3) موقف حزب البعث العربي الاشتراكي من القضية الفلسطينية 1945 ـ 1948م
ملتقى الفكر القومي :: المنتدى الفكري والثقافي ***(حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية) :: جبهة التحرير العربية
صفحة 1 من اصل 1
3) موقف حزب البعث العربي الاشتراكي من القضية الفلسطينية 1945 ـ 1948م
3) موقف حزب البعث العربي الاشتراكي من القضية الفلسطينية 1945 ـ
1948م
اهتم حزب البعث العربي الاشتراكي بالقضية
الفلسطينية منذ نشأته، وتلك الاهتمامات التي ابتدأت منذ منتصف الأربعينيات تقريبا،
و تمثلت أولى اهتماماته في الرسالة التي وجهها في 10 آب /أغسطس 1944 إلى المعتمد
السياسي الأميركي في سوريا، وفيها ينتقد البعث قرار الحزب الديمقراطي الأميركي
بشأن فتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين واتخاذها وطنا قوميا لليهود، و يرى في
هذا الموقف حائلا يقف دون التفاهم والصداقة بين العرب والأمريكان، ولا تقل خطورته
عن وعد بلفور.
تكررت رسائل قادة البعث، ففي 23 آذار/
مارس 1945 أرسلت قيادة الحزب رسالة إلى وزير أميركا المفوض في سوريا، وكانت رداً
على عزم الرئيس الأميركي روزفلت فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية، وفيها ذكّر
البعث بمبادئ ويلسن الأربعة عشر ؛ المبادئ التي أعلنت أميركا الحرب في سبيل
تحقيقها، ووجه اللوم للولايات المتحدة على موقفها المعادي للعرب وحقهم الصريح في
عروبة البلاد وأكدت الرسالة أنها تنطق باسم العرب القوميين.
وفي بياناته اللاحقة، وسع دائرة
اهتماماته و انتقل من الحديث عن سوريا الطبيعية إلى تناول مشاكل العرب عامة.
أصدر قادة البعث في مجلس الحزب المنعقد في
14 كانون الأول / ديسمبر1945 بيانا بعنوان "مشاكل العرب السياسية " أفرد
فيه لكل قطر عربي خلاصة عاجلة لأبرز مشاكله وتناول الجامعة العربية، ودعا إلى قيام
جامعة شعبية عربية وشدد في بيانه على عروبة فلسطين في إطار وحدة سوريا الطبيعية،
وربط مصلحة العرب العليا بقيام حكم دستوري، وأن يسعوا للنظام الجمهوري كغاية، وفي
الشأن الفلسطيني فقد رفض مشروع بيفن الذي يقر هجرة اليهود، والذي نادى بحرمان شعب
فلسطين من إقامة دولة وتركها تحت وصاية الدول الأجنبية وطالب دولتي بريطانيا
والولايات المتحدة أن يؤمنا بحق العرب في فلسطين بنيلهم استقلاليتهم وحريتهم، وفي
تحليله لنشوء الجامعة العربية، فهي مصابة بضعف في نقطتين مهمتين، وهما: ـ تأسيسها
في ظرف معينة وملابسات خاصة بعد تصريح وزير خارجية بريطانيا، ثم مشاركة حكومات
رسمية ترتبط ببريطانيا بمعاهدات والتزامات، ولذلك فان في قيام جامعة شعبية عربية
يحمي الشعب من السياسات الأجنبية والخضوع لها.
في يوم الجمعة الثاني من أيار / مايو
1946، دعا الحزب إلى الإضراب بمناسبة قدوم اللجنة الإنجليزية ـ الأميركية*، ووجه البعث بيانه للشعب وتناول مقترحاتها
في إباحة الهجرة وبيع الأراضي لليهود، ورفض قيام حكومة عربية وإنكارها
للحق العربي القومي في فلسطين ولذا أعرب عن استنكاره بإضراب عام شامل داعياً أن
تكون المناسبة "فاتحة لتجديد عهد الجهاد المقدس في سبيل فلسطين"
جاء
صدور صحيفة البعث في سوريا في الثالث من تموز/ يوليو 1946، ليقدم وسيلة إعلامية
ناطقة بلسان البعث، وكان مديرها المسئول البيطار والمدير السياسي عفلق، وهي صحيفة
تأخر ترخيصها، وماطلت السلطة في إصدار رخصتها منذ عام 1943.
قدمت الصحيفة تحليلات، ومواقف، وتصريحات
لقادة البعث حول فلسطين واتسمت بطابع سياسي فكري وأيديولوجي، كما يظهر من سلسلة
نضال البعث في أجزائه المختلفة.
جاء في افتتاحية صحيفة البعث المنشورة
بتاريخ 10 تموز/ يوليو 1946 انتقاد لموقف الحكومة السورية من القضية الفلسطينية
التي اقتصرت معالجتها للقضية على إرسال المذكرات للحكومة البريطانية والولايات
المتحدة الأميركية، وقد تساءلت البعث عن سبب إهمال تطبيق المقاطعة الاقتصادية على
الصهاينة، وفي مقالها بينت أن الحكومات العربية لا تمثل هذه الملايين من العرب،
ولا تستند على تأييدها.
ظلت
المقالات ومواقف قادة البعث تربط بين فضح الحكومة السورية، واتهمها بتزوير
الانتخابات، وضعفها في معالجة القضايا العربية، و يحذر الحزب من خطر الديكتاتورية،
و يطالب بإبعاد هذه السلطة عن مركز القرار السياسي، ويذكر بما تتعرض له فلسطين
طارحا رده حيال القضية.
أصدر " مجلس الحزب " بيانا بعد
اجتماع فروعه خلال يومي 19 و20 أيلول / سبتمبر 1947 وفيه أعلن أنه حزب قومي عربي
يؤمن بأن وحدة العرب لا تتجزأ، ويربط بين السياسة السورية ومصالح الأمة العربية
العليا، كما تناول أزمة الحكم التي هي بسبب سيطرة فئة على السلطتين التشريعية
والتنفيذية، و ينفي عملها الحياة الدستورية، وقد وصلت هذه الفئة للسلطة متذرعة
بوجود الأجنبي ،واعتمادها على قانون انتخابي قديم ، ولذا يحذر الحزب من خطر
الديكتاتورية الداهم، ويعتبر البعث أن التحرر لن يتحقق بدون تحقيق الحكم الدستوري
والنظام الجمهوري،واستعرض مشاكل سوريا الكبرى: وأهمها قضية فلسطين التي تتطلب
تنفيذ الحكومات العاجل من تعبئة قواها المسلحة و إزالة العقبات التي تقف دون الشعب
و تكتله وتسلحه للجهاد في فلسطين والبعث يضع نفسه في طليعة كتائب الجهاد وهو على
استعداد للتعاون المخلص مع الهيئات الشعبية لإنقاذ فلسطين.
انتقد البعث الحكومة السورية التي اقتصرت
على إرسال المذكرات، والاحتجاجات، و فضح سياسة الحكومة وتقصيرها، ودعا إلى ممارسة
العنف الثوري مع إسرائيل.
وقد وضح عفلق أن للصهيونية عقلية ناضجة،
وهي حركة ذات تنظيم شعبي وتمتاز بأن لها عقيدة متينة، وأنها توحي لليهود بالتضحية
والإقدام، وإلى زعمائها بالتحرر والصلابة، وتطبع الحركة في مجملها بطابع القوة
والإقدام، ولما كان طابع هذه الحركة شعبيا فان مواجهتها من قبل العرب بالضرورة يجب
أن تكون شعبية، ففي السادس من آب / أغسطس 1946، صدرت افتتاحية صحيفة البعث بعنوان:
"لا ينتظرن العرب ظهور المعجزة، فلسطين لا تحررها الحكومات بل العمل
الشعبي".
ظل طابع النضال البعثي ضد الصهيونية
يتراوح بين البيان السياسي، والمقالة الافتتاحية في جريدة البعث، ويطالب الحكومات
بصورة متكررة العمل من أجل قضية فلسطين، وينتقد سياساتها ويشرح أخطاءها، ويبين
مخاطر تهويد فلسطين على استقلال الدول العربية ووحدتها، وهكذا ظل البعث أسير
مشاعره دون أن تمكنه قواه من نقلها إلى دنيا الواقع، وربما يعود ذلك إلى أن عدد
منتسبيه كان قليلا كما أن السلطة السياسية نجحت في إلهاء الرأي العام عن قضية
فلسطين وصرفه عن ممارسة ضغطه على الحكم.
في الأول من نيسان/ أبريل 1947 عقد
المؤتمر القومي الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي وفيه صدرت مجموعة مواد أطلق
عليها اسم الدستور، التي تتضمن بنودا ومواقف تتعلق بالقضية الفلسطينية.
من أبرز هذه البنود البند القائل ب "
النضال ضد الاستعمار الأجنبي لتحرير الوطن العربي تحريرا مطلقا كاملا ".
وفي المادة الحادية عشر: ـ" يجلى عن
الوطن العربي كل من دعا أو انضم إلى تكتل عنصري ضد العرب، وكل من هاجر إلى الوطن
العربي لغاية استعمارية ".
وجاء عن المعاهدات مع الدول الأجنبية: ـ
" لما كان الشعب العربي وحده مصدر كل سلطة لذلك تلغى كل ما عقدته الحكومات من
معاهدات واتفاقات وصكوك تخل بسيادة العرب التامة ".
شكل قرار تقسيم فلسطين في 29 تشرين
الثاني/ نوفمبر 1947 بمثابة صدمة للشعب السوري، وقد هاجمت الجماهير السفارات
الأميركية ، والبلجيكية ، والسوفيتية، ومقر الحزب الشيوعي، واعتبر الشيوعيون عملاء
السوفييت لتأييدهم قرار التقسيم.
عارض البعث قرار التقسيم، وصدرت مواقف
لصلاح الدين البيطار في صحيفة البعث عبرت عنها مقاله حول مخاطر الصهيونية وأثر
التقسيم، الذي جاء فيه " تقطيع أوصال الوطن العربي وتمزيق شمل الوطن العربي
وصعوبة بناء الكيان القومي لدرجة الاستحالة... التقسيم سيقضي على حلم الشعب العظيم
بالوحدة العربية... فاستقلال البلاد العربية نفسه مهدد بالخطر. لأن فلسطين في
برنامج اليهود ليست سوى رقبة جسر ونقطة ارتكاز ينطلقون منها لتأسيس الوطن الصهيوني
الذي لا يقف إلا عند حدود الفرات والنيل ".
حَّمل حزب البعث الحكومات النصيب الأكبر
في المسؤولية الملقاة على عاتقها للتحرير؛ بعد أن أوضح طبيعة المخاطر المتمثلة
بمخاطر إستراتيجية واجتماعية واقتصادية ، وبين السبل التي على العرب شعوبا وحكومات
أن يتبعوها، وطالب الحكومات العربية وجامعة الدول العربية بمعارضة التقسيم وتعبئة
إمكاناتها المادية والمعنوية في الوطن العربي لسحق الصهيونية.
واصل حزب البعث شارحا ومنبها إلى المخاطر
المحدقة بفلسطين وشكل مكتب فلسطين الدائم وصدرت له بيانات تحمل العناوين التالية:
"من حزب البعث العربي إلى الأمة العربية دقت ساعة الفصل ولن تنقذ فلسطين إلا
بالحديد والنار ".
وكذلك رد على مشروع تقسيم فلسطين
"الشعب العربي لن يكتفي بإلغاء مشروع التقسيم بل يعتزم القضاء الأبدي على
الصهيونية في فلسطين ".
وفي سياق الرد على صدور قرار التقسيم ، قرر حزب
البعث في مجلسه المنعقد بمدينة حمص في سوريا في يومي الخميس والجمعة الواقعين في
15 و16 كانون الثاني/ ديسمبر1948 تجنيد جميع أعضائه للاشتراك في المجهود
الحربي في داخل البلاد العربية أو في الخطوط الأمامية لفلسطين. وشاركت قيادة لجنة
الحزب التنفيذية في هذا المجهود.
توجه ميشيل عفلق وصلاح الين البيطار،
وفيصل الركابي، وشبلي العيسمي ،ووهيب الغانم وآخرون إلى جبهة الحرب على أنهم
مراسلون حربيون لجريدة البعث، فحملوا المسدسات والمناظير المكبرة وآلات التصوير
،وتطوع أغلب الأعضاء في جيش الإنقاذ الذي أشرفت جامعة الدول العربية عليه،الذي كان
يقوده فوزي القاوقجي.
أرسل عفلق مقالا من جنين نشرته صحيفة
البعث بعنوان "إنقاذ فلسطين " وفيه حذر من الأسلوب الدفاعي المصطنع في
الحرب مع العدو، وألمح إلى النواقص والأخطاء التي شاهدها في الجبهة الداخلية ورغم
ذلك حاول عفلق أن يصبغ المعركة بطابع التفاؤل، وأن جنود الشباب العربي تخطت
المصاعب والعقبات التي تجري.
وفي مقال آخر نشره عفلق في الثامن من
أيار/ مايو 1948 بعنوان " فلسطين جزء من مأساة الوطن العربي العامة "،
أظهر تشاؤمه من الرد العربي: ـ" ليست هي الفاجعة الأولى ولن تكون الأخيرة
"، وقد عزى عوامل النصر إلى: " أن في الجبهة المعادية شعبا منظما على
أحدث قواعد العلم، ويستثمر وقته و(أرضه ) بأقصى ما يستطيع فيدر عليه الرزق شعور
التفاؤل "
ويحلل وهيب الغانم الجبهات المتقابلة في المعركة
ومستوى تعبئتها الاجتماعية واعتبر أن الأساس فيها هي حرية الفرد التي يمتلكها، وهو
ما يدفع العدو للإنتاج والتقدم حيث قال: "في جبهة العدو عدد قليل، ولكنه يحكم
ويملك، وهو في سبيل ملكه وحريته يبذل كل ما يستطيع فينتج أقصى الأرقام رغم بنيانه
الواهي ونفسيته الضعيفة المستخذية "
ظل البعث يكافح على جبهتين وهما :النضال
من أجل الديمقراطية داخل القطر السوري والتنبيه للخطر الصهيوني، ويُحِّمل الطبقة
الإقطاعية الحاكمة مسؤولية الهزيمة، ويطالب بانتخابات حرة نزيهة.
تناول الحزب في بيانه الصادر في 7 أيلول/
سبتمبر 1948 السلطة الحاكمة التي عجزت في ساحة الحرب مع الاحتلال الصهيوني، وبعد
أن مر عليها خمس سنوات في الحكم، علق البعث في بيانه " لقد استأثر بالحكم في
السنوات الخمس الأخيرة فئة من محترفي السياسة الذين يمثلون مصالح الإقطاعيين
وعقليتهم، ويعتبرون الدولة ملكا خاصا لهم ولذويهم وحواشيهم... تركوا الأوضاع
الفاسدة على حالها، وأمعنوا في استغلالها... تعدى الفساد نطاق الشؤون الداخلية
البحتة، وكانت معركة فلسطين منا سبة لظهور بعض المؤامرات التي كان جيش البلاد أولى
ضحاياها "
وفسر حزب البعث أسباب هزيمة العرب في
الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1948 فعزاها إلى أوضاع العرب، وضعف الوعي السياسي
والتنظيمي، وضعف الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية، وتبعيتها للدول المتآمرة على العرب،
ثم أوضاع التجزئة، وسيطرة الإقطاعيين، وعملاء الحكم الأجنبي"
1948م
اهتم حزب البعث العربي الاشتراكي بالقضية
الفلسطينية منذ نشأته، وتلك الاهتمامات التي ابتدأت منذ منتصف الأربعينيات تقريبا،
و تمثلت أولى اهتماماته في الرسالة التي وجهها في 10 آب /أغسطس 1944 إلى المعتمد
السياسي الأميركي في سوريا، وفيها ينتقد البعث قرار الحزب الديمقراطي الأميركي
بشأن فتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين واتخاذها وطنا قوميا لليهود، و يرى في
هذا الموقف حائلا يقف دون التفاهم والصداقة بين العرب والأمريكان، ولا تقل خطورته
عن وعد بلفور.
تكررت رسائل قادة البعث، ففي 23 آذار/
مارس 1945 أرسلت قيادة الحزب رسالة إلى وزير أميركا المفوض في سوريا، وكانت رداً
على عزم الرئيس الأميركي روزفلت فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية، وفيها ذكّر
البعث بمبادئ ويلسن الأربعة عشر ؛ المبادئ التي أعلنت أميركا الحرب في سبيل
تحقيقها، ووجه اللوم للولايات المتحدة على موقفها المعادي للعرب وحقهم الصريح في
عروبة البلاد وأكدت الرسالة أنها تنطق باسم العرب القوميين.
وفي بياناته اللاحقة، وسع دائرة
اهتماماته و انتقل من الحديث عن سوريا الطبيعية إلى تناول مشاكل العرب عامة.
أصدر قادة البعث في مجلس الحزب المنعقد في
14 كانون الأول / ديسمبر1945 بيانا بعنوان "مشاكل العرب السياسية " أفرد
فيه لكل قطر عربي خلاصة عاجلة لأبرز مشاكله وتناول الجامعة العربية، ودعا إلى قيام
جامعة شعبية عربية وشدد في بيانه على عروبة فلسطين في إطار وحدة سوريا الطبيعية،
وربط مصلحة العرب العليا بقيام حكم دستوري، وأن يسعوا للنظام الجمهوري كغاية، وفي
الشأن الفلسطيني فقد رفض مشروع بيفن الذي يقر هجرة اليهود، والذي نادى بحرمان شعب
فلسطين من إقامة دولة وتركها تحت وصاية الدول الأجنبية وطالب دولتي بريطانيا
والولايات المتحدة أن يؤمنا بحق العرب في فلسطين بنيلهم استقلاليتهم وحريتهم، وفي
تحليله لنشوء الجامعة العربية، فهي مصابة بضعف في نقطتين مهمتين، وهما: ـ تأسيسها
في ظرف معينة وملابسات خاصة بعد تصريح وزير خارجية بريطانيا، ثم مشاركة حكومات
رسمية ترتبط ببريطانيا بمعاهدات والتزامات، ولذلك فان في قيام جامعة شعبية عربية
يحمي الشعب من السياسات الأجنبية والخضوع لها.
في يوم الجمعة الثاني من أيار / مايو
1946، دعا الحزب إلى الإضراب بمناسبة قدوم اللجنة الإنجليزية ـ الأميركية*، ووجه البعث بيانه للشعب وتناول مقترحاتها
في إباحة الهجرة وبيع الأراضي لليهود، ورفض قيام حكومة عربية وإنكارها
للحق العربي القومي في فلسطين ولذا أعرب عن استنكاره بإضراب عام شامل داعياً أن
تكون المناسبة "فاتحة لتجديد عهد الجهاد المقدس في سبيل فلسطين"
جاء
صدور صحيفة البعث في سوريا في الثالث من تموز/ يوليو 1946، ليقدم وسيلة إعلامية
ناطقة بلسان البعث، وكان مديرها المسئول البيطار والمدير السياسي عفلق، وهي صحيفة
تأخر ترخيصها، وماطلت السلطة في إصدار رخصتها منذ عام 1943.
قدمت الصحيفة تحليلات، ومواقف، وتصريحات
لقادة البعث حول فلسطين واتسمت بطابع سياسي فكري وأيديولوجي، كما يظهر من سلسلة
نضال البعث في أجزائه المختلفة.
جاء في افتتاحية صحيفة البعث المنشورة
بتاريخ 10 تموز/ يوليو 1946 انتقاد لموقف الحكومة السورية من القضية الفلسطينية
التي اقتصرت معالجتها للقضية على إرسال المذكرات للحكومة البريطانية والولايات
المتحدة الأميركية، وقد تساءلت البعث عن سبب إهمال تطبيق المقاطعة الاقتصادية على
الصهاينة، وفي مقالها بينت أن الحكومات العربية لا تمثل هذه الملايين من العرب،
ولا تستند على تأييدها.
ظلت
المقالات ومواقف قادة البعث تربط بين فضح الحكومة السورية، واتهمها بتزوير
الانتخابات، وضعفها في معالجة القضايا العربية، و يحذر الحزب من خطر الديكتاتورية،
و يطالب بإبعاد هذه السلطة عن مركز القرار السياسي، ويذكر بما تتعرض له فلسطين
طارحا رده حيال القضية.
أصدر " مجلس الحزب " بيانا بعد
اجتماع فروعه خلال يومي 19 و20 أيلول / سبتمبر 1947 وفيه أعلن أنه حزب قومي عربي
يؤمن بأن وحدة العرب لا تتجزأ، ويربط بين السياسة السورية ومصالح الأمة العربية
العليا، كما تناول أزمة الحكم التي هي بسبب سيطرة فئة على السلطتين التشريعية
والتنفيذية، و ينفي عملها الحياة الدستورية، وقد وصلت هذه الفئة للسلطة متذرعة
بوجود الأجنبي ،واعتمادها على قانون انتخابي قديم ، ولذا يحذر الحزب من خطر
الديكتاتورية الداهم، ويعتبر البعث أن التحرر لن يتحقق بدون تحقيق الحكم الدستوري
والنظام الجمهوري،واستعرض مشاكل سوريا الكبرى: وأهمها قضية فلسطين التي تتطلب
تنفيذ الحكومات العاجل من تعبئة قواها المسلحة و إزالة العقبات التي تقف دون الشعب
و تكتله وتسلحه للجهاد في فلسطين والبعث يضع نفسه في طليعة كتائب الجهاد وهو على
استعداد للتعاون المخلص مع الهيئات الشعبية لإنقاذ فلسطين.
انتقد البعث الحكومة السورية التي اقتصرت
على إرسال المذكرات، والاحتجاجات، و فضح سياسة الحكومة وتقصيرها، ودعا إلى ممارسة
العنف الثوري مع إسرائيل.
وقد وضح عفلق أن للصهيونية عقلية ناضجة،
وهي حركة ذات تنظيم شعبي وتمتاز بأن لها عقيدة متينة، وأنها توحي لليهود بالتضحية
والإقدام، وإلى زعمائها بالتحرر والصلابة، وتطبع الحركة في مجملها بطابع القوة
والإقدام، ولما كان طابع هذه الحركة شعبيا فان مواجهتها من قبل العرب بالضرورة يجب
أن تكون شعبية، ففي السادس من آب / أغسطس 1946، صدرت افتتاحية صحيفة البعث بعنوان:
"لا ينتظرن العرب ظهور المعجزة، فلسطين لا تحررها الحكومات بل العمل
الشعبي".
ظل طابع النضال البعثي ضد الصهيونية
يتراوح بين البيان السياسي، والمقالة الافتتاحية في جريدة البعث، ويطالب الحكومات
بصورة متكررة العمل من أجل قضية فلسطين، وينتقد سياساتها ويشرح أخطاءها، ويبين
مخاطر تهويد فلسطين على استقلال الدول العربية ووحدتها، وهكذا ظل البعث أسير
مشاعره دون أن تمكنه قواه من نقلها إلى دنيا الواقع، وربما يعود ذلك إلى أن عدد
منتسبيه كان قليلا كما أن السلطة السياسية نجحت في إلهاء الرأي العام عن قضية
فلسطين وصرفه عن ممارسة ضغطه على الحكم.
في الأول من نيسان/ أبريل 1947 عقد
المؤتمر القومي الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي وفيه صدرت مجموعة مواد أطلق
عليها اسم الدستور، التي تتضمن بنودا ومواقف تتعلق بالقضية الفلسطينية.
من أبرز هذه البنود البند القائل ب "
النضال ضد الاستعمار الأجنبي لتحرير الوطن العربي تحريرا مطلقا كاملا ".
وفي المادة الحادية عشر: ـ" يجلى عن
الوطن العربي كل من دعا أو انضم إلى تكتل عنصري ضد العرب، وكل من هاجر إلى الوطن
العربي لغاية استعمارية ".
وجاء عن المعاهدات مع الدول الأجنبية: ـ
" لما كان الشعب العربي وحده مصدر كل سلطة لذلك تلغى كل ما عقدته الحكومات من
معاهدات واتفاقات وصكوك تخل بسيادة العرب التامة ".
شكل قرار تقسيم فلسطين في 29 تشرين
الثاني/ نوفمبر 1947 بمثابة صدمة للشعب السوري، وقد هاجمت الجماهير السفارات
الأميركية ، والبلجيكية ، والسوفيتية، ومقر الحزب الشيوعي، واعتبر الشيوعيون عملاء
السوفييت لتأييدهم قرار التقسيم.
عارض البعث قرار التقسيم، وصدرت مواقف
لصلاح الدين البيطار في صحيفة البعث عبرت عنها مقاله حول مخاطر الصهيونية وأثر
التقسيم، الذي جاء فيه " تقطيع أوصال الوطن العربي وتمزيق شمل الوطن العربي
وصعوبة بناء الكيان القومي لدرجة الاستحالة... التقسيم سيقضي على حلم الشعب العظيم
بالوحدة العربية... فاستقلال البلاد العربية نفسه مهدد بالخطر. لأن فلسطين في
برنامج اليهود ليست سوى رقبة جسر ونقطة ارتكاز ينطلقون منها لتأسيس الوطن الصهيوني
الذي لا يقف إلا عند حدود الفرات والنيل ".
حَّمل حزب البعث الحكومات النصيب الأكبر
في المسؤولية الملقاة على عاتقها للتحرير؛ بعد أن أوضح طبيعة المخاطر المتمثلة
بمخاطر إستراتيجية واجتماعية واقتصادية ، وبين السبل التي على العرب شعوبا وحكومات
أن يتبعوها، وطالب الحكومات العربية وجامعة الدول العربية بمعارضة التقسيم وتعبئة
إمكاناتها المادية والمعنوية في الوطن العربي لسحق الصهيونية.
واصل حزب البعث شارحا ومنبها إلى المخاطر
المحدقة بفلسطين وشكل مكتب فلسطين الدائم وصدرت له بيانات تحمل العناوين التالية:
"من حزب البعث العربي إلى الأمة العربية دقت ساعة الفصل ولن تنقذ فلسطين إلا
بالحديد والنار ".
وكذلك رد على مشروع تقسيم فلسطين
"الشعب العربي لن يكتفي بإلغاء مشروع التقسيم بل يعتزم القضاء الأبدي على
الصهيونية في فلسطين ".
وفي سياق الرد على صدور قرار التقسيم ، قرر حزب
البعث في مجلسه المنعقد بمدينة حمص في سوريا في يومي الخميس والجمعة الواقعين في
15 و16 كانون الثاني/ ديسمبر1948 تجنيد جميع أعضائه للاشتراك في المجهود
الحربي في داخل البلاد العربية أو في الخطوط الأمامية لفلسطين. وشاركت قيادة لجنة
الحزب التنفيذية في هذا المجهود.
توجه ميشيل عفلق وصلاح الين البيطار،
وفيصل الركابي، وشبلي العيسمي ،ووهيب الغانم وآخرون إلى جبهة الحرب على أنهم
مراسلون حربيون لجريدة البعث، فحملوا المسدسات والمناظير المكبرة وآلات التصوير
،وتطوع أغلب الأعضاء في جيش الإنقاذ الذي أشرفت جامعة الدول العربية عليه،الذي كان
يقوده فوزي القاوقجي.
أرسل عفلق مقالا من جنين نشرته صحيفة
البعث بعنوان "إنقاذ فلسطين " وفيه حذر من الأسلوب الدفاعي المصطنع في
الحرب مع العدو، وألمح إلى النواقص والأخطاء التي شاهدها في الجبهة الداخلية ورغم
ذلك حاول عفلق أن يصبغ المعركة بطابع التفاؤل، وأن جنود الشباب العربي تخطت
المصاعب والعقبات التي تجري.
وفي مقال آخر نشره عفلق في الثامن من
أيار/ مايو 1948 بعنوان " فلسطين جزء من مأساة الوطن العربي العامة "،
أظهر تشاؤمه من الرد العربي: ـ" ليست هي الفاجعة الأولى ولن تكون الأخيرة
"، وقد عزى عوامل النصر إلى: " أن في الجبهة المعادية شعبا منظما على
أحدث قواعد العلم، ويستثمر وقته و(أرضه ) بأقصى ما يستطيع فيدر عليه الرزق شعور
التفاؤل "
ويحلل وهيب الغانم الجبهات المتقابلة في المعركة
ومستوى تعبئتها الاجتماعية واعتبر أن الأساس فيها هي حرية الفرد التي يمتلكها، وهو
ما يدفع العدو للإنتاج والتقدم حيث قال: "في جبهة العدو عدد قليل، ولكنه يحكم
ويملك، وهو في سبيل ملكه وحريته يبذل كل ما يستطيع فينتج أقصى الأرقام رغم بنيانه
الواهي ونفسيته الضعيفة المستخذية "
ظل البعث يكافح على جبهتين وهما :النضال
من أجل الديمقراطية داخل القطر السوري والتنبيه للخطر الصهيوني، ويُحِّمل الطبقة
الإقطاعية الحاكمة مسؤولية الهزيمة، ويطالب بانتخابات حرة نزيهة.
تناول الحزب في بيانه الصادر في 7 أيلول/
سبتمبر 1948 السلطة الحاكمة التي عجزت في ساحة الحرب مع الاحتلال الصهيوني، وبعد
أن مر عليها خمس سنوات في الحكم، علق البعث في بيانه " لقد استأثر بالحكم في
السنوات الخمس الأخيرة فئة من محترفي السياسة الذين يمثلون مصالح الإقطاعيين
وعقليتهم، ويعتبرون الدولة ملكا خاصا لهم ولذويهم وحواشيهم... تركوا الأوضاع
الفاسدة على حالها، وأمعنوا في استغلالها... تعدى الفساد نطاق الشؤون الداخلية
البحتة، وكانت معركة فلسطين منا سبة لظهور بعض المؤامرات التي كان جيش البلاد أولى
ضحاياها "
وفسر حزب البعث أسباب هزيمة العرب في
الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1948 فعزاها إلى أوضاع العرب، وضعف الوعي السياسي
والتنظيمي، وضعف الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية، وتبعيتها للدول المتآمرة على العرب،
ثم أوضاع التجزئة، وسيطرة الإقطاعيين، وعملاء الحكم الأجنبي"
مواضيع مماثلة
» حزب البعث العربي الاشتراكي في فلسطين ودوره في الحركة الوطنية الفلسطينية 1948م- 1982 م
» بيان صادر عن حزب البعث العربي الاشتراكي يؤكد موقف الحزب المبدئي المنحاز الى جانب جماهير شعبنا
» فياض: فشل حل القضية الفلسطينية وراء الاحتجاجات في العالم العربي
» بيان من حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني إلى جماهير الأمة العربية في يوم انتصار ثورة شباب مصر وشعب مصر العربي على حكم الطاغية حسني مبارك
» تصريح المتحدث الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق نشجب الجرائم البشعة التي ترتكب ضد أبناء الشعب العربي الليبي الشقيق
» بيان صادر عن حزب البعث العربي الاشتراكي يؤكد موقف الحزب المبدئي المنحاز الى جانب جماهير شعبنا
» فياض: فشل حل القضية الفلسطينية وراء الاحتجاجات في العالم العربي
» بيان من حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني إلى جماهير الأمة العربية في يوم انتصار ثورة شباب مصر وشعب مصر العربي على حكم الطاغية حسني مبارك
» تصريح المتحدث الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق نشجب الجرائم البشعة التي ترتكب ضد أبناء الشعب العربي الليبي الشقيق
ملتقى الفكر القومي :: المنتدى الفكري والثقافي ***(حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية) :: جبهة التحرير العربية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى