ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

اذهب الى الأسفل

sheaar موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:17 am


حزب البعث العربي الاشتراكي أمةعربية واحدة ذات رسالة خالدة
تنظيم فلسطين
شعبة الرسالة


موضوعات ثقافية
للأعضاء والأنصار


إعداد
اللجنة الثقافية
شعبة الرسالة




الفهرس
1- حزبالانقلاب
2- البعث العربي هو الانقلاب
3- التنظيم الانقلابي
4- الزمن والحركة الانقلابية
5- الصلة بين العروبة والحركة الانقلابية
6- من معاني الانقلاب
7- حول الانقلاب
8- علاقة التنظيم بالعمل الانقلابي
9- حول القسم
10- جدية المسؤولية الحزبية
11- كيف نفهمالتنظيم

admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar حزب الانقلاب

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:19 am

حزب الانقلاب
السؤال المطروح للمناقشة الآن يدور حول معنى الحزب، ما هو الحزب وما هي الصورة الصادقة للحزب الذي تحتاجه امتنا. لا أريد أن ابحث فيحزب البعث العربي بصورة خاصة ولا أريد أن ادخل في موضوع طويل مفصل عن مبادئ البعث العربي، كل ما أبغيه من هذا الحديث هو أن احدد بصورة واضحة ومختصرة الفارق الجوهري بين وظيفته في أمم أخرى وأوضاع مختلفة.
في أمم العالم الراقية ينظر إلى الحزب على انه نموذج للدولة أو تصميم لدولةمقبلة أولإصلاح دولة قائمة، فالحزب يتخذ في مبادئه وفيتشكيلاته وأعماله أوصاف الدولة وأهدافها. وغاية ما يطمح إليه الحزب في تلك البلاد أنيعد تمام الإعداد جهازا جديدا يستطيع في الوقت المناسب عندما تتوافر الشروط وتحينالفرصة أن يستلم الحكم ويدير الدولة. فهل هذا هو مبتغانا وهل هذا ما نحتاج إليه وهل هذا هو ما يلبي حاجتناويسد النقص الذي نشكو منه؟
عندما تقوم الأحزاب في البلاد ذات الأوضاع السليمة السوية لا يكون النقص إلافي الدولة، ولا يكون هذا النقص في الدولة نقصا فادحا جوهريا خطيرا، فيعمل الحزب فيوقت قد يطول وقد يقصر على إعداد الرأي العام لتأييد وجهة نظره ورأيه وعلى إعداد أعضائه والصفوة منهم لكي يستطيعوا عندما يتولون الحكم أنيصلحوا ذلك الخطأ الذي يرونه في الدولة في ناحية أو أكثر. والدليل على بقاء الأمة سليمة في الدول الأخرى هو أن الأحزاب على اختلافها وتناقضها أحيانا يكمل بعضها عمل بعض. ولكن الحزبهناك قلما يتعرض للأمة لان الخلل في البلاد ذات الأوضاع السليمة لا يتجاوز الدولةولا يصل إلى الأمة، فالأمة هناك قائمة وهي شيء حقيقي راهن قوي منسجم للحد الكافيواع لذاته ومصلحته، وإنما الخلل في من تولوا إدارة تلك الأمة وفي الجهاز الإداري أو ناحية من نواحي ذلك الجهاز.
لننظر الآن في حالتنا، في حالة الأمةالعربية، هل النقص والخلل هما في الدولة فحسب، هل كل ما نحتاجه هو إيجاد دولة قوية واعية منظمة؟ ولنتساءل لكي يتوضح الموضوع اكثرمن ذلك، لنتساءل ما هي الدولة؟ الدولة آلة لا أكثر، الدولة جهاز، الدولة جسم لا روح فيه وإنما هي آلة مدبرة عاملة لأن المشرفين عليها همأشخاص أحياء غالبا ما يكونون من ذوي الخبرة والقدرة. وكل ما يطلب من الدولة هو أنتضمن تسيير الأفراد وسلامة العلاقات بين الأفراد والمواطنين وبين ذلك الشيءالمعنوي الذي هو الدولة والممثل في حكومة ومجلس وغير ذلك، فهل إذا تصورنا إمكان قيام دولة منظمة في بلادنا نستطيع أن نطمئن إلىأن الغاية الكبرى قد بلغت أم هل نستطيع أن نتصور إمكان قيام دولة مدبرة ومستقيمةالحالة إذا لم يكن ثمة أمة حية منسجمة واعية؟ فالفارق كل الفارق بينحياتنا وحياة الأمم الراقية هو أن ما نحتاج إليه هو معالجة الأمة، وما نقص الدولة عندنا وكل النواقصالفادحة التي تعتري الدول القائمة في البلاد العربية إلا نتيجة لذلك النقص الأساسيالموجود في حياة الأمة.فإذا صحهذا التفكير يكون واجب الحزب ورسالة الحزب الذي ينشا في بلادنا ويعول عليه لتلبية الحاجات العميقة الأساسية أن يعالج الأمة قبل معالجة الدولة، وتكون بالتالي رسالتهأن يكون على صورة الأمة المبتغى خلقها أو بعثها لا على صورة الدولة، فإذا قامت الأحزاب في بلاد الغرب علي صورةالدولة وكانت تكتفي بالجسم دون الروح فلأن بلادهم لا تتطلب أكثر من ذلك، ولكننا نحن في حالتنا هذه، في وضع الأمة العربية الآن، إنما نحتاج إلى حزب، إلى حركة تمثل بالدرجة الأولى عنصر الروح وتخلقعنصر الروح والحياة وتتوفر فيها هذه الروح لتشع منها فيما بعد على المجموع الأكبر، والحزب الحقيقي، الحزب الحي، الذي يمكن أن يؤدي رسالة في العصرالحاضر للأمة العربية هو الذي يجعل هدفه خلق امة أو بعثها شريطة أن يحقق هذا الوصف في نفسه أولا، أي أن يكون هو أمة مصغرة للأمة الصافية السليمة الراقيةالتي يريد أن يبعثها. ليس غريبا أن نسمع في بلاد العرب من أقصاهاإلى أقصاهامنذ حين وخاصة في الزمن الأخيرتتردد كلمةتخرج من أفواه البسطاء قبل المثقفين وكأنها كلمة السر وكأن فيها العلاج والحل والخلاص هي كلمةالانقلاب.
ليس غريبا أن نسمع ذلك إذا رجعنا إلى الماضي والى التاريخواستجوبناهما عندها نرى حقيقة لا تكاد تكون موضع خلاف وهي أن العرب فيتاريخهم الطويل لم يعرفوا غير نوعين من الحياة، الانقلاب والانحطاط، خلافا لكثيرمن الأمم التي عاشت في الماضي ولكثير منالأمم التي تعيش في الحاضر، هذه تكاد تكون ميزة أو علامة فارقة حقيقية للأمةالعربية. إما أن تقوم بانقلاب يحدث نهضة تفيض على بلاد العرب وتبلغ الشمول وتصبح نهضةعالمية إنسانية وإما أن توغل في النوم والانحطاط. فليس من حل وسط في تاريخ العرب، أو ما يصح أن يسمى تطورا، في حين إننا نعرف أن تاريخ الأمم الأوروبية منذ مئات السنين عبارة عن تطور فيأكثره، والانقلاب هو الاستثناء والشذوذ عن القاعدة. فإذا نظرتم إلى مايقاسيه العرب في هذا العصر من المصائبوالكوارث التي تتوالى عليهم، وكل واحدة أثقل وأفدح من التي سبقتها، إذا تدبرتم هذاالواقع المر الذي نعيش فيه والذي يكاد يوصل إلى اليأس وأخذتم بعين الاعتبارتلك النظرة التي ألمحت إليها، وهي أن الأمة العربية بطبيعتها لا تعرف حلا وسطا فهي إما أن تعيش على الانقلاب وإما أن تعيش في الانحطاط، وإذا نظرتم من جهة إلىقسوة الواقع ومرارته، ومن جهة أخرى إلى تلك الظاهرة التي هي بمثابة قانون، أدركتم أنايغال العرب فيما يبدو في الظاهر انهتأخر وانحطاط هو عبارة عن تحفز للانقلابالذي هم مهيئون له.
إذا كان الجسم جبارا فأفضل له العري من لبس ثوب ضيق، وإذا كانت النفس عظيمةالأهداف والغاية فالفقر والعدم أشهى إليهامن المادة المتواضعة التي لا تروي رغبتهاوعظيم حاجتها. فمصيبة العرب في هذا الدور هو أن الطبقة التي فرضت نفسها عليهم تعيشفي طريق معاكس تماما لنفسيتهم وآمالهم، فهي طبقة شائخة طبقة فاسدة أفسدها الترف، أفسدهاالاستثمار، أفسدها ظلمها للآخرين، ونفسية الظالم ونفسية المستثمر، نفسية الغاصب هي دوما نفسية شائخة هرمة متعبة لذلك تنظر هذهالطبقة إلى ابسط الأمور وتحسبها غاية ما يطمح إليه ويرغب فيه تنظر إلى مظاهربسيطة من التقدم فتقول للشعب، للأمة العربية جمعاء، هذا أقصى ما يمكن أن تصلي إليه. عندها تفضل هذه الأمة التي اعتادتعلى احد حالين لا ثالث لهما إما أن تلبس الثوب الذي يوافقها أو أن تبقى عارية، إماأن تملك الوسائل التي تساعدها على تحقيق رسالتها في الحياة أو تكون فقيرة معدمة،عندها تفضل هذه الأمة أن يطول اجل خلاصها من أنتقبل بخلاص مزيف، فإذا قلنا أن الحزب الذي تناديه الأمة العربية من أعماقها والذيتدعوه الأمجاد العربية من ماضي التاريخ العربي السحيق هو الحزب الذي يجعل الأمةغاية له لا الدولة، وان يكون هو امة مصغرة تكون نموذجا للأمة الشاملة، إذا قلنا ذلك لا نكون قد ابتعدنا عن الحقيقة إذكلنا نشعر هذا الشعور، نشعر أن احتياجنا ليسإلى إصلاح جهازالدولة أو ترميمخلل موضعي وإنما هو إلى انقلاب عميق شامل. فإذا كان ذلك صحيحا، إذا كانت هذهالحاجة صادقة فكيف يكون الحزب صاحب الرسالة قادرا على حمل رسالته؟
هو كما قلت أن يكون امة الانقلاب قبل أن يحققانقلاب الأمة وهذا يعني أن هوة سحيقة، أن فارقا أساسيا حاسما قد وضع بين الواقع،بين الحياة الواقعة في بلاد العرب، وبين هذا التكوين الجديد الذي هو الحزب، فرقاجوهريا في النوع، فرقا مطلقا لا يقبل النسبية ولا يتعرف عليها. أن يؤلف الحزب مننوع جديد يختلف في كل شيء عن الواقع الذي نثور عليه ونريد التخلص منه. فأمةالانقلاب التي هي الحزب يجب أن تبرهن ليس فقط في الأهداف المكتوبة، ليس فقط فيماتضعه علىالورق من برامج ومناهج وأساليب التنظيم، بلتبرهن على عقلية جديدة، على روح جديدة، على خلق جديد، لا تجمعه بالواقع الفاسد أية رابطة أوجامعة، أن لذلك علائم ودلائل وليس من الصعب أننلمس الدلائل التي تدلنا على أن هذا التركيب الجديد، هذه الأمة المصغرة، هذاالحزب، هو فعلا انقلابي أم انه لا يحمل من الانقلاب إلا اسمه وعنوانه. وهذه الدلائل هي أن تتحقق في الحزبنفسه، في أخلاق أعضائه وأسلوب عملهم وفي طريقتهم نحو تحقيق أهدافه، أن تتحقق كلالفضائل التي يبغون خلقها في المجتمع المقبل. لا يمكن أن يكون الحزب مماثلا مشابها متجانسا مع الواقع الفاسد المريض وان يدعي أن باستطاعتهخلق مجتمع صحيح جديد، فكما إننا نريد أنتكون امتنا في مستقبل قريب امة حية منسجمة حرة طليقة من كل الاعتبارات البالية، يحتل فيها المواطن المكانة التي تؤهله إليهاكفاءته وخلقه وإخلاصه كذلك يجب أن يكون الحزب الانقلابي محققا لهذه الصفات في تشكيله وفي أثناء طريقه نحو غايته. إذا لم يكن الحزب الانقلابي مجالالظهور الكفاءات المخبوءة في الأمة، إذا لم يكن مجالا لاحتلال كل فرد حسب ما تؤهله إليهقدرته لا اسمه ولا اسم عائلته، إخلاصه لا وجاهته أو وسائله المصطنعة الخارجية،إذا لم يكن الحزب منذ بدئه في طريق النضالقادرا على تحقيق هذه الفضائل التي يدعو الشعب إليها ويسعى إلى تحقيقها في الأمةفكيف يمكنه أن يحققها في ما بعد؟ لنقلباختصار أن مستقبل العرب متوقف على هذه المرحلة من النضال، فإذا لم نقدرخطورتها التاريخية، إذا لم نكنواثقين من إننا نكتب صفحة جديدة في تاريخنا وفي تاريخ الإنسانية فلن نقوى علىتحقيق شيء. إما أن نأتي بشيء مبدع خطير يقلب حياة العرب من الذل إلى المجد ومن الانحطاط إلى الرقي، وإما أن تفشلمحاولتنا فشلا تاما، لن نعرف الحل الوسط، وقديما قلنا في أكثر من مناسبة أن التطوريعني التأخر وأننا لانستطيع أن نعتنق النظرة النسبية، وان نقول أنهذا الحزب رغم كل أخطائه ونواقصه هو خير من كل الأحزاب الأخرى.
هذا لايمكن أن يسمى مديحا أو حسنة او فضيلة، الفضيلة الحقيقية التي يجوز أننسميها فضيلة في الحزب هي عندما نقول انه يناقض الأحزاب الأخرى والواقع الفاسد. أنالنظرة النسبية تقضي عليه بالعقم، وبالفشل على كل حركة. فنحن إذا وعينا هذه المسؤولية، وهي مسؤولية تاريخية، وإذا قمنا بما ترتبه علينا من واجبات نكون اعددنالمستقبل الأمة العربية ليس فقط جنودا محاربين بل أفرادا مناضلين، وأشخاصا واعينمفكرين. بل إننا نكون اعددنا لمستقبل الأمة العربية روحا صادقة أصيلة قوية ذاتطاقة تقدر وتستطيع أن تفجر الحضارة تفجيرا، وان تملأ صفحات التاريخ بالإبداعفي مختلف نواحي الحياة. ولا ننسى أن حضارة العرب في القديم لم تكن ممكنة وما كانتلتتحقق لولا تلك الفترة النضالية التي لم تتجاوز عشرات السنين، ولكنها كانت هيالخميرة الروحية، كانت هي الكنز النفسي الخلقي الذي سمح للعرب فيما بعد أن يتوسعوا وينتشرواويختلطوا بأمم عديدة في جو حضاري مترف ومع ذلك أن يحتفظوا بقوة الإبداع وبقوة الخلق.
شباط 1949
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:20 am

البعث العربي هو الانقلاب
سأتناول (1)في حديثي معنى من معاني حركتنا، هذا المعنى هو أن البعث العربي يتلخص في كلمةالانقلاب. ولا اعتقد المجال متسعا للإفاضة ولتناول الفكرة من مختلف نواحيها،فاكتفي في هذا الحديث بان القي ضوءا على الروح التي تدفع حركة كحركتنا.
لكل حركة روح أو عاطفة أو صورةتسبقها وتحفز على تحقيقها. وراء كل حركة نظرة إلى الحياةتكون صميمة راسخة في أذهان الذين يقومون بالحركة، وهي التي تلون حركتهم وترسم لهامنطقها. فما هي إذن روح الانقلاب أو فلسفة الانقلاب أو عاطفته؟
أن مجتمعنا العربي يوحي إلى أبنائه الذين يشعرون بصلة صادقة به انه بحاجة إلىبعث الروح، لان ما آل إليهمن انحراف وتأخروتشويه ليس مجرد مظهر، بل هو نتيجة لفتور أونضوب شاب الروح العربية في فترة من الزمن بفعل عوامل كثيرة مختلفة. هذه النظرةالتي تحدونا إلى العمل وترسم لنا منطق عملنا تتلخص هكذا : إننا نشعربان مجتمعنا العربي بحاجة إلى أن يغالب نفسهويناضل نفسه، بحاجة إلى بذل جهد ومشقة كبيرة حتى يسترد ذاته الحقيقية، حتى يصلبالجهد والمشقة إلى أصالته، حتى يتحرر من الزيف الذي أصابه. ولا يكون التحرر سهلا ولا بدون ثمن، فنحن نعتقد أن العرب عليهم أن يدفعواالثمن حتى يصلوا إلى حالة جديرة بهم، لائقة بعبقريتهم، لائقة بماضيهم، وكل ما يأتيسهلا رخيصا يكون سطحيا مصطنعا. الانقلاب تعبيره العملي هو النضال، والنضال له معانكثيرة أو له معنى واسع لا ينحصر في النضال السياسي وحده. وقد يظن بان النضال أسلوب للعمل وهذا هوالشائع والمطبق عند الكثيرين، في حين أن النضال بالنسبة إلى العربيليس أسلوبا فحسب وإنما هو غاية في حد ذاته. النضال الذي هو التعبير العملي عن فكرة الانقلاب، إنمايقصد به أن تغالب الأمة العربية نفسها بعد تلك الغفوة الطويلة، بعد ذلك الاسترخاء،بعد ذلك الاستسلام للحياة السهلة اللينة، بعد ذلك الابتعاد عن روح الحياةالجدية القاسية، أنيعود إليها الحنين لمصارعة الحياة والقدر، أن تنظر للحياة نظرة عميقة بطولية، وان ترى القيمة في الجهد قبل أنتراها في ثمرة الجهد. أن الآفات التي يشكو منها مجتمعنا ليست بالآفات السهلة، فالفكر مقيد مستعبد فقير هزيل مقلد.والشخصية سطحية ضعيفة الثقة بنفسها لا تقوى على الاستقلال ومجابهة الأمور بصراحة. والروح فقيرة وناضبة، آفاقها محدودة، وجوها هابط منخفض. هل تمحي هذه الآفات؟ هل يسترد العرب معنى الحياة الأصيلة بمعجزةمن المعجزات، أو بتغييرفي شكل الحكم أو أشخاص الحكام، وهل هذهالمظاهر تكفي لكي تتحول الأمة العربية من امة تعيش على هامش الحياة والإبداع، تتطفل على إنتاج غيرها وقلما تحسن استعمال هذا الإنتاج،هل تستطيع امتنا أن تنتقل من حالة كهذه إلى حالة المساهمةالصادقة في الحضارة والإبداع، أن يكون لها أثرها البين الواضح في حضارةالعالم وفي تفكير الإنسانية، وهل تعود إلى نبع الحياة لتستلهم القيم الخالدة وتنشرها وتذيعها على الآخرين؟ وكيف ننتقلمن حالة إلى نقيضها إذا اكتفينا بتغيير المظاهروالأشكال دون تغيير في الروح؟.. لا نصل إلى الروح والأعماق إلا عن طريق هذه المشقة، هذا الانقسام الداخلي فينفس الأمة ذاتها، هذه الحرب العنيفة التي لا تداني قسوتها قسوة الحروب الخارجية مع الأعداء الألداء.
أيها الإخوان، إننا نعيش في مستوى هابط من الروح، في جوفاتر يجب أن تدب فيهحرارة لاهبة تصهر النفوس وتفتح المواهب وتفجر العبقريات والبطولات وتطلق الإيمان من ينابيعه العميقة. كيف نوحد بين أفراد هذه الأمة الذينباعدت بينهم الأنانيةوالمصالح الشخصية والاستسلام للحياة الرخيصة النفعية والاستسلام للأوهام والتنافروالخصومات العنيفة الحقيرة؟ كيف نحقق من جديد امة واحدة تتعارف وتتآلف إذا لم يكن ذلك في طريق نضال لاهب وعر شاق يضطر كل فرد من فرد من أفراد الأمة العربيةإلى أن يعود إلى نفسه، أن يغوص في أعماقه، أن يستكشف نفسه من جديد بعد التجربة والألم.. عندها توجد الوحدة الحقيقية التي هي نوع جدي مختلفعن الوحدة السياسية، توجد وحدة الروح بين أفراد امة كانت في القديم واحدة ثم أصبحكل فرد منها نتيجة العزلة والأنانية والنفعية يعيش غريبا عن إخوانه، وانتصبت بين أجزاءالأمة الواحدة حواجز باردة جامدة من هذه الأنانية والنظرات السطحية. فلا تعودالوحدة إلا في جو النضال الحار.
كيف يعود إلينا ماضينا، هذا الماضي الذي نتغنى به ونحن إليه،وكثيرا ما نختلف على تفسيره ومعناه. فمنا من يحسب أن مجرد تقليد أشكاله الجامدةيعيد إلينا سر قوته وعبقريته، ومنا من تنفره الأشكال فيعرض حتى عن الروح ويحاول أنيتنكر لهذا الماضي وينكره وينكر كل صلة به.
في ماضينا روح أصيلة، في ماضينا حياة حرة سامية، ولكننياعتقد أن تلك الروح، تلك الأصالة وذلك السمو لا يمكن أن نفهمه او نتصل به بشكل من الأشكال إذا لم نصعد إليه صعودا شاقاداميا، إذا لم نستحقه استحقاقا كريما لائقا. فكل ما نطمح إليه من أسباب الخلاص، منأسباب التقدم والرقي، يجب أن يعتبر أهدافا بعيدة صعبة لا يليق بالعرب أن يحتالوا عليها احتيالا لينالوها بغيرثمن، وإنما أن يمشوا إليها مؤمنين صابرين،وان يعرفوا بان قيمة تلك الأهداف هي في أن يجتازوا كل الطريق الموصل إليها.
إننا ننظر إلى امتنا هذه النظرة ونؤمن بأنهاامة واحدة وهذا الإيمان نفسه يدعونا إلى إعلان الانقسام فيها، لأنها لن تستردوحدتها، لن تبلغ هذه الوحدة المثالية التي هي الآن نظرية مبدئية، إلا إذاانقسمت على نفسها. ولكننا في هذا الصراع نحتفظ بالمحبة للجميع. عندما نقسوعلى الآخرين نعرف أن قسوتنا عليهم هي فيسبيل إرجاعهم إلى نفوسهم والى حقيقتهم، وعندما يقسو علينا الآخرون نعرف أن نفوسهمالحقيقية التي يجهلونها، إرادتهم الكامنة التي لم تتضح بعد، هي معنا، وان كانتسيوفهم علينا.

أيها الإخوان: عندما أقول أن النضال بمعناهالواسع العميق هو السبيلإلى بعث الروح العربيةوتحقيق الانقلاب العربي، وعندما أشترط المشقة الكبيرة سبيلا لصدق هذا النضال، لا أكون متشائما أو داعيا إلىالتشاؤم بل على العكس،لأن هذهالصعوبة نفسها هي التي تمهد الطريق وتسهله.
عندما ينفتح طريق النضال الجدي أمام طليعة الأمةالعربية، عندها تتوضح الفوارق بينالنوع الجدي من المواطنين، النوع الذي حرر نفسه من المصلحة والشهوات، وبين النوعالذي استعبدته المصالح والذي ضعفت نفسه عن الإيمان بكفاءة أمتهوبقدرتها على إنقاذ نفسها بنفسها. مجرد هذا الانقسام، مجرد هذا التوضيح بينالنوعين، ينقذ الأمة من الغموض الذي تعيش فيه،ومن الشك، لأنهاترى صورة صغيرة عن مستقبلها، لأنها تلمس جزءا من حقيقتها التي تشعربها والتي أصبحت حقيقة واقعة أمامها. أنمجرد تقدم الطليعة المناضلة إلى الأمام يوقظ البذور الخيرة في نفس كل عربي، لانالعروبة تعني التفاؤل، تعني الأيمان، أن في كل عربي إمكانيات للخير والتجدد، ولان يعود العربي الأصيل إلى أصله.
فطريق المناضلين صعب في الظاهر سهل في حقيقته، لأنهميحاربون ليس بقواهم وحدهم، ليس بعددهم المحدود الضئيل، وإنما يحاربون أيضا بمصلحةالعدد الأكبر من الشعب العربي الذي يوقظه تقدمهم في الطليعة فيتكشف ذاته ومصلحتهوطريقه، يحاربون بالإرادة الكامنة التي تجيش في صدر الأمة جمعاء، هذه الإرادة التييعوزها المثل والقدوة الجريئة حتى تنتقل من حالة السكون والغفوة إلىحالة اليقظة والفعل.
واني أتمثل بمعنى آية كريمة وهو أن العرب المسلمين في زمن ظهور الدعوة كانوا ينتصرون بعدد قليل لان الله يمدهم بجنود لاترى ولا يراها أعداؤهم. إني افهممن هذا المعنى ما يتفق تماما مع حالة الطليعة المناضلة في مرحلتنا الحاضرة فالجنود غيرالمنظورة التي تحارب مع هذه الطليعة هي مصلحة العدد الأكبرلأنها تعني بقاء الأمةوحفظ كيانها وتحقيق تقدمها. وهذا التجاوب بين الحركة الانقلابية وبين مصلحة العدد الأكبر من الشعب هو وحدهالذي يضمن لهذه الحركة الفوز والنجاح.
أيها الإخوان : إننا نعتقد بان الروح هي الأصل في كل شيء... الدافع الروحي العميق لا يسيطر علىالمادة والوسائل فحسب، وإنما يخلقها أيضا. فالانقلاب يجب أنيتناول الروح مباشرة وان لا ينحصر أو يتوقف عند حدود الأشكال والمظاهر. لو فرضنا أن صدفة منالصدف أو معجزةمن المعجزات حررت العرب في يوم واحد من جميعهذه المظالم والمفاسد التي تقف حجر عثرة في سبيل حياتهم وتقدمهم، وان الحكومات زالت بفعل سحرعجيب من طريقنا وحلت محلها الحكومات النزيهة القوميةالغيورة على المصلحة العامة،هل تعتقدون بان الانقلاب العربي يتحقق ؟
إنني اعتقد بان شيئا من هذا لا يكون، لان التبديل السطحي الذي لا يمس الروح والذيلا يفتح الفكر والذي لايهز الخلق ويقومه والذي لايفجر الإيمان نتيجة المصاعب،أن هذا التبديل السطحي لا يلبث أن يتحول إلى ما كان عليه في السابق.
المجتمع العربي المنشود والمستقبل الذي ننشدهوالذي تتحقق فيه الروح العربية ويتحققفيه العدل وسلامة التركيب بين أفراد الأمة وطبقاتها يجب أن تهيأ له أدوات حية من البشر تكون من نوعه وجوهره حتى تكونأمينة فيتطبيقه، واعية لأساليبه وطرقه. أن النضالالذي سميته التعبير العملي عن الانقلاب،هو الذي يخلق الأدوات الحية، أي المناضلين، الذي يصبح الانقلاب شيئا حيا في نفوسهم وعقولهم وأخلاقهم، أو يصبح حياتهم ذاتها، فلا بد إذن من اجتياز هذا الطريق الذي يخلق لنا المناضلين تباعا، والذي يكون امتحانا للنفوس القوية المثالية التي تتعفف المصلحة الشخصية وتنظر إلى الحياةنظرة ابعد وارفع من اللذات والاستمتاع،والتي ترى فيها تحقيقا لعنصر سام سماوي وجد في الإنسان لكي يشع في سلوكه. هذا النضال هو المصنع للأدوات الانقلابية الأمينة الوفية.

عام 1950
(1)حديث القي في مكتب الحزب في حمص
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:22 am

التنظيم الانقلابي
أن الصفة المميزة للبعث العربي هيانقلابيته، إذ قد توجد أحزاب تهدف إلى تحقيق بعض مبادئ البعث العربي أو كلها ولاتكون انقلابية لأنها لا تكون صادقة في تبنيها تلك المبادئ ومحاولتها تحقيقها.فالبعث العربي، لا يفترقعن الأحزاب الرجعية فحسب، تلك الأحزاب التي تقاوم عن وعي وتصميم الدولة العربية الموحدة الاشتراكيةالتقدمية بل يفترق أيضا عن الأحزاب التقدمية الزائفة التي تدعي أن بإمكانهاتحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية، أو بعضا من هذه الأهداف عن غير طريق الانقلاب.فالانقلاب في البعث العربي ليس هو الطريق الصحيحة لتحقيق مبادئه فحسب بل هوأيضا محك واختبار لصدق تلك المبادئ وإخلاصمعتنقيها.
وكما أن الانقلابية تفرض نوعا معينا منالعمل في الوسط الخارجي السياسي والاجتماعي فهي تفرض كذلك نوعا معينا من التنظيموالسلوك في داخل الحزب. فالحزب الذي ينبري لمقاومة الأحزاب الرجعية والأحزابالتقدمية الزائفة، لا يستطيع أن يؤدي مهمته إلابإتباع أسلوب صارم شديد يضمن له وحدة الاتجاه وتماسك العمل وقوته. ولقد أدت حركةالبعث العربي للقضية العربية حتى الآن خدمتين كبيرتين، الأولى توضيح الأهداف العربية الصحيحة وما بينها منترابط ووحدة، والثانية توضيح الطريق الصحيحة التي تضمن تحقيق هذه الأهداف. وقد امتلأ الجو العربي بهذه الأفكارالنظرية والعملية التي نشرها البعث العربي، ولكن بقيت المهمة الثالثة والأكثر خطورة من سابقتيها وهيخلق الأداة الفعالة الصادقة الملائمة لحمل الأهداف العربية والسير بها في طريق الانقلاب. ويمكن القول بان عملالبعث العربي كان أكثره حتى الآن مقتصرا على التوجيه، أي على تهيئة الجو الخارجي والاستعداد الفكريوالنفسي لتقبل الفكرة. ولكن دور العمل الخاص بالبعث العربي كحركة منظمة تضم أفرادامؤمنين منسجمين ما زال ينتظر التنفيذ.
أن تحقيق الانقلاب العربي المنشود رهنبتجسيد الروح الانقلابية في نفوس أعضاءالبعث العربي وعقولهم، وان انضمام الأفراد إلى حزب البعث العربي لايعني خروجهم من الواقع الفاسد وتهيؤهملمحاربته والظفر عليه إلا إذا تجسدتالروحالانقلابية في فكرهم وسلوكهم. فإذا لم يتحقق هذا الشرط الأساسي بقي انفصالهمعن الوسط الخارجي شكليا وانتماؤهم إلى الحركة الانقلابية سلبياً، إذ لا قيمة لمبادئ يعتنقونها ولا يتحملون تبعاتهاومنطقها العملي الدقيق.وليس البعث العربي مدرسة فكرية حتى يكتفي بإعلان حقيقة آمن بها، وإنما هو حركة رسالتها النضال في سبيل ظفر هذه الحقيقة.

أن التنظيم الانقلابي هوالذي يضمن تحقيق هذا الانفصال الحاسم بينالواقع الفاسد ونفسيته المنفعلة وأخلاقه النفعية وعقليته الرجعية، وبين حركةالانقلاب أي الجيل العربي الجديد المتحرر من كل هذه الأمراض. ومهمة هذا التنظيم الأساسية هي التوفيقوالتوحيد بين غايتين تبدوان في الظاهر مختلفتين متناقضتين، خلق الفرد العربي الذي هو أساس الجيل الجديد، الفرد الواعي المسئول المؤمن، ثم جعل هذا الفردأداة فعالة صادقة في الحركة التي ستغيرتاريخ أمته. وكما أن كل إهمال لإيقاظ الوعي والمسؤولية الأخلاقية والإيمان الروحي في نفس هذا الفرد ينتقص منانتمائه للحركة الانقلابية وانسجامه معها،فكذلك كل تهاون في ضبط هذا الفرد في منطق القدر التاريخي الذي يرتب عليه أن يكون أداةمنفذة لهذه الحركة يجعل منه عنصر عرقلة وهدم وتخريب. هذا التوفيق بين الغايتين هو الذي يجعل الفرد العربي عضوا بعثيا.

الحركة الانقلابية مسئولة عن تهيئة أدواتصادقة للانقلاب، أي عن انسجام أعضائها مع نظرتها ومبادئها، وبهذا المعنى نقول أنلا فرق بين الغاية والوسيلة وان الوسيلة جزء متصل بالغاية نابع منها، وإنها ليستمجرد طريق تختاره للوصول إلى الغاية بل إشعاع من الغاية يعين لنا الطريق الموصل إليها. والحركة مسئولة بالدرجة نفسها عن نجاحهالأعداء، مهمتها، أي عن ضرورة تماسكهاووحدتها واطراد نموهاواتساعها، والتنظيم المطلوب هو الذي يضمن للحركة وحدتها واتساعها مع بقاء العقلية والأخلاقوالروح الانقلابية مسيطرة عليها.

للحركة الانقلابية كما ذكرنا نوعان من الأعداء ، العدو السافر وهو كل الفئات والأحزاب الرجعية (والرجعية تشمل الرجعية السياسية والفكرية والاقتصادية) والعدو المقنع وهو الأحزابوالفئات القومية التقدمية الزائفة، لذلك كان عليها واجبان : المحافظةعلى اتجاهها الفكري، والمحافظة على اتجاهها العملي. فكل تساهل أو انحراف فيالمبادئ يوقعها في شراك الرجعية، كما أن كل تساهل أو انحراف في أسلوب العمل يهددهابالتجزئة والتناثر. فالتنظيم المطلوب هو الذي يقيها هذين الخطرين فيضمن ثباتالفكرة ووحدة الحركة.

أن التنظيم الملائم للحركة الانقلابية هوالذي يستمد من تعريفها، فهي حركة تاريخية فاصلة يتوقف على نجاحها مصير ملايينالعرب وبقاء الأمة العربية. أن الحركة الانقلابية لاتزال في بدء تكوينها وأولى مراحلها، أي أنها نواة صغيرة جدا في كيان الأمة الكبير، ومع ذلك فهي مسئولة عن هذا الكيان كله. لذلك فهي تنظمسيرها لا بالنسبة إلى واقعها الحاضر بل بالنسبة إلى هدفها البعيد النهائي،وهذا هو معنى مثاليتها. ومثالية البعثالعربي ليست من قبيل التصوف الروحي أو التحرج الأخلاقي أوالفكري النظري، وإنما في تقدير المسؤولية القومية التي تجعل كل خطوة من خطىالمعركة ذات اثر بعيدفي مصير الأمة كلها.

حمص، 23شباط 1950
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:24 am

الزمن والحركة الانقلابية
الحركة الانقلابيةبتعريفها تعني عدم ترك الزمن يسيطر على مقدرات الأمور. فالانقلاب معناه أنحالة الأمة بلغت حداً من السوء، أصبح معه تركها للظروف والتطور أمراً يعرضها للهلاك، وأنه لا بد من ظهور الحركة التي تقوم بتبديل الأوضاع قبل أن يفوت الوقت. فهي إذن الحركة التي تعجل سير الزمن.

والحركة الانقلابية هي نقيض الحركة الإصلاحية، فأكثر السياسيين في بلادنا يقولون بالإصلاح التدريجي، ويرفضون كل تبديل عميق، لأن في التبديل العميق معنى العنف، فالتبديل العميق فيالحياة الاقتصادية عندنا يعنيمثلا انتزاع الأراضي من يد الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين، وهذه الفكرة هي مرفوضة من قبل هؤلاءالتطوريين، لأنهم هم أصحاب المصالح الذين يحرصون على بقاء مصالحهم، وهم يدعون أن مثل هذا التبدل العميق الحاسم في أوضاعنا الاقتصادية لا يتم بدون ثورات واضطرابات وأخطار لذلك هم يفضلون التطور البطيء.
ففكرة السرعة هي من صميم الحركة الانقلابية. وهذا يفترض أن تكون هناك حركة تستطيع السيطرة على الزمن وتعجيله،ووجود هذه الحركة يتطلب بحد ذاته بعض الزمن. فإذا قيل لنا بأن الوقت الذي نقضيه في تكوين حركتنا هو إضاعة للوقت وأنه يوصلنا إلى يوم نرى فيه الأخطار تداهمنا ولا نستطيع دفعها، عندها نجيب بأننا جربنا كل الاستعدادات التي تستطيع التكتلاتوالمنظمات الحاضرة التي هي ليست انقلابية أنتعطيها، فلم تتمكن من دفع الأخطار وحفظ سلامة البلاد. ولمسنا لمس اليد بالتجربة المرة المتكررة أن هذه الاستعدادات كانت واهية جداً وخادعة لأنهالم تقم على أساس الوعي والمسؤولية والجدية والإيمان والتجرد عن المصالح الخاصة، فكانت علاجات مخدرة لا أكثر، وكانت هي التي تأتي بالنكبات والخيانات. وعلى هذا أصبح وجود الحركة الصحيحة أمرا وضرورة لامفر منها ولو اقتضى الأمر أن ننتظر طويلا. فقد علمتنا الحوادث والتجارب أن الارتجال لا يوصلإلى النتائج المحمودة، وان بناء القضية العامة على أساس المصالح الشخصية لايستطيع أن يحفظ هذه القضية، ويضمن لها النجاح، ولا بد من أن نسلك الطريق الطبيعي الذي سلكته جميع الأمم التي استطاعت أن تحيا حياة راقية متقدمة، وذلك أن تبنى القضية القوميةعلى العقيدة الواعية التي تصهر الأفراد وتخلق منهم نواة صادقة لخدمة القضية العامة، وتخلق فيهم الفكر النيرالذي يعرف كيف يسير ويتصرف، وكيف يشعر بجدية واجباته.
والشروط اللازمة للحركة الانقلابية تقوم على الوعي أولاً، وعلى الشعور بالمسؤولية ثانياً، وعلى الإيمان أخيرا. ولابد أن تتحقق هذه الشروط لكي تخلق الحركة الصحيحة، وكل عمليستهتر بهذه الشروط أو ببعضها بحجة الإسراع، هو عمل متناقض وزائف، إذ ما الفائدة من السرعة إذا أوصلتنا إلى النتائج القديمة نفسها ألا وهي عدم القدرة على مجابهة الأخطار... فالزمن الذي يصرف في تهيئة الشروط الأساسية ليس هو بالزمن الضائع، وان ما يحسبونه عقبة في الطريق ليس إلا الطريقنفسه.
غير أن تحقيق هذه الشروط يجب أن لا يتطلب زمناًطويلاً، لأن كل العناصر موجودة متوافرة لإنماء هذه الإمكانيات في الجيل الجديد، فهو ليس جيلاً تائهاً في الصحراء، وإنما هو ابن الوسط الذي يعيش فيه والأمة التي ينتسب إليها. ففي كل عربي تكمن بذور الوعيوالخلق والمسؤولية والإيمان، وكل المحاولات التي قمنا بها كانت بمثابة تجارب، ولم يبق علينا إلا أن نخطو الخطوة الأخيرة ونستفيد من الماضي. فعندمانقول بأننا نريد أن نخلق جيلاجديدا لا نقصد بأننا سنعلمه كل شيء بل نعني تنظيمثقافته وتوجيهه توجيها صحيحا. فنحن لن نخلق فيه الأخلاق بل سننميها ونقويها، ولن نخلق فيه الإيمان لأنه مؤمن الإيمان الرائج البسيط، بل نسعى إلى أن نقوي فيه هذا الإيمان ونجعله أعمق من الفورات الآنية. فعمل الحركة الانقلابية ليس هوبالعمل التطوري البطيء، ويجب أن يزول الوهم القائم في أذهان البعض عن البعث العربي بأنه حركة بطيئة تشبه مدرسة.

إن زمن الحركة الانقلابية يرجع آخر الأمر إلى نشاطها والى صدقها وجديتها، فإذا كانت مقدرة لمسؤوليتها فإنها لن تضيع أية لحظة، فعملها في السطح أو العمق يتطلب تحقيقاً مادياً مستمراً، وتثبيتا للمبادئ في النفوس وترسيخا لها. أما إذا ضعفت في الحركة صفتها الجدية فإنها تصبح عندئذ بطيئة، فتحسب أن مجرد البطء يساعد على ترسيخ الأفكار والمبادئ في نفوس الأعضاء.فالاكتفاء بالانتساب إلى الحزب والإيمان السطحي بمبادئه، لا يعني أن هؤلاء الأفراد قد أنقذوا أنفسهم من هذا الواقع الفاسد وأصبحوا في عداد الفئة الواعية المؤمنة، دون أن تترتب عليهم أية واجبات ودون أن يبذلوا جهداً في هذا الانتساب.فإذا لم يستغل الزمن لإنماء كفاءات الحزبيين أصبح مضيعة للجهد وقتلاً للكفاءات نفسها. فالحركة الانقلابية هي وحدها الحركةالسريعة.

30 نيسان 1950
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:25 am

الصلة بين العروبة والحركة الانقلابية



صلتنا بالماضي : هناك نفر يكاد يفهم من البعث العربي الذي هو حركة انقلابية متجهة بقوة وعنف نحو المستقبل، أنها حركة فاقدة الصلة بالماضي، وإنهاتعتبر أن كل التفاتة إليه تضيع جهداً يجب أن يبذل في بناء المستقبل... إن في هذا تشويهاً لفكرة البعث العربي التي تميز بين الماضيكروح والماضي كشكل.

كان يوجه للبعث العربي منذ نشوئه تهمةالرجعية، فقد فهم الكثيرون من البعث أنه إرجاع للماضي. فهموا من تعلقنا بماضينا وشخصيتنا أننا رجعيون ومحافظون، ثم انقلبت التهمة إلى نقيضها.

أهميةالتراث القومي: أن التشبعبالتراث القومي لا يعني مطلقاً العبودية للماضي والتقاليد، ولا يعني فتور روح الابتكار والتجديد بل يعني العكس تماماً. والواقع أن الذين يفقدون روح التجديد وروح الابتكار هم الذين لا يفهمون ماضي الأمة وروحها، ولا يفهمون من ذلك الماضي وتلكالروح إلا القشور والمظاهر الجامدة.

إن اتصالنا بروح الأمة وتراثها يزيد في اندفاعنا ويقويانطلاقنا، فلا نكون حائرين لأننا نكون واثقين أن كل شيء فينا سيأتي ملائماً لروح أمتنا. إننا عندما ننطلق من أساس متين هو التشبع بروح أمتنا،ومعرفة واضحة لأنفسناولواقعنا،وإحساس صادق بحاجاتنا، لن نكون عرضة لأخذ الأفكار المصطنعة وتقليد الآخرين، وإنما تأتي أفكارناطبيعية ومبتكرة لأنها نتيجة لشعورنا الصادق وحاجاتنا الصادقة. إن شعورنا بهذه الصلة القومية العميقة بأمتنا هوالذي يفتح عيوننا على حاضرنا الأليم وهو الذي يرينا التناقض بين واقعنا وحقيقتنا، وهوالذي يحملنا مسؤولية إنقاذ الأمةوبالتالي هو الذي يوصلنا إلى الانقلاب.

الصلة القومية تقود إلى الانقلابوتساعد على تحقيقه: إنالصلة القومية التي توصل الطليعة والأمة إلى التفكير الانقلابي هي نفسها التي تساعد أكبر مساعدةعلى تحقيق هذا الانقلاب. لأننا بانقلابيتنا نمثل إرادة الأمة كلها، وهذه الإرادة التي لم تتوضح بعد إلا عند القليل، والتي لا تزال مبهمة عند الكثيرين نعرف أنها متمثلة قيحركتنا، ونعرف أن كل خطوة نخطوها ستلاقي صدى في النفوس وستحرك وتراًًً ًحساساً، وان كليوم يمر علينا في نضالنا سيفتح عقولاً جديدة ويوقظ نفوساً جديدة. وبما إننا بنينا انقلابيتنا على صفتنا العربية،وانطلقنا إلى المستقبل بنسبتنا إلى أصلنا، فإننا حتماً سنتكلم اللغة التي يفهمها الشعب وحتما سنجد سبيلا إلى سمعهوقلبه.

الإنقلابيون صورة سباقة لمجموع الأمة : إننا نعرف بأن هذه الفئة القليلة من الانقلابين الذين تضمهم حركة البعث العربيهم قلة فيالظاهر، قلة فيالبدء، ولكن صفتهم القومية الصادقة تجعلهم صورة مصغرة وسباقة لمجموع الأمة. نحن نمثل مجموع الأمة الذي لا يزالغافيا منكراً لحقيقته ناسياً لهويته، غير مطلع على حاجاته، نحن سبقناه فنحن نمثله،لذلك بيننا وبينه تجاوبعميق، حتى عندمانتصارع، حتى عندما يبطش بنا، هو منسجم معنا لأن طريقه هو طريقنا الآن، وإن لم يدر في الوقت الحاضر فسيعلم ذلك في المستقبل. إنما إيماننا مختلف عن الإيمان السحري لأنه مبني على أرسخ قواعد العلم، على الوقائع. هذه العقيدة هي إننانمثل مصلحة الأمة وإرادتها،إذن نعتمد على تأييدها، وهذا التأييد الذي هو في حالة الكمون سينتقل إلى حالة الظهور والفعل.
فقوانا ليست هيهذه القوى المنظورة المحدودة، قوانا لا حد لها في غزارتها. وأضيف أننا نعتمد على قوة أخرى هي أن حركتنا في اتجاه التقدم الإنساني. فهدفها أن ترتفع بالأمة من حالة التأخر إلى حالة العمل والجد والإبداع، والتاريخ هو في هذا الاتجاه ونحن نمشي باتجاهه ومنطق التاريخ يقضي بأن تنهض الأمة العربية وأن تحتل مكاناً خلاقاً ايجابياً، وأن تقوم بدورها وتنشئ، فالتاريخ أيضا يساعدنا.
هناك عدد كبير في أمتنا أصبح فاقد السيطرة على نفسه وعلى رأيه ونضارة شعوره، استعبدته المصالح وجمدته الاعتبارات الاصطلاحية، ففقد الحركة الحيوية اللازمةلكي يتمرد على المصالح الخاصة، لكي يتمرد على الاعتبارات الاجتماعية الكاذبة، لأن كل تمرد من هذا النوع يهدده في مصالحهونفوذه ووجاهته، وهو يستمد وجوده من هذه الأوضاع والاعتبارات الزائفة لأنه لا يؤنس في نفسه القدرة على التحرر من مصالحه،فهو ينظر إلى الأمة بمنظار نفسيته، ويرى الأمة على شاكلته عاجزة عن التحرر والتمرد على واقعها كما هو عاجز على التمردعلى واقعه. فأعداء الفكرة الانقلابيةفي بلادنا أو الذين يتمنون ولا يستطيعون السير في طريقها، هم أنفسهم أعداء القومية العربية. فلو كانت هذه الصلة حية لانتفضوا وشعروا بألم الواقع وبعار الحاضر، ولشعروابالمسؤولية المترتبة عليهم من ضرورة تبديل هذا الحاضر بصفتهم جزءاً من هذه الأمة، ولاستطاعوا بالتالي أن يبدلوا نفوسهم وواقعهم ويتمردوا علىمصالحهم.

صراع بين معسكرين، والظفر للانقلابيين : عندما تتصارع فكرتان في حياة الأمة، فكرة جامدة بالية وفكرة جديدة حية، عندما ينشطرالمجتمع إلى معسكرين ،أحدهما يدافع عن القديم والجمود والمصالح الخاصة والثاني يدافع عن القيمالجديدة، عن التجرد والمثالية، التجرد والتضحية، يكون هذا الانقسام في الأمة شكلياً ومؤقتاً في الواقع، لأننفس المعسكر القديم المدافع عن الجمود والمصالح الخاصةفيه بذور إمكانيات نشوء الفكر الجديد، فكأن المعسكر الثانيهو التجسيد والتوضيح لهذه البذوروالإمكانيات الخيرة والكامنة فيه، وكأن معسكر الجمود والنفعية والمحافظة في صراعه معالمعسكر الثانيإنما يصارع نفسه ويغلبها، ويتصارع مع غرائز الخير والحياة فيه لكي تستيقظ هذه الغرائز الخيرة ولكي ينميها الصراع ويقويها ويسمح بتفتحهاالكامل. إن الحركة الانقلابية في حيويتها وعنفهاوصبرها وإيمانها، هيالتي تتمكن أخيرا من إيقاظوتحقيق هذه الإمكانيات الموجودة فينفس كل عربي. بهذا المعنى نستطيع أن نثق ونؤمن بأنمعركتنا ظافرة لأن كل يوم يمضي عليهايضيف إلى جيشها جنوداً أيقظهم صبرها واستمرارها وإشعاعها وأرجعهم إلى نفوسهم، أي إلى الصف النضالي الانقلابي.

إن حركتنا انقلابية عربية وقد بينا العلاقة بين الانقلابية والصفة القومية وقلنا أن انقلابيتنا تنبع من صلتنا القومية وشعورنا بفقرالواقع وفساده وضرورة تبديلهوالقيام بانقلاب يرجع إلى الأمة حقيقتها ويظهر كفاءتها الحقيقة وروحها وأخلاقها، والآن نتساءل عن وسيلة الانقلاب؟ صحيح أن الانقلاب فكرة ولكن لا بد لهذه الفكرة من أشخاص يفهمونها ويؤمنون بها ويمثلونها ثم يحققونها. إذن للانقلاب أدوات حية من البشر هم الذين يعتنقون فكرتهويناضلون في سبيل تحقيقها. وبمقدار ما يكون اعتناقهم للفكرة عميقاً ونضالهم في سبيلها صادقاً، يكون الانقلاب قوياً كاملاً. فالانقلاب إذنهو صورة للذين يؤمنون به ويعملون له، وليس هو معجزة تهبط من السماء أو حادثة خارجة عن إرادة البشر وعن أعمالهم. وهذا يؤدي إلى نتيجة أولى وهي أن الانقلاب يجب أن يتحقق أولاً في نفوس الفئة القليلة التي تؤمن به وتبشربه العدد الأكبر، وتعمل على تحقيقهفي مجموع الأمة، وكل تساهل في صدق تمثل هذه الفضائل في نفوس الانقلابيين يهددالحركة بالفشل والزيف. ولا يعقل أننطلب من الأمة أن ترتفع إلى مستوى لا نكون نحن قد بلغناه،ولا نكون قد برهنا للآخرينبأنه قابل البلوغ.

لا انقلاب بدون صراع: لاشك أن الغرض الظاهر للانقلاب هو إزالة الأوضاع المصطنعة المفروضة على الأمة والتي تشوهها سواء أكانت هذه الأوضاع سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. ولكن الأوضاع تتمثل في أشخاص، وهي عبارة عن عقلية أشخاص ومصالحهم وعاداتهم، يألفون هذه الأوضاع ويحرصونعليها، ويدافعون عنها، فلا يمكن محاربة هذه الأوضاع إلا من خلال الذين يتمسكون بها، ويستفيدون منها. إذن حركة الانقلاب لا بد أن تهز كل الذين يستسلمون للأوضاع الفاسدة، ولا بد أن تعاكسهم، حتى تخلق في الأمة رد فعل للمرض عندما يستيقظالفكر الحر والخلق القويم وتستيقظ الروح السليمة. فالانقلاب ليس له إلامعنى واحداً واضحاً صريحاً هو الصراع والمعاكسة للعقلية والخلق والمصالحالسائدة، والبعث يولد من هذا الصراع.
وان الذين يحسبون أن مجرد تبديل في الأوضاع السياسية يوصل الأمة إلى هدفها يخطئون أيما خطأ، فلو فرضنا أن الأوضاعالسياسية في البلاد العربية تغيرت فجأة بفعل صدفة من الصدف، فنعتقد أن هذا التغيير لن يتناول إلا الظواهر، لأن الأمة لم تقطع بعد مرحلة الصراع الذي يحرر فكرها ويقومخلقها ويزيل التشويه عن روحها. فالواقع الفاسد ليس شيئاً مادياً متجسماًَ في الأوضاع السياسيةأو الاجتماعية فحسب،وإنما هو شيء معنوي يشترك فيه الجميع بنسب مختلفة،ويمكن القول أن كل فرد يحمل أثرا من آثار هذا الواقع. فالفرد الانقلابي هوالذي يصارع هذاالواقعفي نفسه قبل أن يصارعه في المجتمع والأوضاعالمادية. وان كل الذين لا يصارعون الواقع، ويحيون حياة طبيعية هادئة مريحة هم ضمنالواقع الفاسد الذي يجب أن نحاربه، إذلولم يكونوا منه لوجب أن تتحول حياتهم إلى ألم ونضال.

وأضيف ملاحظة أخيرةوهي أن مجتمعنا المتأخر المريض يعني وجود أكثرية ضعيفة جاهلة مستعبدة لا تقدرمسؤولياتها ولا تعي وجودها على حقيقته، لذلكتبقى الأقلية هي التي يمكن أن يتوفر فيها الوعي والشعور بالمسؤولية، وهذه الأقلية هي التي تنقسم في الواقع إلى معسكرين : المعسكر الانقلابي، والمعسكرالنفعي والمعاكس لكل تجدد ولكل تبديل عميق في حياة المجتمع. فالمشكلة في مجتمعنا إذن هي مشكلة القيادة، مشكلة الأفراد الذين تتوفر فيهم الشروط لقيادة المجتمع. وإذا كان مجتمعنا ما زال متأخراً حتى الآن فلأن هؤلاء الأفراد لا يحققون في أنفسهم الشروط الفكرية والأخلاقية والروحية اللازمة لملء مركز القيادة، والصراع هو بين القادة الصادقين والقادة الكاذبين.

10 أيلول 1950
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:27 am

من معاني الانقلاب

لن اطرق في هذا الحديث(1) موضوعاشاملا كاملا، بل أفضل أن آخذ بعض ما توحيه فكرة الانقلاب التي يقوم البعث العربي عليها.
أيها الإخوان : لنحاول أن نتخلص من أفكار اصطلاحية كثيرة ومن نقل العبارات المألوفة، والألفاظ المجردة، ولنحاول أيضا أن نرتفع قليلا فوقالمشاكل القريبة العارضة، لنحاول ذلك كله، لكي نقترب من حقيقة مشكلتنا الكبرى، ومنحقيقة قضيتنا كأمة حية تنشد الحياةالصحيحة، وتشق طريقها بنفسها وبجهدها واثقة مؤمنة.
ما هو الانقلاب؟ هل تقف عند حدود التعريفات السياسية؟ هل يبقى فهمنا مقصوراعلى البرامج السياسية، وما تحويه من مشروعات ومقترحات، لتنظيم الحياة العامة فيمختلف نواحيها؟ أم نفهم من الانقلاب شيئا أعمق واصدق؟
إننا نفهم من الانقلاب هذه اليقظة الحقيقية التي لم يعد مجال لإنكارها والتشكك فيها ،يقظة الروح العربية في مرحلة فاصلة من مراحل التاريخ الإنساني. الانقلاب في حقيقته هوهذه اليقظة، يقظة الروح التي تراكمت عليها أثقالالأوضاع الجامدة الفاسدة، وحالت زمنا طويلا دون ظهورها ودون انبثاقها وإشعاعها. هذه الروح، تشعر أخيرابالخطر الكبير، بالخطر الحاسم، فتنتفض انتفاضة حاسمة. وانتفاضتها هذه، وسيرهالن يكون إلا في تيار معاكسللأوضاع التي عاقت ظهورها، والتي أثقلت عليها الأحمال، وشوهت طريقها، السير فيطريق معاكس للأوضاع الراهنة، للأوضاع الفاسدة المريضة الزائفة، هذه المغالبةللتيار بقصد أن تستيقظ بقاياالروح الأصيلة في كل مكان توجد فيه، وتتجمع وتتكتل، لابد من هذا السير المعاكسللمادة، الذي يحيا في كل خطوة من خطاه، الذي ينبه ويوقظ، الذي يرد إلى القوىالغافية والكامنة انتعاشها، وجديتها، وصحوها، وشعورها باستقلالها، وقيمتهاوتأثيرها. فالانقلاب قبل أن يكون برنامجا سياسيا واجتماعيا هوهذه الحركة الدافعة الأولى، وهذا التيار النفسي القوي، هذه المغالبة إلي لابد منها، والتيلا يفهم أي بعث للأمة بدونها، ذلك ما نفهمه من الانقلاب.
إذن فنحن لا نحاربالأوضاع الراهنة لأنها فاسدة فحسب، بل نحاربها لأننا مضطرون إلى أن نحارب، لأنه لابد لنا من أن نحارب، لابد للأمة من أن تستكشف في نفسها بقايا القوىالصادقة، وان تستخرج من أعماقها كنوز الحيوية الكامنة، إننا نناضل ونكافح الأوضاعالسياسية والاجتماعية الزائفة، الفاسدة، لا لمجرد إزالتها وتبديلها، بل أيضا لكيتعود للأمة وحدتها في هذا النضال. فالأمة أنكرت ذاتها نتيجة الغفوة الطويلة،ونتيجة التشويه الطارئ عليها حتى لم تعد تعرف ذاتها، ولم يعد يعرف بعضها بعضا، لقدانقسمت أيماانقسام، فتناثرت أجزاؤها وأفرادها، وهبطت إلى مستوى وضيع والى سجن الأنانية، وسجنالمصالح الصغيرة، وسجن أعياد الجمود والقعود. وفي مثل هذا المستوى لا تنشأ وحدة بين الأمة، ولا توجد الحرارة الكافية للتعارف والتآلف بين هذه الملايين من العرب. لا بد إذن من غليان لا بد من مستوى مرتفع، مضطرب، متحرك، لابد من مشاق نجتازها، لابد من سير طويل يدخل فيه الفكر مع الخلق مع الإيمان،وان نجرب ونخطئ، ونصحح أخطاءنا. هكذا نتعارف، وهكذا يعود بعضنا إلى بعض، فتتوحد الأمة في طريق النضالوالمشاق.
هذا بالنسبة للأمة كمجموع، وأما بالنسبة إلىأفرادها، فالانقلاب الذي عرفناه بأنه مغالبة للتيار، هو وحده الذي يكون الشخصية العربية من جديد، هوالذي يلقي علىكل فرد تبعة أعماله، وهو الذي يطلق الفكر حرا مستقلا، ويقيم الخلق مسؤولا جديا،وهو الذي يفجر نبع الإيمان في الروح، لان مثل هذا السير الطويل الشاق لا يستغني عن الإيمان، بل أن مادته ودمه ينبعان من هذا المصدرالروحي.
فالانقلاب إذن طريق، طريق إلى الغايةالمنشودة، إلى المجتمع السليم الذي ننشده. ولكنه ليس طريقا من الطرق، إنما هوالطريق الوحيد. لهذا السبب الذي ذكرته -حتى لو أزيلت هذه الأوضاع من أمامنا بمعجزة من المعجزات- فلن نكون الأمة المطلوبة ولن نصل إلى الأهداف المطلوبة ولن نبني المجتمع المطلوب ولكن الأمة التي نريدها، والمجتمع الذي نريد أن نبنيه،متوقف علينا نحن، متوقف على جهودنا، على صدقنا، على وعينا، ولا يهبط منالسماء، ولا يخرج بشكل آلي، ولكنه في فكرنا، وخلقنا، إذن لابد أن نمشي في هذاالطريق.
مغالبة التيار هي، في مثل حالتنا، المقياسالوحيد الذي يميز بين الصدق والكذب، بين الجدواللهو. عندما نجد الاستعداد لمغالبة التيار، عندئذ تصبح الأقوال والأفعالوالبرامج، وكل شيء آخر، ثانوية، ويصبح الشيء الوحيد الملموس الراهن الذي يمكن أن نطمئن إلى وجوده هو أن نجد من يستطيعون تحمل هذه التبعة، ومن يسيرونفي طريق معاكس للوضع القائم في البلاد العربية، وعندها تنشأ تباعا، وتنبت الفضائل المطلوبة لإكمال الطريق، وللبناء الجديد في نهاية الطريق. فالانقلاب هومغالبة الحقيقة للواقع، لان للأمة حقيقة رغمتخلفها ورغم تشوهها، وهذه الحقيقة تعلن عن نفسها مهما تكن سيطرة الواقع. والانقلابهو هذا الإعلان، هذا الإثبات لوجود الحقيقة.الانقلاب هو مغالبة المستقبل للحاضر، لان أهدافنا المستمدة من أعماقنا ومن روحناشعت وانطلقت تسبقنا، لتغرينابالسير نحوها والتسابق إليها، هذا هو المستقبل، فالانقلاب هو إذن مغالبة هذاالمستقبل، الذي هوحقيقة أنفسنا وأهدافنا، للحاضر المزيف، للحاضر الغريب عن حقيقتنا.
أيها الإخوان : الماضي شيء حقيقي، وشيء أصيلفي حياة امتنا، ومن العبث ومن الخطر ومن العقم فيالتفكير أن ننكر هذهالحقيقة، إننا نقصد بالماضي ذلك الزمنالذي كانت فيه الروح العربية متحققة. وماذا نقصد نحن بالمستقبل، وما هو هذاالمستقبل الذي يغرينا ويدفعنا إلى النضال أن لم يكن هو الزمن الذي يجب أن تتحقق فيه روحنا الأصيلة. فماضينا بهذا المعنى الصافي الصادق، أرسلناه أمامنا، إشعاعا ينير لنا الطريق ولم نتركه وراءنا نندب عهده ونستصرخ عونه، وننتظربجمودوخمول أن يأتي هو إلينا، وان ينزل إلى مستوانا. ليس هذا هو الماضي،الماضيكحقيقة للروح العربية، كحقيقة متحققة للروحالعربية لايمكن أن يأتي،ولا يمكنأن يرجع ويهبط وينزل، وإنما علينا نحن أننسير نحوه سيرا تقدميا إلى الأمام، وان نرتفعإليه ونصعد، وان نسلك طريقا وعرة صعبة حتى ننميفينا الفضائل والمواهب والقوى التي تؤهلنا أخيرالان نفهمه، فنمتزج به ونلتقي معه. فالسير التقدمي، والسيرالصاعد في طريق الانقلاب هوالسبيل الوحيد لالتقائنا بماضينا. وهذا الالتقاء لايكون إلا ارتقاء، ولا يكون هبوطا وانحدارا، أو جمودا وإمعانا في الجمود والقعود.
إلى جانب هذه النظرة نحو الماضي التي نضعه في مستقبل بعيد يستثير فينا الهمم، نرتفع إليه ونبلغه بعد الجهد، ونستحقه استحقاقا كريما، توجد النظرة الأخرى التي تعكس ظلال الحاضر السوداء، البشعة، الثقيلة، على ذلك الماضي، فيفهممن الماضي انه استمساكبالحاضر وتشبث عنيد للاحتفاظ به، والإغراق في أخطائهومفاسده. فكيف يكون هذا الماضي انطلاقا روحيا، وفكرا مبدعا وخلقا قويما مستقلا، وإيمانا حيا فياضا؟ التشبث بالأوضاع الراهنة، المحافظة عليها ،الدفاع عن هذه الأوضاع التي تهددالعرب بالانقراض، ليس هذا هو الماضي، بل انههو الحاضر، هو الواقع الفاسد، هو النفعية، هوعبودية المصالح. أما الماضي الحقيقي فهو الذييدعونا حنيننا إليه، إلى أن نعي ونجد، ونناضل ونرتفع. هذا هو الماضيالروحي الحر السليم الذي كان للعرب. لقد كان هذا الماضي عهدا تحققتفيه الروح، أي انه كان هو نفسه انقلابا بلغ فيه الفكر حريته واستقلاله، ونضارة إحساسه بالحياة وبالعلم فأبدع ونظم، وانسجم مع قوانين الحياة والطبيعة، وبلغتفيه الشخصية حريتها وفرديتها وجديتها ومسؤوليتها، فانطلقت تعمل أعمالا حرة، وتقف مواقف بطولية وتتجاوز حدود الأنانية إلى الانسجام مع الإرادةالعامةوالانسجام مع المجموع وبلغت فيه الروحينبوعها الصافي فامتلأتخصبا و تجددا، وعرفت قدرها الأزلي، فأشبعت بالإيمان.
لقد كان ماضينا انقلابا، ولن نبلغ مستواه، ولن نلتقي به إلا عن طريق الانقلاب. فالانقلاب الجديد هو السير الواعي الجاد، المؤمن، نحوهذا المرتفع الذي يحل فيه التناقض وتوحد الأضداد، ويلتقي الماضي بالمستقبل، وتتصالح الأمة مع نفسها في الإبداع وأداة الرسالة.
يسألوننا أيها الإخوان ماذا تقصدون بالرسالة، الرسالة العربيةالخالدة؟الرسالة العربية ليست ألفاظا نتغنى بها، ليست مبادئ توضع في البرامج، ليست مواد للتشريع، كل هذه أشياء ميتة زائفة، لان بيننا وبين الوقت الذينستطيع فيه أن نشرعمن وحي روحنا ورسالتنامسافة طويلة، وفاصلا كبيرا. ما هي إذنالرسالة الآن؟
هي حياتنا نفسها، هي أن نقبل بتجربة لهذه الحياة، بتجربة عميقة صادقة ضخمة جسيمة مكافئة مع عظمة الأمة العربية، مكافئة مع عمق الآلام التي يعانيها العرب،متكافئة مع جسامة الأخطار إليتهدد بقاء الأمة. هذه التجربة الحية الصادقة، التي تردنا أخيرا إلى ذواتنا، والى واقعنا الحي، وتحملنا مسؤولياتنا وتضعنا فيطريقنا الصحيح، لكي نكافح هذه الأمراض وهذه الحواجز، وهذه الأوضاع الزائفة، نكافح الظلم الاجتماعي والاستثمار الطبقي، وعهود النفعية والرشوة والاستغلال ونكافحالاستبداد، وتزييف الإرادة الشعبية وامتهان كرامة الفرد العربي كمواطنوإنسان، في سبيل مجتمع حر يستردفيه كل عربي شعوره بذاته ووجوده وكرامته،بفكره ومسؤولياته.. التجرية التي نكافح فيها تقطيع أوصالالأمة العربية إلى أقطار ودويلات مصطنعة مزيفة، حتى نصل إلى توحيد هذه الأعضاء المتناثرة حتىنصل إلى حالة سليمة طبيعية لا يتكلم فيها عضو مبتور باسم الكل، حتى نتخلص من هذا الوضع الغريب الشاذ. عندها يستقيم للعرب أن يجتمعوا كلهم فتستقيم نفوسهم، وتصحح أفكارهم، وتتقوم أخلاقهم، ويتفتح مجال الإبداعأمام عقولهم،لأنهم أصبحوا كائنا طبيعيا سليما، امة واحدة. فهذه التجربة السليمة الصادقة لمكافحة هذه الأوضاع حتى نصل إلى الوضع السليم، تلك هي الرسالة العربية. والرسالة هي ما يقدمه جزء من البشرإلى مجموعة الإنسانية، ولا يعطى معنىالرسالة لشيء ضيق أناني وإنما لابد لها من المعنى الإنساني الشامل الخالد
فد تتساءلون كيف تكون رسالتنا هذه في معالجة مشاكلنا، فأقول لكم بان العرب عندمايقدمون على هذه التجربة، وهم في الواقع قد بدأوا فيها وانغمسوا فيها ولن يتراجعوامطلقا، عندما يقومون بكل ذلك، فانه لن يقتصر عمل هذه التجربة على حلمشاكلهم فحسب، بل يخرجون منها بتجربة إنسانية عميقة تخلق فيهم شخصية مشبعة بآلام الحياة الإنسانيةومعرفة أسرارها، ومداومة أمراضها، فيقدمون للعالم وللإنسانيةكلها ثمرة هذه التجربة الخالدة.

شباط 1950
(1) حديث القي في مكتب البعث العربي في حمص
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:27 am

حول الانقلاب
قلنا أن البعث العربي فكرة مدفوعة إلى التحقيق في العمل، والبعث العربي لذلك حركة، حركة انقلابية، وعرفنا الانقلاب بأنه هو التغيير الحاسم في مجرى حياة الأمة، أي تحول حاسميختلف عن التطور. وقلنا انه يلزم لتحقيق الانقلاب وجود وسائل، أي خلق جيل واعيبعد الخطر عن أمته ويشعر بمسؤوليته لتحويل مجرى حياتها،ومؤمن بتحقيق ونجاح الانقلاب.
إذن أعطينا ثلاث صفات لهذا السبيل: ا -الوعي للشروط التاريخية والاجتماعية، أي انه عارف لماذا. كان هذا التحول ضروريا للأمة.2- الاخلاق، أي أن عليه أن يكون في الطليعة وان يخرج من العدد المنفعل المستسلم للأوضاع. 3-الإيمان، أي انه لايكفي أن يكون فاهمالضرورة التحول ومقدرا لمسئوليته بل يؤمن بأن القدر والتاريخ وكل الظروف مهيأة لنجاح هذا الانقلاب. ومنها وصلنا إلى القول بان السبيلالجديد هو وسيلة الانقلاب، ويعتمد هذا الجيل علىالفرد، لان الوعي والإيمان يفتش عنهما في الأفراد لا في المجتمع.

بعد ذلك تكلمنا في الحقيقة والمواقع بالنسبةللشعب، فحقيقته شيء وواقعه شيء آخر، لان واقعه مفروض عليه فرضا من قبل الفئاتالمستثمرة والقوى الأجنبية. أن حقيقته قد طمست ولا زالت، كما أن التفاعل والاصطدامبين حقيقته وواقعه يجلو حقيقته ويهيؤه لتحقيق الانقلاب. ونظرتنا إلى الشعب نظرةتفاؤل وإيمان، ولمجرد تجسيد الجيل الجديد لفكرة الانقلاب، نجد الشعب يتنبه ويمشيفي طريق الانقلاب. و نحن ننفي التشاؤم وسوء الظن بالشعب وبأخلاقه لان واقعه الفاسدعارض طارئ، ولأن حقيقته كامنة تتجلى مع التجارب والآلام. فنفسية الانقلابي هي نفسية التفاؤل والإيمان أييؤمن بان الانقلاب قدر تفرضه شروط التاريخ ومواهب الأمة نفسها،ويؤمن بان الشعب مستعد لتلبية هذا الانقلاب.

ثم تعرضنا إلي مبررات هذا الإيمان. هل هواستنادا إلى تفسير معينللتاريخ، تفسير جبري، أي أنتطور التاريخ يؤدي حتما إلى هذا المصير؟ قلنا أن لا موجب عندنا لمثل هذاالتفسير، فالعربي الواعي المؤمن اليوم، حاجته لإيجاد مبرر في الماضي لنهضته، بل يجد من الواقع نفسه مبررا للنهضة.فالسند هو الجيل الجديد الانقلابي، الذي أصبح حقيقة لايجادل فيها والذي يتكون ويتكاثر ويترابط في مختلف الأقطار. هذا وحده مبرر ودليل على أن الأمةقد نضجت وأنتجت هذا الجيل، وهذا يدل على أنها سائرة نحو المستقبل. فمبررات الانقلاب هي في الواقع نفسه لا فيالتاريخ.
ما دام الانقلاب هو من اجل بناء مستقبل جديد يختلف عن الحاضر اختلافا جوهريا فما هي معالم هذا المستقبل؟.. نحن لا نقول أنمعالمه محددة منذ البدء ومرسومة منذ الماضي، وعندها يكون الانقلاب رجعة، كلا، نقولأن معالمه وخطوطه تحددها حاجات الأمة التي تهتدي إليها بملء الحرية دون أن تكونمقيدةبأي قيد. فالأمة عندما تعي ذاتهاومكانتها في العالم وفي الزمن وتريد أنتتحرر منالمرض والنقص تخلق وسائل تحررها ولا تستمد هذه الوسائل من أيشيء سابق. وقلنا أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تضمن مجيء هذاالانقلاب وهذا المستقبل منجما هو روح الأمة وأصالتها.أي بقدر ما تكون الأمة حرة بالسعي نحو مستقبلها تكونمنسجمة مع نفسها مخلصة لشخصيتها وعبقريتها وبالعكس، إذا وضعت قيودا لنفسها تخونشخصيتها وتبتعد عن روحها، وفي الماضي عندما كانت الروح العربية متجلية بقوة أوجدت لنفسها وسائلتحقيق ملائمة لظروف الزمان والمجتمع. والوسائل ليست من نفس جوهر الروح أي ليست شيئا أصيلا،أما الأصل فهو المستوى الروحي، فالعرب عندما يسترجعون المستوى الروحي العاليويتفوقون عليه تكون الوسائل متلائمة مع روحهم بالنسبة للعصر. عندما نمشي بالإبداعوالحرية وتلبية حاجات صادقة وعميقة فيحياتنا الحاضرة نلتقي بالروح التي كانت مهيمنة علىماضينا.
عام 1950
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:29 am

علاقة التنظيم بالعمل الانقلابي
تعلمون أن مرحلة الانقلاب في حياة الأمة، هي المرحلة التي يكون التشويه والانحراف قد طرأ على مختلف الأوضاع فيها، ليجعلها متناقضة مع مصلحة الشعب متعارضة مع التقدم والنهضة والانبعاث القومي. وتمكن الفساد التشويه والانحراف وانتشاره يحدث هزات في حياة الشعب، ويخلق نوعا من الاضطراب والشعور بالحاجة إلى تبديلالأوضاع ومقاومة الفساد. ولكن هذا الشعور لا يتبلور بشكل واضح واع، إلا عند أقلية من أبناء هذا الشعب، تدركواقع أمتها وتصمم على تبديله، وتتقدم الصفوف للنضال في سبيل قلب هذه الأوضاع وتغييرها، وتتجه إلى الشعب لتنقل إليه وعيها،عاملة على تنبيهه وتثقيفه وتوضيح واقعه له، جاهدة لتسير بالشعب في طريقالنضال المنظم.

فمن خصائص المرحلة الانقلابية إذن، أن تكونقيادة الحركة الشعبية بيد أقلية إذ لو أن أكثرية الشعب كانت قادرة على وعي مساوئ الأوضاع حق الوعي، ولو أنها كانتقادرة على تنظيم صفوفها حق التنظيم، ولو أنها كانت تسير من نفسها في طريق النضال الجدي لتبديل الأوضاع، إذن لما كانت المرحلة انقلابية،ولما كانت الأمة بحاجة لانقلاب في حياتها وأوضاعها للنهوض،بل لسارت إليه وتقدمت، عن طريق التطور الطبيعي. ولكن مثل هذا الوعي الشعبي العام، ما زال غير متوافر والحياة السياسية ضمن شروط النظم القائمة، ما زالت قاصرة عن تمثيل إرادة أكثريةالشعب وعن إيصال صوتها، بل تمثل في كثير منها، مصالح أقليات مستغلةومعادية لمصلحة الشعب إلى حد كبير. وفي مثل هذه الحال، يأتي العمل الانقلابي في كل بلد، وفي كل شعب، وهو من جهد أقلية منه. ولكنها أقلية من نوعية خاصة. أقليةواعية لواقع أمتها مؤمنة بقضية بلادها وبحقوق شعبها، متجاوبة كل التجاوب مع حاجات الشعب العميقة وأمانيه. هذه الأقلية تتقدم هنا لتمثيل الشعب، قبلأن يفوضها الشعب تفويضا صريحا بهذا التمثيل، وهي التي تبدأ بان تتجه للشعب لتوقظه على واقعه ولتنظم نضاله وتقوده في طريق الانقلاب.

وقضية التنظيم تطرح منذ البداية في العمل الانقلابي.وإلا فكيف تستطيع هذه الأقلية الصغيرة أن تكون قوة وان تنهض بأعباء النضال الفعال،وكيف للعشرات أو المئات أن يقفوا في وجه الفساد وان يصارعوا الرجعية والاستعمارومصالحهما الكبيرة الكثيرة، وكيف يقاومون ماخلفته عصور الانحطاط من جهل وانقسامات ومن فوضى مستعصية على العمل المنظم وحائلةدون تعاون الشعب ومشاركته، وكيف تستطيع هذه القلةبالتالي، أن تضم حولها قوة شعبية متكافئة مع ما تصدت له من صعوبات وأخطار، كيف تستطيع كل هذا إذا لم تستنجد بالتنظيم، تستنفد به كل كفاءاتها وإمكانياتها، وتعوض عن قلة عددها وفقروسائلها، وتفتح أمام عملها طريق النمو المضطرد. فالحركة الانقلابية إذا لم تقم علىتنظيم متين واع، تبدأعملها ثم تتبعثر جهودها وتضيع بين شتى الأعمال الارتجالية، وتمضي دون أنتخلف أثرا في حياة الأمة. فالتنظيم شيء أساسي وحيوي يرافق العمل الانقلابي بل هومن طبيعة هذا العمل ويستمد من فكرته الانقلابية.

ويجدر بنا هنا أن نسجل ملاحظة، حتى لانترك أي مجال للالتباس وسوء الفهم. وهي إننالا نعتبر للتنظيم قيمة في حد ذاته، أي لانراه منعزلا عن الفكرة التي يرتبط بها ويستلهم منها قواعده وحدوده. فبتجريد التنظيم عنالفكرة تصبح قيمته فنية بحتة، يمكن أن تستخدم للخير وللشر في آن واحد، فعصابات الأشقياء تستند في أعمالها إلى التنظيم.ومعناه وصلاحه متوقف على الفكرة التي توحي به وتشرف عليه وتمده بالروح. فالتنظيملا يخلق شيئا من العدم، والتنظيم ليس كل شيء فيالعمل الانقلابي، وهو لايعني أن هذه الأقلية الانقلابية، ترتجلفكرتها وحركتها ارتجالا، أو تعود للتنظيم لتخلق بواسطته حركة من العدم.
إن التنظيم، أي تنظيم كان، يعجز عن خلق شيء من العدم، ولكن الحركة الانقلابية كما ذكرنا، إنماتقوم في أساسها على مسلمة، على أن ثمةتجاوبا بين الأقلية الانقلابية، التي كانت اسبق من غيرها إلى وعي الواقع والشعوربالمسؤولية واقدر علىذلك، وبين بقية أفراد الشعب، تجاوبا في الروح والحاجات والأماني. الأقلية الانقلابية لا تبتدع شيئا من نفسها ولا ترتجل، ومهمتها فيالواقع أن تترجم حاجات الشعب العميقة، هذه الحاجات التي تكون غامضة ومجزأة بالنسبة للشعب الذي لم يبلغ بعد الحد الكافي من العلموالوعي أو من القدرة على التعبير عن هذه الحاجات، وان عبر بين الحين والحين، بانتفاضات وحركات آنية تنم عن اتجاهه وعن حيويته وطاقته النضالية، كما تعبر بشكل جزئي وغامض بل ومشوه أحيانا عن أهدافهالتي يسعى إليها. ثم تأتيهذه الأقلية، التي هي من هذا الشعب، والتي يفترض فيها أنها شاركت الشعب انتفاضاتهونضاله البدائي (وهذه الأقلية كانت في الأصل موزعة وغير متعاونة، ثم تعارفت وتوحدت بنتيجة التجربة والمراس الطويلوالوعي. وأصبحت قادرة على قراءة ما يعتلج في قلوب أبناء الشعب) لتتعرف من خلال آلام الشعب وانتفاضاته الارتجالية، على أهدافه الحقيقية وعلى إمكانياته وقدرته على تحقيقهذه الأهداف. فعندما نقول أن الأقلية الانقلابية لا بد وان تعتمد اعتمادا أساسياعلى التنظيم، فلأنها تبدأ من اعتمادها على ذلك التجاوب العميق بينها وبين أكثرية الشعبالساحقة، وتعرف أن طريقها إلى قلوبالشعب مفتوحة، وان التنظيم هو الذي يمكنها من الوصولإلى الشعب ومن قيادته، كما يمكنها من اختصار الزمن وتسهيل عقبات الطريق. وما مهمة الانقلابإلا حشد القوى وتسهيل الطريق وإزالة العقبات من طريق الشعب الذي يناضل في سبيلتحقيق أهدافه القومية.

وإذا كان التنظيم لا يخلق شيئا من العدم،فان هذا لا يتناقض مع كون التنظيم الانقلابي ذاته عملاخلاقا. وذلك بمعنى أن هذه القوى والطاقات النضالية الكامنة في نفوس الشعب تبقى غير متحققة بغير هذا التنظيم الانقلابي.ووجودها هكذا كامنة، مثلها كمثل رجل يحتفظ بمبلغ من المال في صندوقه دون أنيستعمله، فلهذا المال وجود ولكنه غير محقق لقدرته الشرائية وغير مستثمر. وقوةالشعب النضالية يكون وجودها هكذا كامنا أو مهدورا، والأقلية الواعية أول من يشعربهذه القوة النضالية الكامنة في قلب الشعب، ولكنها إذا لم تنقل هذه الطاقة إلى حيزالتحقق، تبقى وكأنها غير موجودة. عمل هذه الأقلية هو الذي ينقل إمكانيات الشعب ويجعل منها حقائقراهنة، ويخلق منها عملا ونضالا بناء، ومثل هذا العمل الانقلابي المنظم عمل خلاق.
لننتقل الآن من التحليل النظري إلى الواقع الذي نحياه، لنرى ماهو موضع التنظيم في حياة شعبنا وفي حياة هذه الحركة الانقلابية. لسنا بحاجة إلىتكرار أوصاف هذا الواقع، فهو واضح يفرض نفسه على كل شاهد وبكل ما فيه من عيوب ونقائص. وعلينا أن نقيمقواعد وركائز وقلاعا ضمن هذا الواقع المملوء بالفساد والنقص والتخلف والجهلوالميوعة، وعلينا أن نبثها هنا وهناك وفي كل ناحية، لكي تكون منطلقا للحياةالجديدة وللتوجيه الجديد الذي نريد نشره بين أبناء شعبنا، لنجذب إلى هذه الركائزولنكتل في هذه الحصون العناصر الأسلم منغيرها والأقل مرضا وتشويها والأقدر من غيرها على التفاهم والتعاون والأكفأ للعمل المنظم الواعي. وبهذا العمل تتسع وتنمو هذهالركائز والحصون، لتصل بالنتيجة إلى تبديل حياة الشعب بكاملها وتغيير أوضاع البلادكلها، ونصل بالتالي إلى خلق حياة جديدة لامتنا.

وهذه الركائز لم نسمها قلاعا وحصونا، إلالما ننشده من أن تكون متينة جدا لكي تصمد لمقاومة الفساد، والأعداء الخارجيين والأخطارالمستمرة، وهذه العناصر الانقلابية لكي تنموفي عملها ونضالها، ولكي تتقدم ولا تكتفيبالصمود يجب أن تكون من نوع خاص متميز، فلا يكفي أن تكون صالحة سليمة، بليجب أن يكون النظام الذي تتبعه في عملها، صحيحا وعقلانيا ومتينا ومضمون الاستمراروالنجاح. وهنا لا بد من الإصرار على دور العلم والثقافة، ودور الخبرة والتجربة، وكثيرا ما رددنا أن البعث لا يمكنأن يكون إلا على أساس العلم والمعرفة والكفاءات الفنية، إذ كيف يمكن أن نحققانقلابا في حياة امة تخلفت مئات السنين عن مستوى البناء والإبداع وأعرضت عنالمساهمة في الحضارة الإنسانية، بل كيف يمكن أن نرفع امتنا التي كانت سباقةومجلية، من جديد إلى مستوى الإبداع وخلق الحضارة، دون أن نعتمد كل الاعتماد على أساس متين من العلموالثقافة والخبرة الفنية وهذا ما يجب أن يقوم عليه التنظيم الانقلابي ليكون قادراعلى خدمة أهداف الانقلاب وتحقيقها. فنحن هنا بحاجة للكفاءة والعلم وللإفادة منخبرة وتجارب الشعوب المناضلة والأمم المتحضرة، وهذه التجارب تعطينا قواعد ودلائل نسترشد بها في تنظيمنا ونقتدي بها في عملنا على أن نلاءمبينها وبين أوضاعنا ونعدل منها حسب ظروفنا،وهناك أشياء عامة ومشتركة لاستغنى عنها في أي بلد بالنسبة لأي شعب، وهناك قواعد أساسية خرجت من خبرة وتجارب طويلة للأمم التي سبقتنا في مجال الحضارة.
إذن فعملنا يجب أن يقوم علىالاختصاص وان يسير في دأب واستمرار. وتنظيمنا يجب أن يكون متناسق الحلقات والأجزاء كالجسم الحي، كل عضو فيهيقوم بمهمته الخاصة ولكن ضمن المخطط العام الذي يضمن الحياة والنمو الكامل لهذا الجسم. والشيء الذي نريد الإلحاح عليه هنا، لأننا قلما نوفيه حقه منالاهتمام والتقدير، هو أن التنظيم الانقلابي الذي نحتاجه ولم نبلغ بعد مستواه،يتطلب انقطاع أفراد للعمل الحزبي انقطاعا تاما، ليجعلوا من العمل الحزبي الانقلابيشاغل حياتهم، منه يعيشون ويكسبون رزقهم، وفيه يضعون جميع إمكانياتهم وكفاءاتهم وآمالهم وطموحهم. وبمثل هذا وحده، يمكن أن تنشأ عند هؤلاء الأفراد،خبرة قومية نضالية عميقة، نتيجة الاستمرار الطويل والدأب والممارسة ومواجهةالمشاكل يوميا، والوقوع في الأخطاء الكثيرة وتصحيح هذه الأخطاء بالتجربة والممارسة والمراقبة، والاتصالاليومي المباشر بحياة الشعب والتعرف إلى مشاكله، والصلة الدائمة بحياة الحزبومعاناة كل مشاكله وقضاياه للخروج من كل هذا بخبرة جديدة في كل يوم وكل سنة. وعلىهذا الأساس يستطيع الحزب أن يخلق أفرادا يكونون في البدء آحادا ثم يصبحون عشرات ثم مئات وألوفا، ويكون لكل فرد من هؤلاء، بنتيجة هذه الممارسة وهذا الإيمان الذي تعزز بالعملالنضاليالمتواصل، من الخبرة والكفاءة ما يعدل ألفاويستطيع أن يخلق الحركة والحياة في ألفآخرين وان يكون مصدر إشعاع وتوجيه ووعيوقوة لمجموع الشعب. فالشباب المثقف الذي وعي أن مكانه التاريخي هو في هذه الحركة الانقلابية، فتقدم إليها و سار في طليعتها، يجب أن يكمل هذا الوعي بالعمل النضالي الشعبي الانقلابيالمنظم. فلا يقف عند هذه المرتبة الأولى من الوعي،بل يرتفع إلى مرتبة أخرى، ليعرف كيف تكون مشاركته على أقوى وأحسنشكل، وليجعل مشاركته أقوى مردودا وأعمق أثرا في حياة الأمة في هذه المرحلة. ميشيل عفلق تموز 1955
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:30 am

حولالقسم

لا شك(1)أن هذه اللحظة التي تقدمون فيها على أداء القسم للحزب هي لحظة خطيرة في حياتكم.فانتم بالرغم من أن مجيئكم الآن إلى الحزب يفترض أنكم لم تكونوا في الماضي بعيدينعن فكرتنا، وان أشياء كثيرة مشتركة جمعتكم بالحزب قبل أن تفكروا بالانتساب إليه.بالرغم من هذه الروابط فان عملية الانتساب تبقى عملية خطيرة. إذ أن ثمة فرقا هامابين أن يلتقي الفرد في كثير أو قليل من النقاط مع مبادئ حزب منالأحزاب فتعجبه هذه المبادئ من بعض نواحيها ويروق له أن يشارك الحزب بين الحين الآخرفي نضاله وأعماله، إلا أن ذلك كله لا يكتسبصفة الجدية إلا عندما يقرر القرار النهائي بان يربط مصيره بمصير هذا الحزب وهذهالحركة، فلا يعود التقاؤه بالحزب التقاء عفويا تابعا لهواه ولرغبته وللصدف، ولايعود التقاؤه بالحزب ومساهمته في بعض نضال الحزب من قبيل التبرع والهبة يقدمهالهذا الحزب الذي ليس هو منه ويستطيع بالتالي أن يمنع عنه هذه الهبة إذا أراد. بينهذه الحالة وبين الحالة التي ينتقل إليها الفرد بعد الانتساب فرق كبير،لان في الحالة الثانية -بعد الانتساب-لا يعود متطوعا ومتبرعا، بل جنديا يقدم ما يعتبرانه مسئول عن تقديمه وانه إذا تأخر أو قصر في تقديمه فانهيكون قد خان فكرته وخان وجوده.
والواقع أنالعلة الأساسية في مجتمعنا العربي الحاضر هي فقدان هذه الجدية في الارتباط، ليس فيالأحزاب فحسب إنما في الأعمال وفي كل التصرفات. هذا المجتمع الذي ما زال مائعاوضعيفا رخوا لا يوحي بعد لأفراده بجدية الحياة. لان الحياة شيءجدي وخطير للغاية، وانه هو الخطورةبعينها. أن الحياة هي المسرح الوحيد، المجالالوحيد أمام الإنسان لكي يحقق إنسانيته، لكي يحققشخصيته، لكي يعبر عن جدارته بهذه الحياة، لذلك لا نرى فيمجتمعنا بعد علائم الإبداع وعلائم البطولة إلانادرا، لان الإبداع ولان البطولة لا يأتيان إلا من هذا الشعور، هذا الشعور العميقالذي يشعر معه الإنسان بأنه مرتبط بشيء أساسي في الوجود،وانه مسئول في كل لحظة من حياته عن أداء واجبه نحو هذاالارتباط.
المفروض إذنفي الانتساب إلى الحزب إلا يكون استمرارا لحالة سبقته. وإنما أن يكون قطعا وإنهاءلتلك الحال وبدءا وانطلاقا إلى حالة جادة ونفسية جديدة ومستوى جديد. فالذين كانوا أنصاراوأصدقاء للحزب يشاركون أعضاء هذا الحزب في بعض أفكارهم وفي بعض أعمالهم،يجب إلا يفهموا أنهم عندما ينتسبون الآن للحزب أنهم سيتابعون الطريق الذي كانوايسيرون فيه ولكن بجد أكثر وبتفرغ أكثر وبعطاء أكثر، لا يجوز أن ننظر إلى الدخول فيالحزب على انه استمرار للمرحلة السابقة مع تقوية وتنمية لها، وإنما الأصح أن نحاولالنظر إليه بأنه حالة جديدة يجوز أن تعتبر نقيضا للحالة السابقة.
فلقد ذكرتلكم بان الحالة الأولى يصح اعتبارها أنها تطوع وتبرع. والحالة الثانية -الحالةالحزبية- هي مسؤولية. وقد ندرك المقصد من هذا الكلام -منهذا التفريق بين الحالتين- إذا اعتبرنا أنالاندفاع في فكرة وفي اتجاه تكون قوته بنسبة البعد عنه لا بنسبة القرب منه. بمقدار ماكنتم بعيدين عن فكرة الحزب واتجاهه بمقدار ما تشعرونبالظمأ والجوع إلى أن تتشربوا هذه الفكرةوان تدخلوا إلى أعماقها، وان تجسدوها فيشخصياتكم وفي أعمالكم. وهل ثمة حاجة إلى الاستشهاد بحوادث وشخصيات تاريخية؟ من لا يذكر مثلاعمر بن الخطاب؟ الذي كان اكبر مناهض لدعوة الإسلام،ولما انفتح قلبه لها أصبح اكبر عضد واكبر دعامة فيها. وكأن مناهضتهالسابقة لم تكن إلا صورة معكوسة عن استعداده العميق لتقبلها. ولكنه استعداد أصيللا يقبل السطحية ولا الزيف. ولذلك لم يشأ أن يقبلهادون تمحيص وتشكيك ومراقبة. وكأن مناهضته كانت امتحانا لهذه الدعوة.. بل امتحانالنفسه. هل هو جدير بها؟ هل تتسع نفسه لها ولعمقهاولجدتها؟ كان يمتحن نفسه... ولما أتم الامتحان أقبل عليها، وكانمن المبرزين فيها.
وأمثلة أخرىقد تكون معروفة لديكم. ولكني لا أريد من هذا أن أقول أن يُشترط فيطالب الانتساب إلى البعث أن يكون قد عادى الحزب وناهضه. إنما اقصد أن طالبالانتساب إلى هذا الحزب يجب أن لا يعتبر مساهمته وقربهوميله إلى الحزب مدة من الزمن شيئا كافيا لكي يفهم دعوة هذا الحزب ولكي يرتفع إلىمستوى المسؤوليات التي يتطلبها هذا الحزب ويرتبها على المناضلين من أعضائه.
والانتسابالصحيح إلى أية فكرة... إلى أي موقف جديد في الحياة هو أزمة، ولا كالأزمات هوزلزال في النفس لا يأتي هينا سهلا، لا يأتيتدرجا، لا يأتي وكأن المرء ما غير شيئامن نفسه، وبقي في مكانه. إنما يأتي نتيجة أزمة في النفس،نتيجة انقلاب. الانقلاب الذي يدعو إليه الحزب بذرته هي تلك التي تحدث في النفسعندما تكتشف دعوة هذا الحزب وفكرته.
وكلالمستقبل العربي.. كل مستقبل الأمة العربيةمتوقف على هذا الانقلاب في النفوس. متوقف على هذه الأزمة العصيبة.. على هذاالانتقال المفاجئ من حال إلى حال.. على هذا الصراع النفسي الشديد بين حالتين: بينالحالة العادية المألوفة التي لا تنتج إلا الضعف وإلاالفساد، وبين الحالة المرتقبة والتي ستكون نتيجة التمرد على كل ما هو عادي ومألوفونتيجة توتر شديد وعصيب في الإرادة وفي الشعور لاستخراج أعمق ما في نفوس العرب منإمكانيات غير متحققة، إمكانيات مخنوقة ومهملة. ويتوقف على كل فرد منكم أن ينظر إلىهذا الحزب إحدى نظرتين، وبحسب النظرة التي يختارها يكون قداختار نفسه وعبر عن نفسه وعن إمكانياته أكثر مما عبر عن الحزبوحقيقته.
أن واحدكمعندما ينظر إلى الحزب بأنه حزب يضم الأفراد ليتعاونوا، وليضموا جهود بعضهم إلىبعضهم الآخر، هذه الجهود العادية التي ألفوها، وانه لا يطلب من الحزب أكثر من ذلك،أي نظرة عددية.. نظرة كمية تفترض أن هذا الواقع هو واقع حسن لا ينقصه إلا تجميعالعدد، ويبقى الأفراد كما كانوا لا يغيرون شيئا في نفوسهم ولافي عقولهم ولا في إرادتهم، هذه النظرة الكميهالسطحية هي واردة ويوجد كثيرونيتبنونها، ليس خارج الحزب فقط بل داخله. وهذا مناقض للحزب. وهذا ضعف يشكو منهالحزب ويجب أن يتخلص منه.
ونظر ة أخرىانقلابية، هي أن الحزب لم يوجد لكي يجمع أعدادا وإنما لكي يخلق أفرادا. والخلقتبديل أساسي في النفس في المشاعر والسلوك والتصرف..
وقلت بأنالنظريتين متاحتان لكل منكم. والذي يختار يكون في الوقت نفسه قد عبر عن حقيقته.الذي لا يستطيع أن يبدل نفسه.. أن يستخرج منها القوة الخلاقة الكامنة ليتغلب علىما فيها من استسلام فيختار النظرة الكمية-الزائفة- السطحية. والذي يختار النظرة الانقلابيةيكون قد عبر عن نفسه، إذا كان جادا في اختياره، وإذا كانيعني ما يقول، فأنه مصمم على تبديل نفسه.
لذلك لا يصحأن تدخلوا إلى الحزب وانتم منتظرون منه أن يعطيكم كل شيء وان تكونوا منفعلين آخذينلا تعطون ولا تقدمون. لا تظنوا أن الحزب شيء موجودخارج نفوس أعضائه فالحزب هو أعضاؤه.الحزب هو كل واحد منكم، وكما تكونوا يكن الحزب، وكما تريدوا أن يكون الحزب.. يكن.هذه النظرة هي اعتماد على شخصيات الأعضاء وعلى دافعهم الذاتي العميق هي التي تضمنلحزبنا النمو.. أن يتغلب على الضعف وانيرتقي ويقفز حتى يصل إلى المستوى الذي يمكنه من تحقيق أهدافه وغاياته.
عام 1950
(1) حديثخاص بالذين تقدمون لأداء القسم الحزبي، القي عام1950.
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:32 am

جديةالمسؤولية الحزبية
أحب أن أنبهإلى ناحية في هذا الحديث القصير وهي جدية مسؤولية الأعضاء (1).
تعرفون إننانلح دوما على أهمية القاعدة في الحزب ونعتبرها الضمانة الكبرى لمبادئ الحزب. ولكنيخشى أن تفهم هذه النظرة إلى القاعدة فهما سطحيا ومنحرفا، فيعتقد بان واجب القاعدةينتهي عند إعطاء الرأي، وان قاعدة الحزب هي هذا المجموع الكبير من الأعضاء، من شتىالأنواع، من المثقفين ومن الطليعة الشعبية التي تجتمع في مناسبات وتنتقد وتحتجوتستنكر وتعارض وتستفسر لماذا حدث الشيء الفلاني ولماذا اتبع الحزب السياسةالفلانية ولماذا تصرف هذا الشخص على هذه الطريقة الخ..
أن اقتصاردور القاعدة على هذه المهمة لا يختلف كثيرا عن اقتصارها على التأييد والموافقة، أيأن قاعدة لا تعمل في الحزب إلا القول في بعض المناسبات: أنتقول لا وتقول كيف وتقول لماذا؟ هي تقريبا مثل القاعدة التي تجمع بين الحين والآخرلتقول نعم كالقطيع. إلا أن المرض في الحالة الأولى مكتوم ومبطن وغير ظاهر في حينانه في الحالة الثانية مكشوف. فالقاعدة التي تستخدم كالقطيع مرضها واضح وهي قاعدةمزيفة مضللة وبالتالي يكون الحكم عليها سهلا فإما أن تستبدل أو تصلح. أما المرضالذي يأخذ الشكل السلبي والاحتجاج فانه يوهم بأنه حالة سليمة وبأنه ليس مرضا وإنماهو غاية الصحة طالما أن المظاهر تدل على الوعي والتدقيق والوجدان الحزبي الذييستوضح دائما أو يناقش ويدقق. وكلتا الحالتين مرض، فما هي الحالة السليمة للقاعدةالسليمة؟
الحالةالسليمة هي أن يكون قول القاعدة بقدر عملها، وان تكون حقوقها بمقدار مسؤولياتهافلا تطالب إلا بمقدار ما تؤدي من خدمة وعمل، ولا تحتج ولا تعترض إلا بمقدار ماتؤيد وتعمل وتنفذ يوميا.
هذا معناه أولاأن هذه القاعدة لا تتلهى بالنقد تلهيا ولاتتشفى تشفيا، وإنما تنتقد عن غيرة حزبية صادقة، لان وراء نقدها عملا ومساهمةوتضحيات. فمن حقها، ملئ حقها، أن تستفسر وان تعرف إذا كانت جهودها وتضحياتهامصبوبة في الطريق التي تحقق الغاية من هذه التضحيات، أم أنها ستذهب عبثا أو لأغراضخاصة غير سليمة وغير قومية. وثانيا لان الاعتراض والانتقاد عندما يصدران نتيجةالممارسة يكونان جديين ويكونان صائبين. فالذي يمارس العمل يعرف بالتجربة والمعاناةماذا يجب أن يصنع في مثل هذه الحالة. وعندما يعترض لايعترض اعتراضا نظريا بل يدرك أنهناك خطأ قد وقع.
فانتم أيهاالإخوان، معاذ الله أن نعتبركم تلك القاعدة السلبية اللاهية غير الجدية وغيرالمؤمنة، والتي تكتفي بالقول والنقد السلبي للتلهي أو للتشفي. نحن نعرف ونؤمنبأنكم شباب مملوؤن غيرة على بلادكم وقضية شعبكم، وانتم مرتبطون روحيا بمبادئحزبكم، والى حد بعيد مرتبطون فكريا بهذه المبادئ، والى حد اقل وابسط مرتبطونعمليا. وواجبكم أن يصبح ارتباطكم العملي في مستوى ارتباطكم الروحي والفكري. ولاأقول هذا فقط عن وضعكم الحاضر وانتم ما زلتم في وضع خاص، وضع الدراسة الذي لايؤهللحمل مسؤولية الحزب بكل نواحيها، فنحن نعرف ذلك ونقدره، ولكن الحزب لا يخاطبأعضاءه بالنسبة إلى اليوم الحاضر فقط، الحزب يفترض أن أعضاءه دخلوا إليه ليبقوافيه نهائيا وليربطوا مصيرهم بمصيره، وأنهم بعد أن يجتازوا وضعا خاصا معيناسيستقبلون وضعا آخر قد يكون مستقلا، وفي أي وضع وجدوا فهم مطالبون دوما أن يجعلواالواجب الحزبي في رأس الواجبات. فسواء اعتبرنا وضعكم الحاضر أو نظرنا إلى وضعكمالمقبل، عليكم أن تعرفوا أن المسؤولية الحزبية تتطلب جدية أكثر بكثير مما ألفتمواعتدتم حتى الآن.
أنكم كثيراما تتمسكون بعقائدية الحزب، وتظهرون الحرص عليها والخوف من أن ينالها أي تشويه.وطبيعي باعتباركم الجزء المثقف من الحزب، أن تشعروا أكثر من غيركم بهذا التجاوببينكم وبين العقيدة، وان تظهروا عليها مثل هذه الغيرة. ولكن في واقع الأمر ما هيالعقيدة؟ هل هي المبادئ المسطورة سواء أكانت مختصرة أم مفصلة وسواء أكانت واضحة أمنصف واضحة؟ هل العقيدة شيء مكتوب وشيء للمعرفة والدرس، يستوعبه الذهن فقط؟ وهل هيامتحان مدرسي كامتحانكم؟ هل العقيدة هي هذا الشيء السطحي الذهني؟ وهل هي أن تحفظواما يملى عليكم وان تقارنوا بين ما حفظتم وبين ما يطبق بعيدا عن مشاركتكم في الحزب،فتجدون أحيانا أن التطبيق بعيد عن الدرس الذي حفظتم؟
من تحصيلالحاصل أن نقول أن العقيدة هي ابعد ما تكون عن الدرس المحفوظ. أنها وان كانت لابد أنتمر بطريق الذهن حتى تفهم، غير أن الذهن ليس إلا طريقا، ليس إلا ممرا لا أكثر.وواجب هذا الممر أن ينقلها إلى الشعور والى الأخلاق والحيوية بكاملها، فتتحركشخصية الإنسان: تتحرك روحه، تتحرك عاطفته وأخلاقيته فيسجل مواقف جدية. ورب أناسيفقدون هذا الممر الذي يتوفر لكم انتم، أي ليس لهم ثقافة. رب أناس لا يفكرونفي العقيدة لأنهم لا يملكون وسائل المعرفةالكافية ليجعلوا من العقيدة فكرا. ولكنهم يستطيعون أن ينقلوها إلى الأخلاقوالعاطفة والحيوية كلها ويستطيعون أن يجسدوها عمليا في مواقف حية وجدية. وهؤلاء قديكونون أكثر عقائدية من المثقفين.
أتيت بهذاالمثال المتطرف لكي أنبه تنبيها عنيفا إلى أن الذهن وحده غير مجد،مع اقتناعي بان لا عقيدة جدية دون تفكير،وان عقيدة الفئات غير الواعية لا يمكن أن تكون جدية ولا يمكن أن تكون مضمونة متينةوبالتالي لا يمكن أن تخلص من الشوائب. إلا انه يجدربالمثقفين ألا يغتروا وألا يناموا على ثقة الثقافة.
إذ لا فائدةمن المعرفة عندما تكون خاتمة المطاف، وعندما تصبح غاية في حد ذاتها. فالمعرفة جسر إلىالعمل الجدي، وإذا لم تكن كذلك فهي أفيون للتخدير وهي واسطة للغرور ولتبرير الكسلوالخمول. فنحن في وسطنا هذا الذي نعيش فيه ونصمم على تغييره من أساسه، نجد أن لهذاالوسط قوانين، وان فيه قوى واقعية لا يمكن تجاهلها، وان له أساليب. فالعقيدة يجبأن تنزل إلى الأرض لكي تستطيع التأثير فيهذا الوسط وهي لم توجد إلا للتأثير فيه. فإذا نظرنا إلى العقيدة هذه النظرة عندهالا يمكن أن نقبل بان تبقى العقيدة في عالم منالغيوم والسحب، لا هي في السماء ولا هي في الأرض. العقيدة وبالتالي العقائديون يجبأن تكون أقدامهم على الأرض، ولكن يجب أن تكون نفوسهم حرة طليقة وان تكون عيونهمشاخصة إلى مثل أعلى. لا يمكن أن تتغلب العقيدةوان يتغلب العقائديون على فساد الأوضاع، على القوى الاجتماعية والسياسية المزينة -وهي قوى محسوسة في وسطنا - إلا إذا تجسدت في عمل واقعي. لا تكتسب العقيدة مبررهاالوحيد - وهي الحرية - إلا إذا استطاعت أن توازن وتعادل القوى الواقعية الفاسدةالراهنة، وأكثر من ذلك أن تتفوق عليها وتنتصر. ولا يمكن أن ننتصر على القوىالفاسدة بالكلام، بترديد الشعارات، بالاستنكار، بالاحتجاج الخ... نتمكن من مجابهةالقوى الفاسدة ومن التغلب عليها بالعمل الايجابي، بعمل واقعي على الأرض، وليس فيسحب الألفاظ والأفكار الغائمة وترديد الشعارات.
لولا ذلكلما جعلنا حزبنا منذ اليوم الأول لتأسيسه حزبا سياسيا. وما زلت اذكر أن الكثيرينممن يغارون على الحزب أو يظهرون الغيرة عليه اخذوا يتساءلون عندما ظهر الحزب،لماذا اخترتم هذا الطريق وانتم جماعة مثقفة خيرة؟ لماذا لا تكونونحركة لنشر الفكر والتبشير؟ بل ربما كان بعض الأعضاء الذين دخلوا الحزب في أول عهدهقد اخذوا بهذا الوهم أو هذا الخطأ. ولقد اجبنا المتسائلين بان الصفة السياسية التيحرصنا على أن تكون أصيلة في الحزب منذ أول تأسيسه، منذ ولادته، هي امتحان لجديتهولواقعيته وهي درء لشتى الأخطار التي تتعرض لها الفئة المثقفة كالخيالية،والمثالية، والجبن الذي يتستر بالمبادئ، وفقدان الرجولة.
هذا الحزبحزب سياسي ولكنه ليس كسائر الأحزاب السياسية. وانه حزب عقائدي وله أهداف يسعى إلىتحقيقها وهي الوحدة والحرية والاشتراكية. وهو حزب انقلابي لا يساومولا يقبل بالإصلاح الجزئي، بل سيناضل إلى آخر الطريق. أنها - الصفة السياسية -امتحان للبرهان على إن هذه العقيدة ليست أحلام مراهقين وخيالات لمعلمي المدارسوضعوها ليلهوا بها أنفسهم في ساعات الأرق، بل فيها من الحيوية ما يكفي لتدخل هذاالواقع الفاسد دون تردد وان تغير بالصبر والمرونة حتى تصل إلى تغيير هذا الواقعتماما فلا يبقى إلا واقعها الجديد وبذلك تتحقق العقيدة.
فإذا كنتم الآنتضمكم صفوف المدارس، وتأتون من شتى المدن والنواحي لتجمعكم الجامعة، وليس لكم فيالوقت الحاضر ارض تطئونها وتركزون عليها أقدامكم كما يجب، فانتم مطالبون في أقربفرصة ومنذ الآن - لأنكم لم تنفصلوا نهائيا عن الوسط الذي أتى كل واحد منكم منه -بان تعتبروا أن عملكم يجب أن يكون متجسدا، وان يكون على الأرض، في وسط معين، فيقرية، في حي، في بلد، في هيئة، مع جماعة، مع طبقة، مع بشر أحياء، وان تدخلوا هذاالوسط المملوء بالمصالح الخاصة، بالنفاق والكذب، بالجبن والانهزامية، بالجهلوبلبلة الأفكار، بالعجز: يجب أن تدخلوا إليه كل في ناحيته المتيسرة له، وانتكافحوا وان تنقلوا حزبكم الكبير إلى هذا الوسط الضيق الذي انتم موجودون فيه. انتممطالبون بالتالي بان تمثلوا الحزب بأفكاره وتوجيهاته، بأسلوبه ونضاله وان تلمسوايوما بعد يوم تقدما محسوسا بأنكم غيرتم شيئا ولم تتغيروا، وإذا تغيرتم فإلى أحسن، أنتزدادوا جرأة ومتانة ومرونة. أما إن تبقوا في جو ليس له حدود وليس له ملامح وليسله ارض يمشي عليها إلا هذه الاجتماعات في المكتب، وهذا الانفعال العاطفي كالذييسكر ويثمل بالعقيدة وترداد شعاراتها وألفاظها المبهمة، كل هذا لا يؤديإلى نتائج جدية.
لا أنكر ولااحد ينكر بان لكم كطلاب مهمة خطيرة، وقد قمتم بها في أكثر الأحيان وستقومون بها.وسيظل الطلاب عنصرا خطيرا من عناصر حركتنا القومية... بان تقفوا المواقف القوميةضد الاستعمار والطغيان واستغلال الشعب. هذا دور له أهمية ولا احد ينتقص منه. ولكنهل تريدون إلا يكون لكم إلا هذه الصفة، الصفة المؤقتة، وانه عندما تنتهي دراستكمتفقدون كل مؤهل للعمل الحزبي؟ فالذي يلتحق بوظيفة ينسى حزبه، والذي ينتقل إلىالحياة العملية ينسى حزبه أيضا الخ.. ابحثوا منذ الآن - إذا كنتم جديرين بمعنىالكلمة - عن الوسائل التي تتضمن استمرار حزبيتكم وبصورة جديه، لان الصفة الطلابية،بصراحة، لا تدل على قوة الحزب. فالحزب لا يحتاجإلى قوة مبدئية كبيرة وقوة تنظيمية كبيرة لكي يكسب الطلاب، إذ أنهم مهيئون لكييكونوا مع الحزب. ولكن الحزب يبرهن على انه فاعل وخلاق ومبدع ومرب عندما يكسب الأشخاصفي غير هذه الحالة السهلة العارضة المؤقتة.
الخلاصة أنكممطالبون الآن وفي المستقبل: الآن في هذه الحالة المؤقتة بان تتحملوا مسؤوليتكمالحزبية بجد أكثر، ليكون لمواقفكم العقائدية ولمناقشاتكم ومطالباتكم للقيادةوللحزب وزن ومعنى، وليكون فيها نضج وخبرة يجب أن تتحملوا المسؤوليات بجد أكثر بانتبادروا إلى العمل فاعلين لا منفعلين محرِكينلا محرَكين، أنتقبلوا بدافع ذاتي وان تملئوا كل الفراغ الموجود في الحزب، وهو فراغ كبير، عندهايكون لانتقادكم وزن وتأثير. إذ ما الفائدة من الاعتراض والصراخ بان المبادئ لا تراعىولا تحترم وان ثمة انحراف الخ... هذه أشياء قد تنجح في التخريب والبلبلة وإشاعة جوالتشاؤم واليأس ولكنها لا تخيف منحرفا ولا تخيفأشخاصا ليست لهم عقيدتكم. ولكن الذي يخيف والذي يرعب والذي يضع حدا لكل انحرافولكل تهاون أو تفريط هو أن تكون قاعدة الحزب قائمة بواجباتهامتسابقة إلى ملئ الفراغ متصلة بالشعب متفننة في خلق الأساليب التي تنمي النضال.عندها يصبح جو الحزب جوا عقائديا صحيحا منتجا ويصبح الذين يخالفون مبادئ الحزب فيوحشة وغربة وذعر، وعندها أما أن ينصاعوا أو أن يخرجوا. فحمايتكم للمبادئ تكونبالعمل وبتحمل المسؤولية الآن وفي المستقبل عندما تتركون الدراسة.
يجب أنتعرفوا الحقيقة وهي أن خدمة مبادئ الحزب، هذه المبادئ العامة، تكون في تنفيذ العملالخاص ولا اقصد بذلك عمل الأفراد لأنفسهم بل اقصد التنفيذ الجزئي. أن مبادئ الوحدةوالحرية والاشتراكية لا تتحقق بالتظاهروالهتاف، من قبل المئات والألوف لهذه الشعارات، وإنما تتحقق عندما يعمل العضوالفلاني في قريته مع خمسة أو عشرين من أهل القرية عملا منظما متواصلا يوصل إلىنتيجة، فيبدل فيهم التفكير والعاطفة وقوة النضال.
إني لواثق أنفي نفوس الشباب كل الإمكانيات وكل الاستعداد لتفهم هذه الدعوة إلى الجدية، إذ لاانقلابية إلا في مستوى من العمل جدي يصل إلى حد التضحية.
نيسان 1955
(1) حديثالقي في الاجتماع الحزبي لطلبة كلية الآداب بتاريخ 13 نيسان 1955
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

sheaar رد: موضوعات ثقافية للأعضاء والأنصار

مُساهمة من طرف admin الخميس نوفمبر 25, 2010 8:33 am

كيفنفهم التنظيم
في هذاالاجتماع (1) سأثير بعض مسائل تتعلق بالتنظيم والتوجيه فأنتم تترأسونفي الحزب فرقا وشعبا ومكاتب ومن الضروري أن تعرفوا ما هي مهمة قادة الفرق والشعبوالمكاتب، وكيف ينظر حزبنا إلى صفة القادة والتنظيم. وقد يخطر ببال الكثيرين أنالحزب المنظم، أو المثل الأعلى للتنظيم الحزبي، هو أن يكون الحزب كالجيش أو كالآلةالمحكمة الدقيقة. واعتقد أن هذه إن هي إلا تشبيهات ولن تصح. فمهمة الحزب غير مهمةالجيش، والحزب الذي هو مؤلف من أفراد أحرار لا يمكن أنيكون آلة أو كالآلة. إذن ففكرة التنظيم في حزبنا متصلة بفلسفة الحزب نفسها، ويصعبجدا أن نفصل فكرة التنظيم عن الفكرة الأساسية التي تقول بالحرية. فنحن نسعى دوماونلح في الطلب والتنبيه لكي يصل التنظيم في حزبنا إلى أقصى درجات الإحكام والدقة،ولا نعني بهذا مطلقا إننا نهدف إلى جعل الحزب آلة وجعل أعضائه أدوات صغيرة في هذهالآلة.
فالعضو ليسجزءا من الحزب. هذا تعبير خاطئ. العضو هو الحزب بصورة مصغرة، والمنظمات الحزبيةليست أجزاء. فالفرقة ليست جزءا ولكنها الحزب بصورة مصغرة. وبالتالي فالموجهونوالمنظمون والقادة في الحزب ليسوا أجزاء إذا جمعناهم فيكون منهم شيء كامل. كلا، وإنماكل واحد منهم شخص كامل، إلا أنهم يتناولون أجزاء من العمل. فليس من حذر في تجزئةالعمل في التنفيذ فقط ولكن التجزئة لا تصح مطلقا على الأشخاص، وبتعبير آخركل عضو في حزبنا عليه أن يعرف كل ما يهمالحزب، أن يطلع على هذا، وان يهتم، وان يعتبر نفسه مسؤولا. ولكنه منحيث التنفيذ لا يسأل إلا عن الشيء الذي أوكل إليه تنفيذه. أما أنيكون العضو في التنفيذ والتوجيه محدودا في ناحية جزئية من العمل الحزبي فهذا خطركل الخطورة.. أي لا يجوز له أن يطلع وانيهتم إلا بهذه الزاوية الصغيرة التي حصرنا جزءه فيها. هنا يتحول العضو إلى آلة،ومجموعة آلات لا تكون حزبا خلاقا يفيدالمجتمع وينهض به. من هذه المبادئ الأولية يمكن أن نستنتج بعض القواعد العملية فيالتنظيم والتوجيه. فقائد الفرقة مثلا ليس هو اصغر قائد. عليه أن يطلع على كل شؤونالحزب وان يهتم بكل شؤون الحزب ومصيره وان ينقل هذا الاطلاع إلى أعضاء فرقته. ولكنهيبقى محصورا في الحدود التي عينها له النظام الداخلي من حيث التنفيذ فقط. ففي حينعين النظام الداخلي للقيادة العليا أمر معالجة السياسة والوقوف المواقف السياسيةالكبرى والاتصالات والمفاوضات وغير ذلك لم يعط قيادة الفرقة مثل هذه الصلاحياتوالمهام. إلا أن قيادة الفرقة حتى تكون قائمة بواجبها يجب أن تعرف بصورة معقولةمختصرة، دون تفصيل ولكن بصورة واضحة، ما هي سياسة الحزب وما هي المواقف التي يقفهاومبررات هذه المواقف. فالفرقة لا يطلب منها أن تعالج مباشرة السياسة العامة بلبواسطة القيادات التي هي أعلى منها. ولكن لا يجوز أنتبقى جاهلة لهذه السياسة وان تكتفي باستلام الأوامر والتنفيذ.
وهناك نقطة أخرى.فلا يظن البعض بان نتيجة العمل تكون بنسبة ارتقاء هذا العمل في التسلسل الحزبي:القيادة العليا أو قيادة قطر أو فرع أو شعبة أو فرقة. هذه نظرة خاطئة لأننا إذاحرصنا على الصورة الأصلية لحزبنا أن يكون حزب أفراد أحرار فالقيمة لا تكونفي مرتبة العمل في التسلسل، هل هو في المرتبة العليا أو الوسطى أو الدنيا، القيمةتكون في أداء العمل على أحسن شكل، وفي التعمق بأدائه والإخلاص به وفي إعطائه حقهالكامل من الجهد والاهتمام. وأكاد أقول شيئا ليس هو يقينيا ولكن لأبرهن لكم علىفساد النظرة التي تعطيها القيمة للمرتبة. أكاد أقول أن الأمر على العكس وان القيمةتكون للمجالات الدنيا أكثر من العليا مع قناعتي أن القيمة إنما هي في درجة الإخلاصوالتعمق في تأدية العمل. ولماذا قلت لكم هذا القول؟ لأنه كلما ارتفعت مراتب العملفي الحزب كثرت المشاغل وابتعد القادة عن المعاناة الحية مع الأعضاء لينهمكوا فيأمور فكرية ونظرية وعملية تتطلب ولكنها لا تسمحبالاتصال المباشر كثيرا، في حين أن العمل في المراتب الدنيا هو اقرب إلى الحياة لأنهدائم مع الأعضاء كأفراد أحرار. فإذن المجال مفتوح أكثر لتربية هؤلاء الأعضاءلاستخدام الحرية في تنمية مواهبهم وكفاءاتهم وفضائلهم لأنه لا شيء يعادل الاتصالالمباشر.
هذا هوالعمل المجدي الخلاق. انه تأثير مباشر من حرية على حريات مماثلة وإرادة على إراداتمماثلة ومن نفس على نفوس أخرى... وعندما تقوم حواجز بين القادة والأعضاء، حواجزغير حية، في المشاريع والدراسات والمواقف السياسية، يصبح مجال الخطأ أكثر لان هذاالاتصال قد نقص. فإذا اردنا أن نحرص على الصفة الانقلابية -لان حزبنا لم يوجدليكمل الواقع المريض وإنما ليبدل ويقلب- فإذا حرصنا على انقلابية الحزب يشتد حرصناعلى فهم التنظيم على هذا الشكل ونقضي على كل هذه الآلية المنفرة في التنظيم والتيتوهم بان الحزب ليس إلا صورة عن دوائر الدولة لتسيير الأعمال وقضاء الأشغالولتحويل الأوراق وللقيام ببعض الأعمال دون رغبة وقناعة ومحبة. ومتى انتهت هذه الأعماليشعر الأعضاء بالحرية وبأنهم انتهوا من سخرة ثقيلة.. هذه الصورة لا تخلقنفوسا وكفاءات ولا تؤثر على المجتمع.
التنظيم فيحقيقته روح ومحبة واحترام الكرامة الإنسانية. فالتنظيم الآلي كله احتقار للإنسان لأنهيعتبر الأعضاء أرقاما فقط في حين أن البشر ليسوا أرقاما وكل منهم يختلف عن الآخرلان فيه ما يهيئه لان يخدم قضيته وفكرته، وبشكل خاص لا يتسنى لأيشخص آخر لان يخدمها بهذا الشكل. على المنظم أن ينظر إلى أعضاء فرقته كل باسمه،وشرط شخصيته، أنا لا افهم مطلقا أن يدخل أمين الفرقة وينظر إلى مجموع الفرقة كأنهاجسم غامض، وان يؤدي واجبه بشكل آلي ويطلب ما يجب أن يطلبه منها. الفرقة هي جسماصطلاحي، فلتسهيل العمل قسمنا الحزب إلى فرق. ولكن في الواقع الخمسون والثلاثونوالعشرة لا يمكن أن نعتبرهم شيئا واحدا. خمسون معناها هناكخمسون عضوا لكل عضو كفاءات معينة وفيه عيوب يجب أن تعالج. فأمين الفرقة أن لم ينظرإلى فرقته ويوثق الاتصال بينه وبين كل عضو ليكتشف كل واحد منهم بما فيه من كفاءاتومميزات وبما فيه أيضا من نواقص ورواسب تعرقل عمله الحزبي كنقص في الثقافة وخلل فيالمزاج أو أي شيء آخر.. أن لم يكشف ذلك ليساعده على أن يؤدي عمله فانه لا يكونقدا قام بواجبه الصحيح. فواجبه إذن أن ينظر إلى الفرقة بأنها مؤلفة من بشر أحراروليست أداة للتنفيذ فقط. وعندما أقول قائد الفرقة فكأنني أقول كل عضو في الفرقة.فليس من فرق أساسي في حزبنا بين القائد والمقود لأننا نفهم القيادة بأنها حرية لا تفرضعلى الآخرين أشياء لا يقتنعون بها. وإنماالقيادة هي أن تكشف لهم عن حريتهم حتى يقتنعوا بما اقتنعنا به. وهكذا يتحقق الفرض الأساسيمن تكوين الحزب وهو أن ننشئ مواطنين عربا أحرارا بنفسية جديدة بإرادة جديدة. لا نستطيعأن نخلق مواطنين إلا بالاتصال المباشر مع الأشخاص لا مع المجموعة.
في مجتمعنا أفكارخاطئة كثيرة وخرافات عامية يتناقلها حتى المتعلمون لأنهم لا يفكرونتفكيرا متعمقا. وكثيرا ما سمعنا في الماضي ونسمع حتى الآن إعجابا بالحركة النازيةمثلا، بالتنظيم النازي، ويتلهف الأشخاص الذين يتوهمون أنهم غيورون على أمتهمويتمنون أن يتسنى ذلك لبلادنا. فمصير التنظيم النازي تعرفون ماذا حل به، ولكن يجب أنتنتبهوا إلى انه إذا كان التنظيم على الأسلوب النازي أصاب الألمان بضرر فأنه يصيبالعرب بأضعاف من هذا الضرر. فالأمة الألمانية أمة راقيةقطعت مراحل في الحضارة وكان تاريخها في صعود واستوفت نصيبها من الحرية، وأثمرت هذهالحرية حضارة وفكرا... واتى وقت أصيبت فيه بهزيمة في الحرب أثرت على النفوس فتسرب إليهااليأس ونشأ شعور بأنه من المستحسن أن تقيد الحرية فترة مؤقتة ليحزموا أمرهموليحققوا مطلبا قوميا.
وكان هذامبرر لذلك التنظيم. ولكن الشعب المتحرر الراقي المتشبع ثقافة وفكرا لا يتحولبيوم واحد إلى آلة حتى ولو أعطي صفة الآلة لأن كل تكوينه قام على الحرية. ومع ذلكفقد أساء هذا التنظيم وورطهم في أخطار ومحن كثيرة. ولكن يجب أن نذكر الفارق بينحالة العرب وحالة الأمة الألمانية. حالة العربإننا انقطعنا منذ قرون عن الحضارة، ونسينا الحرية منذ مئات السنين، وفقدنا دوافع الإبداعومقومات استقلال الشخصية التي تعرف كيف تتصرف.
وإذن فنحنبحاجة إلى ما يفتح فينا هذه الاستعدادات التي طمرت وخنقت، نحن بحاجة إلى تكوينالفرد العربي الحر المسئول الواعي المستقل. بحاجة إلى تكوين الإنسان العربي. لأنالنظرة الإنسانية في جوناكادت تنعدم، لذلك قلت أن فكرة التنظيم لا تختلف عنفلسفة الحزب نفسه. فكما أن مهمة الحزب أن ينشئ، مجتمعاعربيا جديدا تسوده الحرية وتنطلق فيه قوى الإبداع عند أفراد الشعب الذي ترجع إليهالمقاييس والقيم الإنسانية الخالدة، فهو، أي حزبنا، مطالب بان يربيالإنسان العربي. والإنسان العربي لا يربىبالتنظيم الآلي بل بهذا الاحترام لشخصية كل عضو، بهذا التعرف الصبور المحب لشخصيةوكفاءة كل عضو، ولأخطاء ونواقص كل عضو.
ولا أظن أنثمة حاجة إلى الاستدراك بان ما قلته لا يتنافى قطمع حاجتنا إلى الاختصاص في الحزب، وعندما أقول بأن كل عضو يجب أن يعرف تقريبا كلما يجري ويهم الحزب... وكل قائد فرقة أو حلقة عليه أن يطلع على كل هذه الأمور كافة،هو المسئول عنها، لا أظن أن أحدا منكميفهم من ذلك أن العضو الموجه، يجب أن يتلهى بالأمور البعيدة ويهمل واجبه الخاص به،أن يشغل فكره بما يجري في ابعد مكان ويقصّر هو فيواجبه المباشر الذي إذا قصر فيه اختل عمل الحزب.
المقصود أولاالبرهان على وعي العضو وتشبعه بفكرة الحرية أن يقوم بواجبه. ولكن لا نريدأن يكون العضو بزالا في الآلة ينفذ العمل الصغير ويجهل كل ما حوله. إنما نريد أن يكونحرا حاملا مسؤولية الحزب كله، فعليه أن يطلع لينفذ هذا العمل الصغير بنفسية كبيرة.
إذا كانمهتما بالحزب فلا يعود هذا العمل الصغير الموكل إليه تنفيذه عملا صغيرا وإنمانابضا بالحياة، تتلخص فيه رسالة الحزب.
إذن نظرتناالحرة إلى التنظيم لا تتضارب مع التنفيذ الجزئيوتنمية الكفاءات الاختصاصية. فالاختصاص هو في التنفيذ، أما في العقل والنفس فلااختصاص ولا تجزئة وإنما يجب أن تكون النفس مرآة لوحدة الشخصية ولوحدة قضية الحزب.
(1) حديثألقي في اجتماع لقيادة الحزب في دمشق بتاريخ 24 حزيران 1955
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى