ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

في التنظيم والتربية الحزبية القيادي الثوري

اذهب الى الأسفل

في التنظيم والتربية الحزبية  القيادي الثوري Empty في التنظيم والتربية الحزبية القيادي الثوري

مُساهمة من طرف admin السبت يونيو 18, 2011 10:47 am



في التنظيم والتربية الحزبية

القيادي الثوري


الأحزاب البرجوازية والأحزاب الثورية :

قامت في الوطن العربي أحزاب برجوازية لا حصر لها ، نمت هذه الأحزاب وترعرعت بأموال قادتها ومن أجل مصالحهم ، وبعض هذه الأحزاب تصدى للاستعمار حينا من الزمن، وسايره حينا آخر، حين استلم السلطة في عهده أو بعد رحيله ، ولكن الفاجعة الكبرى لم تكن في ركوبها موجة الشعب في صراعها مع الأجنبي ، ألا أنها تحققت حين آلت إليها مقاليد الأمور وتصدت للشعب بعدئذ لتسلبه حقوقه وامتيازاته، وتقاوم طموحاته، لان مصالحها بالأصل كانت ضد مصالح الشعب ، وكم مرة التقى هؤلاء القادة أنفسهم مع الأجنبي ليكون لهم ظهيرا على شعبهم ! .. وطبيعي أن هذه الأحزاب هوت حين فقدت قاعدتها الشعبية، لأنه ما خلد حزب تحدى إرادة الشعب .

حين من الدهر، والجماهير العربية غافية على الواقع المفروض عليها، ما دام ا لحاكم وطنيا، وما دامت الحزبية في بلادها تحمل العناوين العريضة الجميلة، فلم تر هذه الجماهير غضاضة من أن يتصدر صفوفها، ذوو المراكز الاجتماعية أو من كانوا يملكون بعض ثقافة، وكلاهما ينتمي إلى الطبقة البرجوازية، وكانت تلك الأحزاب غالبا تأخذ شكل تجمعات وتكتلات ونواد ، لا أثر لها في قيادة المجتمع والوصول إلى أعماقه، بل كانت هامشية تقليدية بعيدة عن روح العصر، وكانت تتخذ من حدود الإقليم المفروضة عليه حدودا لنفوذها، وكأنه مزرعة لها ولأنصارها تقاوم أي تجاوز له وانتقاص منه ولو كان ذلك باسم العروبة والوحدة والقضية القومية .. إلا أن هذه الظاهرة السلبية لم تدم طويلا لأنها تتناقض مع سنة الحياة ، وتخفي من الصور أهم ما فيها وهم العمال والفلاحون والطلاب والمثقفون وجماهير الشعب كافة..

إن جميع تجارب النضال في العالم أكدت أن الوعي الذي يمتلكه المناضل الثوري مهما كان مستواه الاجتماعي هو أكبر بكثير مما يملكه ذوو المراكز الاجتماعية والثقافية، لأن العبرة في النضال وصنع التاريخ للأكثر وعيا واستعداداً للصمود، فالوعي أكثر أهمية من الثقافة، لأن الوعي هو استيعاب الواقع والقدرة على تفسيره، وتصور المستقبل والقدرة على الوصول إليه كما نريده .

إن التجارب النضالية في العالم وفي بلادنا أكدت أن العمال والفلاحين والطلاب والموظفين الصغار وصغار الكسبة، أكثر ثباتا في الملمات ، وجرأة في التصدي ، وصفاء في النضال ، من أغلب الذين تناوبوا المسؤولية السياسية والحزبية في بلاد العرب ..

ولا أريد من كلامي الإساءة إلى الثقافة والمثقفين ، وإنما أريد أن أقول : ليس شرطا أن تكون الروح النضالية وقفا على الثقافة والمثقفين!..

فالأحزاب الأكثر ثورية وعطاء وتعيش روح الثورة، وتعطي النضال حقه والمناضلين حقهم، هي التي لا ترى مانعا من أن يتسلم قيادتها عناصر تنتمي إلى العمال والفلاحين وصغار الموظفين حين يملكون مواصفات قيادية جيدة!..

لان القيادي الأكثر نجاحا هو الذي ينتمي إلى الجماهير الكادحة، لأنه عاش الاضطهاد، وشعر به ولم يستسلم له، بل ثار عليه أو أنه انسلخ عن طبقته البرجوازية وكان للقضية في كامل مواقفه!..

وطبيعي أن بنية الحزب عامل أساسي في نجاح الحزب أو فشله، وفي اعتباره حزب الكادحين أم حزب البرجوازيين..

بدهي أنه لا قيادة شعبيه دون حزب وإلا كانت هذه القيادة تجمعاً مرحلياً ، سرعان ما ينتهي بانتهاء مناسبته، وبالمقابل فان الأكثر بداهة هو أنه لا حزب دون قيادة .

فالقيادة شرط أساسي وأول في قيام الأحزاب السياسية ، لأنها رأس الحزب، تمنح القيادة أحزابها القوة حين تكون قوية، وتسبب لها الاحراجات والمتاعب والضعف حين تكون متخاذلة ضعيفة..

قل لي من هو قائد الحزب، ومن هي القيادة التي تشاركه المسؤولية، أقل لك ما هو مستوى الحزب، وما هي ضمانات نجاحه واستمراره، بل ما هو مستوى ثقة الجماهير بالحزب !..

*

إن أبسط متطلبات الحزب الثوري أن يملك :

1- الفكر الواضح

2- الخط الاستراتيجي الواضح أيضا

3- القيادة المناضلة التي تضع الأمور في نصابها وتمثل روح الحزب وثوريته .

والقيادة حين تقصر في تجسيد أفكار الحزب وروح الحزب في مواقف ثورية دائمة تقفها هي بالذات وقبل أن تطالب القواعد بها تفقد صفتها القيادية..

وهي حين لا تستوعب فكر الحزب، تكون قيادة شكلية هزيلة عاجزة، غريبة عن الحزب والحزبيين.

وهي حين لا تسير ضمن خطة ترسمها لنفسها وللحزب تدفع بنفسها رياح الفوضى إلى الحزب.

وهي حين لا تضع العضو المناسب في المكان المناسب تجرد الحزب من أثمن ما فيه (ثوريته)، فتتخلخل العلاقات النضالية وتهتز قيم النضال .

والقيادة حين لا تكون في مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها بحكم موقعها، ولا تعلن عجزها بروح نضالية عالية تكون متآمرة على الحزب ورسالته ، ومن حق القيادات الدنيا والقواعد أن يجردوها من الثقة التي منحت لها لكي يحل محلها الأكثر جدارة وكفاءة وقدرة على تمثيل نضالية الحزب.

لو عرف المرشحون للقيادة بمجمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم قبل ترشيحهم أنفسهم في المؤتمرات وكانوا مصممين فعلا على حمل هذه المسؤوليات، لقل عدد المرشحين إلى القيادة، ذلك لان مركز القيادة ليس منصبا سياسيا، ولا وجاهة اجتماعية، وإنما هو مسؤولية نضالية.

وكلما ارتفع مركز العضو قياديا، ازدادت واجباته النضالية، بل ازداد واجبه تجاه نفسه برفع مستواه الفكري والنضالي والأخلاقي ، وازدادت المحاسبة له على كل موقف يقفه، وكل رأي يبديه، إذ لا حزبي فوق المسؤولية والمحاسبة، ولا محاسبة أشد من محاسبة القيادي !..

من هو القيادي !!..

القيادي ليس عضواً عادياً ، وإنما هو عضو مناضل استوعب فكر الحزب وسياسته، ومواقفه وتاريخه، وأستوعب حاجات الجماهير وطموحاتها وقضاياها، وكان معها في كامل مواقفه، وكان له أيضا رصيده النضالي وسمعته الاجتماعية الجيدة لدى الجماهير الشعبية.

أنه مناضل متميز على المناضلين سواء بثورته على نفسه، وسيطرته على نوازعه وانفعالاته، أو بما يملكه من وعي وثقافة وجرأة وإرادة وطاقات، وهو بعد كل هذا من فاز بثقة أعضاء المؤتمر وانتخبوه..

يشترط في القيادي أن يكون نموذج نضال وثورة، ليس بما يضفيه عليه الأعضاء من صفات وألقاب، وإنما بما يمثله من سلوك الثورة وروح الثورة، أي بما يصدر عنه من خلال الممارسة والمواقف .

وأن يتصف بالتواضع، ونكران الذات، وحب الجماهير والتعاون معها وخدمتـها ، واستمرار جذوة الحماس عنده للحزب والحزبيين، والنضال والصمود في صفوف الحزب وخارجه، والبذل والعطاء على كل مستوى .

وقد يكون هذا القائد مناضلا أسهم في تأسيس الحزب وبقيت طاقته النضالية في صعود حين خمدت طاقات المؤسسين الآخرين ، وقد يكون مناضلا تدرج في سلم التسلسل الحزبي خطوة خطوة وحاز مكانته في مؤسسات الحزب بكفاءته وبقدراته التي يفتقر إليها سواه ، مما جعله ينال ثقة الحزبيين لينتخبوه في المؤتمرات الحزبية.

ولا يشترط في الانتخابات الحزبية أن ينجح الأكثر كفاءة فكرية ونضالية، فقد يصل إلى القيادة أعضاء ليسوا في مستوى المسؤولية ، وإنما ينتخبون إما لعلاقاتهم الشخصية بأغلب أعضاء المؤتمر، أو بسمعتهم الأخلاقية فحسب ، ويكون العضو القيادي بعد كل هنا مفتقراً إلى الصفات التي تؤهله لهذا المركز الكبير، وتذهب الأحزاب الثورية ضحية الشكل الجامد للديمقراطية البرجوازية، لأننا لو وضعنا الأسس المسبقة لمن يحق له أن ينتخب، ومن يحق له أن يرشح نفسه، و لقيمة صوت القيادات النضالية، إذ لا يعقل أن تتساوى أصوات أعضاء المؤتمر كافة، إذ يجب أن يكون للقيادات التي تمارس النضال صوت متميز في اختيار العضو القيادي لأنها تعرف عنه ما لا يعرفه أعضاء المؤتمر، وهنا طبعا مناقض لمبدأ الانتخاب المتعارف عليه!..

لقد انزلق حزبنا مرات في اختيار قياداته، فتارة كان يختار المتواجد في دمشق لأهمية- العاصمة في نظر الحزب دون أن يعبأ كثيرا بمستوي العضو الذي اختاره، وتارة أخرى كان يختار من يملك ثقافة ما، أو من كان معروفا في المجتمع أكثر من سواه ، أو من يملك موهبة خطابية !.. بل مر بنا ظرف كنا نعطي هذه الميزة للعضو الذي يملك سيارة لتساعدنا في التحرك .. وهكذا كان ينحدر الحزب قياديا ويفقد ثوريته والكثير من ميزاته في هذه التقييمات العرجاء الشوهاء !!..

من هي القيادة !!..

لا نعني بالقيادة ، القيادة العليا لوحدها : أي الأمين العام والمكتب السياسي فقط ، وإنما تعني القيادات الحزبية كافة وعلى مختلف المستويات ، ما دامت هذه القيادة تمارس مهامها الحزبية ضمن مؤسسات الحزب ، ومهامها السياسية في علاقتها بالجماهير الشعبية والقوى السياسية الأخرى ..

إنها الفصيل الذي نال ثقة القواعد في المؤتمرات، فانتخبتها قناعة منها بأنها الأكثر إفصاحا عن إرادتها، وتمثيلا لروح الحزب وفكره ورسالته، والتي تتمتع بالأخلاق النضالية التي هي خير دعاية للحزب، وبالسمعة الاجتماعية الجيد ة لدي الجماهير، والتي لها رصيدها النضالي الذي يزكيها لدي هذه الجماهير ويبرر ثقة القواعد بها، لان القائد دون تجربة مسبقة له هو عضو في مجال الاختبار، وحرام أن يوضع الأعضاء في اختبارات كهذه لأنه لا يجوز أن يصل إلى القمة الذين نجحوا في كل الامتحانات، لان مستقبل الحزب لا يترك بيد الأقدار!..

لقد أخذ حزبنا بمبدأ القيادة الجماعية ، وأعتبر المكتب السياسي السلطة الأولى في الحزب بقيادة الأمين العام ، وأن اللجنة المركزية هي التي تضع خطة العمل له تنفيذاً لتوصيات المؤتمرات الحزبية.. وما أخدنا بهذا المبدأ إلا لكي نجنب الحزب مزالق الفردية، ولكي تكون القرارات الصادرة عن الحزب مدروسة بدقة، حيث ينجو الحزب من كثير من الأخطاء التي ارتكبتها أحزاب أخرى، ذلك إن ما يصدر عن المجموع حتى لو كان أقل صوابا من قرار الفرد فهو يعتبر قرار الحزب لا قرار الفرد، وهو في منطق الحزب هو الأكثر صواباً .

لا قيادة فوق الخطأ

مهما كان مستوى القيادي الفكري والنضالي والأخلاقي، ومهما كانت ثقة الجماهير به كبيرة ، فانه يبقى إنسانا له مزاجه، وله ميوله ورغباته وانفعالاته وعلاقاته الشخصية. ولا بد من أن يكون لكل هذا أثر في قناعاته وقراراته ومواقفه ولو في حدود معينة..

ولكي يتجنب الحزب كل هذا كانت القيادة الجماعية هي أول خطواتنا التنظيمية، فكان المكتب السياسي، وكانت اللجنة المركزية، وكانت مؤتمرات الحزب ومؤتمرات الفروع .

ليمس لقيادي في الحزب أن يدعى لنفسه العصمة من الخطأ أو الذلل ،أو أن يدعي امتلاك المعرفة كاملة والوعي كاملا..

لقد مضى إلى غير رجعة منطق (الصنمية) أو ما نسميه بإضفاء هالة (القداسة) على القيادات ومنحهم العصمة..

الهالة لا تمنح للقيادات مهما كان مستواهم النضالي كبيراً ، ومهما كان عطاؤهم ، ذلك لأنهم يقومون بواجبهم الحزبي ومن خلال موقعهم القيادي .

الهالة دائماً وأبداً للحزب الذي ينتمون إليه، والقضية التي يناضلون من أجلها

القيادي الناجح هو الذي يخلق قيادات ناجحة، وهو حين يسلط الأضواء على ذاته في الحزب يحجب النور عن نظرائه في القيادات ..

انه من خلال الممارسة النضالية اليومية يجب عليه أن يكتشف القيادات الناجحة التي تقف بجواره لكي تكون له ظهيرا في المواقف الكبيرة..

وحين يعجز الحزب من أن يأتي بمثله أو بمن يملك بعض قدراته، يمكن القول أن هذا الحزب ضعيف وعقيم، لان قوة الحزب بمقدار ما يفرز إلى المجتمع من قياديين ناجحين يتقبلهم الحزب وتتقبلهم الجماهير، ولا فرد مطلقا قادر على أن يحل محل هيئات الحزب ومؤتمراته ..

إن يتميز في الحزب قيادي على سواه من القادة ، هذه ظاهرة طبيعية وضرورية ، وما لم يكن ثمة قائد متميز على سواه لانحدر الحزب إلى الفوضى والصراع بين القياديين المتماثلين..

أما أن يقود هذا القائد حزبه دون مؤسسات حزبية يعود إليها حين يتخذ قراراته الحزبية، فان الحزب يفقد مبرر وجوده لان الدكتاتورية في الحزب تعني عجزه عن أداء دوره الطليعي، لان ثمة أزمة خانقة تعبث به وتشده إلى الخلف، ولقد شهدت بلادنا في مراحلها السياسية السابقة مثل هذا النوع من القيادات..

المحاسبة

الطبقية في المجتمع الغافي على الاستغلال والاستثمار والتفاوت غير الطبيعي بين المواطنين مأساة اجتماعية تنز بالدم والقيح، وتولد الاضطراب في المجتمع ، وتحفر في القلوب الأحقاد والأسى، فيحتدم الصراع ، ويقل الإنتاج ، وينتشر الفساد والاضطهاد، ويستعر اوار الثورة ضد الاستغلال والقهر والاضطهاد، وهكذا كانت أغلب ثورات الشعوب في التاريخ..

وإذا كانت الطبقية في المجتمع جريمة، فهي أكثر من جريمة حين تنزل إلى صفوف المناضلين الذين يمثلون أعلى قمم الوعي والثورة .

الطبقية في الحزب ، والمحاباة فيه، وتفضيل العقيم على المنتج، لا تبني الأحزاب الثورية وإنما تقتلها من جذورها لتصبح أثرا بعد عين .. فإذا لم يواجه المناضلون الخطأ مباشرة ووجهاً لوجه، ويقتلعوه من الجذور. تبدأ مواجهه القواعد همساً ثناثيا ، إلى أن تتطور إلى نقد جماعي، فثورة في الحزب وضمن مؤسساته لتقتلع الخطأ والمخطئين وتكون منعطفا كبيراً في حياة الحزب ضد القياديين الذين حابوا أو الذين تعالوا أو الذين لم يكونوا في مستوى أخلاق النضال الحزبي .

لا شيء يقتل الأحزاب مثل السكوت عن الخطأ جهلاً به أو تجاهلا له ، أو النظرة الثابتة إلى الأعضاء ، كأن يكون أعضاء للقيادة وآخرون للقاعدة ، حيث لا يقوّم الأعضاء وفق عطائهم ومواقفهم ..

والطبيعي أن تاريخ النضال في كل أحزاب الدنيا أكد أن قليلين جداً أولئك الذين بقوا محافظين على جذوة النضال متقدة عندهم ، وأن القادة هم أكثر الأعضاء تعرضاً للخطأ من خلال الممارسة.. لذلك لا ضير مطلقا في الأحزاب النضالية أن تنزل درجة العضو القيادي حين يخطيء خطأ فادحا أو يقصر دون مبرر، ولا ضير أيضا من أن يفصل من الحزب حين ينحرف عن خطه ونظامه!.. والمراجعة الدورية في ممارسة النقد والنقد الذاتي هي التي تثبت القيادي في مكانه أو تجرده من صفة القيادة .

حين لا يحاسب المقصرون يشجع الحزب أعضاءه على التقصير.

وحين لا يحاسب المنحرفون يشجع الحزب أعضاءه على الانحراف. ولا يبقى للحزب ميزة على أي تجمع أو تكتل ، فتختل قيم النضال، وقيم الحزب، ويوضع الأعضاء في غير مواضعهم، ويشعر الحزبيون جميعا بالاضطهاد يصيبهم فردا فردا، وبالغربة عن حزبهم!..

وبالمقابل تنزاح عن صدورهم صخرة كبيرة حين يحاسب المقصرون والمنحرفون، ويوضع المناضلون في مكانهم المناسب ، ليعطي كل ذي حق حقه وفق قدراته ومواقفه وعطائه.

المحاسبة في نظرنا يجب أن تبدأ بالقيادات قبل القواعد، لأنه ما تهاون عضو في الحزب إلا بسبب تشجيع القياديين له سواء بالسكوت عن أخطائه أو بحمايته حين يحاسب..

إن حزبا يحاسب قياداته على أخطائهم أو تقصيرهم يصبح مؤهلا لمواقف الحزم تجاه القواعد، أما حين تصبح خطيئة القيادي مغفورة ، وخطيئة العضو غير مغفورة يعلن الحزب إفلاسه من الانضباط والنظام ويسير في طريق التسيب والفوضى ، ويدفع أعضاءه في متاهات اللامبالاة .

فالأعضاء ليسوا أرقاما مجردة ، وإنما هم مناضلون ..

حين يختار العضو حزبه المفضل تسبقه إليه خطوات كثيرة : منها ممارسة النضال ومنها دراسة الوقع السياسي والاجتماعي، والمفاضلة بين الحزب وبين سواه " من الأحزاب القائمة، وتوفر القناعة لديه بقدرته على حمل مسؤوليات النضال..! أخلص من هذا إلى القول بأن الحزبية الثورية تمثل أعلى مراحل الوعي والنضج، وأن الحزب الثوري . لا يمكن له أن ينشد الكم لأنه لا يفتش عن أميين يقارع بهم العصر، وإنما ينشد مناضلين حقيقيين..

وان كل عضو حزبي هو الحزب كاملاً ، لما يحمله من فكر الحزب وإرادته وروحه.. انه مسؤول عن رسالة الحزب ومواقف الحزب أنى كان موقعه.

فالعضو الحزبي قائد للمجتمع، وهو صاحب حق بمعرفة سياسة الحزب وخطه وفكره ورسالته ومواقفه… وقيمة العضو في مدى فهمه لرسالة الحزب، وتمثيله لها، وحرصه عليها، ونضاله من أجلها…

إن هذا العضو الذي جاء إلى الحزب مضحيا بالأنا بإرادته من أجل الوطن والأمة، له حقوق على قياداته، في مقدمتها وعي رسالة الحزب، وحصوله على حقوقه كاملة، وممارسته واجباته كاملة، وهذا لا تحققه القيادات عفويا، وإنما تطالب القيادات بوضع خطط التثقيف المبرمج، من منطلق أن القيادة لوحدها لا تستطيع تحقيق أي نصر ما لم ترتكز على القاعدة المتينة في الحزب، وهي حين تتحمل أكبر الطاقات وأصعب المهام فكأنها تعلن عدم ثقتها بالقواعد، لان الطبيعي أن تتحرك كامل أجهزة الحزب لا بعضها !!..

الملاحظات السلبية في أغلب أحزابنا العربية التقدمية

1- إن أغلب القيادات الحزبية تتغير نفسيتها ويتغير سلوكها وتتغير علاقاتها حين تناط بها المسؤوليات الحزبية، وتتصور نفسها أنها أصبحت أمراً هاماً يختلف كثيراً عما كانت عليه قبل القيادة، فيضعف اتصالها بالقواعد وهي التي كانت قبل حين من هذه القواعد ، ويقل اهتمامها بالثقافة الحزبية حتى لتعتبر نفسها واعية لكل ما يصدر عن الحزب من فكر وموقف ، وتبتعد عن جو المسؤولية اليومية لتشغل نفسها بالتحليل السياسي وتوجيه الأوامر ومعالجة الخط العام ، وهي لا تدري أنها في كل يوم يمر توسع الهوة بينها وبين القواعد، لتشعر هذه القواعد بالغربة عنها، فيحل الشك محل الثقة، ويحل تمزق الحزب محل وحدته !.

ولتدارك هذه الظاهرة المأساوية في حياة الأحزاب نرى أن تكون القيادات موجودة مع الكوادر الحزبية ليس في المواقف السياسية فحسب ، وإنما في تحمل مسؤولية التطبيق، وذلك لتبقى جذوة النضال متقدة في نفوس الجميع، وليتضاعف نشاط الأعضاء حين يرون قيادتهم تمارس النشاط معهم .

2- ثمة خطأ رائج في أغلب أحزابنا وهي أن القيادي أقل الحزبيين خطأ، وان أغلب مواقفه وآرائه يجب أن تكون صوابا ، منطلقين من النظرة إلى موقعه، أي أن الموقع الذي يشغله هو الذي لا يخطىء !.

حين يعرف الأعضاء أن خطيئة القيادي أكبر من خطيئة العضو العادي ، وأن العقوبة له أشد من عقوبة العضو، يصبح للمنصب القيادي قيمة مختلفة عما هو متعارف عليه، ولا مبرر مطلقا للخلط بين الموقع وصاحبه إلا في حدود الاحترام الطبيعي المطلوب بين الأعضاء كافة والمطلوب للقيادة بشكل خاص .

3- حين توجه القواعد ملاحظاتها سواء في نقد بعض القياديين أو نقد بعض المواقف ، وقد تكون مصيبة في نقدها، نجد القيادات غالباً تتحدى القواعد، وتبرر تصرفها هذا بأنه لا يجوز الانتقاص من كفاءة بعض القياديين ، ومن واجب الحزب الدفاع عن سمعة القياديين .

إننا نأخذ موقف القيادة هذا إن القواعد حين تجمع على أمر فرأيها هو الصائب غالبا، وإن القيادي الضعيف لا يجوز له أن يأخذ قوته من حرص القيادة عليه وإلا ضاع الانضباط الحزبي، والقيم الحزبية ، وضاعت القيادة معه.

4- وثمة ظاهرة كالحة تقع فيها أغلب أحزابنا العربية، وهي أنه يمر في تاريخ الحزب عضو يختار أو ينتخب لمركز قيادي ، فيمارس النضال كقيادي زمنا، وفي الدورة الانتخابية التالية يسقط في الانتخاب ليصبح في مركز أدنى ..

أغلب الأحيان يصاب العضو القيادي الفاشل في الانتخاب بنكسة مؤلمة تدفعه إلى تجميد نفسه، فيقبع في منزله، ولا يتحمل نزوله إلى مستوى القيادات الدنيا أو القواعد .

والقيادي في نظرنا هو الذي لا تضمر فيه روح الثورة والنضال، لذلك مفروض فيه أن يستمر في النضال والعطاء أني كان موقعه، وهو حين يتوقف عن النضال والعطاء يصبح عضواً عاديا، وهو حين يستمر في توقفه يصبح مواطنا عاديا لا يجوز له أن يحظى بشرف العضوية فيفصل من الحزب دون تردد، لأننا بأيدينا نعطيه أجهزة التخريب حين لا نضيعه في مكانه الطبيعي .

إن من يناضل موسميا، أو بشروط ، ليس قائداً وليس مناضلا ، مهما كان مستواه الفكري والنضالي ، وإنما هو انتهازي يتحرك وفق الظروف والفرص ، يجب فضحه وفصله ، لان النضال أحوج ما يحتاج إلى أعضاء أشداء صامدين، يغنون الساحة بنضالهم، وحين تتغير مواقعهم في الحزب ارتفاعا أو هبوطا تبقى جذوة حماسهم متقدة، ويبقى عطاؤهم كما كان حين كانوا في سدة القيادة .

فالنضال لا زمان له ، ولا ظروف له ، ولا شروط له، والمناضلون يثبتون وجودهم في كل زمان ومكان، ولا يشترطون مواقع مسبقة لهم ليكونوا مع القضية أو لا يكونون .

مأساة النضال العربي أن نجد الحزبيين في بلادنا يعودون إلى دفاترهم العتيقة بين حين وآخر مفتشين عن مناضل عفى عليه الزمن ، وقبع في المنزل شاكيا غدر الزمان به ، أو أنه تقلب في أكثر من اتجاه مناقض وفشل!.. المأساة أن يطالب هؤلاء بتجديد نضالهم كأن النضال يحتاج إلى من يهز الضمائر من أجله !..

من لم يتحرك ضميره لمآسي بلاده بارإدته، ويعمل مسؤولياته تعبيرا عن انتمائه إلى الوطن والأمة ، حرام أن يستجره المناضلون إلى الساحة ، لأنهم يستجرون جماداً لا حراك به ، وهو عبء على النضال وليس قوة له ، فالنضال قبل كل شيء قناعة وإرادة .

5- في ظاهرة النقد والمحاسبة نجد أن أكثر الأعضاء نقدا هم أقل الأعضاء عطاء..

من حق القواعد أن تحاسب القيادات ضمن المؤسسات الحزبية ، ولكن العضو الذي يملك هذا الحق هو العضو الذي يقوم بكامل واجباته ، لا العضو الذي يقصر في واجباته ويمارس هذا الحق إلى أقصى حد ممكن . إن هذه ظاهرة سلبية في الحزب الثوري .

لا حقوق للعضو المقصر في واجباته، ومن واجب الحزب أن يجرد هؤلاء الأعضاء ليس من حق النقد فحسب، وإنما من حقوقهم الأخرى ، إلى أن توقع فيهم كامل عقوبات النظام الداخلي .

إننا لسنا مع الديمقراطية الحزبية بحجة الحرص على رأي القواعد لتأخذ حريتها بالنقد والتجريح خارج المؤتمرات الحزبية والمؤسسات الحزبية ، إن هذه المواقف تضعف الحزب ، وتزرع في صفوفه الفوضى، وتشغل الأعضاء عن واجباتهم الحزبية إلى الدخول في متاهات لا تولد إلا التمزق في صفوف الحزب بل وفي العضوية نفسها، فيفقد الحزب السيطرة على القواعد ، ولا تبقى لقراراته ونظامه وقياداته أية قيمة .

الطريق الوحيد إلى النقد هو مؤسسات الحزب ومن الأعضاء العاملين، إذ لاشيء يقتل الأحزاب مثل الفراغ النضالي ، حين لا يكون لكل عضو في الحزب . مهماته التي يجب أن ينجزها كل أسبوع ، أما حين لا يتحقق هذا بسبب الاسترخاء والفراغ والعقم ، فلا يحق للقيادات محاسبة القواعد، وإنما من حق القواعد حينذاك أن تحاسب قياداتها !.

الانتهاز

الانتهاز ظاهرة سوداء في حياة الأحزاب عامة لم يخل منها حزب من الأحزاب ولو بنسبة معينة، وهو جاهز دائماً لركوب الموجات وفق مد الأحزاب وجزرها إلا أن الحزب الثوري هو الذي يلفظها منذ اللحظة الأولى ، أما الأحزاب الأقل ثورية فإنهـا تفسح المجال لها للعبث حينا من الزمن تصوراً منها بامكان إصلاحها إلى أن تضيق بها ذرعا فتلفظها من صفوفها أخيرا ، ولا تترك هذه العناصر الحزب إلا بعد إن تترك وراءها آثارا مربكة له .

إن الانتهازيين ذوي المصالح الخاصة والأطماع الشخصية لا قضية لهم ، ولا يهمهم إذا تقدم الحزب الذي انتسبوا إليه أم تأخر، بقدر ما يهمهم تقدموا هم أم تأخروا…

لقد شهد تاريخ الأحزاب جميعا هـذا الانتهاز يفاوض باسم الحزب – دون علم منه- من أجل بعض ظهور على المسرح السياسي أو من أجل مغنم يحققونه.

هنا الانتهاز لا يأتي بسبب براعة فكرية أو اجتماعية أو سياسية يملكها أصحابه، وإنما يتخذ الانتهازيون من علاقتهم الشخصية ببعض القياديين سبيلا إلى التسلل إلى الحزب والتمكن منه من أجل استغلاله ، وحين يضعف الحزب يكون هؤلاء الانتهازيون أول من يغادرونه ويهاجمونه، ولا ينسون أن يبرروا تخاذلهم هذا بمنطق الحرص على النضال والمسيرة ، لان الانهزامي لا يلقي سلاحه بسهولة..

والانتهاز بعد كل هنا ليس معطلا لمسيرة الحزب فحسب ، وإنما يشوه نضاله، ويخلق له المتاعب التي تصبح إزالتها بعدئذ موقفا نضاليا من الحزب ، إلا أن تطهير الحزب من الانتهاز قبل استفحاله هو الموقف المطلوب من المناضلين، لان النضال والانتهاز نقيضان لا يلتقيان، فالنضال نكران للذات وتضحية وإيثار، والانتهاز مصلحية وأنانية وفردية !..

إن قبول الانتهاز بالسكوت عنه ينفي عن الحزب الصفة الثورية، ويحرفه إلى صف اليمين المتخلف العاجز مهما ادعى من شعارات ، لان مجرد قبول الانتهاز في صفوف الحزب يعني قبول التخلف والمصلحية والتردد والاستغلال والمساومات، وهنا يجرد الحزب من ثوريته ليجعل منه حزبا بورجوازيا أو تجمعا مرحليا ، إذ لا تعيش الانتهازية إلا في جو اللا ثقة وفي جو التخلخل الحزبي، وفي مرحلة تجاوز العلاقات الحزبية الصحيحة..

***

لقد شهد حزبنا هذا النوع من الانتهاز خلال مراحل نضاله ، ولم يستطع هؤلاء المرضى أن يسيئوا إلى الحزب ، وإنما أساؤوا إلى أنفسهم . لقد بادر حزبنا فورا إلى طرد الانتهاز من صفوفه مرات، وكانت هذه المواقف منه دفاعا عن قيمه وأخلاقه ووجوده .

والحزب حين يطرد الانتهاز من صفوفه لا يخسر شيئا، لان الانتهاز أصلا ليس كسبا للحزب، وإنما هو ضعف له، لأنه ينشد مصالحه ليس إلا، والتخلص من الشوائب والمعوقات مواقف صحة وقوة .

والحزب حين يطرد الانتهاز من صفوفه لا يكون عمله هذا كبيرا،لأنه كان المفروض فيه أن يفضح الانتهاز قبل أن يمارس أي نشاط ، وكانت نقطة الضعف عندنا أننا لم ننطلق من سوء الظن بأعضائنا، ولم نتخذ إجراءاتنا القمعية إلا بعد أن تمادوا في أخطائهم وانحرافاتهم .

لقد وضعنا أيدينا على الانتهـازيين وهم يهاجمون حزبهم وقياداته ومواقفه ، وهم يساومون أفرادا من السلطة على حزبهم ، ويقيمون علاقات مع الغير دون معرفة قيادة الحزب ، مع أن أبسط متطلبات العضوية الحزبية هي أن تكون قيادة الحزب على إطلاع بكل ما يقوم به الأعضاء سواء مع الحزبيين الآخرين أو غيرهم ، وفي أي مستوى كانت هذه الاتصالات ، وانه لا صلاحية لأحد بالقيام بأساليب المساومات أو ما يماثلها – مع أن السلطة لم تستجب لهم – ذلك أن من مسلمات الحزبية الصحيحة استقلاليتها في التفكير، واستقلاليتها في تحليل الأحداث وتقرير المواقف واتخاذ القرارات على أن لا يتعارض ذلك مع مقررات الجبهة الوطنية التقدمية وخطهـا العام ..

ونحن وإن كنا حلفاء صادقين لحزب البعث العربي الاشتراكي، نبادله الثقة والاحترام ، ونقدر رسالته ومواقفه وعطاءه ، ونكن لأمينه العام كل تقدير وتجلة، ونقف معه في خندق واحد في المعركة المصيرية اليوم !.. إلا أن هذا لا يبرر مطلقا لبعض من كانوا أعضاء في صفوفنا أن يتسكعوا على أبواب الحزب ، ويتحدثوا ويتصرفوا برضى مدعين لأنفسهم من النفوذ في الحزب ما لا يملكون منه شيئا ، لان النفوذ كل النفوذ للأكثر صدقاً مع الحزب والحزبيين، إن هذا الموقف خروج عن أبسط قواعد الالتزام الحزبي، إذ لا يمكن لأي كان أن يدعي أنه الحزب ، لا بل أن ينطق باسمه ما لم تفوضه المؤتمرات الحزبية وميثاق الحزب بذلك .

لقد كان نصيب هؤلاء الفصل فوراً ، وعملية الفصل هذه ليس فيها أي حقد عليهم أو على سواهم، بل إنها موقف دفاعي عن سمعة الحزب وتقاليده ونظامه ، ولا علاقة لها مطلقا بالموقف من حزب البعث العربي الاشتراكي ، إذ تبقى العلاقة بيننا وبينه علاقة نضال مشترك في صف واحد، ويبقى هذا الحزب وتبقى قياداته أقرب القيادات والأحزاب إلينا ..

والحمد لله ، لقد شهد القاصي والداني ، الصديق وغير الصديق، بأننا كنا مصيبين حين دافعنا عن الحزب وطهرنا صفوفنا في كل مرحلة مر بها حزبنا من هذه العناصر الطفيلية، من خلال عمليات المراجعة للحزب وسلوكه ودراسة مواقف القوة والضعف فيه..

ونحن اليوم ، وكل يوم ، لن نتورع مطلقا عن طرد كل من تسول له نفسه العمل في الظلام ، وهذا لا يعني أن ثمة في صفوفنا من يعبث ، فنحن اليوم في ظروف صحية تفتقر إليها الكثير من أحزاب القطر، ولسنا في يوم من الأيام أكثر انسجاما وقوة ووحدة مما نحن اليوم !..

واجبات القيادي

لا عضوية دون التزام بفكر الحزب وخطه ومواقفه..

والالتزام للقيادي أساسي وهام أكثر بكثير من العضو نفسه ، لان الالتزام هو المعيار الذي تقاس به حزبية العضو والقيادي معا..

لقد تكون حزبنا في ظروف السلبية المطلقة عهد الانفصال ، ولا تزال السلبية تلقى هوى في نفوسنا كأنها هي النضال وهي البطولة..

إن التقاليد التي ملكها الحزب من تراثه النضالي السلبي هي إضعاف ما ملكه الحزب من تراث النضال الايجابي إذ لا يزال كثير من أعضائنا أسرى أساليب النضال السلبي ورواسبه ، ويتصورون أنه لا نضال إلا من منطلق التشكيك والتهجم وإبراز الأخطاء وتجاهل المواقف الايجابية، وهنا يحرمهم من فهم الظروف الموضوعية للنضال المصيري الذي يخوضونه، والإسهام في عمليات التصدي والنضال والبناء..

لذلك أصبح للعضوية في حزبنا معنى مختلف عما كان عليه حين تأسس قبل سبعة عشر عاما، وأصبح للقيادي مواصفات تختلف عما كان مطلوباً منه قبلئذ.

ليس القيادي هو الذي تقل واجباته وتكثر حقوقه، بل على العكس إنه الذي تزيد واجباته على حقوقه، لان القيادي أكثر تحملا من الأعضاء في الملمات ، وأكثر منهم حملا للمسؤوليات ، وأكثر منهم بعد كل هذا تعرضاً للمحاسبة !.. لذلك يفترض في القيادة أن تكون فصيلا متقدما بوعيها وثوريتها وعطائها.. وهي حين تفقد ميزاتها هذه تتلاشى مكانتها لدي القيادات الدنيا والقواعد المناضلة، وتهبط من مكانها هذا لأنها عبرت بالموقف عن عدم جدارتها بمركزها ليحل محلها الأكثر وعيا، والأكثر منها ثورية وعطاء .

وبالمقابل فإن شعور الأعضاء بأن قيادتهم تملك من الأخلاق والوعي والثورية أكثر مما يملكون، حافز لهم على الإقتداء بها ، أما حين يشعرون أن قياداتهم تفتقر إلى صفاء القواعد، وأخلاق القواعد، وثورية ووعي القواعد حينذاك ، تكون الطامة الكبرى .

فكم من حزب هوى لان قياداته لم تكن في مستوى أهدافه حين جف معين نضالها، وتجمدت عند بعض خطوات ، وكانت قواعدها أكثر حماساً للقضية منها !!..

أو لأن بعض قياداته لم تكن جماهيرية شعبية، فتعالت على الحزبيين وعلى الجماهير، وأساءت إلى نفسها والى الحزب !!..

أو لأن بعض قياداته كانت لها أطماع شخصية، وحاولت استغلال الحزب لمآربها فكشفها الحزبيون وأنهوا وجودها..

إن حزبا يدعو الجماهير إلى الأخلاق، ولا يحقق القيم الأخلاقية الصحيحة في صفوفه، يصبح هذا الحزب في نظر أعضائه وفي نظر الجماهير تجمعاً عرضيا ثانويا، ولا يمكن أن ينال من الاحترام شيئا، بل على العكس يصبح انتقاده وانتقاد قياداته موقفا طبيعيا من الجميع، وسرعان ما يهوي ليصبح أثرا بعد عين، لان الحزب إن لم يأخذ صفة القدوة و النموذج فيما يدعو إليه كحزب وقيادات وقواعد يفقد صفة الحزب..

إن حزبا يدعو الجماهير العربية إلى الوحدة العربية، وهو لا يحقق الوحدة في صفوفه سواء بالانسجام في الفكر والسلوك ، أو بالتكامل والتعاون في المواقف ، لهو حزب سطحي لا يمكن أن يكون حزب الوحدة، فالنجاح في الدائرة الصغرى التي هي الحزب مقياس لنجاحه في الدائرة الكبرى التي هي الأمة .

إن حزبا يدعو الجماهير العربية إلى الاشتراكية ، وقياداته تمارس التعالي والأنانية وحب الذات وتتجاهل واجباتها ، وتغالي في ممارسة حقوقها، لا يمكن لهذه القيادة أن تكون يوما في صف الحرية والديمقراطية والاشتراكية ، لان أول متطلبات الاشتراكية هي أن يعيش القياديون، وتعيش القواعد أيضا الاشتراكية في العلاقات الحزبية ومع الشعب ، وأن تسود في الحزب قيم الاشتراكية وأخلاق الاشتراكية بحب الشعب ، والنضال معه ، وبه ، ومن أجله.

إن حزبا يدعو الجماهير العربية إلى الحرية ، ويخفت صوت الأحرار في صفوفه ؛ أي أن لا تكون الحرية موجودة في كامل العلاقات الحزبية ، ولا تكون الديمقراطية فوق الجميع، يكون هـذا الحزب غير مؤهل لغرس بذور الحرية في الشعب ، أو النضال من أجلها حيث تصبح الحرية قيمة جوفاء لا معنى لها ، وما أكثر القيادات التي مارست الإرهاب الفكري في الحزب لكي تبقي على امتيازاتها فيه، وخلقت حولها المريدين والأزلام ، وكانت النتيجة أن وهنت علاقتها بالحزب، وهدمت كل علاقة بينها وبين القواعد ، فلم تقو بالحزب، ولم يقو الحزب بها، بل كانت وبالا عليه.

والثورية بعد كل هذا تتطلب العزم والشجاعة والحسم ، لا التردد العاجز الخائف .

إن القيادي المتردد أشد خطراً على الحزب من القيادي غير المتردد والذي يقع في الخطأ أحياناً .

أنه حين تتخذ القيادة قرارا، لا يجوز لها التردد في تنفيذه بعد إعلانه مهما كانت مبررات التأجيل.

ليس في موضوع التردد هذا ما يمكن أن يثار حول الدكتاتورية والديمقراطية، أن هذا دفاع الذين يريدون أن يوغلوا في الخطأ ، والذين يريدون أن يدافعوا عن أنفسهم إذا أخطئوا..

فالحقيقة التي لا يجب أن تغيب عن المناضلين هي أن التردد ليس من صفات القياديين ، فهو مناقض للشجاعة والجرأة والثقة بالنفس ، لان أول متطلبات القيادة في الممارسة هي أن يكـون القائد قادراً على أعطاء الرأي الصائب المنسجم مع خط الحزب حين يطلب الرأي منه، وأن يجيب الجواب الصحيح حين يسأل ، وأن يضع الحلول للمشاكل حين تطرأ.

ليست مهمة القيادي - كما يتصور الكثيرون- في إلقاء الأحاديث و الخطب على الحزبيين فحسب، وإنما هي في النضال معهم في كامل مواقفهم ، وبعث روح النضال والثورة في نفوسهم بالنموذج الذي يقدمه لهم ، وبتبصير الحزبيين بحقوقهـم وواجباتهم ، بواقعهم وتطلعاتهم وبالقضاء على روح الاتكال و التواكل ، لان العضو الذي لا يمارس نضالا محددا له هو رقم ليس غير فالمطلوب من القيادات هو أكبر بكثير من المطلوب من الأعضاء ، وحسبنا أن نقف أمام بعض هذه الواجبات :

مطلوب من القيادات الحزبية :

1- أن تزيد من ثقافتها كل يوم، لكي تكون في مستوى الأحداث والمسؤولية

2- أن تزيد من خبراتها ووعيها وممارستها النضالية ، لكي تكون مؤهلة من خلال الممارسة للحصول على ثقة الأعضاء ، وثقة القضية فيها.

3- أن تستفيد من عمليات النقد والنقد الذاتي الدوري وتصحح مسيرتها وتكون في مستوى هذه العمليات لا أن تضيق بها ذرعا .

4- أن تملك قابلية التفتح والتطور، بالإضافة إلى الروح الرياضية…

5- أن تمتن علاقتها بالقواعد، وتحترمها، وتقدر مواقعها، وتطور علاقاتها النضالية معها باستمرار، وأن ترعى العضو ومواقفه..

6- أن تتلقى ملاحظات القواعد - الوحدات التنظيمية الدنيا - وتنسقها وتصيغها، لكي تكون منها خطة عمل لها، وسياسة مرحلية تسعى لتطبيقها، لان رأي القواعد هو رأي الجماهير الشعبية نفسها.

7- أن تمتن علاقتها بالجماهير الشعبية، وتستوعب مشاكلها، وأن تختار منها العناصر النضالية، لان انعزالها عن هذه الجماهير إضعاف للحزب ورسالته.

8- أن تستوعب الظروف الموضوعية الراهنة ، ونشاطات القوى السياسية والمطالب الشعبية.

9- أن تنتصر هذه القيادات على نفسها بالتواضع والوعي والنضال وتتحرر من ترسبات المجتمع وعقده .

10- أن تكون هذه القيادات نموذجا يحتذى في الأخلاق النضالية ، ونكران الذات والغيرية، وأن تكون أكثر من سواها صموداً ونضالاً وتضحية وفداء لا تتأثر بالضغوط مهما كانت قاسية، وبالترغيب مهما كان …

11- أن تكون متطورة دائما ، فتطور أساليب نضالها، وفق تطور الظروف مع الزمن .

12- العمل الدائب من أجل استمرار نشاط الحزب وعطائه دون حدود، وتطوير الفكر والمواقف والعلاقات.

13 - إبراز وجه الحزب مشرقاً و متميزا على القوى السياسية الأخرى .

14- الإشراف اليومي على تطبيق مبادىء الحزب وخط الحزب ، والدعوة إلى عمليات المراجعة من أجل تصحيح المسيرة وتطويرها .

15- متابعة الأوامر الصادرة عنها للتأكد من تنفيذها، ومعرفة جوانب الضعف في الأوامر وفي مستوى الكوادر التي تتردد أو تتخلف في التنفيذ.

16- أن تنمي الروح النضالية عند القواعد، وتخلق منهم قياديين مناضلين من خلال الدراسات والممارسات والمتابعة والتشجيع ، فالقيادة الثابتة هي قيادة غير ناجحة ، لأنه لا يعقل أن لا يتعرض الخلل إلى صفوفها والوهن إلى أعضائها ، ولا يعقل أيضاً أن لا يبرز قياديون آخرون من خلال الممارسات اليومية والتجارب النضالية .

17- وضع خطة العمل، وتوزيع المسؤوليات على مؤسسات الحزب والإشراف على التنفيذ خطوة خطوة .

18- أن تعمل على تحريك كامل مؤسسات الحزب بالنضال والعطاء والإبداع إذ لا يساعد على انحدار الحزب شيء مثل الفراغ النضالي، فالعضو الذي يملأ وقته بالنضال ليس متفرغاً للتكتلات وإلاثارات ولا للعبث والتجريح ، لأن قضية الحزب قد ملأت حياته … !

19- أن يتوفر بين أعضاء قيادة الحزب المزيد من الاحترام فيما بينهم ، لان إحترامهم لبعضهم يقود إلى احترام القواعد لهم .

20- أن تحاسب القيادة نفسها قبل محاسبتها للأعضاء ، وأن تكون في كلا المحاسبتين صارمة وحازمة وصادقة .

admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى