ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث

اذهب الى الأسفل

1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث Empty 1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث

مُساهمة من طرف admin الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 4:39 am

1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث


مع إطلالة القرن التاسع عشر الميلادي بدأت
تعصف بالدولة العثمانية مجموعة مؤثرات خارجية وأخرى داخلية أصابت أقطار الوطن
العربي، ومنها أقطار المشرق العربي.



شملت هذه المؤثرات مختلف مناحي الحياة، كما أن
مجموعة تطورات أسهمت في ظهور الوعي القومي العربي، و تأسيس الأحزاب والجمعيات
والمنتديات، وقيام ثورات قومية عربية واستلام الحكم باسم القومية العربية.



تختلف الآراء حول أسباب وبداية تشكل الوعي
القومي العربي بين المؤثرات الخارجية والتعبيرات الذاتية.



يرى عبد العزيز الدوري أن ظهور الوعي العربي
تميز بظهور تيارين: قومي وإسلامي كان بينهما تداخل في كثير من الأحيان، وما تعرض
له من خبرات أدى إلى تبلور الوعي القومي العربي الحديث ولم تكن مجرد ردة فعل
لتيارات الفكر الغربي. لقد بدأت الخطى تسير إلى النهضة العربية منذ القرن الثامن
عشر، بدأ في الدعوة لإصلاح المجتمع الإسلامي وفي القرن التاسع عشر اتجه التيار
الإسلامي نحو التجديد. ولهذا لا يصح القول أن حملة نابليون هي بداية النهضة، إذ أن
اليقظة العربية سبقت تلك الحملة، وإن بدت ذات تأثيرات مهمة، وقد أظهرت الخطر
الجديد، خطر التسلط الغربي وقدمت صورة للحضارة الحديثة فكانت حافزاً للتحدي الذي
أكد أهمية الإصلاح.



في حين يذهب ساطع الُحصري إلى أنها فكرة غربية
أوروبية، وهي فكرة نشأت في أوائل القرن التاسع عشر في أوروبا وانتشرت بعدئذٍ في
العالم.



و قد أخذت بالتغلغل في دول العالم، وفي توجيه
سياساتها، حيث اعتبرت أن لكل أمة الحق في الحفاظ على كيانها المعنوي، والحق في
الاستقلال بشؤونها، دون الخضوع لمشيئة الأمم الأخرى ومن حقها تأسيس دولة خاصة بها.



ويتفق ساطع الحصري مع أمين سعيد في
الاهتمام بالأثر الخارجي ويربطها بالتطورات الأوروبية وكتب سعيد: " هبّت على
أوروبا بعد الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر ريح القومية واكتشف البخار في
أوائل القرن التاسع عشر، فاقترب الشرق من الغرب، واختصرت المسافات واتصلت الأمم
بالأمم و الشعوب بالشعوب، وكانت بضاعة القومية في جملة صادرات الغرب الجديدة إلى
الشرق …إلا أن تأثيرها ظل محدودا خلال القرن التاسع عشر بسبب الجهل الذي كان
مستحكما وسائدا ".



أما ميشيل عفلق فقد فرق بين القومية العربية
والنظرية القومية واعتبر أن القومية العربية أو الفكرة العربية حية وخالدة أي أننا
عرب دون البحث عن أسباب عروبتنا قائلا ً: "أن الفكرة العربية هي بديهية
خالدة، وهي قدر محبب وأنها حب قبل كل شيء أما النظرية القومية فهي التعبير المتطور
عن هذه الفكرة الخالدة حسب الزمان والظروف، وأن هذه النظرية تتمثل اليوم ـ حسب
اعتقادنا ـ في الحرية والاشتراكية والوحدة ".



ويرى الباحث أن الشعور أو الإحساس القومي
يتكون بفعل مجموعة عوامل تعضده ومنها وحدة الجغرافية السياسية، والتسلسل التاريخي
الطويل، واستراتيجية المكان والمصير المشترك، ودور الدين الإسلامي الذي عزز منطلقات
العروبة ووحدة الأمة العربية، وأن هناك فرق بين النزوع للعروبة كشعور قائم في
التاريخ الإسلامي، وعميق الصلة بدور العرب في الإسلام ونشره، وتختلف مفاهيم
الحركات القومية العربية الحديثة في التحرر والتنمية والتحديث والإصلاح السياسي عن
المفهوم السابق.



لقد تضافرت جملة متغيرات ذاتية، وأخرى موضوعية
في ظهور الوعي القومي العربي ونشوء الحركات القومية العربية في القرنين التاسع عشر
والعشرين.



يعتبر بعض الكتاب أن حكم محمد علي في مصر منذ
عام 1805ـ 1847، وما قام به من أعمال نهضوية، وتوسع في بلاد الشام والسودان
والجزيرة العربية أول عمل وحدوي عربي في التاريخ الحديث، وكانت حملته إلى بلاد
الشام (1840-1931) أول الخطوات العملية لتوحيد أجزاء من المنطقة العربية الخاضعة
للحكم التركي، رغم كونه غير عربي.



أثناء حكم محمد علي لبلاد الشام أخذت خططه
لإقامة إمبراطورية عربية تلقى تجاوباكن الناس، وهو الذي راوده الحلم بالخلافة.
" فقد كان يعرف أن فرنسة قد ترحب بإنشاء مملكة مستقلة ثابتة الأركان: تشمل
مصر وبلاد الشام وجزيرة العرب … وتلقى من المسؤولين النمساويين ما يشجعه على ذلك،
فقد وفد عليه في القاهرة الكونت بروكش أوستن في مهمة خاصة وعرض عليه اقتراحات
واضحة ومحددة .



لقد أثارت انتصارات إبراهيم باشا إعجاب
أهالي بلاد الشام، ونجح الأمير اللبناني بشير الشهابي صاحب العلاقات القوية بمحمد
علي في إثارة مشاعر المسلمين والتلويح لهم وإغرائهم في إقامة إمبراطورية عربية بعد
طرد الأتراك من بلاد الشام وأشاع في نفوسهم أن الحكم المصري سيتيح لهم الاستقلال
والحرية.



لقد اعتبر إبراهيم نفسه عربيا حيث قال: "
لقد جئت مصر صبيا فلونت شمس مصر دمي وصيرتني عربيا.



في الوقت الذي قام فيه محمد علي بحملته على بلاد
الشام والجزيرة العربية والسودان سارعت الدول الأوروبية إلى احتلال أجزاء من الوطن
العربي. وبينما كان يسعى لاستكمال إمبراطوريته نجحت فرنسا في احتلال الجزائر عام
1830 وسارعت بريطانيا إلى السيطرة على جزيرة سو قطره وعدن عام 1834، ورافق هذا
الاحتلال انتزاع أقطار عربية أخرى من الدولة العثمانية ثم تبعه غزو ثقافي وفكري
،وثار سؤال لدى المفكرين والسياسيين عن سر هذا التخلف وأسباب ضعف المواجهة؛ وبذلك
تأثروا بالإصلاح والتجديد؛ و بالفكر والثقافة الغربية، في حين ظلت تجربة محمد علي
ماثلة في الأذهان إلى يومنا هذا.



تضافرت عوامل أخرى في تشكيل الوعي العربي
القومي، ومنها الدور الذي بذلته البعثات التبشيرية الأوروبية والتي أرسلتها أكثر
من دولة أوروبية لغرض التمهيد للاستعمار إلا أنها قدمت خدمات عديدة أفادت في نشر
التعليم وإحياء الثقافة، وقد استفادت البعثات من التسهيلات التي منحت لها.لقد أدى
تسامح إبراهيم باشا الديني، وفتحه الباب أمام البعثات التبشيرية الغربية المختلفة
إلى عمل قوتين أساسيتين في لبنان: "إحداهما: فرنسية والأخرى أمريكية واللتان
قدر لهما أن تحضنا البعث العربي وترعياه .



وكان من ثمار النشاط الذي قامت به البعثات
التبشيرية الغربية، أن ظهر الاهتمام باللغة العربية وآدابها، ووعي للتاريخ العربي،
والبحث في تراث العرب وقامت فئة المتعلمين بنشاطات عديدة في المضمار الثقافي
والفكري، وأخذت تؤسس المنتديات والجمعيات والمدارس ومن بين هؤلاء الشباب برز دور
ناصيف اليازجي، وبطرس البستاني، وعادل أرسلان، وانعكست نتائج علومهم على بلادهم في
تأليف الموسوعات، وإصدار الصحف، وتأليف الكتب.



كان
لبطرس البستاني أثر عظيم في تأليف المعاجم، منها "محيط المحيط"، وفي
تأليف دائرة معارف عربية، وأفاد من المصادر الأوروبية، وانصرف حبه إلى بلاده،
فأصدر صحيفة أسبوعية صغيرة في بيروت عام 1860 دعاها " نفير سوريا "
والتي سعت لمحاربة التعصب، وقد وقف معظم جهدها على الدعوى للتوفيق بين العقائد
المختلفة والاتحاد والتعاون في طلب المعرفة، ولأن المعرفة تدفع إلى إنارة العقول،
التي تقضي على التعصب وتحل محله المثل العليا المشتركة بين الدينين، وهو كلام يشمل
بدايات نواة القومية، وأتبع صدور الصحيفة بتأسيس " المدرسة الوطنية "
التي تلقى فيها التلاميذ ـ من مختلف العقائد ـ تعليمهم، وتعلموا التسامح الديني.





وفي هذه الفترة أخذت فكرة الوطن والوطنية الأوروبية تلقى
تجاوبا عند المفكرين العرب، وخاصة العرب المسلمين كما هو الحال عند الأتراك الذين
أخذوا دورا رياديا، وكان رفاعة الطهطاوي من أبرزهم*،
الذي زار باريس، ورجع منها، وقد ترجم كلمة الوطن(
Patrie) الفرنسية إلى كلمة " وطن" العربية،
وأبرز في حديثه عن الوطن والوطنية، وأن مصر وطنه صاحبة كيان منذ عهد
الفراعنة،واعتبر الرابطة الوطنية من أعظم الروابط التي تربط الفرد بقوانين بلاده
ورأى فيها بمثابة عضوية عضو جسم الإنسان إلى بدنه، وهي من أعظم المزايا عند الأمم
المتقدمة وأن الانقياد لها يدفع إلى أن يفديها الإنسان الوطني بأغلى ما يملك من
روحه وماله .



وأبرز الطهطاوي أهمية اللغة والجغرافيا وسيادة
الدولة، كأسس مهمة في بناء القومية حيث قال: " أبناء الوطن متحدون دائما في
اللسان والدخول تحت استرعاء ملك واحد والانقياد إلى شريعة واحدة وسياسة واحدة



وأسهم صحفيون وكُتاب مثل: عبد الرحمن
الكواكبي في تنمية الوعي العربي والذي يعتبر أحد رواد القومية العربية، وهو واحد
من المسلمين المجددين والذي عمل في الصحافة، ومنها إصدار " صحيفة الشهباء
". تعرض لمضايقة الولاة، وألف كتابي أم القرى وطبائع الاستبداد، وتناول كتابه
الأول وقائع مؤتمر إسلامي عالمي تخيل حدوثه، ويجمع مسلمي العالم، الذي يقوم فيه
الكواكبي بضبط مفاوضاته ومقرراته، واختار مكة المكرمة مكاناً لانعقاده في سنة 1316
هـ، الذي أُشغل بالتحضير له "أبو الفرات "، وهو اللقب الذي أطلقه على
نفسه، و تولى توزيع البطاقات والدعوات الكواكبي للمسلمين في جهات مختلفة من
العالم، وتخيل أن المؤتمرين عقدوا سبع جلسات ناقشت أسباب فتور وضعف المسلمين التي
عزيت إلى ثلاثة أنواع: أسباب دينية وأسباب سياسية وأسباب أخلاقية.



وتخيل الكواكبي أن المؤتمر خرج
بقرار تأسيس جمعية دعاها جمعية "تعليم الموحدين واعتبر أن الجزيرة العربية
انسب المواقع لان تكون مركزاً للسياسة الدينية لتوسطها بين أقصي شرق آسيا وأقصى
أفريقيا غربا، ولان العرب انسب الأقوام لأن يكونوا مرجعا في الدين، وقدوة المسلمين
حيث كان بقية الأقوام قد اتبعوا هديهم ابتداءً فلا ينفون عن اتباعهم أخيرا".



لقد ربط الكواكبي بين الوحدة الإسلامية
والخلافة العربية، وفي دعوته تفضيل للعرب في نشر الإسلام، يقول المستشرق الفرنسي
نور بير تابيرو: " لقد كان الكواكبي ذا طابع فكري معتدل ولأنه كان قوي
الإيمان بالإسلام ونهضته فلم يكن قط متعصبا، وكان يعتبر الصلة القومية فوق كل صلة
أخرى، وكان همه الأساس سلوك طريق التقدم، وهكذا اندمج في الحركة الإصلاحية مع عبده
والأفغاني".



تمثلت ردة فعل النهضة العربية في
أواخر القرن التاسع عشر في تيارين إصلاحيين كبيرين، ركز التيار الأول على بعث
التراث في حين ركز الثاني على مفهوم النهضة العربية، وهما: تيار جمال الدين الأفغاني،
ومحمد عبده ،وخير الدين التونسي ،وعبد الرحمن الكواكبي، و يعمل ضمن مفهوم الإصلاح
الديني والعقائدي كأساس للإصلاح السياسي والاجتماعي. أمّا التيار الآخر: فيتمثل
بمدرسة بطرس البستاني، وإبراهيم اليازجي ،وشبلي الشميل، وأديب اسحق، وسلامة موسى،
وهو ينشط حسب المقاييس والمصطلحات الغربية في التحديث والعقلانية، والتطوير
والعلمانية والعلمية والتنمية.



لم يقتصر الوعي العربي عند دعوة
المثقفين الإصلاحية والتجديدية كما نشروها في مؤلفاتهم وصحفهم بل انتقل الوعي
العربي نحو تأسيس جمعيات وأحزاب سرية توجهت نحو مطالب أكثر وضوحا، فقد تأسست في
بيروت جمعية سرية في عام 1876 في عهد السلطان عبد الحميد، وهي جمعية تألفت من
مجموعة من المثقفين المسيحيين، الذين درسوا في الكلية السورية الإنجليزية (الجامعة
الأمريكية في بيروت) ، و كانوا أقرب إلى تشكيل تيار قومي علماني أخذ يطالب باستقلال
ولاية بيروت، وينادي بالوحدة السورية والاستقلال عن الأتراك وإقامة صلة بالمحافل
الماسونية، وأبرز أعضائها من المفكرين المسيحيين الذين كانوا في موقع طبقي اجتماعي
تجاري ومتصل مع أوروبا أمثال: الدكتور فارس نمر ، وإبراهيم اليازجي، وإبراهيم
الحوراني، ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس.



اختلف بعض من كتبوا في نشوء القومية العربية في
تحديد جوهر جمعية بيروت السرية وأهدافها وهل هي ذات أهداف قومية أم ذات نزعة
إقليمية ؟



يرجع مصدر الاختلاف إلى روايتين
متناقضتين نقلتا عن فارس نمر أحد أعضاء الجمعية في فترتين تاريخيتين متباعدتين،
فقد قابله كلا من جورج أنطونيوس وزين نور الدين زين، وروى لهما عن جوهر وأهداف
الجمعية وقد اعتبرها أنطونيوس البداية الأولى والمنظمة لبعث الحركة القومية
العربية وربط بينها وبين التطورات اللاحقة للحرب العالمية الأولى، بينما اعتبرها
زين نور الدين زين ظاهرة مسيحية لبنانية.



كما يقوم رأي كوثراني على اعتبارها
معبرة عن تطلعات النشاط الماسوني في لبنان والذي كان شاهين مكاريوس عضو الجمعية،
قد شغل منصب كاتب سِّر محفل لبنان عام 1881، هذا إلى جانب تناقض الموقع الاجتماعي
الطبقي الذي احتلته العائلات المسيحية المدنية التي عملت بالتجارة ورفض السيطرة
التركية الإدارية المباشرة، ولم يكن خطابهما القومي يعبر عن موقف جماهيري وقوى
اجتماعية واسعة، وقد التقطتها العيون الفرنسية كقوى ساخطة من أجل تجزئة الدولة
العثمانية.



وقد كانت بداية العمل في تكوين
الجمعيات في عهد عبد الحميد الثاني إذ أسست جمعيات علنية خارج البلاد وأخرى سرية
داخل البلاد، بغية إظهار مساوئ الحكم وحمل الناس على استنكار الحكم المطلق عن طريق
إعادة العمل بالقانون الأساس، وبدأ تأليف أول جمعية عام 1889، في ذكرى الثورة
الفرنسية واحتفالات الفرنسيين بها.
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث Empty رد: 1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث

مُساهمة من طرف admin الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 4:42 am

قام أحمد رضا ـ مدير المعارف في بروسة ـ بعد
زيارته لمعرض باريس الدولي ولجوئه إليها بتأسيس فرع علني في فرنسا، بينما تم تأسيس
فرع سري في اسطنبول، و أصدر جريدة رسمية سماها "مشورت "، بالتركية أي
"المشورة " ،وانبثق عن اتحادهما جمعية الاتحاد والترقي العثمانية.



وتعددت الجهات التي تعمل في سبيل المشروطية (
الحياة الدستورية )، وصدرت أكثر من 100 صحيفة وصدر ثلثها في القاهرة لوحدها، وقد
دعت إلى محاربة الاستبداد، وتحقيق الحرية والإخاء والمساواة، ونجحت جمعية الاتحاد
والترقي في توسيع عملها في مقدونيا، ومنستر، وقوصوة وسلانيك.



وفي باريس برز نجيب عازوري، وهو
مفكر مسيحي ماروني من لبنان سبق له أن عمل في متصرفيه القدس قبل ذهابه إلى هناك ،
والذي اطلع على أحوال الدولة العثمانية بوجه عام وكان ملما بشؤون الطوائف
المسيحية، وفي كتابه(يقظة الأمة العربية في آسيا ) دعا لوحدة " الكنائس
الكاثوليكية تحت اسم" الكنيسة الكاثوليكية العربية" داعيا إلى انفصال
الولايات العربية عن الدولة العثمانية على أن تكون الحجاز مقراً لخلافة إسلامية
عربية، وان تتكون من العراق، وسوريا ،ولبنان، وفلسطين دولة عربية وحدة عصرية
".



كان أهم ما في دعوة عازوري انه أول مفكر
قومي عربي يتحدث عن خطر الصهيونية على فلسطين، وتصدى لادعاءاتها التاريخية ومقولة
أن فلسطين (أرض الميعاد). ويذهب عازوري إلى أن اليهود لم يمتلكوا في تاريخهم
القديم أيام يهوشع بن نون سوى الضفة الغربية لنهر الأردن، وإنهم اختلطوا بنسب
مختلفة بالكنعانيين في هذا الجزء من البلاد. و أن العرب أمة ويرغبون بالانفصال عن
الدولة العثمانية التي نخرتها عوامل الضعف.



قبل إعلان المشروطية، وبدء الحياة
النيابية الدستورية سنة 1908، كانت قد تبلورت عدة اتجاهات ونزعات عربية بينها ساطع
الحصري فيما يلي:



1) العمل لإقامة خلافة عربية تحل بدلا من
الخلافة العثمانية كما هو الحال في مسعى عبد الرحمن الكواكبي.



2) المطالبة بإجراء إصلاحات خاصة بالبلاد
العربية.



3) الاشتراك مع أحرار الأتراك للمطالبة بإصلاحات
عامة تمثل الولايات العثمانية وتفيد الولايات العربية.



4) الدعوة لانفصال البلاد العربية عن السلطنة
العثمانية وتأسيس دولة عربية مستقلة .



5) طلب الحماية من دول أجنبية، وهو طلب خاص
بالمسيحيين، أما باقي الطلبات فيشترك فيها الجميع.



كان على فكرة القومية العربية أن تتغلب
على اتجاهين في وقت واحد، الاتجاه الأول: إبعاد أنظار المسلمين عن الدولة
العثمانية، و الاتجاه الثاني: ـ إبعاد أخطار المسيحيين العرب عن الدول الأجنبية
لكي تجتمع كلمتهم حول العروبة التي تستمد قوتها من التاريخ واللغة.



نجح الضباط في فرض إعلان المشروطية على
السلطان عبد الحميد عام 1908 وقوبل وصولهم للحكم بالفرح في جميع أنحاء
الإمبراطورية، ومن مختلف أصحاب الملل والمذاهب ودعي بعهد " الحرية والعدالة
والمساواة "، وجرت انتخابات " مجلس المبعوثان ".



بعد مرور عام قام عبد الحميد بعمل
انقلاب عام 1909، و لكن ضباط الاتحاد والترقي نجحوا في الإطاحة به، و سيطروا على
السلطة مرة ثانية، لكنهم واجهوا ضربات عديدة كان منها انفصال مقاطعات بلغاريا،
والاحتلال الإيطالي لليبيا، واتُهمت الدولة بالتقصير، كما دخلت فكرة اللامركزية
للمجلس النيابي، وتبنتها المعارضة التي سميت باسم حزب " الحرية والائتلاف
"، ونجح بعض أعضائه في الوصول إلى الحكم، وقاموا بقتل وزير الحربية ومرافقه
ورئيس الوزراء.



أصبح ضباط الاتحاد والترقي أمام اختبار
جديد عند أبناء الولايات المختلفة داخل الدولة العثمانية، والذين يأملون في
المساواة بين أبناء القوميات.



تبدلت الأوضاع بعد إعلان الدستور العثماني
23 تموز/ يوليو 1908 ، وانتهى حكم عبد الحميد الذي اهتم بالتقرب من العرب، وإطفاء
جذوة العنصرية من نفوسهم،وقبض ضباط الاتحاديون على السلطنة، وهم المغرمون بالمدنية
الغربية، وانصرفوا يعملون على إنشاء إمبراطورية تركية طورانية تضطهد القوميات
الأخرى، وهو ما قوبل بالحذر من جانب أحرار العرب الذين سبق لهم المشاركة في
الانقلاب، ومع ذلك كانت أغلبية من العرب مسرورة من الانقلاب الجديد، وجرت انتخابات
مجلس النواب، ونجح فيها70 نائبا من العرب 30 نائباً من الألبان ومثلهم اليونان
والبلغار أما العنصر التركي فله 143 نائباً مقابل 130 لأبناء العناصر الأخرى.



وبعد مرور عام ظهر الخلاف بين العرب
والأتراك، فقد تخلى الأتراك عن الحكم الدستوري الجديد، وشعار الإخاء والمساواة،
وظهر الخلاف في التنسيق والوظائف وفي مقالات الصحف التركية الداعية لتعزيز
الطورانية، وتبادل الترك والعرب الألفاظ والجمل ونشأت صحف قومية مختلفة، و أسهم
طرد آلاف من العرب والأكراد والألبان، في انكبابهم على طريق القومية، وهكذا تحولت
الدولة من دولة عثمانية يتساوى فيها الجميع إلى حكومة طورا نية للأتراك فيها
الحظوة والمقام العظيم ، وللغتهم التركية سيادة على لغات القوميات الأخرى، ولشباب
الأتراك مكانة عظيمة في الوظائف والمناصب ، وقد غذت دوافع الكراهية والحقد لدى
أبناء القوميات الأخرى.



أخذ العرب يبتعدون عن نوادي جمعية الاتحاد
والترقي، بعد أن ظهر لهم أن الاتحاديين ينتهجون سياسة قومية تعزز الدعوة للجامعة
الطورانية، وكذلك فعل بعض نواب العرب وتكتلوا مع نواب الألبان ، والأكراد ، و
الأرمن، وانبثق عنها حزب الائتلاف العثماني ، وتألفت في هذا العهد العديد من
الجمعيات العربية* في
العاصمة الآستانة، ومدن دمشق ،والقاهرة ،وبغداد
وبيروت،
والتي أسهمت في تكوين الرأي العام العربي وبالتعاون مع الصحافة أدت إلى يقظة
وتنمية الشعور القومي العربي، و أسهم الشعراء في خلق روح وطنية جديدة.



أدت مقاومة الاتحاديين للحركة القومية
العربية، وتسلطهم ومتابعتهم لها، إلى نقل مركزها خارج البلاد العربية، كما أن
الوقت قد حان لإسماع الأتراك المطالب العربية، فجاءت الفكرة لعقد مؤتمر عربي بدعوة
من أعضاء* في حزب اللامركزية في مصر وجمعية العربية "الفتاة"، وتشاوروا
مع أعضاء اللجنة العربية المنتخبة في باريس ، وعهد لحزب اللامركزية أن يشرف على
جلسات المؤتمر.



تضافرت جهود أعضاء الجمعيات العربية، والجاليات العربية
في العديد من البلدان الأجنبية والعاصمة العثمانية إلى عقد مؤتمر عربي في باريس،
في 18 حزيران / يونيو 1913 وتمثلت أهم الموضوعات التي بحثت فيه: "
الحياة الوطنية ومناهضة الاحتلال. حقوق العرب في المملكة العثمانية. ضرورة
الإصلاح على قاعدة اللامركزية. المهاجرة من سورية وإلى سورية. ".



تقرر من خلال المؤتمر العربي تكليف
عبد الكريم الخليل الذي يدير المنتدى الأدبي العربي في اسطنبول بمراجعة الاتحاديين
بشأن المطالب العربية، وبعد لقاءات مع طلعت باشا وجمال باشا، تم إقرار بعض المطالب
منها: ـ إدخال تعليم اللغة العربية في المدارس الابتدائية والثانوية، وتعيين زعماء
عرب في مجلس الأعيان وفي القضاء الأعلى، ووصل وفد عربي إلى اسطنبول في 15 آب،
وأغدقت عليه الوعود من قبل المسئولين، وعاد الوفد وطال الانتظار وكانت الأوضاع
المفككة للإمبراطورية تسير في دوامة من الأزمات الداخلية والخارجية فضلاً عن تأثير
الاتجاه الطوراني المؤثر في توجيه السلطة المركزية، وتراوحت ردة فعل الاتحاديين
بين العمل على" احتواء القيادة، و التهديد وبذل الوعود الكلامية"
،واستخدام صيغة الوحدة الإسلامية بهدف إحراج المطالبين باللامركزية، وتعيين زعماء
عرب، واعتقال زعماء آخرين مثل عزيز علي المصري.



جاءت الحرب العالمية الأولى، لتثير مسألة
جدوى الاستمرار في التبعية للسلطنة العثمانية وما هي مصلحة العرب في خوض هذه الحرب
؟.



كان العرب يرون في الحرب أنها ليست ذات جدوى
بالنسبة لهم، وظلت غالبية منهم على ولاء للخلافة العثمانية، ولكن بعضاً منهم وجدوا
فرصتهم في السعي لجلب الاستقلال لأوطانهم



ولو بالتعاون مع الأجنبي، وكانت فرنسا وبريطانيا
ترقبان الأوضاع، وكلاهما على إطلاع بأن العرب ناقمون على الأتراك خاصة الشريف حسين
أمير مكة.



تسارعت الأحداث، وتفاقمت الظروف
العصيبة التي مر بها العرب، وأسهمت سياسة جمال باشا السفاح في إذكاء روح الثورة
وقيام الاضطرابات ثم تقرير وجهة الحركة العربية في تحالفها مع البريطانيين
والفرنسيين.



بعد فشل جمال السفاح في حملته على
قناة السويس في شهر شباط / فبراير 1915 راح يعلق أحرار العرب على أعواد المشانق،
متهماً قادتهم بأنهم خونة، وأنهم يبغون من خلال نظام اللامركزية تجزئة
الإمبراطورية، وقد أعدمهم على دفعات في بيروت ودمشق، وشملت الإعدامات مسلمين
ومسيحيين وحكمت الدولة على بعضهم بالنفي والإعدام غيابيا وحجز الأموال، وقد ازدادت
الأحوال سوءً بسبب الحصار الذي فرضه الحلفاء على الطريق البحرية وراح يجمع الحبوب
للجيش التركي، وزادت أسراب الجراد الأحوال سوءً في سوريا وفلسطين ولبنان، ودافع
جمال باشا عن سياسة إعدامه لهم بنشره مذكرات عام 1916، التي برهن فيها أن هؤلاء
الزعماء كانوا خونة يعملون لحساب فرنسا.



أدت مظالم جمال باشا إلى تطوير مطالب
الحركات والأحزاب العربية من أسلوب التفاوض والحوار مع الاتحاديين والمطالبة
بالإخاء العربي العثماني ونظام اللامركزية إلى التمرد والمطالبة بالاستقلال
والانفصال عن الأتراك، ثم نفور العرب من حكمه، وعجلت في إضرام نار الثورة العربية
التي قادها الشريف حسين بن علي، وبحكم مركزه الديني وموقع الحجاز الاستراتيجي
والبعيد عن مركز حشد الجيوش وطرق المواصلات، ومركزه المهم كشريف لمكة الذي يشرف
على الأماكن المقدسة واتصاله بوساطة أبنائه بالمراكز المدنية جعله أفضل مرشح
لقيادة الحركة الناشئة.



كان الحسين بن علي يسعى نحو تأكيد مركز
الحجاز منذ تعيينه شريفا عام 1908 والذي سبق له أن اصطدم بالوالي العثماني، وكان
الإنجليز يرقبون أحوال الدولة العثمانية ونظراً لمعرفتهم بالتذمر الذي أظهره
رعاياها العرب، لذا أدركت أهمية دفعها لثورة تحقق تحطيم الوحدة العثمانية وانهيارها
داخلياً وخلق حرب أهلية تجبر العثمانيين على تحويل قوتهم نحوها، وقد بدأت علاقة
الإنجليز بالحسين منذ ربيع 1912 بعد لقاء تم بين الأمير عبد الله بن الحسين وكتشنر
المعتمد البريطاني في مصر لبحث مدى استعداد بريطانيا لإمداده بالسلاح في حالة
تورطه بمصاعب مع الدولة العثمانية.



أسهمت اتصالات الحسين بوساطة ولديه فيصل وعبد
الله مع أعضاء الجمعيات السرية والبريطانيين في تسيير دفة الأحداث ، وقيادته
للثورة العربية.



التقى فيصل بن الحسين مع أعضاء
الجمعيات العربية في دمشق في بيت نسيب البكري سراً ولاسيما أعضاء جمعيتي العربية
الفتاة والعهد، والذين تدارسوا معه الموقف من الأتراك بعد أن ظهرت نواياهم في
الكيد بالعرب، وتسنى له في أثناء سفره إلى الآستانة ثم رجوعه منها الاتصال مع
ياسين الهاشمي أحد كبار الضباط في الجيش العثماني ومع أحمد قدري وغيرهم والذين
عبروا له عن استعدادهم لإضرام نار الثورة في سوريا لتحرير البلاد العربية، وسألهم
فيصل عن نوع المساعدة التي يطلبون فكان رد ياسين الهاشمي أنهم فقط يحتاجون لأن
يكون فيصل في طليعتهم، وبعد عودة فيصل اجتمع وأخوته مع والده في الطائف، وبعيدا عن
عيون السلطة اتفقوا على الثورة والتعاون مع الإنجليز، وتحرير بلاد العرب من
الأتراك.



دارت مراسلات بين الحسين والسير
مكماهون، وانتهت بإعلان الثورة العربية في العاشر من حزيران / يونيو 1916، وجاءت
الثورة كثمرة تحالف بين البريطانيين والشريف حسين بن علي، وتضمنت وعوداً بريطانية
حول استقلال العرب وإقامة مملكة عربية في المشرق العربي تحت زعامة الحسين بن علي.



تم تبادل رسائل عديدة بين الشريف و
السير هنري مكماهون سفير بريطانيا في مصر وأهمها الرسالة المؤرخة بتاريخ 24 تشرين
الأول / أكتوبر سنة 1915 والتي تقتطع أجزاء خارج المملكة التي وعد بها الحسين،
ومما جاء في رسائل مكماهون: "...إن ولايتي مرسين وأجزاء من بلاد الشام
الواقعة في الجهة الغربية لولايات دمشق الشام وحمص وحماة وحلب لا يمكن أن يقال
أنها عربية ً محضة وعليه يجب أن تستثنى من الحدود المطلوبة ".



في الوقت الذي كان فيه الحسين بن
علي يفاوض مكماهون ويستعد لإعلان الثورة كانت بريطانيا تجري اتفاقاً مع فرنسا
لاقتسام البلاد العربية، وكان هذا الاتفاق جزءاً من اتفاقية واسعة سميت باتفاقية
سايكس بيكو ضمت روسيا وبريطانيا وفرنسا لاقتسام تركة الدولة العثمانية والتي صودق
عليها في شهر نيسان / أبريل 1916.



أبانت هذه الاتفاقية التي عقدها الفرنسيون
والبريطانيون قبل نهاية الحرب العالمية الأولى في كشف عدم صدق بريطانيا في وعودها
التي قطعتها للحسين، وبينت طبيعة التحالفات التي رسمها الاستعمار الغربي مع الحركة
الصهيونية التي رسمت معالم جديدة للمشرق العربي، وقدمت بريطانيا لليهود وعد بلفور
عام 1917 لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.



وانعكست نتائجها في تقسيم الهلال الخصيب وتشكلت
سياسية جديدة أضيفت للكيانات التي ولدت بفعل الهجوم الاستعماري البريطاني والفرنسي
في القرن التاسع عشر، وأصبحت عوائق في طريق القومية العربية وقد توزعت أهداف
الحركات العربية بين هدفي الاستقلال الوطني والوحدة العربية.



توجه الأمير فيصل عام 1919 إلى مؤتمر
الصلح بباريس ليمثل والده، وقد رافقه بعض أعضاء جمعية الفتاة، وانتدب معه بتكليف
من الحسين كل من عوني عبد الهادي ومحمد رستم وقد قوبل بمعارضة وعرقلة فرنسية ذللته
بريطانيا فيما بعد وقد أوعزت فرنسا لوفود عربية من لبنان لحضور المؤتمر للمطالبة
بدولة لبنان الكبير ووحدة سوريا وإشراف فرنسا عليها وتمخض عن المؤتمر إرسال لجنة
كنج كراين لإجراء استفتاء في سوريا لكن فرنسا قابلتها بعدم الارتياح، وقد ضغطت على
بريطانيا لإقامة العثرات والتلكؤ في المسعى بما ينسجم مع التآمر الذي وضعت أسسه في
الحرب.
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث Empty رد: 1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث

مُساهمة من طرف admin الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 4:43 am

عاد فيصل إلى سوريا عام 1920، ووجد نفسه أمام الرأي العام
مرة ً أخرى وحاول إجراء تعديلات إدارية لتوسيع مهمة الحكومة المركزية، وعهد لأخيه
زيد بتشكيل الحكومة وأصبح رئيساً للحكومة، وعين علي رضا الركابي مديراً للحربية
وحاول فرض النظام بعد أن امتدت الأعمال الحربية في مناطق متقطعة ضد القوات
الفرنسية من قبل القوات العربية غير النظامية من كليكيا إلى حدود فلسطين وتعهد
فيصل للقائد الفرنسي غورو بتهدئة البلاد والحيلولة دون مهاجمة الفرنسيين وحاول
التعامل مع فرنسا بعلاقات ودية وتبادل معها وجهات النظر لتسحب قواتها جزئيا من
البقاع.



تبع هذا العمل عقد المؤتمر السوري
في 6 آذار / مارس 1920، والذي حضره فيصل وأركان حكومته، وخرج المؤتمر بقرارات منها
النص على استقلال سوريا ضمن حدودها الطبيعية ورفض الإدعاء الصهيوني بالوطن القومي
في فلسطين، وإعلان استقلال العراق أسوة بسوريا وإيجاد وحدة بين البلدين اللذين
تجمعهما الروابط وتقرر بالإجماع تقديم العرش للأمير فيصل وجرت حفلة لتقديم البيعة
في دار البلدية وسط حماس كبير، وكان هذا القرار معبراً عن الإرادة الشعبية بعد
انتظار دام عام ونصف.



لم تنل هذه التغييرات تأييد فرنسا أو
بريطانيا، وهو ما أكدته قرارات مؤتمر سان ريمو في 25 نيسان / أبريل بتقسيم البلاد
التي تقرر تقسيمها أثناء الحرب، وبهذا خضعت الأردن والعراق وفلسطين إلى الانتداب
البريطاني، في حين تقرر انتداب فرنسا على سوريا ولبنان و تطبيق وعد بلفور في
فلسطين.



صممت فرنسا على بسط نفوذها على سورية مستغلة
الاتفاقات مع بريطانيا وأرسل غورو مذكرة إلى الأمير فيصل في 14 يوليو / تموز،
وعددت سلسلة شكاوى على أعمال الحكومة العربية، وطالبت بإشراف فرنسي على أعمالها
واشترطت مجموعة من الشروط لا تقبل التجزئة، وعقد مجلس الوزراء اجتماعا وكان في
خلاف حول الموقف من الإنذار بين مطالب بالمقاومة أو القبول بشروطه وانتدب فيصل
ساطع الحصري للتوسط مع غورو الذي رفض وقف الجيش عن الزحف، وقدم إنذاراً جديداً
وطالب بقبول تام للانتداب الفرنسي وواصل زحفه وانتهت الاشتباكات بدخول الفرنسيين،
وسقط يوسف العظمة دفاعا عن شرفه العسكري وشرف سوريا، وكانت نهاية المناورات
الفرنسية في ميسلون ، وعندها تلقت الحركة القومية العربية ضربة قوية، وتبعثر
دعاتها ورجالاتها في مختلف الأقطار ليجابهوا حياة كفاح جديدة.



بعد خروج فيصل من سوريا عمل المندوب
السامي الفرنسي على إقامة أشكال من الحكم دون أن يكون للشعب رأي فيها، وقد قبلت
وزارة علاء الدين الدروبي التعاون مع الفرنسيين على أساس الانتداب، وكان قائد
الحملة الفرنسية قد جمع أعضاء الوزارة وحمل فيصل مسؤولية الأحداث، وحدد مسؤولية
الحكومة وصلاحياتها وأنذرها باستخدام القوة عند عجزها عن إدارة الأحداث، وُصرع
الدروبي بعد فترة وأعقبتها حكومة حقي العظم، وجزئت سوريا إلى دول لبنان الكبير
وحلب والعلويين ودمشق وجبل الدروز، وسلخ الأردن وفلسطين وكليكيا وبرغم ذلك لم تعدم
البلاد وسيلة الاحتجاج، ودبرت مؤامرة للقضاء على غورو وحقي العظم ولم تنجح.



ظلت سورية تحت الحكم العسكري محبوسة الأنفاس
ومخنوقة الحريات ويخيم عليها الإرهاب الفرنسي إلى أن عين الجنرال ويغان عام 1924
مفوضاً ساميا وحل القيود وجاء من بعده ساراي والذي خطا خطوة أوسع، وقد ذهبت إليه
الوفود مطالبة بتحقيق أماني البلاد ولكنه طالبهم أن يتوحدوا أولا قبل أن يأتوه
بمطالب بعدئٍذ تأسس حزب الشعب برئاسة الدكتور عبد الرحمن شهبندر، الذي صادقت عليه
المفوضية الفرنسية في أواخر نيسان 1925 ومن برنامجه المطالبة باستقلال سوريا
والحصول على حقوقها والحصول على حكومة ديمقراطية، وتوحيد سوريا لتضم كل الأقطار
التي تشملها بحدودها و أقام الحزب مواثيق مع ثورة جبل الدروز، وعلى رأسهم سلطان
باشا الأطرش، وبمجرد أن أحست فرنسا بهذه الصلة حرمته من العمل ، وضيقت عليه الخناق
بالنفي والإبعاد والاعتقال لبعض رجالاته.



وهناك أحزاب سورية نشطت في الخارج منها حزب
الاستقلال والذي كان الهيئة السياسية الأولى في العهد الفيصلي، وقد داعبت رجاله
فكرة عودة فيصل إلى سوريا ومقاومة الفرنسيين.



وقد نجحوا في تحريك حادث خربة الغزالة* في سوريا
وإطلاق النار على غورو ، ولكن ما لبثوا أن اختلفوا مع الأمير عبد الله وانصرفوا
عنه ولجأوا إلى مصر. ومن الأحزاب الأخرى حزب الاتحاد السوري واللجنة التنفيذية
للمؤتمر السوري الذي نشط في القاهرة ،وسعى لإبراز القضية السورية على الصعيد
الدولي بإذاعة البيانات والنشرات ، وكتابة المقالات وإرسال الوفود إلى مقر جمعية
الأمم ، والاحتجاج على تجزئة البلاد والتنكيل بسكانها.



لم تمنع ظروف التجزئة، رجالات الحركة
القومية العربية من اللقاء لبحث أمورهم في المؤتمرات اللاحقة، ومعاودة نشاطهم
بتشكيل حركات ذات طابع قومي عربي.



ففي المؤتمر الإسلامي المنعقد في مدينة
القدس عام 1931 لبحث القضية الفلسطينية ـ وعلى هامشه ـ تداعى عدد من القوميين
العرب الذين حضروا المؤتمر وممن سبق لهم العمل في الحرب العالمية الأولى، وكانوا
أعضاء في جمعية العهد ، أو جمعية "الفتاة " للتشاور والبحث بعد افتراق
بعضهم عن بعض نحو عقد من الزمن، وقد وجدوا الفرصة سانحة لإعادة نشاط الحركة
العربية بعد انشغالها بالقضايا المحلية، وعقد الاجتماع في أواسط كانون الأول/
يناير1931 في بيت عوني عبد الهادي ، وشهده قرابة خمسين شخصاً ،وبعد مداولات تم
الاتفاق على وضع ميثاق قومي عربي يجدد نشاط الحركة العربية ، ويحدد أهدافها ودعا
لعقد مؤتمر عربي عام، وقد بحث الأمر مع الملك فيصل الذي شجع فكرة عقد المؤتمر في
بغداد، وقد وافق فيصل على دعمه، وكذلك عدد من الشخصيات العربية. حالت جملة معوقات
دون انعقاده، ومنها النزاع بين الهاشميين والسعوديين، ومعارضه المندوب السامي، ثم
عاجل موت فيصل في نهايته.



كانت آمال القوميين العرب معلقة على الملك فيصل،
وقد جرت معه لقاءات من قبل قادة حزب الاستقلال في فلسطين، وأعضاء من عصبة العمل
القومي، والكتلة الوطنية السورية، وطرح فيصل فكرة توحيد الأردن والعراق، وعندما
توفي رأوا فيه خسارةً لفلسطين، وللبلاد العربية، والحركة القومية العربية.



تمخض عن المؤتمر الذي عقد في القدس تأسيس حزب
الاستقلال في فلسطين الذي قام عليه عوني عبد الهادي، محمد عزة دروزة، صبحي الخضرا،
أكرم زعيتر، رشيد الحاج إبراهيم عجاج نويهض فهمي العبوشي، الدكتور سليم سلامة،
وتضمن بيانه الربط بين استقلال البلاد العربية والوحدة العربية التامة غير القابلة
للتجزئة ، والتوكيد على عروبة فلسطين ، واعتبارها جزءاً طبيعياً من سوريا ، والعمل
على تحقيق الأهداف بالاتفاق مع الهيئات المطالبة بالاستقلال في البلاد العربية.



وفي سوريا تشكلت عصبة العمل القومي، وجاء
ميلادها بعد فشل الكتلة الوطنية، وتحولها الفكري عن فكرة الوحدة العربية، والنص
على المساعي الإقليمية، وعقدت عصبة العمل القومي مؤتمرها في لبنان في قرنايل سنة
1933، وقد أدى عجز الكتلة الوطنية عن خلق المد العربي إلى ظهور عصبة العمل القومي.



وكان مؤسسو العصبة في غالبيتهم العظمى من
المثقفين اللبنانيين والسوريين المنتميين إلى الطبقة البرجوازية الصاعدة في المدن،
وقد أنشأت العصبة فروعا لها في دمشق، وحمص والاسكندرونة، وانبثق عنها مجلس تنفيذي
ومنصب أمين عام شغله عبد الرازق دندش، وهو شخصية عربية اغتيلت بعد تأسيس العصبة
بوقت قصير، وكان من بين قادتها صبري العسلي وفهمي محايري، وفريد زين الدين، وزكي
الأرسوزي.



اتسم برنامج العصبة بتحليله الشامل لأوضاع الوطن
العربي، وطبيعة الاستعمار الغربي والحركة الصهيونية وأوضاع التجزئة، وحددت لها
برنامجاً اقتصادياً، وتطرقت إلى أحوال المرأة، وخصائص الأمة العربية ودعت لمحاربة
التعصب والطائفية الإقليمية، واعتبرت أن مجال عملها السياسي هو الوطن العربي من
المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، ونظرت إلى المصلحة الوطنية من زوايا علاقتها
بالمصلحة القومية العربية، وربطت النضال من أجل تحقيق الاستقلال في كل قطر عربي
بالنضال القومي الوحدوي ، وأصرت على انتهاج خط أخلاقي متصلب سواءً على صعيد
سياستها العامة، أو على صعيد نهج أفرادها، وهو ما ترك آثاره على حركة البعث في
مستهل نشأتها الأولى.



نالت العصبة تأييد الكتلة الوطنية السورية التي
كانت دون إطار سياسي واضح ورأت أن بإمكانها الاعتماد عليها، ولكن العصبة أخذت
عليها سياسة " خذ وطالب"، وكانت العصبة تمتنع عن أي تعاون مع الانتداب
الفرنسي حتى أنهم رفضوا قبول الوظائف. لقد انتهت العصبة وأصيبت بهزات سياسية كبيرة
مرة بعد موت أمينها العام عبد الرزاق دندش، وأخرى حين قبل أمينها الثاني صبري
العسلي بدخول المجلس النيابي ففصل من العضوية، واستمرت وزادت قوة حتى جاءتها أقسى
ضربة بانسحاب زكي الأرسوزي منها الذي منحها القوة خلال المرحلة الممتدة بين 1933-
1939. وفي بداية الحرب العالمية الثانية أوقفت نشاطها.



تبع قيام العصبة ظهور( الحزب القومي العربي)،
والذي قام في العراق وسوريا والذي أكد أهمية الخروج على النضال القطري ، وبناء حزب
قومي ، وكان من بين أعضائه العراقيين يونس السبعاوي، ومن أعضاء الحزب أعضاء نادي
المثنى بالعراق ، والنادي العربي في سوريا.



ويذكر
جلال السيد أحد مؤسسي البعث أنه كان عضوا في هذا الحزب الذي وصفه بأنه" حزب
سياسي ضخم، ولكنه سري، ضم عددا كبيرا من رجالات العرب، وبرنامج الحزب شبيهاً
ببرنامج البعث …وكان أعضاؤه يدخلون في كل المنظمات... من ناحية المحتوى الاشتراكي
كان اقل شمولاً من حزب البعث ويمكن القول أن له دورا في الحركات الخطيرة كحركة
رشيد عالي الكيلاني.. كان يونس السبعاوي وزير الاقتصاد في حكومة رشيد عالي، وهو في
الوقت نفسه حاكم بغداد العسكري... وكذلك درويش المقدادي وسعيد الحاج ثابت وكان
الحزب على صلة بالأستاذ ساطع ".



تعتبر قضية فلسطين من القضايا العربية ذات الشأن
في نشوء القومية العربية وإثارة الشعور العربي الوحدوي منذ عام 1891، حيث أرسل عدد
من زعماء القدس إلى الصدر الأعظم احتجاجا يطالبون فيه منع اليهود من الهجرة إلى
فلسطين، وشراء الأراضي، وكان حافظ بك السعيد نائب يافا في " مجلس
المبعوثان"، قد أثار تساؤلا فيما إذا كانت حركة الاستيطان اليهودي تنسجم مع
مصالح السلطنة العثمانية، وطالب باتخاذ تدابير لازمة تحول دون دخول المهاجرين
اليهود للبلاد، وعاد ت المشكلة لتثار من جديد عام 1911 من قبل شكري العسلي مندوب
دمشق، وروحي الخالدي مندوب القدس.



ورغم أن الفلسطينيين كانت لهم مساهمات وأعضاء
منضوون في الجمعيات العربية العلنية والسرية منها، إلا أن الطابع العام للحركة
القومية ظل هو المسيطر كما هو الحال في مؤتمر باريس1913 ،واستغرق المؤتمر في بحث
الوسائل الكفيلة باستقلال العرب عن الأتراك ، وأحوالهم في السلطنة العثمانية ،وأهمل
البحث في أخطر القضايا ،وهي القضية الفلسطينية التي لم يسهب في دراستها.



وفي عام 1918 ثار جدل حول موقف فيصل من الحركة
الصهيونية بعد أن التقى بالزعيم الصهيوني حايم وايزمن وعددا من قادة الحركة
الصهيونية في العقبة، ونسب إليه توقيعه باللغة العربية على وثيقة كتبت باللغة
الإنجليزية تنطوي على إظهار عطفه مع الحركة الصهيونية، واشترط فيها أن تقوم مملكة
عربية من رفح حتى الخليج وجبال طوروس، و تعترف للحركة الصهيونية ببناء وطنها
القومي في فلسطين والتعاون مع الحركة القومية العربية، وقد رد فيصل بأن فلسطين جزء
من المملكة العربية التي يطمح لها العرب، وناشد اليهود التعاون معه في إنشاء مملكة
عربية، حتى إذا زاد عدد اليهود أصبحوا ولاية من الولايات العربية.



إلا أن أكثر فترات القضية الفلسطينية شهدت
تحريكا للمشاعر الوحدوية كانت في ثورة 1936 ـ 1939 ،إذ شهدت القضية
الفلسطينية تحريكا للموقف الشعبي والرسمي العربي ، وقامت المظاهرات في العديد من
المدن العربية، وتسرب إلى فلسطين المتطوعون العرب وخاصة من العراق وسوريا يقودهم
فوزي القاوقجي* على
رأس قوة ضمت خمسمائة متطوع
.



وقد
أصدر القاوقجي بيانا قال فيه: " إنه ليغبطني، وقد شرفني إخواني المجاهدون
بقيادة الثورة العربية في سورية الجنوبية أن أدعو القادرين من أشبال العرب إلى
السلاح أجل إلى السلاح يا أشبال العرب تحقيقا للأماني القومية وإنقاذ فلسطين العزيزة
ومن براثن العبودية والغزوة الصهيونية والمطامع البريطانية … "



كانت المرة الأولى التي تأخذ فيها ثورة
فلسطين مداها القومي، بعد أن كانت الثورات العربية لا تخرج عن مداها القطري بفعل
التجزئة، وهي التي شارك فيها العراقيون، والسوريون والفلسطينيون.



لم يقتصر وجود الحركات السياسية في هذه الفترة
على الجمعيات والأحزاب ذات النزعة لقومية العربية، فقد تصارعت وتمايزت حركات
وأحزاب في نزعات فكرية عديدة.



ففي سوريا تأسست الكتلة الوطنية، وهي ذات
اتجاه ليبرالي، وفيها انتشرت أحزاب ذات طابع ديني كجماعة الإخوان المسلمين التي أسسها
حسن البنا في مصر، ومنظمة الكتائب اللبنانية، وهي طائفية مارونية، ومنظمة النجادة،
وهي حركة طائفية سنية، و نشأ الحزب الاتحادي الدستوري في القاهرة على أيدي سوريين
كقاعدة للعمل القومي ثم اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني واتجاه اشتراكي
وشيوعي مثل: جماعة الأهالي في العراق، والحزب الشيوعي اللبناني، والحزب الشيوعي
السوري، والحزب الشيوعي الجزائري، والحزب الشيوعي العراقي.



اتسم موقف الحركة الشيوعية العربية بالعداء تارة
وبالغموض تارةً أخرى تجاه قضية الوحدة العربية والقومية العربية، فالحزب الشيوعي
الجزائري ظل يعادي فكرة الوحدة العربية والدعوة لاتحاد الجزائر حتى عام 1957، و لم
يحدد الحزب الشيوعي العراقي موقفه الرسمي من القومية العربية حتى عام 1944، رغم أن
العراق كان في فترة ازدهار قومي عربي ، وتجلت صورته في ثورة رشيد عالي الكيلاني
عام 1941.



ولم تقتصر حركة الوعي القومي على الحركات
والأحزاب، فقد أسهم مفكرون عرب ومنهم ساطع الحصري في توضيح وشرح معنى القومية
العربية، حيث يعتبر ساطع شخصية مرموقة احتلت منصب وزارة المعارف في حكومة فيصل
الأول السورية، وقضى زمنا من حياته مدافعا عنها في وجه الدعوات الإقليمية، ودافع
عن عروبة مصر، وقامت فكرته الأساس على أن الأمة العربية موجودة بالفعل، وعمادها
الأساس اللغة العربية، ويلي هذه الأهمية التاريخ أما الدين فيقلل من أهميته إلا
إذا اتحد الدين مع لغة من اللغات كما حصل في العروبة.
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث Empty رد: 1) نشأة وتطور حركة القومية العربية قبل ميلاد البعث

مُساهمة من طرف admin الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 4:46 am

وفي الجامعة الأمريكية في بيروت قام الدكتور قسطنطين زريق في
أواخر الثلاثينيات بنشر الفكرة القومية العربية بين الطلاب العرب الذين حضروا
ندواته في "جمعية العروة الوثقى "، التي مثلت الملتقى الفكري القومي
لعدد من الشباب الذين لعبوا دورا نضاليا وقوميا فيما بعد في كل من سوريا، والعراق
،ولبنان، وفلسطين.



رغم الدعوة للوحدة العربية فإن التجزئة العربية
تعمقت في حين عانت الأمة العربية من سلب حرية أقطار عربية لم تتحرر بعد، ومن وجود
استغلال طبقي ودوراً اجتماعياً لمصلحة فئة من الشعب، ورسم غياب الربط بين الوحدة
العربية والاشتراكية أو الاختلاف في تحليل الظروف التاريخية التي تمر بها الأمة
العربية قبيل الحرب العالمية الثانية الطريق لصياغة أيديولوجيا تربط بين قضايا
الوحدة والتحرير والاشتراكية ومن هذه النظرة للواقع العربي رشحت أفكار البعث، يقول
ميشيل عفلق: "... لقد أعطت حركة البعث للعروبة مفهومها الحديث ومضمونها
الإيجابي الثوري بعد أن كانت العروبة لفظة فارغة غامضة... وأصبحت القومية العربية
مرادفة لحياة الشعب العربي ومشاكله السياسية والاقتصادية والفكرية وأصبحت تعني في
وقت واحد الثورة على التخلف والظلم الاجتماعي، والثورة على التجزئة... لقد قدر
لحزب البعث الاشتراكي أن ينقذ الأجيال الصاعدة من الضياع بين العصبية الإقليمية
والثورة الأممية ووضعها في صميم العمل التاريخي... "



لم يكن البعث الوحيد من بين الأحزاب في
دعوته للوحدة العربية، فقد ظلت فكرة الوحدة العربية في صلب مبادئ الأحزاب والحركات
ومنطلقاتها السياسية وقد أحصى المفكر القومي العربي، ساطع الحصري 16 حركةً وحزباً
في بلاد الشام والعراق، كانت قائمة ً عام 1945، التي جعلت مبادئ الوحدة العربية
أساسيات عملها ومن بينها حزب البعث الذي وصفه بأنه من أكثرها اهتماماً بقضايا
الوحدة العربية.



كان لابد أن تنشأ حركة سياسية جديدة، وقومية
الاتجاه، طالما ظلت بلاد الشام مسرحا لحركات قومية تنشأ تباعا، كما أظهرت النصوص
السالفة الذكر، ثم أن حاجة العرب للوحدة العربية، والقضاء على التجزئة ستدفع إلى
ميلاد حركة جديدة، ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية، وأمام مفصل تاريخي هام،
وظهور التكتلات الدولية المختلفة، وظهور الثورات التحررية القومية في قارات آسيا
وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وعلى ضوء ذلك نشأ حزب البعث وغيره من الحركات القومية
العربية المعاصرة في سياق هذه التطورات، وكان البعث امتداداً لها إلا أنه يختلف
عنها نوعاً وكمًا، كما سيظهر لاحقاً.
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى