفتاة ) تأسست في باريس عام 1911 من أهدافها المطالبة بالاستقـلال التام للبلاد العربية ومن أعضائها : شكري القوتلي وفارس الخوري .
ـ حزب اللامركزية العربية تأسس بالقاهرة عام 1912
ـ جمعية البصرة الإصلاحية
ـ المنتدى العربي
ـ ( الجمعية الثورية القحطانية ) أسسها في مصر حقي العظم سنة 1913 ومن أعضائها عمر الأتاسي ،الخوري عيسى أسعد ، عبد الحميد الزهراوي ، رفيق رزق سـلوم ، عزة الجندي .
الزهراوي الرجل المختار
حين وطد الزهراوي علاقاته مع جماعة الشيخ محمد رشيد رضا ، كان الشيخ رشيد مطالباً بالذهاب إلى المغرب لأن الشيخ الإمام محمد عبده لم يستطع الذهاب فقرر إرساله لمساعدة بعض الوزراء في إقناع مولاي (عبد العزيز) بإدخال الإصلاحات في المغرب، ولما كان المطلوب رجلاً صالحاً جامعاً بين العلوم الشرعية ومعرفة السياسة والإدارة فقد تم اختيار الزهراوي، لكن الزهراوي لم يسافر ، وفي سنة 1908 انتخب نائباً عن حماة في مجلس المبعوثان " كما كان يسمى" ، وهو يشبه مجلس النواب ، أو البرلمان، وكان عمره حينذاك سبعة وثلاثين عاماً.
الحياة التي عركت عبد الحميد الزهراوي كان لا بد لها من أن تعطيه ولو بعض حقه ، فقد سافر وعاش في الآستانة والقاهرة ودمشق وسجن ونفي وواجه اضطهاد السلطة وتعنت المحافظين ، كل هذا جعل منه رجلاً عالماً عارفاً مجرباً ، وقادراً على القيام بدور النائب ، وكان همه: توحيد القوى للدفاع عن الدستور ومقاومة محاولات السلطان عبد الحميد الثاني ، والقوى الرجعية وكان الزهراوي قد ذهب إلى المجلس رغم معرفته بوجود العصيان ، وظل في المجلس محاصراً مع رفاقه ، يتصلون ويطالبون بوقف الهجوم على المجلس ، ثم خرج بشكل طبيعي وسط الحصار وإطلاق النار ثابت الخطوات ، رافع الرأس .
كان الزهراوي يريد أن يستبدل سلطة عبد الحميد ، وحزب الاتحاد والترقي بالحزب الحر المعتدل ، ورغم أنه لم يكن يهتم بالبروز وهذه واحدة من سماته الخاصة النبيلة فلقد اعتبر أن الكفاءة لا تنحصر في الفصاحة والخطابة والقوة المنطقية بل تقوم على الاستقامة والحرص على المصالح العمومية والإلمام بأحوال البلاد ، كما أنه كان يؤكد على ضرورة وجود الشجاعة وقوة العقل وحسن التروي ، والاطلاع على العلوم وأحوال الدنيا.
هذه الصفات التي تضافرت كلها في شخص الزهراوي جعلت المؤيدين له يميلون إلى انتخابه لمجلس المبعوثان، وفي هذا كتبت صحيفة حمص:" وبهذه المناسبة نثني على همة ووطنية الحمصيين الذين يسعون باستئناف انتخاب العلامة عبد الحميد أفندي الزهراوي ، الذي أظهر في مدة نيابته ولاسيما في المدة الأخيرة ما يصلح معه أن تعلق عليه الآمال بإصلاح الحال وتحسين المآل".
و لأنه رجل مخلص وصادق ونزيه فقد ساومه الاتحاديون على أن يكون منهم فرفض، وكانوا قد حلوا المجلس. لأنهم كانوا يريدون تعديل المادة بجعل حل المجلس بيد رئيس الوزراء ، ولما كان الزهراوي ضد التعديل ورفض المساومة بالانتساب إلى حزب الاتحاد والترقي ، قرر الاتحاديون إسقاطه في الانتخابات، رغم شبه الإجماع عليه.
ترأسه لمؤتمر باريس
ويأتي عام 1913 عام انعقاد المؤتمر العربي الاول بباريس الذي كان بداية نهضة عربية قومية وقد ترأس المؤتمر عبد الحميد الزهراوي على الرغم من عدم كونه عضواً في حزب اللامركزية الذي دعا الى المؤتمر لكن اعضاء المؤتمر عينوه رئيساً له لمكانته العلمية الاجتماعية والسياسية وقد قال في المؤتمر كلمته التي ظلت ترن في آذان الولاة العثمانيين طويلاً...« ان العرب كانوا قد ألفوا الترك وهؤلاء قد ألفوا العرب وامتزج الفريقان امتزاجاً عظيماً لكن كما مزجت بينهم السياسة فرقت بينهم السياسة هذه الرابطة قد اصبحت مهددة بالسياسة أكثر مما كانت مهددة من قبل» !.‏
استشهاده
اهتمت الحكومة العثمانية للأمر وأرسلت إليه موفداً خاصاً لإقناعه بالعودة لتحقيق طلبات المؤتمرين فعاد إلى الأستانة عام 1913 وعُيّنَ عضواً في مجلس الأعيان .واستمر الزهراوي على موقفه من السلطة العثمانية الذي جلب له مع مجموعة من رفاقه أعضاء المؤتمر الذين كانوا يعملون في سبيل حرية بلادهم واستقلالها عن الدولة العثمانية ، ففي أواسط شهر آب 1915 فقد ألقي القبض على عدد من المناضلين بأمر من السفّاح جمال باشا منهم الشيخ عبد الحميد الزهراوي وتمت إحالة المعتقلين إلى الديوان العرفي الذي شكّله في بلدة ( عاليه ). وتعرّضوا خلال الاعتقال للإهانة والتعذيب . وبعد محاكمة صورية حكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت بتهمة خيانة الدولة العليا وكانت آخر كلماته قبل الإعدام : ( إن العناية ترعى وطننا الحبيب إننا سوف نصل إلى الحصول على استقلالنا كاملاً بعد أن ننتقم من الأعداء الخونة ) وكان تنفيذ حكم الإعدام في ساحة المرجة بدمشق يوم السبت في 6 أيار 1916 ودفن في مقبرة الشهداء بدمشق.
لقد جعل الشعب العربي في سوريا هذا اليوم (( يوماً رسميّاً للشهداء )) الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل استقلال بلادهم جاعلاً من تاريخ 6 أيار من كل عام ذكرى خالدة وأمثولة رائعة لكل أمة تمجّد أبطالها وتتطلّع لنيل حريتها واستقلالها .
وتكريماً له :
ـ أهدى العلاّمة الخوري عيسى أسعد كتابه ( تاريخ حمص ج1: 1940 ) إلى صديقيه رفيق رزق سلوم وعبد الحميد الزهراوي شهداء الوطنية حيث جاء في الإهداء : (( إليكما يا من علا كعباهـما تربة الوطن المحبوب، فسبقا باستشهادهما صديقهما إلى العالم الآخر . أقدِّم تاريخ ما سلف من حوادث بلدكما المحبوب . ليرى السلف الصالح الأقدم ، الصورة الجميلة للســالفين الحديثين غير المنسيين من صحيحي الوطنية ))

ـ أطلقت مديرية التربية بحمص اسمه على إحدى ثانوياتها .
ـ في أوائل حزيران من عام 1961 أقام المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعــلوم الإجتماعية مهرجان الفكر والعقيدة لتكريم ذكرى الشهداء : عبد الحميد الزهراوي ،رفيق
رزق سلوم ، عزة الجندي .وكان من ثمار هذا المهرجان وذكرياته جمع المحاضــرات التي ألقيت ، وكتاب آخر اشتمل على ما عُثِرَ عليه من مقالات الزهراوي جمعها الدكتور جودت الركابي والدكتور جميل سلطان من أعداد جريدة الحضارة الأسبوعية ووسم الكتاب باسم : الإرث الفكري للمصلح الاجتماعي عبد الحميد الزهراوي .
ـ جمع حفيده السيد خالد الزهراوي قسماً كبيراً من أعماله .
ـ صدر عن وزارة الثقافة عام 1995 الأعمال الكاملة لعبد الحميد الزهراوي : إعداد وتحقيق الدكتور عبد الإله نبهان .
إصدارات ومؤلّفــات الشهيد :
ـ جريدة ( المنبر ) السرية سنة 1894
ـ جريدة ( الحضارة ) الأسبوعية سنة 1910
ـ رسالة الفقه والتصوّف .
ـ كتاب خديجة أم المؤمنين .
- النحو والبلاغة والمنطق
-المسائل الشرعية في الخلافة
م
قتطفات من أعماله الشعرية :
1 ـ قصيدة مؤلفة من سبعة أبيات تصوِّر ثقة الشيخ المطلقة بربّه عزّ وجلّ :
وثقت بربي لا أخــاف إذا بدا من الدهــر خطـب أنه لكفيل
فنم ساكناً يا قلب إن هب مزعج عســاه بتدبـير القـدير يزول
تتابعت الأدهار توحي بأمــره من الأمر ما حـارت لديه عقول
وكم روت الأدهار يسراً لعسرة سمعنـا وأبصـرنا وصـح دليل
وعندي وراء الكل وحي بروحه لروحـي لا ريبٌ إليـه يطـول
فلا تكثرن الهم في كـل طارئ فإن تماثيــل الجفــاء تحـول
وتأتي عنايات وتبدو مراحــمٌ وللـرب سـرٌّ غـامض وجليل
2 ـ من قصيدة ذات طابع فلسفي عبارة عن خلاصة تأمّلاته في الكون والإنســـان وأسرارهمــا :
الكـون مبنــي على الحـركات كلٌ في قدر
ويرى بنو الإنســان أنَّ همو خلاصـة ما فطر
والأرض تجمعنا فنحسب أنها إحــدى الكـبر
والكون ظرف ظــواهر والســرّ فيه ما ظهر
واعلــم بأن المفلـحي ن بذي الحياة أولو العبر
3 ـ كان بين الشيخ عبد القادر القصاب والشيخ الشهيد عبد الحميد الزهراوي صداقة حميمة انعقدت في مصر. ولما قدم دير عطية دعاه الشيخ الزهراوي لزيارة حمص بكتاب وقصيدة نورد من القصيدة بعض الأبيات :
بدر الهدى للشــام ودّ مسـارا والبدر يحسب كوكباً سيّـَارا
فسرى لها من مصر يصحبه السنا والنور شيء يصحب الأقمارا
فاستبشرت هذي البلاد وأشرقت بيزوغه إذ عمـــها أنوارا
وغدت تباهي مصر إذا ربحت به بحـراً يفــوق بدرّه التيارا
يا سيـد العلــماء والفضلاء يا سعد البـلاد وغيثها المدرارا
قلدت فيها العنق وهي جديـرة لا العنـق لكن كان ذا إيثارا
مهما شكـرتك أو مدحتك إننـي لجليـل نعتك لم أكن حصّارا
فاقبل دعائي والتحـية وارضين جهد المقل وسامـح المعثارا
الشهيد شكري العسلي
هو شكري بن علي بن محمد بن عبد الكريم بن طالب العسلي، ولد في دمشق عام 1868. وأصل العسليين من قرية (يلدة) من ضواحي دمشق، كانوا يعرفون بآل الشرقطلي. وانتقلوا إلى دمشق سنة 1062هـ ولا تزال لهم أوقاف في يلدة.
تلقى شكري العسلي دراسته الأولى في المدرسة البطريكية، ثم في المدرسة البستانية، ومنها إلى المدرسة الكلية الأمريكية ثم مدرسة عين تورا في لبنان، وأتم دراسته العليا في المدرسة الملكية في الأستانة، عاد إلى دمشق ليتدرب على الأعمال الإدارية في ديوان الحكومة. وكان والي دمشق آنذاك (ناظم باشا) فأظهر احتراماً وتقديراً لما وجد فيه من النبوغ والتفوق، كما اعتمد عليه اعتماداً كبيراً في المسائل الداخلية الدقيقة، وفي النواحي الإدارية والمالية، لتكون السنوات الثلاث التي قضاها في ملازمة الوالي مدرسة عملية كبرى استفاد منها الشيء الكثير، فأخذت معارفه وثقافته تنضج، خصوصاً أنه كان يلازم شيوخ عصره، وانتظم في حلقة دمشق الكبرى المعروفة بحلقة الشيخ طاهر الجزائري، وكانت هذه الحلقة تضم نخبة متميزة من رجال الفكر والأدب في دمشق يتدارسون ويتناقشون في قضايا الفكر والأدب، ويدعون إلى تعليم العلوم الحديثة مع الاهتمام بتاريخ العرب وتراثهم الفكري والعلمي، إضافة إلى الاقتباس من العلوم الغربية.
وقد شارك شكري العسلي مشاركة فعالة في هذه الحلقة يستمع ويناقش فيما يدور من نقد لسوء الإدارة، والدعوة إلى المساواة والعدالة والحرية، والتنديد بالحكام واستبدادهم. وعندما أعلن الدستور العثماني عام 1908 كان العسلي في مقدمة المؤيدين لهذه الحركة الفكرية، وقد انتدبته الحكومة لإخماد ثورة في قضاء الطفيلة آنذاك. وولي قضاء الناصرة، ثم انتخب نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان العثماني بالرغم من معارضة الحكومة الاتحادية. وقد بقي العسلي محافظاً على اتحاديته وكان يحسن الظن بهم حتى انكشفت له الأمور على حقيقتها، ورأى بعينيه المؤامرات التي تحيكها زمرة الاتحاد والترقي على العرب، فكان جريئاً في نقد عنصريتهم، ونشر مقالاً شديد اللهجة في صحيفة النبراس ضد الحكومة الاتحادية وآخر في مجلة المقتبس.
كان العسلي من أشد خصوم الصهيونية، ونبه إلى خطرها مبكراً، وقد رفض اقتراح الاتحاديين ببيع ثلاثة ملايين دونم لليهود في فلسطين بمساعدة وزير المالية جاويد، فسقط المشروع بعد أن عارضه العسلي وكشف غاياته وأخطاره. وازداد نقد العسلي للاتحاديين، فضيقوا عليه الخناق في دورة المجلس النيابي التالية حتى أخفق.
وبعدما أعلنت حرب البلقان الناشئة عن طيش الاتحاديين وعدم تمكنهم وترويهم، ظهرت حركة الإصلاح في سوريا وانضم إليها الكتاب والعلماء والأعيان في عامة الأقطار، وكان في مقدمتهم العسلي. وعندما شعرت الحكومة الاتحادية بخطورة مقالات العسلي التي كان ينشرها في جريدة المقتبس، أغلقت الجريدة فاضطر العسلي إلى إصدار صحيفة أخرى أسماها (القبس) والذي يطالع مواد هذه الصحيفة يدرك غزارة المواد التي نشرها العسلي وسعة ثقافته وغزارة علمه.
وقد عُرف عن شكري العسلي أنه لا يحابي في مبدأ، ولا يهادن في الحق، ولا ينظر إلى الأمور من باب الربح والخسارة، إذ رفض تعيينه متصرفاً لمدينة اللاذقية بسبب عدم تنفيذ الحكومة الإصلاحات التي طالب بها أعضاء الجمعيات العربية الإصلاحية، وافتتح مع صديقيه فايز الغصين وعبد الوهاب المليحي مكتباً للمحاماة. ثم عرضت عليه وظيفة مفتشاً ملكياً لولاية حلب ولواء دير الزور، فأرغمه رجال الإصلاح على القبول بها... وقد تميز بهذا العمل.
كان العسلي آية في الذكاء وقوة الذاكرة، يحفظ القصائد الطوال متى تليت على مسمعه مرة أو مرتين فقط. وكان مثالاً للإخلاص والصدق والمحافظة على الآداب غيوراً على المصلحة الوطنية. وقد أجمع كل من رآه بعد الحرب العالمية الأولى أنه كان أخلص الناس للجامعة العثمانية يشهد بذلك ليس العرب فحسب، بل كل من عرفه من الأتراك.
نقم غلاة الأتراك على شكري العسلي، فساقوه إلى الديوان العرفي بعالية في لبنان، ونفذ فيه حكم الإعدام في ساحة الشهداء في دمشق في السادس من أيار 1916، وكان آخر كلام نطق به على سدة المشنقة قوله تعالى: (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون).
نفى جمال السفاح زوجة العسلي بعد إعدامه إلى أقصى بلاد الأناضول، وبعث سائر أعضاء أسرته إلى مجاهيل البلاد التركية.
كان شكري العسلي أديباً وروائياً وشخصية نادرة في عالم الإبداع والسياسة والفكر والإدارة، نبغ منذ فجر شبابه بما يمتلك من ملكات ومواهب وقدرات فائقة جعلته في طليعة رجال عصره... ترك عدداً من الأعمال هي:
ـ (القضاء والنواب ـ ط ) رسالة.
ـ (الخراج في الإسلام ـ ط) رسالة.
ـ (المأمون العباسي ـ خ) قصة.
ونشر كثيراً من المقالات في الصحف والمجلات تعالج قضايا اجتماعية وأدارية وتربوية وأدبية، وكان يحب الرسم والمسرح ويشجعه.
(النص منقول من موقع مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية و الاستراتيجية)
المراجع:
ـ فوزي الخطبا (شهداء النهضة العربية، مطبعة الصفدي، عمان، ص(103ـ 110).
ـ خير الدين الزركلي (موسوعة الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة العاشرة 1992، الجزء الثالث، ص(172)
ملامح النهضة في فكر شكري العسلي.. (1868 ـ 1916)
بقلم: د. فندي أبو فخر
ولد شكري العسلي في دمشق سنة 1868، وتربى في كنف أسرة تنتمي إلى الطبقة الوسطى.
تعلم في مدارس دمشق الابتدائية والرشدية والبطريركية. ثمّ التحق بالمعهد الملكي بإستنبول، وعاد إلى دمشق عام 1902 حاملاً شهادة الحقوق. وهذا ما أهّله أن يشغل وظيفة قائمقام في مناطق متفرقة.
انتسب شكري العسلي إلى حلقة الشيخ طاهر الجزائري (1868-1920)، التي كانت أشبه بإطار فكري وثقافي وسياسي، وجمعت معظم مثقفي دمشق، وتطلعت لبناء مجتمع حديث، ودولة تستند إلى القوانين.
بعد انهيار حكم السلطان عبد الحميد عام 1909 أسهم العسلي في تأسيس حزب الأحرار المعتدلين الذين، كما قال: (سيبذلون دماءهم في حفظ الدستور والحرية والإنصاف، من أجل الوطن. فالزمان زمانهم والوطن وطنهم والأمة أهلهم وإخوانهم.
شارك العسلي في الحوارات التي كان ينظمها المنتدى العربي والجمعية القحطانية والجمعيات المختلفة، التي قامت في دمشق بعد الخلاص من حكم الاستبداد. كما أسهم العسلي في تأسيس حزب الحرية والائتلاف سنة 1912، الذي عمل، حسب قوله، على: (تقوية الدستور، وتأسيس روابط ائتلاف حقيقية بين العناصر). وكان العسلي من الوجوه الوطنية البارزة في دمشق والداعية إلى النهضة والتنوير. ولهذا كان العسلي في عداد شهداء السادس من أيار، الذين علّقهم جمال باشا السفاح على أعواد المشانق.
تمثلت أفكار العسلي الفكرية والنهضوية والتنويرية المنشورة في جريدة (المقتبس)، في النقاط التالية:
أولاً: محاربة الجهل والتخلف والفساد والاستبداد:
درس العسلي بعمق مظاهر الحياة الاجتماعية، وما فيها من تداعيات خطيرة في العلاقات السائدة في المجتمع. فكتب قائلاً: (فإذا انحطت الأخلاق، ونزلت الرذائل منزل الفضائل، انقرضت الأمم والشعوب، وخربت البلاد، ولعلكم أدركتم أن بطء رقينا من فساد أخلاقنا.
إن تحليله العميق وفهمه لأوضاع المجتمع، أديا به إلى معرفة الأسباب البعيدة للجهل والتخلف والفساد، إذ لم يبرئ الجناة ويدين الضحية. فرأى أن موظفي الدولة وكبار مسؤوليها (هم شركاء مهربي السلاح والدخان ومهربي المهاجرين إلى أمريكا، يأخذون الرشوة ويكذبون تحت تواقيعهم، ويخونون وطنهم وأمتهم). ويضيف: (إن تبعات الفساد هي من مقتبسات المأمورين. فهم أساتذة الفساد ومعلمو الشقاق.وهم علّموا الناس الكذب والمداهنة، وأكل الرشوة والخيانة، فانظر إلى البعيدين عنهم تجدهم محافظين على أخلاقهم الفطرية، ويكرهون كل ما يخالف الضمير.
لقد حدد العسلي مسؤولية الحكم العثماني، في كل ما آلت إليه الأحوال الاجتماعية، بسبب سياسة النهب المنظم والضرائب الباهظة وإفقار السكان وتخليفهم، وهضم حقوقهم كافة، قائلاً:
(لأننا معشر العرب المتعلمين كنا قد آخينا الاتحاديين يوم نودي بالدستور، وأعلنت الإدارة الدستورية وأصبحت الحكومة نيابية وعندما رأينا أعمال بعض الذين استولوا على منصة الحكم مغايرة لأحكام الدستور والحرية الشخصية ورأيناهم ساعين إلى تتريك العناصر وهضم الحقوق انشققنا عنهم وهجرناهم هجراً جميلاً.
ثانياً: الدعوة إلى الإصلاح الشامل
كتب العسلي مقالات رصينة تصدرت جريدتي (المقتبس) و(القبس)، داعياً إلى إصلاح مؤسسات الدولة كافة، وإقصاء المرتشين والمفسدين محدِداً فيها مفاهيمه النظرية والقابلة للتطبيق، بعناوين كيف تدار البلاد، وتولية ذوي الأصول، واستشارة ذوي العقول..إلخ. وفيما يلي بعض ما طالب به:
- طلب من المسؤول، إذا كان متديناً، أن يقلد النبي عليه السلام، والخلفاء الراشدين في خدمة الناس واحترامهم. وأما إذا كان الموظف مقلداً للغربيين، فيجب عليه أن يقلد رجال الغرب في احترام الشعب، ويدرك أنه من عبيد الشعب، لا من سادته.
- أوجب على المسؤول أن يستشير ذوي العقول، وأن يعتمد ذوي الأصول. ممن اشتهروا بالنزاهة والصدق والمبادرة لخدمة الناس، ومعرفة القوانين والأنظمة والتقيد بها.
- طالب باعتماد وسيلة العقاب والثواب. فالعقاب على قدر السبب من الذنوب، لا على قدر الغضب.
- نادى باحترام الرأي الآخر (وليس في وعد ولا وعيد نخالف القول على التأييد، وبرفض سياسة الترغيب والترهيب.
- طالب بتطبيق القوانين على جميع الناس، وحفظ الحقوق العامة والخاصة.
- نادى بإصلاح القضاء، وتخليصه من هيمنة رجال الدين المتزمتين والمحافظين والمرتشين.
دعا إلى القضاء المدني، واعتماد القوانين الحديثة (البرجوازية). ويرى أن فساد القضاء يعني فساد مؤسسات الدولة كلها.
- دعا إلى حرية إصدار الصحف، وحرية الصحافة وتشكيل الأحزاب، وانتخاب المجالس، وأن تكون الحكومة نيابية.
ثالثاً: رؤيته الفكرية لدور رجال الدين في الإدارة ومجالس الإدارة
شنّ شكري العسلي هجوماً مستمراً على مجهّلي الناس من رجال الدين من المفتين، ومن أدعياء العلم، لانخراطهم في مجالس الإدارة. لأن وجودهم فيها يتناقض مع الشريعة والقوانين الوضعية ومما قاله: (أستغرب وجود المفتي في مجالس الإدارة. لأن القرارات والمضابط التي يقرّها المجلس قلما تنطبق على أحكام الدين وحتى القانون). وأدهش من ذلك، (رأيناهم، وقَّعوا على مضابط تقدير المسكرات، ولهذا أرى أن الشريعة المطهّرة، تأبى وجود المفتي عضواً في مجالس الإدارة. هذا من جهة الدين، أما من جهة الدنيا، فوجوده عضواً في المجالس، يدفعه إلى حب الجاه والفخفخة...وأغرب من هذا كله، أنه إذا غضب على أحد كفره....
يوحي هذا النص بأن العسلي دعا إلى:
1- عودة رجل الدين إلى عمله الحقيقي، وعدم إدخال السياسة بالدين والدين بالسياسة.
2- رفض سلاح التكفير، وقمع الرأي المخالف، وتحريم كل ما يريد السلطان تحريمه.
3- نقد سطوة رجال الدين وهيمنتهم على الناس في الحياة .
وكثيراً ما انتقد سلوك رجال الدين. فـ (المفتي الذي، يعلم عرف الزمان، وأحوال الناس واحتياجاتهم إلى الجرائد، لا يفتي بتحريم الجرائد)، لذلك نرى أن قلمه لم يهدأ في كشف زيف هؤلاء: (الذين هجروا الدين، ومالوا إلى الدنيا، واستخفوا بالآخرة، واتبعوا الهوى، وأفتوا بما أرادوا لا كما يراد، وأكلوا الرشوة، وضبطوا أوقاف المسلمين، وأبدلوا التعليم والتدريس والمطالعة الزيارات والاجتماعات والمدح والفساد والمداهنة والأكاذيب، يطلق عليهم مفدي لا مفتي....
كان العسلي يكتب المقالة تلو الأخرى، يعري فيها بأسلوبه الشائق وفكره الديني المستنير، الأفكار الضالة والظلامية. ففي مقالة كتبها بعنوان (رؤية الهلال) قال: (لا تزال مسألة رؤية الهلال من أشكل المشكلات.. على أن علم الحساب والفنون الرياضية جعلت هذه المسألة من أسهل الأمور.... ولعل القراء يعلمون قصة الذين يشهدون لدى قاضي دمشق.. حباً بالبخشيش). ثم يستهجن العسلي، كيف ترفض شهادة علماء الفلك؟ (الذين يعلمون أن مطالع الهلال تختلف باختلاف الأقطار والبلدان). ويختم مقالته بالتساؤل التالي: (أنبقى على جمودنا؟ أم نكون من الذين يستمعون القول، فينتقون أحسنه؟).
رابعاً - دعوته إلى العلم والمعرفة
اقتنع العسلي بأن تغيير الواقع لا يتم بالخطابات وبالشعارات، بل عبر البرامج الواضحة، والخطط القابلة للتنفيذ وبالعلم والمعرفة. وبعد أن طالب بجعل اللغة العربية لغة التعليم بدلاً من التركية، نادى:
1 ً- بتشكيل هيئة من أهل العلم والخبرة، لتأليف الكتب المدرسية، ووضع برامج الدروس للمدارس. (وتخصيص مكافآت لمن يحرز قصب السبق في تأليف الكتب المدرسية، وأظن أن هذه تكون أحسن خدمة لمن أراد أن يخدم وطنه وأمته).
2 ً- بالاحتكام إلى العقل والحكمة والمنطق، لمعرفة (كيف ننهض بالناشئة). وطالب بتوحيد مناهج التعليم الابتدائي، والتعاون بين فئات الشعب، لافتتاح المدارس. فنراه يلح على دور الشعب في هذا المضمار قائلاً: (إن إدراك السوريين لجهة الكمال في التعليم والتعلم أمر طبيعي، لأنهم عرضة بهذا المقدار للمؤثرات المدنية). ويتابع: (وأصبح الشغل الشاغل للشعب الدمشقي النبيه النظر في العموميات وطلب الكمال على الرغم من كسل أولي الأمر).
3ً- ولا يخفى على قارئ مقالات العسلي بين عامي 1909 و1914 هاجسه الوطني النبيل، في الدعوة إلى بناء دور العلم من مكتبات ومدارس ونوادٍ، وإرسال البعثات إلى أوربا، لتنهل من العلوم الحديثة في جامعاتها.
كما كان يدعو إلى توسيع قاعدة التعليم في المجتمع، لتشمل الفتاة وأبناء الفقراء. معلناً دون مواربة رأيه التالي: (ولا يخفى أن الفقراء أذكى وأسعى من الأغنياء، فالسوريون قد نهضوا من رقادهم وأصبحوا يقدرون نعمة المعارف. وعمّا قريب نرى إخواننا الدمشقيين، أصبحوا عائلة واحدة. يتعاضدون في تأسيس المدارس، وتعليم أبناء الفقراء).
خا

بشير الغزاوي
عضو فعال
عضو فعال

عدد الرسائل : 622
العمر : 84
تاريخ التسجيل : 28/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي Empty رد: قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي

مُساهمة من طرف الشاعر لطفي الياسيني الجمعة أبريل 29, 2011 10:14 pm

تحية الاسلام
جزاكم الله خيرا وبارك الله لكم وعليكم
أزكى التحيات وأجملها..وأنداها
وأطيبها..أرسلها اليكم
بكل ود وحب وإخلاص..
...تعجز الحروف أن تكتب ما يحمل قلبي
من تقدير واحترام لكم جميعا..
وأن تصف ما اختلج بملء فؤادي
من ثناء واعجاب..فما أجمل
أن يكون الإنسان شمعة
تُنير دروب الحائرين..
دمتم بخير
رحم الله والديكم ووالدي
كل عام وانتم الى الله اقرب
الحاج لطفي الياسيني
شهيد المسجد الاقصى المبارك الحي
الذي ينتظر لقاء وجه ربه بشغف وشوق
عذرا لتكرار الردود فانا قعيد ومشلول
الشاعر لطفي الياسيني
الشاعر لطفي الياسيني
عضو فعال
عضو فعال

عدد الرسائل : 113
العمر : 87
تاريخ التسجيل : 02/12/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي Empty رد: قوافل الشهداء عدموه من قبل الحكومة التركية المصور"بشيرالغزاوي

مُساهمة من طرف الشاعر لطفي الياسيني السبت يونيو 04, 2011 4:20 pm

تحية الاسلام
جزاك الله خيرا وبارك الله لك وعليك
أزكى التحيات وأجملها..وأنداها
وأطيبها..أرسلهااليك
بكل ود وحب وإخلاص..
تعجز الحروف أن تكتب ما يحمل قلبي
من تقدير واحترام..
وأن تصف ما اختلج بملء فؤادي
من ثناء واعجاب..فما أجمل
أن يكون الإنسان شمعة
تُنير دروب الحائرين..
دمت بخير
رحم الله والدي ووالديك
كل عام وانت الى الله اقرب
الحاج لطفي الياسيني
الشاعر لطفي الياسيني
الشاعر لطفي الياسيني
عضو فعال
عضو فعال

عدد الرسائل : 113
العمر : 87
تاريخ التسجيل : 02/12/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى