هذه الدولة أين اختفت؟..عربستان
صفحة 1 من اصل 1
هذه الدولة أين اختفت؟..عربستان
هذه الدولة أين اختفت؟..عربستان
كَتَبَ: د. رفعت السعيد
في عام 1925 تحالف شاه إيران (رضا شاه) مع الاحتلال البريطاني، واختطف الإنجليز الأمير خزعل أمير عربستان وسلموه للإيرانيين، الذين أعدموه وفرضوا سيطرتهم علي إمارة عربستان.
ومنذ ذلك اليوم وحتي الآن تجري محاولات دءوب وشديدة القسوة لمحو الطابع العربي عن عربستان التي سميت خوزستان,والحقيقة أن تغيير الأسماء وفرض أسماء جديدة قد اتخذ مسارات مثيرة للدهشة.فكل المدن والأنهار والمحافظات غيرت أسماؤها,وفرضت عليها أسماء فارسية، بل إن مصالح تحقيق الشخصية في عربستان وزع عليها كتيب يتضمن أسماء بذاتها لا يجوز تسميتها للمواليد، أسماء مثل أبو بكر, وعمر، وعثمان ,وعائشة...إلخ، وهي الأسماء نفسها التي يقوم المسلمون الشيعة في العراق بقتل كل من يتسمي بها, والنتيجة أن شعب عربستان يمنح مواليده اسمين:اسم رسمي, واسم يختارونه,ويستخدمون الموقف نفسه إزاء المسميات الفارسية للمناطق والأنهار وغيرها.
لكن المثير للدهشة هو أن محاولات محو الهوية العربية لسكان عربستان امتدت إلي حد قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمحاربة تعليم شعب عربستان اللغة العربية,لغة القرآن,ومن ثم يتعلمها السكان سرا , ويتخاطبون بها سرا.
لكننا بذلك نسبق الحدث والحديث,فهل كانت عربستان حقا عربية؟وهل كانت مستقلة؟ ونكتشف أنه في القرن الأول الميلادي قال المؤرخ باليني:إن هذه المنطقة جزء من الأرض العربية,وتوالي مختلف المؤرخين القدامي علي الاعتراف بعروبة هذه المنطقة,بما دفع السير أرنولد ولسن في كتابه الخليج العربي إلي تأكيد ذلك, واصفا عربستان بأنها تختلف عن إيران اختلاف ألمانيا عن إسبانيا,أما المؤرخ هورديك أوني فقد كتب في كتابه الفقاعة الذهبية.. وثائق الخليج العربي قائلا:إن هذه المساحات الشاسعة من الرمال البنية,وهذه المياه الضحلة الزرقاء المترامية الأطراف,وكل ما فوقها وكل ما تحتها هي عربية,وقد كانت وستظل جزءا لا يتجزأ من الخليج العربي.
كذلك كتب المؤرخ الفرنسي جان جاك برسي في كتابه الخليج العربي:لقد مرت عربستان مع الوطن العربي في مراحل واحدة,وبخطوات واحدة منذ أيام العيلاميين والسومريين والكلدانيين,ويؤلف القسم الذي تغسله مياه قارون مع بلاد ما بين النهرين وحدة جغرافية واقتصادية شاركت سابقا في الازدهار السومري والكلداني, وإذا كانت قد خضعت علي يد كوروش وداريوش عندما أسسا إمبراطوريتهما فإنها ما لبثت أن أصبحت عربية من جديد.
وقبل الإسلام نزحت إلي منطقة الأحواز عربستان قبائل عربية أخري آتية من قلب الجزيرة العربية,منها قبائل مالك وكليب واستقرت هناك,وعندما قامت الجيوش العربية الإسلامية بفتح هذه المنطقة أسهم السكان العرب معها في القضاء علي الهرمزان في سنة17 هجرية,وطوال عهد الخلافة الأموية ثم العباسية وثورة الزنج ثم الحكم العثماني كانت جزءا لا يتجزأ من الأراضي التابعة للخلافة,واستمر الأمر كذلك حتي1925.
وإذا كان الإيرانيون يجادلون في أحقيتهم التاريخية في أرض الأحواز بمقولة:إن حكام فارس قد احتلوا هذه المنطقة لفترة من الزمن,فإن سكان عربستان يردون عليهم بأن اليونان والرومان والعرب حكموا فارس ثلاثة عشر قرنا,وقد استمرت السيطرة العربية علي بلاد فارس آمادا طويلة, فهل ادعي أحد عروبتها؟
ويعود المؤرخون لاسترجاع حقائق تاريخية مهمة.
فالمؤرخ الإنجليزي لونفريك يقول في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق:في أراضي عربستان الزراعية المنبسطة تستقر قبائل عربية تمتلك الأرض,وتسيطر علي طرق المنطقة, وتفرض الضرائب علي الطرق النهرية دون معارضة من أحد,وأكثر من مرة حاول الإنجليز بالتعاون مع الفرس احتلال الأحواز دون جدوي ,ويأتي القرن التاسع عشر والأحواز دولة عربية مستقلة وقوية,قادرة علي حماية منطقة الخليج العربي هي وحلفاؤها الأقوياء في إمامة عمان,ووقفتا معا في وجه محاولات الفرس والترك والإنجليز للسيطرة علي المنطقة.
كما أن دولة فارس نفسها قد اعترفت باستقلال إمارة عربستان,ففي عام1857 أصدر ناصر الدين شاه مرسوما ملكيا يقول:تكون إمارة عربستان للحاج جابر بن مراد ولأبنائه من بعده, ويقيم في مدينة المحمرة (عاصمة عربستان آنذاك) مأمور من قبل الدولة الفارسية ليمثلها لدي أمير عربستان,وتنحصر مهمته في الأمور التجارية فقط,ويتعهد أمير عربستان بنجدة الدولة الفارسية بجيوشه في حالة اشتباكها في الحرب مع دولة أخري,وعندما أرادت بريطانيا إنشاء معمل لتكرير البترول في عبادان,وهي جزء من أرض عربستان ,انتدبت السير برسي كاكس ليتفاوض نيابة عنها مع أمير عربستان باعتباره الحاكم العربي الأعلي في المنطقة لعقد اتفاقية بشأن السماح باستخدام خط أنابيب البترول للمرور عبر أراضي إمارته متجها إلي مصفاة عبادان,وكان يتسلم وفق هذا الاتفاق إيجارا سنويا قيمته650 جنيها.
كما أن بريطانيا أبرمت معاهدة أخري مع أمير عربستان تعهدت فيها بالدفاع عن الأمير وإمارته,وأن تشاركه في صد أي هجوم خارجي عليه,وبرغم ذلك كله فإن بريطانيا قد تآمرت مع إيران علي تسليمها دولة عربستان.
ويمكن أن ندرك المفارقة بالعودة إلي المؤرخ الفرنسي جاك برس في كتابه الخليج العربي, إذ يقول: إن عربستان هي طرف الهلال الخصيب الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عندها مارا بلبنان وسوريا والعراق, فبريطانيا أسلمت الطرفين أحدهما لإيران والآخر لليهود في فلسطين, أليست هذه مفارقة تستحق التأمل؟
وفي عام1964 أدرجت قضية عربستان علي جدول أعمال مؤتمر القمة العربي المنعقد في القاهرة,واتخذت القمة قرارات تساند حقوق عربستان مساندة كاملة,بل وقررت إدراج قضية تحرير عربستان في المناهج الدراسية العربية,وبرامج الإعلام العربي,لكن هذه القرارات التي اتخذت لأهداف سياسية,صمتت لأهداف سياسية أخري.
وتبقي قضية عربستان تحتاج إلي من مزيد من قول.
كَتَبَ: د. رفعت السعيد
في عام 1925 تحالف شاه إيران (رضا شاه) مع الاحتلال البريطاني، واختطف الإنجليز الأمير خزعل أمير عربستان وسلموه للإيرانيين، الذين أعدموه وفرضوا سيطرتهم علي إمارة عربستان.
ومنذ ذلك اليوم وحتي الآن تجري محاولات دءوب وشديدة القسوة لمحو الطابع العربي عن عربستان التي سميت خوزستان,والحقيقة أن تغيير الأسماء وفرض أسماء جديدة قد اتخذ مسارات مثيرة للدهشة.فكل المدن والأنهار والمحافظات غيرت أسماؤها,وفرضت عليها أسماء فارسية، بل إن مصالح تحقيق الشخصية في عربستان وزع عليها كتيب يتضمن أسماء بذاتها لا يجوز تسميتها للمواليد، أسماء مثل أبو بكر, وعمر، وعثمان ,وعائشة...إلخ، وهي الأسماء نفسها التي يقوم المسلمون الشيعة في العراق بقتل كل من يتسمي بها, والنتيجة أن شعب عربستان يمنح مواليده اسمين:اسم رسمي, واسم يختارونه,ويستخدمون الموقف نفسه إزاء المسميات الفارسية للمناطق والأنهار وغيرها.
لكن المثير للدهشة هو أن محاولات محو الهوية العربية لسكان عربستان امتدت إلي حد قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمحاربة تعليم شعب عربستان اللغة العربية,لغة القرآن,ومن ثم يتعلمها السكان سرا , ويتخاطبون بها سرا.
لكننا بذلك نسبق الحدث والحديث,فهل كانت عربستان حقا عربية؟وهل كانت مستقلة؟ ونكتشف أنه في القرن الأول الميلادي قال المؤرخ باليني:إن هذه المنطقة جزء من الأرض العربية,وتوالي مختلف المؤرخين القدامي علي الاعتراف بعروبة هذه المنطقة,بما دفع السير أرنولد ولسن في كتابه الخليج العربي إلي تأكيد ذلك, واصفا عربستان بأنها تختلف عن إيران اختلاف ألمانيا عن إسبانيا,أما المؤرخ هورديك أوني فقد كتب في كتابه الفقاعة الذهبية.. وثائق الخليج العربي قائلا:إن هذه المساحات الشاسعة من الرمال البنية,وهذه المياه الضحلة الزرقاء المترامية الأطراف,وكل ما فوقها وكل ما تحتها هي عربية,وقد كانت وستظل جزءا لا يتجزأ من الخليج العربي.
كذلك كتب المؤرخ الفرنسي جان جاك برسي في كتابه الخليج العربي:لقد مرت عربستان مع الوطن العربي في مراحل واحدة,وبخطوات واحدة منذ أيام العيلاميين والسومريين والكلدانيين,ويؤلف القسم الذي تغسله مياه قارون مع بلاد ما بين النهرين وحدة جغرافية واقتصادية شاركت سابقا في الازدهار السومري والكلداني, وإذا كانت قد خضعت علي يد كوروش وداريوش عندما أسسا إمبراطوريتهما فإنها ما لبثت أن أصبحت عربية من جديد.
وقبل الإسلام نزحت إلي منطقة الأحواز عربستان قبائل عربية أخري آتية من قلب الجزيرة العربية,منها قبائل مالك وكليب واستقرت هناك,وعندما قامت الجيوش العربية الإسلامية بفتح هذه المنطقة أسهم السكان العرب معها في القضاء علي الهرمزان في سنة17 هجرية,وطوال عهد الخلافة الأموية ثم العباسية وثورة الزنج ثم الحكم العثماني كانت جزءا لا يتجزأ من الأراضي التابعة للخلافة,واستمر الأمر كذلك حتي1925.
وإذا كان الإيرانيون يجادلون في أحقيتهم التاريخية في أرض الأحواز بمقولة:إن حكام فارس قد احتلوا هذه المنطقة لفترة من الزمن,فإن سكان عربستان يردون عليهم بأن اليونان والرومان والعرب حكموا فارس ثلاثة عشر قرنا,وقد استمرت السيطرة العربية علي بلاد فارس آمادا طويلة, فهل ادعي أحد عروبتها؟
ويعود المؤرخون لاسترجاع حقائق تاريخية مهمة.
فالمؤرخ الإنجليزي لونفريك يقول في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق:في أراضي عربستان الزراعية المنبسطة تستقر قبائل عربية تمتلك الأرض,وتسيطر علي طرق المنطقة, وتفرض الضرائب علي الطرق النهرية دون معارضة من أحد,وأكثر من مرة حاول الإنجليز بالتعاون مع الفرس احتلال الأحواز دون جدوي ,ويأتي القرن التاسع عشر والأحواز دولة عربية مستقلة وقوية,قادرة علي حماية منطقة الخليج العربي هي وحلفاؤها الأقوياء في إمامة عمان,ووقفتا معا في وجه محاولات الفرس والترك والإنجليز للسيطرة علي المنطقة.
كما أن دولة فارس نفسها قد اعترفت باستقلال إمارة عربستان,ففي عام1857 أصدر ناصر الدين شاه مرسوما ملكيا يقول:تكون إمارة عربستان للحاج جابر بن مراد ولأبنائه من بعده, ويقيم في مدينة المحمرة (عاصمة عربستان آنذاك) مأمور من قبل الدولة الفارسية ليمثلها لدي أمير عربستان,وتنحصر مهمته في الأمور التجارية فقط,ويتعهد أمير عربستان بنجدة الدولة الفارسية بجيوشه في حالة اشتباكها في الحرب مع دولة أخري,وعندما أرادت بريطانيا إنشاء معمل لتكرير البترول في عبادان,وهي جزء من أرض عربستان ,انتدبت السير برسي كاكس ليتفاوض نيابة عنها مع أمير عربستان باعتباره الحاكم العربي الأعلي في المنطقة لعقد اتفاقية بشأن السماح باستخدام خط أنابيب البترول للمرور عبر أراضي إمارته متجها إلي مصفاة عبادان,وكان يتسلم وفق هذا الاتفاق إيجارا سنويا قيمته650 جنيها.
كما أن بريطانيا أبرمت معاهدة أخري مع أمير عربستان تعهدت فيها بالدفاع عن الأمير وإمارته,وأن تشاركه في صد أي هجوم خارجي عليه,وبرغم ذلك كله فإن بريطانيا قد تآمرت مع إيران علي تسليمها دولة عربستان.
ويمكن أن ندرك المفارقة بالعودة إلي المؤرخ الفرنسي جاك برس في كتابه الخليج العربي, إذ يقول: إن عربستان هي طرف الهلال الخصيب الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عندها مارا بلبنان وسوريا والعراق, فبريطانيا أسلمت الطرفين أحدهما لإيران والآخر لليهود في فلسطين, أليست هذه مفارقة تستحق التأمل؟
وفي عام1964 أدرجت قضية عربستان علي جدول أعمال مؤتمر القمة العربي المنعقد في القاهرة,واتخذت القمة قرارات تساند حقوق عربستان مساندة كاملة,بل وقررت إدراج قضية تحرير عربستان في المناهج الدراسية العربية,وبرامج الإعلام العربي,لكن هذه القرارات التي اتخذت لأهداف سياسية,صمتت لأهداف سياسية أخري.
وتبقي قضية عربستان تحتاج إلي من مزيد من قول.
رد: هذه الدولة أين اختفت؟..عربستان
هذه الدولة أين اختفت؟ (الجزء الثاني)
كَتَبَ: د. رفعت السعيد
وإذا جاز لنا أن نسأل... ولماذا تثار قضية عربستان الآن؟ نقول أولا إنها ظلت تثار علي يد أصحابها أبدا، ولم يتوقف هذا الشعب عن المطالبة بحقه في الحرية. بينما نحن نغمض الأعين لهذا السبب أو ذاك.
أما لماذا نثيرها نحن الآن فلأننا نحتاج الآن وأكثر من أي وقت مضي إلي إيقاظ العقل العربي للاهتمام بهذه القضية ليس فقط دفاعا عن شعب عربي يناضل من أجل تحرره، وإنما حفاظا علي عروبة وحقوق كل المساحات العربية المجاورة. ومع تصاعد المأساة العراقية وزيادة تعقيداتها بسبب من التدخل الإيراني المباشر في العراق والذي كان المستفيد الوحيد من الغزو الأمريكي الأحمق. تتجدد الحاجة لتجديد دعم النضال الأحوازي في التحرر.
ونقرأ : الأحواز الوطن العربي التوأم للعراق المحتل وهو من أهم ساحات الصراع العربي ـ الإيراني في العراق وعبر شعبه وعلي أرضه يتقرر مستقبل هذه المنطقة(د. خالد المسالمة ـ الأرض العربية المحتلة. ص.
هكذا كان الأمر... أما لماذا تتمسك جمهورية إيران الإسلامية باحتلال قطر عربي وإسلامي واضطهاد سكانه المسلمين هذا الاضطهاد الجائر؟ فإن الأسباب عديدة. وتبدأ بعبارة من مذكرات رضا شاه الشخصية لقد فكرت كثيرا قبل إقدامي علي اقتحام أكبر معقل يفصل بين فارس والعراق فوجدت أنه من الضروري القضاء علي أمير عربستان(من مذكرات رضا خان نقلا عن : مصطفي النجارـ التاريخ السياسي لإمارة عربستان العربية من 1896 وحتي 1925ـ القاهرة 1970ـ ص233). وهكذا ولكي يجتاز رضا شاه الحاجز الجغرافي الذي يفصل بلاد فارس عن عربستان، ومن ثم عن العراق وهو حاجز جبلي شاهق وشديد الوعورة ويضم جبال زاغروس وجبال الباختياري لجأ إلي المحتل البريطاني في العراق وحصل علي مساعدته في اختطاف الأمير خزعل أمير عربستان عام 1925 ثم إعدامه.
وفضلا عن الحاجز الاستراتيجي الشاهق والشديد الوعورة والذي يمثل العائق الجغرافي بين الأطماع الإيرانية والعراق، ومن ثم بقية المناطق العربية فإن هناك مسألة استراتيجية وجغرافية شديدة الأهمية، فعربستان تمثل مجمل شاطيء الخليج بامتداد 800 كيلو متر وعمق يبلغ في المتوسط 150 كيلو مترا. أي أنها حاجز جغرافي عمقه 150 كيلو مترا بين أراضي إيران ومجمل شواطيء الخليج.
ونواصل المعلومات الجغرافية المهمة. فمساحة عربستان 324 ألف كيلو متر مربع أي تساوي تقريبا مساحة سوريا ولبنان والأردن وفلسطين مجتمعة. وهي تقريبا ربع مساحة إيران (1. 640. 000 كيلو متر مربع) لكن الجغرافيا تقول أيضا إن 80% من المساحة الإيرانية صحاري جرداء، بينما أراضي عربستان شديدة الخصوبة وترويها خمسة أنهار كبيرة تنبع من جبال زاغروس وجبال البختياري. وأهم هذه الأنهار نهر الكارون ونهر الكرخة ونهر الجراحي وهي تخترق أراضي عربستان لتصب في الخليج العربي، وهناك أيضا عدد من البحيرات تمتد لآلاف الكيلو أمتارات المربعة وهي مصدر حيوي لمزيد من المياه وللصيد...
وباختصار فإن عربستان تمتلك نصف المخزون العام من مياه الري والشرب لإيران. وقد أقامت الحكومة الإيرانية قرابة العشرين سدا علي هذه الأنهار لتستخدم مخزونها من المياه في الري وفي مياه الشرب لمختلف محافظات إيران، بينما ـ وهذه مفارقة مؤسفة ـ تترك عربستان دون مياه شرب نقية. ومن هذه السدود تولد كميات هائلة من الكهرباء، تنقل مباشرة لتضيء الشوارع والمنازل ولتشغيل المصانع في المناطق الإيرانية، بينما تترك كل عربستان بلا إضاءة وبلا مصانع، ومادمنا في ساحة الجغرافيا فإننا نري أن أغلب الموانيء والمنافذ البحرية التي تصل إيران بالعالم الخارجي تقع أيضا في عربستان.
ثم نأتي بعد ذلك الي الاقتصاد... ونستعين بالأرقام الإيرانية الرسمية، التي توضح أن عربستان تنتج 50% من الأنتاج الإجمالي لإيران من القمح90. 0% من انتاج التمور.
ولأن الأرقام الرسمية الإيرانية تتجاهل ذكر أرقام محددة عن مساهمة عربستان في إجمالي الدخل العام لإيران فإن مصادر محايدة تقول أن حصة عربستان من إجمالي المحاصيل الزراعية والمياه والموانيء والبترول والغاز تمثل أكثر من 40% من مجموع الناتج الإجمالي الإيراني، ورغم ذلك فإذا كان مجمل سكان الجمهورية الإيرانية 70 مليون نسمة فإن 12 مليونا منهم أي مواطني عربستان، يعيش أغلبهم تحت خط الفقر بكثير، وإذا كانت الأرقام الرسمية الإيرانية تقول إن13% من السكان في عام 2007 يعيشون في فقر مدقع (جريدة الشرق الأوسط ـ13ـ 8 ـ2007) فإن عملية حسابية بسيطة توضح أن الغالبية العظمي من هؤلاء هم من سكان عربستان.
وتتضاعف أهمية ثروات عربستان بالنسبة لإيران إذا علمنا أن هذه المنطقة تنتج 85% من البترول والغاز الطبيعي لإيران ومايقارب 75% من إنتاج إيران من الكهرباء. وبالتالي فإن هذا البترول المتدفق ليضخ لإيران أهم ثرواتها (4 ملايين برميل يوميا) بما يضع إيران في المرتبة الثانية لدول أوبك، بالإضافة إلي أن كميات الغاز الطبيعي الهائلة تأتي من عربستان بينما يحرم سكانها من أبسط مقومات الحياة. ولعل هذه الأرقام هي التي تدفع الجمهورية الإيرانية الإسلامية إلي نسيان أي شيء في سبيل قهر الشعب الأحوازي وإسكات صوته بل وإسكات أي صوت عربي للدفاع عنه. ويجري اضطهاد سكان عربستان إضطهادا منظما ومستمرا ومنهجيا بما دفع حوالي 400 ألف من أبناء عربستان أي 5% منهم للهجرة إلي الخارج.
ويبقي أن نقر بأننا لانرغب بأي حال في محاصرة دولة إيران ولا في تجريدها من قدرات اقتصادية مهمة وأساسية. ونحن فقط نريد الحرية لشعب وأرض عربستان وعبر هذه الحرية سوف تنشأ بالفعل علاقات صحية وإنسانية، علاقات بين جارتين متحررتين تعملان وباخلاص من أجل نهوض هذه المنطقة كلها، لصالح شعوبها كلها، وفي مواجهة أعدائنا كلهم. ذلك أن إحتلال أراضي الغير لن يؤدي إلا إلي جراح قد لايصمت عليها أصحابها طويلا.
أما أسوأ الحلول فهو ماتصمم عليه إيران. فهي تقول أنها تواجه الاحتلال الصهيوني للشعب الفلسطيني المسلم بينما هي تضطهد شعب عربستان المسلم. وتقول أنها تواجه الامبريالية الأمريكية التي تحرم شعوبا مسلمة من حريتها ومن حقها في تحرير المصير بينما هي تفعل نفس الشيء بالنسبة لشعب عربستان. وهي تعلن أنها ترفض احتلال أمريكا للعراق بينما وعلي بعد خطوات من العراق تمارس احتلالا شديد القسوة لشعب آخر.
وأخطر مايواجه إيران في هذه الظروف الدولية الصعبة هو أن تفقد مصداقيتها أمام شعوب المنطقة وتتبدي ليس كقوة تحرير وتقدم وتوحيد للمنطقة، وإنما كقوة احتلال وتخلف وتمزيق للمنطقة. ومن ثم لامناص من إعادة الأرض لأصحابها والحرية لشعبها
ونسأل هل هذا ممكن؟ ويجيب جرامشي نيابة عن الجميع:
تشاؤم الواقع يهزمه تفاؤل الإرادة.
كَتَبَ: د. رفعت السعيد
وإذا جاز لنا أن نسأل... ولماذا تثار قضية عربستان الآن؟ نقول أولا إنها ظلت تثار علي يد أصحابها أبدا، ولم يتوقف هذا الشعب عن المطالبة بحقه في الحرية. بينما نحن نغمض الأعين لهذا السبب أو ذاك.
أما لماذا نثيرها نحن الآن فلأننا نحتاج الآن وأكثر من أي وقت مضي إلي إيقاظ العقل العربي للاهتمام بهذه القضية ليس فقط دفاعا عن شعب عربي يناضل من أجل تحرره، وإنما حفاظا علي عروبة وحقوق كل المساحات العربية المجاورة. ومع تصاعد المأساة العراقية وزيادة تعقيداتها بسبب من التدخل الإيراني المباشر في العراق والذي كان المستفيد الوحيد من الغزو الأمريكي الأحمق. تتجدد الحاجة لتجديد دعم النضال الأحوازي في التحرر.
ونقرأ : الأحواز الوطن العربي التوأم للعراق المحتل وهو من أهم ساحات الصراع العربي ـ الإيراني في العراق وعبر شعبه وعلي أرضه يتقرر مستقبل هذه المنطقة(د. خالد المسالمة ـ الأرض العربية المحتلة. ص.
هكذا كان الأمر... أما لماذا تتمسك جمهورية إيران الإسلامية باحتلال قطر عربي وإسلامي واضطهاد سكانه المسلمين هذا الاضطهاد الجائر؟ فإن الأسباب عديدة. وتبدأ بعبارة من مذكرات رضا شاه الشخصية لقد فكرت كثيرا قبل إقدامي علي اقتحام أكبر معقل يفصل بين فارس والعراق فوجدت أنه من الضروري القضاء علي أمير عربستان(من مذكرات رضا خان نقلا عن : مصطفي النجارـ التاريخ السياسي لإمارة عربستان العربية من 1896 وحتي 1925ـ القاهرة 1970ـ ص233). وهكذا ولكي يجتاز رضا شاه الحاجز الجغرافي الذي يفصل بلاد فارس عن عربستان، ومن ثم عن العراق وهو حاجز جبلي شاهق وشديد الوعورة ويضم جبال زاغروس وجبال الباختياري لجأ إلي المحتل البريطاني في العراق وحصل علي مساعدته في اختطاف الأمير خزعل أمير عربستان عام 1925 ثم إعدامه.
وفضلا عن الحاجز الاستراتيجي الشاهق والشديد الوعورة والذي يمثل العائق الجغرافي بين الأطماع الإيرانية والعراق، ومن ثم بقية المناطق العربية فإن هناك مسألة استراتيجية وجغرافية شديدة الأهمية، فعربستان تمثل مجمل شاطيء الخليج بامتداد 800 كيلو متر وعمق يبلغ في المتوسط 150 كيلو مترا. أي أنها حاجز جغرافي عمقه 150 كيلو مترا بين أراضي إيران ومجمل شواطيء الخليج.
ونواصل المعلومات الجغرافية المهمة. فمساحة عربستان 324 ألف كيلو متر مربع أي تساوي تقريبا مساحة سوريا ولبنان والأردن وفلسطين مجتمعة. وهي تقريبا ربع مساحة إيران (1. 640. 000 كيلو متر مربع) لكن الجغرافيا تقول أيضا إن 80% من المساحة الإيرانية صحاري جرداء، بينما أراضي عربستان شديدة الخصوبة وترويها خمسة أنهار كبيرة تنبع من جبال زاغروس وجبال البختياري. وأهم هذه الأنهار نهر الكارون ونهر الكرخة ونهر الجراحي وهي تخترق أراضي عربستان لتصب في الخليج العربي، وهناك أيضا عدد من البحيرات تمتد لآلاف الكيلو أمتارات المربعة وهي مصدر حيوي لمزيد من المياه وللصيد...
وباختصار فإن عربستان تمتلك نصف المخزون العام من مياه الري والشرب لإيران. وقد أقامت الحكومة الإيرانية قرابة العشرين سدا علي هذه الأنهار لتستخدم مخزونها من المياه في الري وفي مياه الشرب لمختلف محافظات إيران، بينما ـ وهذه مفارقة مؤسفة ـ تترك عربستان دون مياه شرب نقية. ومن هذه السدود تولد كميات هائلة من الكهرباء، تنقل مباشرة لتضيء الشوارع والمنازل ولتشغيل المصانع في المناطق الإيرانية، بينما تترك كل عربستان بلا إضاءة وبلا مصانع، ومادمنا في ساحة الجغرافيا فإننا نري أن أغلب الموانيء والمنافذ البحرية التي تصل إيران بالعالم الخارجي تقع أيضا في عربستان.
ثم نأتي بعد ذلك الي الاقتصاد... ونستعين بالأرقام الإيرانية الرسمية، التي توضح أن عربستان تنتج 50% من الأنتاج الإجمالي لإيران من القمح90. 0% من انتاج التمور.
ولأن الأرقام الرسمية الإيرانية تتجاهل ذكر أرقام محددة عن مساهمة عربستان في إجمالي الدخل العام لإيران فإن مصادر محايدة تقول أن حصة عربستان من إجمالي المحاصيل الزراعية والمياه والموانيء والبترول والغاز تمثل أكثر من 40% من مجموع الناتج الإجمالي الإيراني، ورغم ذلك فإذا كان مجمل سكان الجمهورية الإيرانية 70 مليون نسمة فإن 12 مليونا منهم أي مواطني عربستان، يعيش أغلبهم تحت خط الفقر بكثير، وإذا كانت الأرقام الرسمية الإيرانية تقول إن13% من السكان في عام 2007 يعيشون في فقر مدقع (جريدة الشرق الأوسط ـ13ـ 8 ـ2007) فإن عملية حسابية بسيطة توضح أن الغالبية العظمي من هؤلاء هم من سكان عربستان.
وتتضاعف أهمية ثروات عربستان بالنسبة لإيران إذا علمنا أن هذه المنطقة تنتج 85% من البترول والغاز الطبيعي لإيران ومايقارب 75% من إنتاج إيران من الكهرباء. وبالتالي فإن هذا البترول المتدفق ليضخ لإيران أهم ثرواتها (4 ملايين برميل يوميا) بما يضع إيران في المرتبة الثانية لدول أوبك، بالإضافة إلي أن كميات الغاز الطبيعي الهائلة تأتي من عربستان بينما يحرم سكانها من أبسط مقومات الحياة. ولعل هذه الأرقام هي التي تدفع الجمهورية الإيرانية الإسلامية إلي نسيان أي شيء في سبيل قهر الشعب الأحوازي وإسكات صوته بل وإسكات أي صوت عربي للدفاع عنه. ويجري اضطهاد سكان عربستان إضطهادا منظما ومستمرا ومنهجيا بما دفع حوالي 400 ألف من أبناء عربستان أي 5% منهم للهجرة إلي الخارج.
ويبقي أن نقر بأننا لانرغب بأي حال في محاصرة دولة إيران ولا في تجريدها من قدرات اقتصادية مهمة وأساسية. ونحن فقط نريد الحرية لشعب وأرض عربستان وعبر هذه الحرية سوف تنشأ بالفعل علاقات صحية وإنسانية، علاقات بين جارتين متحررتين تعملان وباخلاص من أجل نهوض هذه المنطقة كلها، لصالح شعوبها كلها، وفي مواجهة أعدائنا كلهم. ذلك أن إحتلال أراضي الغير لن يؤدي إلا إلي جراح قد لايصمت عليها أصحابها طويلا.
أما أسوأ الحلول فهو ماتصمم عليه إيران. فهي تقول أنها تواجه الاحتلال الصهيوني للشعب الفلسطيني المسلم بينما هي تضطهد شعب عربستان المسلم. وتقول أنها تواجه الامبريالية الأمريكية التي تحرم شعوبا مسلمة من حريتها ومن حقها في تحرير المصير بينما هي تفعل نفس الشيء بالنسبة لشعب عربستان. وهي تعلن أنها ترفض احتلال أمريكا للعراق بينما وعلي بعد خطوات من العراق تمارس احتلالا شديد القسوة لشعب آخر.
وأخطر مايواجه إيران في هذه الظروف الدولية الصعبة هو أن تفقد مصداقيتها أمام شعوب المنطقة وتتبدي ليس كقوة تحرير وتقدم وتوحيد للمنطقة، وإنما كقوة احتلال وتخلف وتمزيق للمنطقة. ومن ثم لامناص من إعادة الأرض لأصحابها والحرية لشعبها
ونسأل هل هذا ممكن؟ ويجيب جرامشي نيابة عن الجميع:
تشاؤم الواقع يهزمه تفاؤل الإرادة.
مواضيع مماثلة
» تونس: من الدولة الأمنية إلى الدولة المدنية
» تونس: من الدولة الأمنية إلى الدولة المدنية
» وعد بلفور ويهودية الدولة
» الخطر الداهم .. يهودية الدولة
» معركة «أمن الدولة»: سقوط «عاصمة جهنّم»
» تونس: من الدولة الأمنية إلى الدولة المدنية
» وعد بلفور ويهودية الدولة
» الخطر الداهم .. يهودية الدولة
» معركة «أمن الدولة»: سقوط «عاصمة جهنّم»
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى