ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جدية المسؤولية الحزبية

اذهب الى الأسفل

جدية المسؤولية الحزبية Empty جدية المسؤولية الحزبية

مُساهمة من طرف admin الأربعاء أكتوبر 06, 2010 5:46 am

جدية المسؤولية الحزبية



أحب ان أنبه الى ناحية في هذا الحديث القصير وهي جدية مسؤولية الاعضاء (1).

تعرفون اننا نلح دوما على أهمية القاعدة في الحزب ونعتبرها الضمانة الكبرى لمبادئ الحزب. ولكن يخشى ان تفهم هذه النظرة الى القاعدة فهما سطحيا ومنحرفا، فيعتقد بان واجب القاعدة ينتهي عند إعطاء الرأي، وان قاعدة الحزب هي هذا المجموع الكبير من الاعضاء، من شتى الانواع، من المثقفين ومن الطليعة الشعبية التي تجتمع في مناسبات وتنتقد وتحتج وتستنكر وتعارض وتستفسر لماذا حدث الشيء الفلاني ولماذا اتبع الحزب السياسة الفلانية ولماذا تصرف هذا الشخص على هذه الطريقة الخ..

ان اقتصار دور القاعدة على هذه المهمة لا يختلف كثيرا عن اقتصارها على التأييد والموافقة، اي ان قاعدة لا تعمل في الحزب إلا القول في بعض المناسبات: ان تقول لا وتقول كيف وتقول لماذا؟ هي تقريبا مثل القاعدة التي تجمع بين الحين والآخر لتقول نعم كالقطيع. الا ان المرض في الحالة الاولى مكتوم ومبطن وغير ظاهر في حين انه في الحالة الثانية مكشوف. فالقاعدة التي تستخدم كالقطيع مرضها واضح وهي قاعدة مزيفة مضللة وبالتالي يكون الحكم عليها سهلا فإما ان تستبدل او تصلح. اما المرض الذي يأخذ الشكل السلبي والاحتجاج فانه يوهم بأنه حالة سليمة وبأنه ليس مرضا وانما هو غاية الصحة طالما ان المظاهر تدل على الوعي والتدقيق والوجدان الحزبي الذي يستوضح دائما أو يناقش ويدقق. وكلتا الحالتين مرض، فما هي الحالة السليمة للقاعدة السليمة؟

الحالة السليمة هي ان يكون قول القاعدة بقدر عملها، وان تكون حقوقها بمقدار مسؤولياتها فلا تطالب الا بمقدار ما تؤدي من خدمة وعمل، ولا تحتج ولا تعترض الا بمقدار ما تؤيد وتعمل وتنفذ يوميا.

هذا معناه اولا ان هذه القاعدة لا تتلهى بالنقد تلهيا ولا تتشفى تشفيا، وانما تنتقد عن غيرة حزبية صادقة، لان وراء نقدها عملا ومساهمة وتضحيات. فمن حقها، ملئ حقها، ان تستفسر وان تعرف اذا كانت جهودها وتضحياتها مصبوبة في الطريق التي تحقق الغايه من هذه التضحيات، أم انها ستذهب عبثا او لأغراض خاصة غير سليمة وغير قومية. وثانيا لان الاعتراض والانتقاد عندما يصدران نتيجة الممارسة يكونان جديين ويكونان صائبين. فالذي يمارس العمل يعرف بالتجربة والمعاناة ماذا يجب ان يصنع في مثل هذه الحالة. وعندما يعترض لايعترض اعتراضا نظريا بل يدرك ان هناك خطأ قد وقع.

فانتم أيها الإخوان، معاذ الله ان نعتبركم تلك القاعدة السلبية اللاهية غير الجدية وغير المؤمنة، والتي تكتفي بالقول والنقد السلبي للتلهي او للتشفي. نحن نعرف ونؤمن بأنكم شباب مملوؤن غيرة على بلادكم وقضية شعبكم، وانتم مرتبطون روحيا بمبادئ حزبكم، والى حد بعيد مرتبطون فكريا بهذه المبادئ، والى حد اقل وابسط مرتبطون عمليا. وواجبكم ان يصبح ارتباطكم العملي في مستوى ارتباطكم الروحي والفكري. ولا أقول هذا فقط عن وضعكم الحاضر وانتم ما زلتم في وضع خاص، وضع الدراسة الذي لايؤهل لحمل مسؤولية الحزب بكل نواحيها، فنحن نعرف ذلك ونقدره، ولكن الحزب لا يخاطب أعضاءه بالنسبة الى اليوم الحاضر فقط، الحزب يفترض ان أعضاءه دخلوا إليه ليبقوا فيه نهائيا وليربطوا مصيرهم بمصيره، وانهم بعد ان يجتازوا وضعا خاصا معينا سيستقبلون وضعا آخر قد يكون مستقلا، وفي اي وضع وجدوا فهم مطالبون دوما ان يجعلوا الواجب الحزبي في رأس الواجبات. فسواء اعتبرنا وضعكم الحاضر او نظرنا الى وضعكم المقبل، عليكم ان تعرفوا ان المسؤولية الحزبية تتطلب جدية اكثر بكثير مما ألفتم واعتدتم حتى الآن.

انكم كثيرا ما تتمسكون بعقائدية الحزب، وتظهرون الحرص عليها والخوف من ان ينالها اي تشويه. وطبيعي باعتباركم الجزء المثقف من الحزب، ان تشعروا اكثر من غيركم بهذا التجاوب بينكم وبين العقيدة، وان تظهروا عليها مثل هذه الغيرة. ولكن في واقع الامر ما هي العقيدة؟ هل هي المبادئ المسطورة سواء أكانت مختصرة ام مفصلة وسواء أكانت واضحة ام نصف واضحة؟ هل العقيدة شيء مكتوب وشيء للمعرفة والدرس، يستوعبه الذهن فقط؟ وهل هي امتحان مدرسي كامتحانكم؟ هل العقيدة هي هذا الشيء السطحي الذهني؟ وهل هي ان تحفظوا ما يملى عليكم وان تقارنوا بين ما حفظتم وبين ما يطبق بعيدا عن مشاركتكم في الحزب، فتجدون احيانا ان التطبيق بعيد عن الدرس الذي حفظتم؟

من تحصيل الحاصل ان نقول ان العقيدة هي ابعد ما تكون عن الدرس المحفوظ. انها وان كانت لابد ان تمر بطريق الذهن حتى تفهم، غير ان الذهن ليس الا طريقا، ليس الا ممرا لا اكثر. وواجب هذا الممر ان ينقلها الى الشعور والى الاخلاق والحيوية بكاملها، فتتحرك شخصية الانسان: تتحرك روحه، تتحرك عاطفته وأخلاقيته فيسجل مواقف جدية. ورب اناس يفقدون هذا الممر الذي يتوفر لكم انتم، اي ليس لهم ثقافة. رب اناس لا يفكرون في العقيدة لأنهم لا يملكون وسائل المعرفة الكافية ليجعلوا من العقيدة فكرا. ولكنهم يستطيعون ان ينقلوها الى الاخلاق والعاطفة والحيوية كلها ويستطيعون ان يجسدوها عمليا في مواقف حية وجدية. وهؤلاء قد يكونون اكثر عقائدية من المثقفين.

أتيت بهذا المثال المتطرف لكي أنبه تنبيها عنيفا الى ان الذهن وحده غير مجد، مع اقتناعي بان لا عقيدة جدية دون تفكير، وان عقيدة الفئات غير الواعية لا يمكن ان تكون جدية ولا يمكن ان تكون مضمونة متينة وبالتالي لا يمكن ان تخلص من الشوائب. إلا انه يجدر بالمثقفين ألا يغتروا وألا يناموا على ثقة الثقافة.

اذ لا فائدة من المعرفة عندما تكون خاتمة المطاف، وعندما تصبح غاية في حد ذاتها. فالمعرفة جسر الى العمل الجدي، واذا لم تكن كذلك فهي افيون للتخدير وهي واسطة للغرور ولتبرير الكسل والخمول. فنحن في وسطنا هذا الذي نعيش فيه ونصمم على تغييره من اساسه، نجد ان لهذا الوسط قوانين، وان فيه قوى واقعية لا يمكن تجاهلها، وان له أساليب. فالعقيدة يجب أن تنزل الى الارض لكي تستطيع التأثير في هذا الوسط وهي لم توجد الا للتأثير فيه. فاذا نظرنا الى العقيدة هذه النظرة عندها لا يمكن ان نقبل بان تبقى العقيدة في عالم من الغيوم والسحب، لا هي في السماء ولا هي في الارض. العقيدة وبالتالي العقائديون يجب ان تكون أقدامهم على الارض، ولكن يجب ان تكون نفوسهم حرة طليقة وان تكون عيونهم شاخصة الى مثل أعلى. لا يمكن ان تتغلب العقيدة وان يتغلب العقائديون على فساد الاوضاع، على القوى الاجتماعية والسياسية المزينة - وهي قوى محسوسة في وسطنا - الا اذا تجسدت في عمل واقعي. لا تكتسب العقيدة مبررها الوحيد - وهي الحرية - الا اذا استطاعت ان توازن وتعادل القوى الواقعية الفاسدة الراهنة، واكثر من ذلك ان تتفوق عليها وتنتصر. ولا يمكن ان ننتصر على القوى الفاسدة بالكلام، بترديد الشعارات، بالاستنكار، بالاحتجاج الخ... نتمكن من مجابهة القوى الفاسدة ومن التغلب عليها بالعمل الايجابي، بعمل واقعي على الارض، وليس في سحب الالفاظ والافكار الغائمة وترديد الشعارات.

لولا ذلك لما جعلنا حزبنا منذ اليوم الأول لتأسيسه حزبا سياسيا. وما زلت اذكر ان الكثيرين ممن يغارون على الحزب او يظهرون الغيرة عليه اخذوا يتساءلون عندما ظهر الحزب، لماذا اخترتم هذا الطريق وانتم جماعة مثقفة خيرة؟ لماذا لا تكونون حركة لنشر الفكر والتبشير؟ بل ربما كان بعض الاعضاء الذين دخلوا الحزب في اول عهده قد اخذوا بهذا الوهم او هذا الخطأ. ولقد اجبنا المتسائلين بان الصفة السياسية التي حرصنا على ان تكون اصيلة في الحزب منذ اول تأسيسه، منذ ولادته، هي امتحان لجديته ولواقعيته وهي درء لشتى الاخطار التي تتعرض لها الفئة المثقفة كالخيالية، والمثالية، والجبن الذي يتستر بالمبادئ، وفقدان الرجولة.

هذا الحزب حزب سياسي ولكنه ليس كسائر الاحزاب السياسية. وانه حزب عقائدي وله اهداف يسعى الى تحقيقها وهي الوحدة والحرية والاشتراكية. وهو حزب انقلابي لا يساوم ولا يقبل بالاصلاح الجزئي، بل سيناضل الى آخر الطريق. أنها - الصفة السياسية - امتحان للبرهان على إن هذه العقيدة ليست أحلام مراهقين وخيالات لمعلمي المدارس وضعوها ليلهوا بها انفسهم في ساعات الأرق، بل فيها من الحيوية ما يكفي لتدخل هذا الواقع الفاسد دون تردد وان تغير بالصبر والمرونة حتى تصل الى تغيير هذا الواقع تماما فلا يبقى الا واقعها الجديد وبذلك تتحقق العقيدة.

فاذا كنتم الان تضمكم صفوف المدارس، وتأتون من شتى المدن والنواحي لتجمعكم الجامعة، وليس لكم في الوقت الحاضر ارض تطأونها وتركزون عليها اقدامكم كما يجب، فانتم مطالبون في أقرب فرصة ومنذ الآن - لأنكم لم تنفصلوا نهائيا عن الوسط الذي أتى كل واحد منكم منه - بان تعتبروا ان عملكم يجب ان يكون متجسدا، وان يكون على الارض، في وسط معين، في قرية، في حي، في بلد، في هيئة، مع جماعة، مع طبقة، مع بشر أحياء، وان تدخلوا هذا الوسط المملوء بالمصالح الخاصة، بالنفاق والكذب، بالجبن والانهزامية، بالجهل وبلبلة الافكار، بالعجز: يجب ان تدخلوا اليه كل في ناحيته المتيسرة له، وان تكافحوا وان تنقلوا حزبكم الكبير الى هذا الوسط الضيق الذي انتم موجودون فيه. انتم مطالبون بالتالي بان تمثلوا الحزب بأفكاره وتوجيهاته، بأسلوبه ونضاله وان تلمسوا يوما بعد يوم تقدما محسوسا بأنكم غيرتم شيئا ولم تتغيروا، واذا تغيرتم فالى أحسن، ان تزدادوا جرأة ومتانة ومرونة. أما إن تبقوا في جو ليس له حدود وليس له ملامح وليس له ارض يمشي عليها الا هذه الاجتماعات في المكتب، وهذا الانفعال العاطفي كالذي يسكر ويثمل بالعقيدة وترداد شعاراتها والفاظها المبهمة، كل هذا لا يؤدي الى نتائج جدية.

لا أنكر ولا احد ينكر بان لكم كطلاب مهمة خطيرة، وقد قمتم بها في اكثر الاحيان وستقومون بها. وسيظل الطلاب عنصرا خطيرا من عناصر حركتنا القومية... بان تقفوا المواقف القومية ضد الاستعمار والطغيان واستغلال الشعب. هذا دور له أهمية ولا احد ينتقص منه. ولكن هل تريدون الا يكون لكم الا هذه الصفة، الصفة المؤقتة، وانه عندما تنتهي دراستكم تفقدون كل مؤهل للعمل الحزبي؟ فالذي يلتحق بوظيفة ينسى حزبه، والذي ينتقل الى الحياة العملية ينسى حزبه ايضا الخ.. ابحثوا منذ الآن - اذا كنتم جديرين بمعنى الكلمة - عن الوسائل التي تتضمن استمرار حزبيتكم وبصورة جديه، لان الصفة الطلابية، بصراحة، لا تدل على قوة الحزب. فالحزب لا يحتاج الى قوة مبدئية كبيرة وقوة تنظيمية كبيرة لكي يكسب الطلاب، اذ انهم مهيأون لكي يكونوا مع الحزب. ولكن الحزب يبرهن على انه فاعل وخلاق ومبدع ومرب عندما يكسب الاشخاص في غير هذه الحالة السهلة العارضة المؤقتة.



ايها الاخوان

الخلاصة انكم مطالبون الان وفي المستقبل: الان في هذه الحالة المؤقتة بان تتحملوا مسؤوليتكم الحزبية بجد اكثر، ليكون لمواقفكم العقائدية ولمناقشاتكم ومطالباتكم للقيادة وللحزب وزن ومعنى، وليكون فيها نضج وخبرة يجب ان تتحملوا المسؤوليات بجد اكثر بان تبادروا الى العمل فاعلين لا منفعلين محرِكين لا محرَكين، ان تقبلوا بدافع ذاتي وان تملؤوا كل الفراغ الموجود في الحزب، وهو فراغ كبير، عندها يكون لانتقادكم وزن وتأثير. اذ ما الفائدة من الاعتراض والصراخ بان المبادئ لا تراعى ولا تحترم وان ثمة انحراف الخ... هذه أشياء قد تنجح في التخريب والبلبلة وإشاعة جو التشاؤم واليأس ولكنها لا تخيف منحرفا ولا تخيف أشخاصا ليست لهم عقيدتكم. ولكن الذي يخيف والذي يرعب والذي يضع حدا لكل انحراف ولكل تهاون او تفريط هو ان تكون قاعدة الحزب قائمة بواجباتها متسابقة الى ملئ الفراغ متصلة بالشعب متفننة في خلق الأساليب التي تنمي النضال. عندها يصبح جو الحزب جوا عقائديا صحيحا منتجا ويصبح الذين يخالفون مبادئ الحزب في وحشة وغربة وذعر، وعندها اما ان ينصاعوا او ان يخرجوا. فحمايتكم للمبادئ تكون بالعمل وبتحمل المسؤولية الآن وفي المستقبل عندما تتركون الدراسة.

يجب ان تعرفوا الحقيقة وهي ان خدمة مبادئ الحزب، هذه المبادئ العامة، تكون في تنفيذ العمل الخاص ولا اقصد بذلك عمل الافراد لأنفسهم بل اقصد التنفيذ الجزئي. ان مبادئ الوحدة والحرية والاشتراكية لا تتحقق بالتظاهر والهتاف، من قبل المئات والألوف لهذه الشعارات، وانما تتحقق عندما يعمل العضو الفلاني في قريته مع خمسة او عشرين من أهل القرية عملا منظما متواصلا يوصل الى نتيجة، فيبدل فيهم التفكير والعاطفة وقوة النضال.

اني لواثق ان في نفوس الشباب كل الامكانيات وكل الاستعداد لتفهم هذه الدعوة الى الجدية، اذ لا انقلابية الا في مستوى من العمل جدي يصل الى حد التضحية.

نيسان 1955

(1) حديث القي في الاجتماع الحزبي لطلبة كلية الآداب بتاريخ 13 نيسان 1955

admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى