ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية

اذهب الى الأسفل

من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية Empty من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية

مُساهمة من طرف admin الخميس يونيو 25, 2009 11:33 pm

من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية

في بعض الدراسات القومية، في أدبنا السياسي الحديث تظهر واضحة أعراض مرض النقل والتقليد.. والنقل والتقليد لبعض مدارس الفكر القومي الأوروبي الحديث على وجه الخصوص … وكمثال على ذلك : تلك المقولة التي يدعي أصحابها أن تاريخ نشأة الشخصية القومية العربية ودمج الإنسان العربي لبناء وحدة أمته القومية إنما هو ثمرة من ثمار ظهور البرجوازيات في الوطن العربي مع مطلع هذا العصر الحديث الذي نعيش فيه.. ذاك إن تاريخ النشأة للشخصية القومية في المجتمعات الأوروبية وإنجاز الوحدات القومية لشعوبها قد ارتبط بوحدة السوق التي أنجزتها الثورة البرجوازية وأنجزت معها بناء وحدة الوطن القومي والدولة الحديثة.

وما دام الأمر كذلك، فهو إذن – رأي البعض – " قانون " قابل للتعميم، وليس " خصوصية " تميزت في هذه المجتمعات التي لم تعرف لنفسها وحدة قومية الا بانتصار بورجوازياتها في العصر الحديث.

وفي مجال النقد والتفنيد لهذا الموفق الفكري الذي يعمم ما ليس بقانون وما لا يصلح للتعميم، نحاول في هذه الصفحات أن نضع أمام الفكر القومي العربي نماذج من الصياغات الفكرية والجهود النظرية التي صاغها إعلام ومفكرون في تراث أمتنا على عهد نهضتها الأولى، وهي صياغات فكرية وجهود نظرية عكست وجسدت تلك العملية الحضارية والتاريخية التي كانت بمثابة البلورة للشخصية القومية العربية والتجسيد لطموحات القوى المتقدمة والمستنيرة في المجتمع العربي، لا قبل ظهور البرجوازيات العربية الحديثة فحسب، بل وقبل أن تدخل هذه المنطقة في ظلام العصور الوسطي على يد الأنظمة الحاكمة غير القومية، والتي تمثلت أساسا في دول المماليك وسلطنة العثمانيين.

أولا: الإسلام والعروبة

صحيح أننا لا نستطيع أن نتحدث عن الإسلام كدين باعتباره دين العرب الذي يمثل ظهوره التجسيد ليقظتهم القومية دون سواهم من الأمم والشعوب، لأن للإسلام، كدين قسمات عالمية تنبع من مصدره الإلهي قسمات تتخطى إطار القومية، أية قومية، وتخاطب الضمير الإنساني وتسعى إلى الجانب العام في الإنسان، بصرف النظر عن الألوان والأجناس والقوميات.

ولكننا في الوقت ذاته، لا نستطيع أن نغفل ما صنعه ظهور هذا الدين على يد نبي عربي، ونزول كتابه بلسان عربي، واعتماد حركة انتشاره على العنصر العربي والدولة العربية، ما صنعه في بلورة الشخصية العربية القومية، عندما أصبحت رايات القيادة في الصراعات الكبرى في المنطقة بين العنصر العربي، وغدت المواجهة قائمة بينه، كممثل للشرق، وبين الروم البيزنطيين، بعد أن كان العنصر الفارسي هو الممثل للشرق في هذا الصراع الحضاري التاريخي تحت قيادة العرب منذ ذلك التاريخ.

فإذا كانت للإسلام جوانبه الروحية التي يستعصي وضعها في الإطار القومي العربي المحدد والمحدود، فلقد كان لتطبيق هذا الدين في الحياة العربية، وللثمار الحضارية والسياسية التي قامت بين الغرب عقب ظهوره، سمات قومية وقسمات "عربية" لا يمكن إخفاؤها، ولا يجوز التجاوز عنها إذا نحن شئنا أن نبحث عن الجذور الحقيقية للشخصية القومية العربية في التراث والتاريخ.

وكما كان التوحيد الجوهر الأصيل في عقيدة الإسلام، كدين، فلقد كانت وحدة الشخصية العربية سياسيا وقوميا وبناء وحدة دولتها إداريا وعسكريا الوجه الآخر للعملة الواحدة ذاتها .. توحيد الدين، و وحدة في الدولة و الهوية القومية،انتقل بها العرب من إطار القبيلة، التي كانت كيانا سياسيا مستقلا، إلى إطار المجتمع الواحد، حيث أصبحت القبيلة مجرد لبنة في بنائه السياسي الجديد .. وكما كان تعدد الآلهة لدى العرب قبل الإسلام بمثابة التجسيد للتمزق القومي والتفكك السياسي، فان التوحيد الديني، بعد ظهور الإسلام، كان التعبير عن وحدة هوية هذه الجماعة البشرية، سياسيا، ومن ثم حضاريا وقوميا.

حقا، نحن هنا أمام دين له – ككل الأديان – طابعه الإنساني والعالمي. ولكننا أيضا أمام فهم عربي لهذا الدين، وممارسة عربية لشعائره، ودور للعنصر العربي في الدعوة إليه والذود عنه والسعي في انتشاره، بل ومزاج عربي في تلقي تعاليمه.. وهي عوامل وخصائص جعلت لهذا الدين، في المحيط العربي طابعا قوميا، يتميز بالقطع عن طابعه لدى أمم أخرى لها غير ما للعرب من مقومات ومكونات.. بل لقد غدت أحداث ظهور هذا الدين ومعارك نبيه ( ص ) ضد خصومه، تحولت، بالنسبة إلى الإنسان العربي، إلى أحداث قومية ذات دلالة خاصة.. فغزوة بدر، مثلا هي بالنسبة إلى المسلم الاندونيسي معركة انتصر فيها "دين"الإسلام ضد "وثنية" قريش.. وهي كذلك عند المسلم العربي، ولكنها تمثل لديه شيئا آخر، لأنها أولى المعارك المسلحة التي خاضتها أول دولة عربية قامت بعد ظهور الدين الجديد..

ويزيد هذه الحقيقة أهمية ووضوحا ذلك الجهد القومي العربي الواعي الذي انصب في المجتمع العربي الإسلامي الوليد:

- فالدولة التي تأسست بمقتضى التعاقد السياسي والاجتماعي بين الرسول " ص" وبين ممثلي "يثرب" من الأوس والخزرج – (في بيعة العقبة) – هذه الدولة لم تطمس دوافعها الدينية ما فيه من سمات قومية وقسمات عربية ... فالعباس ابن عبد المطلب – ولم يكن قد أسلم بعد – قد حضر عقد تأسيسها، وأخذ يستوثق للنبي من حلفائه الجدد وشركائه في تأسيس الكيان السياسي الجديد.. والى جانب الدوافع الدينية التي حدت بممثلي الأوس والخزرج إلى الدخول في الدين الجديد، كانت خشيتهم من سبق يهود "يثرب" إلى الدين الجديد. وذلك حتى لا يتسلحوا بسلطانه في إحكام قبضتهم على مقدرات "يثرب" وأهلها. . فهجرات اليهود الاستيطانية إلى "يثرب" بعد شتاتهم الشهير، قد جعلت منهم بيثرب سادة وجعلت من عربها " موالي " لليهود.. ونحن نقرأ في رواية ابن إسحاق لأحداث هذه البيعة كلمات ذات دلالة على ما نقول .. فالرسول "ص" بينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج .. فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج، قال أمن موالية يهود؟ قالوا" نعم! ... وتمضي الرواية فتقول: " ... وكان يهود معهم في بلادهم .. وكانوا قد غزوا بلادهم. فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم" أن نبيا مبعوث الآن، قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وارم. فلما كلم رسول الله أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم لبعض: يا قوم، تعلموا والله انه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقكم إليه!، فأجابوه فيما دعاهم إليه! .." .

فإلى جانب الدافع الديني، لدى ممثلي عرب "يثرب"، كان هناك الهدف القومي من وراء البيعة التي مثلت عقد التأسيس لأول الدول القومية العربية بعد ظهور الإسلام .. وهذا الهدف هو الذي جعلهم يستوثقون من الرسول أن تظل "يثرب" عاصمة للدولة الجديدة حتى تقد دخول قريش ومكة في الدين الجديد.. .

- والدستور الأول لهذه الدولة الأولى – والذي كان يسمى الصحيفة – يضع، هو الآخر يدنا على قسمات قومية في ذلك الكيان السياسي الجديد .. فهي لم تكن دولة للرعية المؤمنة بالدين الجديد فقط.. بل ضمت رعيتها ومواطنوها – إلى جانب من آمن: الأعراب الذين أسلموا، أي انقادوا للنظام الجديد، وحاربوا في صفوفه، وأسهموا في بناء دولته، دون أن يدخل الأيمان بالعقيدة الدينية إلى قلوبهم ... وكذلك اليهود الذين دخلوا، بالتعاقد، رعايا للدولة و حالفوها ضد مشركي قريش، واستمروا كذلك حتى نقضهم العهد أثناء حصار يثرب يوم غزوة الأحزاب..

_ ودولة الخلافة التي بدأت عهدها بحكم أبي بكر الصديق قد رأت في الوحدة القومية والسياسية للدولة والمجتمع حقا مترتبا على الإقرار بالتوحيد الديني، فحاربت القبائل التي ظلت على إسلامها ولكنها امتنعت عن الاعتراف بوحدة الدولة، وهي القبائل التي حجبت " الزكاة " عن حكومة يثرب، ونقضت الوحدة التي قامت على عهد الرسول، مع بقائها على الإيمان بدين الإسلام ... ولما سأل عمر بن الخطاب أبا بكر: كيف تحاربهم وهم مؤمنون،والرسول قد قال: من قال لا اله إلا الله فقد عصم دمه؟ كان جواب أبي بكر تأكيدا على ارتباط التوحيد السياسي والقومي بالتوحيد الديني، والنظر اليهما كوجهي عملة واحدة، إذ اعتبر وحدة الدولة – الممثلة في أعطاء الزكاة لحكومة يثرب – حقا مترتبا على شهادتهم أن لا اله إلا الله! ..

- وعلى عهد عمر بن الخطاب، عندما امتدت فتوحات الدولة السياسية إلى الشام والعراق، شاركت القبائل العربية غير المسلمة في القتال ضد الروم وضد الفرس، فأعطت هذه المشاركة ذلك الكيان السياسي الذي تمثل في الإمبراطورية العربية طابعا عربيا وقوميا لا تخطئه أنظار الباحثين..

_ ويزيد هذا الأمر تأكيدا ووضوحا ما شهده ذلك المجتمع من تنظيم اجتماعي و سياسي استهدف ترسيه الوحدة القومية لتلك الجماعة البشرية التي أقامت ذلك الكيان:

أ - فالعناصر التي انحدرت من أصول عرقية غير عربية، وأغلبهم من الأرقاء الذين تحرروا أو الأسرى الذين فك عنهم أسرهم، قد جرى إلحاقهم بالقبائل لعربية، باعتبار القبيلة هي الوحدة واللبنة الأولى في ذلك المجتمع، وهم بعلاقة "الولاء" هذه قد ادمجوا في القبائل العربية وصار لهم ما لأبنائها من حقوق وعليهم مثل ما عليهم من واجبات.. شرع المجتمع في ذلك عصر الرسول، "ص" وحددت النهج فيه أحاديثه التي تقول: "مولى القوم منهم" و " الولاء لحمة كلحمة النسب" .. .

فنحن هنا إزاء عملية دمج وتنظيم سياسي واجتماعي و قومي، تستهدف بلورة جماعة قومية واحد، بصرف النظر عن الأصول العرقية الأولى لأعضاء هذه الجماعة ..

ب - والمعيار الذي كان يحكم عملة الدمج و التوحيد والبلورة هذه قد قفز بمستواها إلى الأفق القومي ذي المضامين الإنسانية الشديدة الإشراق.. فعندما يتجادل نفر من أبناء العرب "الأصلاء" مع نفر من الذين اندمجوا في الكيان الجديد، على حين أن أصولهم الرقية غير عربية، ويعيب العرب "الأصلاء" من ظنوا أن أصولهم غير العربية تنقص من شرف عروبتهم الجديدة عندما يحدث شيء من ذلك يغضب رسول الله، "ص"، ويدرك أن هناك حاجة ماسة للتأكيد على المعيار، غير الرقي، للعروبة، باعتبارها هوية المجتمع الجديد .. فيصعد منبر مسجد المدينة، ويخطب في الناس قائلا: " أيها الناس.. ليست العربية بأحدكم من أب وأم. وإنما هي: اللسان .. " أي اللغة " فمن تكلم العربية فهو عربي .. "

ومنذ ذلك التاريخ تتأسس العروبة وتتبلور الشخصية القومية للجماعة العربية على أساس من المعيار الطابع الحضاري والقومي هو المعيار، وليس العرق أو القبيلة أو العصبية الجماعية في تلك الممالك المتخلفة.. فهو، إذن، معيار جديد، تبلورت على أساس منه الشخصية القومية لذلك المجتمع الجديد.


admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية Empty رد: من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية

مُساهمة من طرف admin الخميس يونيو 25, 2009 11:46 pm

ثانيا: النكسة . . وصراع الأضداد
ولقد كان المفروض والمأمول أن
تزداد الشخصية القومية لهذه الجماعة البشرية تبلورا وتوحيدا، وأن يتم ذلك
على المستوى الرأسي باعتناء المعيار الحضاري للعروبة شيئا فشيئا بالمضامين
الإنسانية الأكثر استنارة وتقدما، كي يواكب هذا المعيار أحلام الإنسان
العربي في التطور والتقدم والإبداع ... وعلى المستوى الأفقي بجذب الجماعات
التي دخلت أوطانها في إطار الإمبراطورية العربية، جذب هذه الجماعات، سلما
وبإغراء القدوة الحسنة إلى دائرة العروبة ونطاق التعرب والاندماج القومي

كان هذا هو المفروض والمأمول... ولكن التطورات التي أصابت
السلطة السياسية العليا في الدولة الجديدة قد انتكست بهذا الأمل وعاقت إلى
حد كبير التطور في ذلك الاتجاه.
فأهل العصبية القديمة من قريش
الذين أفقدهم ظهور الإسلام وقيام الدولة الجديدة ما كان بيدهم من زمان
قيادة المجتمع المكي القديم، أهل العصبية القديمة هؤلاء – وبنو أمية نموذج
جيد لهم – قد اغتنموا فرصة حكم الخليقة الثالث عثمان بن عفان ليعيدوا
سيطرتهم، في الثوب الإسلامي،على مقدرات المجتمع من جديد.. ولقد حركت هذه
السيطرة، وما تبعها من استئثار بمراكز السلطة والإدارة ومغانم الثروة
والثراء، حركت عصبية القبائل الأخرى ضد بني أمية، الذين كانت تتركز فيهم،
كما يقول ابن خلدون، عصبية قريش ..ولجأت السلطة، خاصة على العهد الأموي،
إلى سلاح القبلية توازن به صرا عات المجتمع ونزاعات القبائل وطموحات
الأقاليم .. تضرب قبائل بأخرى، وتحيي لذلك ميراثا قبليا وتاريخيا من
النزاعات اجتهد الإسلام وجاهد المسلمون لتغيره ودفنه وتخطيه .. ثم هي قد
لجأت إلى التفرقة بين العرب، بالمعنى الرقي، وبين موالي، الذين أصبحوا
كثرة في الدولة بعد انتشار الفتوحات وترامي حدود المجتمع الجديد فبرزت في
المجتمع الأموي دعوات شعوبية تنفث سموم العداوة للعرب والعروبة، تجرد
العرب من كل الميزات التي لا بد من توافرها في الجماعة البشرية كي تقيم
دولة وتكون قومية من القوميات ... وفي مقابل هذه الشعوبية المتعصبة
العمياء كانت العصبية العربية التي أفرطت، على أساس عرقي، في الاحتقار
والعداوة لغير العرب من الأمم والشعوب والجماعات, ولقد أهمل الطرفان، في
صراعهما الرقي هذا، ذلك الطور الحضاري المتقدم الذي جاء به الإسلام ونبيه
"ص" والذي عرقه المجتمع على عهد الرسول "ص" وأبي بكر وعمر بن الخطاب.

ولقد وضحت في صراعات مرحلة النكسة هذه المخاطر التي أحاقت بوحدة الدولة
والمستقبل القومي لهذه الجماعات التي أظلتها راية الدولة الجديدة .. وعكست
كثير من الحركات الفكرية وعديد من الثورات تلك المخاطر بوضوح وجلاء.

فقد كان إسلام أهل البلاد المفتوحة يعني السير على طريق التعريب والاندماج
القومي .. ولكن الأمويين ظلوا يأخذون "الجزية" من هؤلاء المسلمين، فحافظوا
على "الغيرية" وأعاقوا الاندماج والتوحيد.. وعرفت الدولة، لهذا السبب
العديد من الثورات وحركات الانشقاق والانفصال..

- ورجل مثل الحجاج بن يوسف الثقفي، يبالغ في اضطهاد العنصر غير العربي – بالمعنى العرقي –
إلى حد التفريق بين الزوجة العربية وزوجها إذا لم يكن من أصل عربي.. والى
حد تحريم أن يؤم غير العربي عربيا في الصلاة؟!

- ويقف دهاقين الفرس وكبار الملاك في المجتمع الكسروي القديم مع الأمويين في ذلك الاتجاه !!ز
لأنهم كانوا شركاء للدولة في استغلال العامة والمستضعفين، من جانب ..
ولأنهم يكرهون الاندماج في الشخصية العربية والتخلي عن طابعهم القومي
القديم، من جانب آخر.. ولأنهم يستهدفون تأزم الأمور حتى تنفجر الصراعات
فينفرط عقد الدولة العربية، من جانب آخر ! ..

- وتذهب الفرق والجماعات الشعوبية تلتمس في الفلسفات القديمة والمذاهب والملل والنحل
السابقة الأسلحة التي تنازل بها عقائد الإسلام، دين الدولة والمجتمع
الجديد..

- وتنجح بعض الحركات والأفكار الشعوبية في التستر
بالإسلام، بل وبالعرب الهاشميين، وذلك بالانخراط في سلك حركات التشيع التي
تألقت لمناهضة الأمويين .. حتى وجدنا ذلك التطابق الفكري بين قائد شعوبي
هو فحطبة بن شيب-أحد أعوان أبي مسلم الخراساني-الذي يخطب في الفرس من أهل
خراسان فيقول: "يا أهل خراسان هذه البلاد كانت لإبائكم الأولين .. حتى
ظلموا .. فسخط الله عليهم وسلط عليهم أذل أمة كانت في الأرض عندهم-( أي
العرب ) –فغلبوهم على بلادهم، واستنكحوا نساءهم، واسترقوا أولادهم.. ثم
بدلوا وغيروا وجاروا في الحكم.. فسلطكم عليهم لينتقم منهم بكم، ليكونوا
أشد عقوبة، لأنكم طلبتموهم بالثأر! ".

نجد التطابق الفكري بين هذا الحديث الشعوبي، المعادي للعرب، والداعي إلى الثائر منهم وبين فكر الداعية
العباسي إبراهيم بن محمد بن على بن عبد العباس، الذي يوصي أبا مسلم
الخراساني سنة 132 هـ. باستئصال العنصر العربي من خراسان، فيقول له: "ان
استطعت ألا تدع بخراسان أحدا يتكلم بالعربية وفتلته فافعل!".

فهذا الفكر الشعوبي، في جانب، وفكر العصبية العربية كما عرفنها وطبقتها السلطة
الأموية في جانب آخر، يعكسان ذلك الاستقطاب الذي أعاق نمو التبلور القومي
لهذه الجماعة العربية إلى أظلتها العربية، بل وأوشك أن يصيب وحدتها
السياسية- ولا نقول القومية- بالتمزق والانفصال.

ثالثا: عودة الروح إلى الفكر القومي من جديد

لكن أحشاء المجتمع العربي، يومئذ، كانت تحمل مولودا آخر لم تشوه ملامحه عصبية
بني أمية العرقية ولا حقد الشعوبية ضد كل ما يمت للعرب والعروبة بسبب..
وكان هذا المولود التعبير عن رغبة جمهور الأمة الجديدة في الاندماج
والتوحد، وعن المصالح الجديدة التي لا تتطابق مع المصالح الأنانية والضيقة
الأفق لإطراف التعصب العرقي الذميم.. كما كان هذا المولود الجديد و
الامتداد المتطور لذلك الفكر القومي العربي، النقي والمتقدم، الذي وضعه
الإسلام ونبيه "ص" في تربة المجتمع العربي بعد ظهور الإسلام .. وكان
المعتزلة أهل العدل والتوحيد هم فرسان ذلك التيار القومي في الفكر
والمجتمع العري في ذلك التاريخ.

فعلى حين كانت مواطن الموالي وتجمعاتهم، وكذلك الحركات الفكرية والتيارات السياسية التي ضمت عناصر
كثيرة أو ذات تأثير من الموالي، على حين كانت هذه المواطن والحركات مراكز
إشعاع للفكر الشعوبي، وجدنا تيار المعتزلة الفكري، الذي ضم الموالي العرب،
بل والذي نهض بقيادته كوكبة من العلماء والساسة والفلاسفة ال1ين انحر كثير
منهم من أصلاب غير عربية. وجدنا هذا التيار يناصب الشعوبية العداء، ويقدم
بواكير الفكر القومي العربي، ويبشر بمفهوم للعروبة يقوم على أسس حضارية،
لا عرقية ويناضل، بالفكر والممارسة، كي تأتلف وتتبلور الشخصية القومية
الجديدة والواحدة من الجماعة البشرية التي استطلعت بظل الحضارة العربية
الإسلامية، بصرف النظر عن أصولها العرقية القديمة، عربية كانت تلك الأصول
أو فارسية أو تركية أو من الزنج وسودان..

إذا كان التاريخ لم يحفظ لنا شيئا من كتابات واصل بن عطاء ( 80- 131هـ/699- 748 م ) وعمرو بن عبيد
( 80-144 هـ/699- 761/ ) في هذا الموضوع – وهما من الموالي، فقد حفظ لنا
كتابات معتزلي آخر هو أبو عثمان، عمرو بن بحر الجاحظ (255 هـ/866 م). وفي
فكر الجاحظ سنجد النمو1ج لعطاء المعتزلة وإسهامهم في هذا الميدان.

ضد الشعوبية: فهو يرفض الشعوبية، ويندد بفكرها العنصري، ويفند الأسس
والمنطلقات التي ينبعث مهما هذا الفكر الضار.. ففي البيان والتبيين يتحدث
إلى قارئه فيقول: " وأعلم أنك لم ترى قوما قط أشقى من هؤلاء الشعوبية، ولا
أعدى على دينية، ولا أشد استهلاكا لعرضه ولا أطول نصبا- (عداوة) – ولا أقل
غنما من أهل هذه المنحلة، وقد شفى الصدور منهم طول جثوم الحسد على
أكبادهم، وتوقد نار السنان في قلوبهم، وغليان تلم المراجل الفائرة، تسعر
تلك النيران المضطرمة.

ولما كان الشعوبيون قد عمدوا إلى التراث
والتاريخ، والى المقارنة بين قدماء العرب وقدماء الفرس، فافتخروا بأساليب
معيشة أجدادهم وأزيائهم ومزروعاتهم وتجارتهم ومغتنياتهم، وذموا ما كان
للعرب في تلك الميادين، فلقد عمد الجاحظ إلى السخرية من حججهم تلك منبها
على أن تفاوت الأمم واختلافها في مثل هذه الأمور هو أمر طبيعي، وأن هذا
الاختلاف له أسبابه الطبيعية المقترنة بالبيئة والمزاج، ومن ثم فلا وجه
هنا للمدح أو الذم في أمور هي من هذا القبيل .. وقول الجاحظ: " أن
الشعوبية لو عرفوا أخلاق كل ملة، و زي كل لغة، وعللهم في اختلاف إشاراتهم
وآلاتهم وشمائلهم وهيآتهم، وما علة كل شيء من ذلك، ولم اختلقوه، ولم
تكلفوه لأراحوا أنفسهم ولخفت مؤو نتهم على من خالطهم! "

وفي موطن آخر سيخر من الفكر الشعوبي الذي يفرق، فرقة العداوة، بين الناس، لأن أباء
فريق كانت حرفتهم الزراعة، بينما آباء الفريق الآخر كان ثمرهم من النخل!..
حتى لقد صارت الزراعة ممدوحة عند التعض مذمومة عند الآخرين، وغدت المهن
والحرف، بل وأناف الدواب رموزا للطوائف والجماعات والشعوب التي تدور بينها
معارك العصبية الممزقة لنسيج المجتمع في ذلك الحين ..ويسخر الجاحظ من ذلك
متسائلا فيقول: " .. وبعد، متى صار اختيار النخل على الزرع يحقد الأخوان؟!
ومتى صار تقديم المخلة ملة؟! وتفضيل السنبلة على نخلة؟! ومتى صار الحكم
للنعجة نسبا، وللكرمة صهرا؟! ومتى تكون فيه ديانة، وتتحكم فيها بصيرة
ويحدث عنها حمية؟! ".

ثم يستطرد فينبه هؤلاء القوم إلى أنهم قد غدوا أدنى منزلة من تلك القبائل التي أثارت، في الجاهلية الأولى، حروبا لتافه الأسباب..

وف
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية Empty رد: من هنا بدأت مسيرتنا الى الوحدة العربية

مُساهمة من طرف admin الخميس يونيو 25, 2009 11:47 pm

وفي موطن ثالث ينبه إلى الخطأ والخطأ المنبعث من "العصبية" فالعجم الشعوبيون
يفخرون على العرب، والعرب المتعصبون يفخرون على العجم، والموالي، كانوا
أعجام ثم تعربوا، يفخرون على كل من الأعاجم والعرب!! .. ينبه الجاحظ على
خطر هذه "العصبية" التي هلك بها عالم بعد عالم، والحمية التي لا تبقي دينا
إلا أفسدته، ولا دنيا إلا أهلكتها، وهو ما صارت إليه العجم من مذهب
الشعوبية، وما قد صار إليه الموالي من الفخر على العجم والعرب".

ثم يتحدث إلى قارئه محذرا إياه من الفاخر بالأنساب فيقول: " واذر خصلة الناس
قد استهانوا بها، و ضيعوا النظر فيها مع اشتمالها على الفساد، وقدحها
البغضاء في القلوب والعداوة بين الأوداء، ( وهي ) المفاخرة بالأنساب ..
فليس أدعى إلى الفساد ولا أجلب إلى الشر من المفاخرة بالأنساب "

النظرة الموضوعية للأجناس: ولما كانت نزعات التعصب، شعوبيا كان أو عربيا، قد عمدت
وعمد مفكروها الى المحاسن والميزات فأضافوها جميعا إلى جنسهم وعرفهم، والى
المثالب والعيوب فألصقوها جميعا بجنس الخصوم، وجدنا الجاحظ وينبه على
الخطأ والخلط الذي وقع فيه هؤلاء وهؤلاء .. فالمحاسن والمساوىء شائعة في
كل جنس، والمناقب والمثالب موزعة في كل أمة، والميزات والعيوب لا بد من
وجودها في كل مجموعة من الجماعات، وليست هناك أمة قد استأثرت بالمحاسن
بينما اختصت الأخرى بالمعايب والسيئات.. إذ " لكل نصيب من النقص، ومقدار
من الذنوب، وإنما يتفاضل الناس بكثرة المحاسن وقلة والمساوىء فأما
الاشتمال على جميع المحسن، والسلامة من جميع والمساوىء، دقيقه وجليلها
وظاهرها وخفيها، فهذا لا يعرف، فالناس جميعا قد اتفقوا في الصورة والهيئة
الإنسانية، ثم أجمع عقلاؤهم وأقروا بتفرق الأمور المحمودة والمذمومة، من
الجمال والدمامة.واللؤم والكرم والجبن والشجاعة، في كل حين، وانتقالها من
أمة، ووجود كل محمود ومذموم في أهل كل جنس من الآدميين.. "

فاليونانيون، صناع الحضارة الإغريقية، امتاز فلاسفتهم بالفلسفة النظرية، على حين أهملوا
العمل والتجربة فنحث الانفصام بين فكرهم و بين الممارسة والتطبيق " ..
نظروا في العلل، ولم يكونوا تجارا ولا صناعا.. كانوا أصحاب حكمة، ولم
يكونوا فعلة، يصورون الآلة، ويخرطون الأداة، ويصوغون المثل، ولا يحسنون
العمل بها .. يرغبون في العلم ويرغبون عن العمل! " ..... بينما امتاز عنهم
الصينيون بأنهم " أصحاب البك والصياغة " وأرباب الصناعات والحرف
والممارسات...

أما العرب القدماء، فهم وان لم يكونوا قد برعوا في
الصناعات والتجارات، والزراعات ولا برزوا في علوم الطب والحساب.. إلا إنهم
قد امتازوا بميزات هامة، فهم، في الفقر والغنى، كانوا وسطا " لم يفتقروا
الفقر المدقع الذي يشغل عن المعرفة، ولم يستغنوا الغنى الذي يورث البلدة-
( البلادة ) – والثروة التي تحث الغرة – ( الغفلة ) ". وهم في عشقهم
للحرية كانوا نموذجا يحتذى " فلم يحتملوا ذلا قط فيميت قلوبهم ويصغرهم عند
أنفسهم ".. ولقد أورثتهم النشأة الصحراوية أذهانا حادة، ونفوسا تنكر الضيم
.. فكانت براعتهم الأدبية وتفوقهم اللغوي والبياني ... وكانت ميزاتهم في
الحرب والقتال ... وكان اهتمامهم بحفظ الأنساب والتواريخ ... والتفوق في
الاهتداء بالنجوم والاستدلال بالآفاق والاعتبار بكل محسوس " وببعض هذه
العلل صارت نفوسهم أكبر وهممهم أرفع من جميع الأمم وأفخر، ولأيامهم أحفظ
وأذكر ".

فلا مجال إذا لنسبة كل المناقب لجنس واحد، وإلصاق المثالب
بجنس آخر، وإنما هي الدعوة إلى النظرة الموضوعية لحظوظ وأنصبة الأجناس
والجماعات البشرية من الميزات والعيوب.


رابعا: الشخصية القومية العربية
وبعد هذه النظرة النقدية التي قدمها فكر الجاحظ القومي، والتي فند بها " حجج "
التيارات المتعصبة التي كان تمزق النسيج التوحيدي للمجتمع العربي.. يتقدم
الرجل ليعلن لنا أن الهدف المنشود هو تأليف جماعة بشرية واحدة،على أسس
عربية حضارية، من الجماعات المتعددة الأصول والجذور، والتي تستظل بظل
الدولة والمجتمع العربي الجديد.. ففي كتابه عن مناقب الترك يتحدث عن هذا
الهدف القومي بصراحة ووضوح وينبه على أن بلوغ هذا الهدف هو الكفيل بإفساد
مخططات أعداء هذا المجتمع الجديد.. بل لقد نحدث عن أن هذا الهدف هو الغاية
من وراء تأليف هذا الكتاب فقال: " وكتابنا هذا إنما تكلفناه لنؤلف بين
قلوبهم التي كانت مختلفة، ولنزيد الألفة إن كانت مؤلفة، ولنخبر عن اتفاق
أسبابهم لتجتمع كلمتهم، ولتسلم صدورهم. وليعرف من كان لا يعرف منهم موضع
التفاوت في النسب، وكم مقدار الخلاف في الحسب، فلا يغير بعضهم مغير، ولا
يفسده عدو بأباطيل مموهة وشبهات مزورة، فان المنافق العليم والعدو ذا
الكيد العظيم، قد يصور لهم الباطل في صورة الحق، ويلبس الإضاعة ثياب الحزم
".

وإذا كان هذا هو الهدف .. فان الجاحظ يدعو هذه الجماعات إلى أن
تأتلف في جماعة واحدة، والى أن تكون العروبة بالمعنى الحضاري لا العرقي،
هي الطابع القومي الذي يؤلف بين مجموع هذا المولود القومي الجديد ..
فيجتهد ليقدم لنا الصياغات النظرية التي تقول: ان التربية واللغة كوعاء
حضاري، والعادات والتقاليد، التي تسترك فيها هذه الجماعات قد أصبحت خيوطا
تنسج رداء وحدتها القومية. وان هذه القسمات والسمات قد حلت محل النسب
والعرق والجنس، فعلينا أن نتخذ من هذا المعيار الحضاري، المؤلف والموحد،
بديلا عن المعايير الرقية التي يتخذ منها دعاة العصبية وسيلة لتمزيق
الوحدة في هذا الكيان الحضاري الجديد ..

ويجتهد الجاحظ، وهو بصدد
تقرير هذه النظرة القومية المستنيرة والمتقدمة، يجتهد كي يدعم نظريته
بأسانيد من تاريخ تطور الأمم والجماعات .. فالعرب الذين يؤلفون جماعة
واحدة مؤتلفة منذ عصر ما قبل الفتوحات لم ينحدروا من نسب واحد .. فمنهم
العدناني ومنهم القحطاني ... والعدنانيون منهم ينحدرون منهم ينحدرون من
نسل إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام، أي من أصل أعجمي غير عربي، ومع
ذلك جعلت اللغة والعادات والسجايا منهم ومن القحطانيين، عرب الجنوب، جماعة
قومية واحدة . بينما حدث التمايز القومي بين هؤلاء العدنانيين وبين أبناء
عمومتهم الذين انحدروا من نسل اسحق بن إبراهيم، مع اجتماعهم وإياهم في
النسب.. فليس النسب والعرق هو معيار الائتلاف والاختلاف، وإنما هي
المقومات والقسمات الحضارية، تؤلف أو تمايز بين الجماعات..

وبعبارات الجاحظ: فان " العرب لما كانت واحدة فاستووا في التربية، واللغة، والشمائل
والهمة، وفي الألفة والحمية، وفي الأخلاق والسجية، فسكبوا سكبا واحدا،
وأفرغوا فراغا واحدا، وكان القالب واحدا تشابهت الأجزاء وتناسبت الأخلاط،
وحين صار ذلك أشد تشابها في باب الأعم والأخص وفي باب الوفاق والمباينة من
بعض ذوي الأرحام جرى عليهم حكم الأنفاق في الحسب، وصارت هذه الأسباب ولادة
أخرى، حتى تناكحوا عليها وتصاهروا من أجلها، وامتنعت عدنان قاطبة من
مناكحة بنى إسحاق، وهو أخو إسماعيل، وجادوا بذلك في جميع الدهر لبني قحطان
... وفي ذلك دليل على أن هذه المعاني قد قامت عندهم مقام الولادة والأرحام
الماسة ... فهم قد جعلوا إسماعيل، وهو ابن عجميين عربيا، لأن الله قد جعل
العربية لغته – وسلخ طباعه من طبائع العجم ... وسواء تلك التسوية، وصاغة
تلك الصياغة، ثم حياه من طبائعهم- ( أي العرب ) – ومنحه من أخلاقهم
وشمائلهم، وطبعه من كرمهم وأنفتهم وهممهم على أكرمها وأشرفها وأعلاها...
فكان أحق بذلك النسب، وأولى بشرف ذلك الحسب ... "

وإذا كانت هذه المعايير الحضارية – من تربية ولغة وعادات وتقاليد وأخلاق وسجايا- قد كانت
ولا وتزال هي المعايير الموضوعية للائتلاف والاختلاف في تبلور الجماعات
القومية أو تمايزها، فان سيادتها وانتشارها بين الجماعات المستظلة برايات
المجتمع العربي والإسلامي قد فتحت الباب لائتلاف هذه الجماعات في كل قومي
متحد ومن ثم لنبذ الدعوات العنصرية اللاتوحيدية ورفض المطلقات الفكرية،
المتخلفة وغير الموضوعية، التي ينطلق منها أصحابها ودعاتها.

فالموالي، الذين تروج بين عامتهم دعوات الشعوبيين، قد صاروا عربا، بالمقياس والمعيار
الحضاري، يفكرون ويتواصلون ويبدعون بل ويعتزون بالعربية، ويمنحون ولاءهم
واحترامهم للأخلاق والسجايا التي يحترمها مجتمعهم الجديد، ومن ثم فان
العروبة، بهذا المعنى، قد غدت قسمة عامة لهذه الجماعة البشرية، بصرف النظر
عن الأصول العرقية التي انحدر منها أولئك أو هؤلاء .. فمثلا: " الخراساني:
مولى، والمولى: عربي .. فقد صار الخراساني والمولى والعربي واحدا.. وصار
ما معهم من خصال الوفاق غامرا ما معهم من خصال الخلاف، بل هم في معظم
الأمر وفي كبر الشأن وعموم النسب متفقون ... والأتراك خراسانية ... فقد
صار التركي إلى الجميع راجعا ... وإذا عرف سائر ذلك سامحت النفوس، وذهب
التعقيد، ومات الضغن، وانقطع سبب الاستثقال، ولم يبق إلا التنافس الطبيعي
ال1ي يقوم بين الأخوان والقرابة الأقران.."

على هذا النحو عالج الجاحظ تلك القضية القومية، عندما عرض لها الفكر العربي، عندما مثلت مشكلة
تعترض تطور المجتمع وتعوق نموه في اتجاه التآلف والتوحيد .. وعلى ه1ا
النحو جاءت أفكاره وصياغاته النظرية، تقدم في تراثنا الفكري والحضاري
شاهدا على البزوغ المبكر للفكر القومي، ذي المضمون الإنساني المبرأ من
العرقية، في تراثنا العربي وواقعنا العربي القديم .. وهو يزوغ مبكر في
عالم الفكر عكس التبلور المبكر لشخصيتنا القومية في ذلك التاريخ.

فمنذ عصر نهضتنا وازدهار حضارتنا العربية الإسلامية كان لأمتنا ه1ه الخطوات
العملاقة على درب التوحد القومي، وكان لهذه الخطوات انعكاساتها في فكرها
القومي الإنساني المستنير ..

ومن ثم فان ما نحن اليوم بصدد إنجازه
من الوحدة القومية، وبناء الدولة القومية الواحدة لهذه الأمة المتحدة، ليس
أمرا طارئا وحديثا، جد على واقعنا مع ظهور البرجوازيات في وطننا في العصر
الحديث .. وإنما نحن نعالج التجزئة والإقليمية التي طرأت كثمرة من ثمار
العصور المظلمة " المملوكية – العثمانية " وكنتيجة للمخطط الواعي ال1ي
نفذه بوطننا الاستعمار الأوروبي على مدى قرن ونصف من الزمان ..

فنحن لا نبدأ السير على طريق وحدتنا القومية ... وإنما نحن بصدد إعادة تأسيس
هذه الوحدة، التي تكتسب اليوم مضامين أكثر استنارة وتقدمية من ذي قبل،
لأنها قد غدت في واقعنا الراهن الهدف الأول لأكثر الطبقات والتيارات
استنارة وتقدما في وطننا العربي الحديث.

(*) المصدر: قضايا عربية ، السنة 3 في العدد 1 ابريل والعدد 6 سبتمبر
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى