الكرمل.. والدهاء الدبلوماسي
صفحة 1 من اصل 1
الكرمل.. والدهاء الدبلوماسي
الكرمل.. والدهاء الدبلوماسي
05/12/2010
الكوارث الطبيعية قضاء وقدر، فأنا لست سيد قدري، ولا روحي. لذلك أذهل أمامها كما هو ذهول الناس وعجزهم عن منعها ويقتصر جهدهم على مكافحة تداعياتها الإنسانية.
لكن الدبلوماسية لوقف تداعيات الكوارث انتقائية. كيف؟
لقدا دأبت بعض الدول على تقديم الغوث التقني والكفاءات البشرية لإنقاذ الضحايا وتمكين المتضررين من العودة إلى حياتهم الطبيعية والحالة هذه تشمل فقط الدول التي تتبادل التمثيل الدبلوماسي مع دول صديقة وليس دولا معادية وفي حالة حرب.
لذلك لا أعجب أن تقوم بعض دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وغيرها من الاستجابة لطلب كيان الفصل العنصري تقديم المساعدة لإخماد الحرائق في جبل الكرمل.
كما أن مشاعري وصل بها العجب إلى نصف الكأس لمشاركة بعض الدول العربية في عمليات إطفاء الحرائق لأنها أقسما في كامب ديفد واوي بلانتيشن وواي ريفر وأنا بوليس وشرم الشيخ ووووإلخ. بالالتزام بمعاهدة السلام مع أن البروتوكولات الملحقة لم تتضمن نصاً على تقديم المساعدة الإنسانية مثلما لم تتضمن وجود قوات مصرية في سيناء ولكن أضيف إليها بروتوكول آخر كي ترابط على الحدود مع قطاع غزة لمنع الوطنيين الفلسطينيين من تجاوز الحدود.
أما ما جعل تعجبي يطفح به الكأس هو مشاركة رجال إطفاء فلسطينيين في إخماد النار في الكرمل رغم علمهم بأن الاحتلال خنجر في خاصرته ولا زال يتألم، ولم يحركوا ساكنا لا هم ولا غيرهم عندما أضرم المستوطنون الجدد النار في حقول فلسطين في الضفة الغربية المحتلة وتجريف بيارات البرتقال الجميل في قطاع غزة المحاصر مع بيوتها وراح ضحيتها أبرياء وطنيين فلسطينيين ومراقبين أجانب منهم المناضلة الإنسانية راشيل خوري أمريكية الجنسية.
طفح الكأس يدفعني لطرح سؤال على رئيس السلطة ومعاونيه: هل باستطاعتكم الاستجابة لطلب المزارعين الفلسطينيين بإخماد النار التي أضرمها المستوطنون في حقولهم وقلوبهم؟ أنا لست بحاجة إلى جواب لأن كلامي بلل من طفح الكأس في وجوههم. أما الجمهور فينتظر الرد.
خلال وقوع الكوارث تبادر الدول القوية بإمكاناتها لتقديم المساعدة لدول فقيرة، أعرف أنها ليست مآرب إنسانية مطلقاً، ولكن تحتكم إلى مصالح سياسية وأمنية وحصل ذلك مع كثير من الدول وجزر الهاييتي مثال فقير صارخ في وجه غني فاجر ولا يزال الأمريكيون على الجزيرة. وإلا لماذا أخفقت هذه الدول في إطفاء محرقة غزة أو وقف جريمة مرمرة وقبلها وقوع النكبة.
اشتعال النيران في الكرمل فرصة سانحة لكيان الفصل العنصري لتسييس الدبلوماسية بذهابه إلى أبعد من دوسه على تبجحه بامتلاكه القوة العسكرية حين طلب من دول عربية ومن السلطة لتقديم المساعدة وذلك في محاولة لطي كتابة بالدم على صفحات بيضاء في تاريخ الوطنيين الفلسطينيين ما أثار حفيظة المجتمع الدولي وهنا ما استدعاني أن أكتب لا للشماتة في من قتل في الحريق ولكن لأذكر بأن لا يكيل من يسمي نفسه العالم الحر بمكيالين.
الفكرة من طلب المساعدة العربية هي سهم في قلب الوطنيين الفلسطينيين في وقت لا زالوا يطالبون ومعهم منظمات حقوق الإنسان الدولية بمحاكمة أقطاب كيان الفصل العنصري على ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ذد الإنسانية.
كما يهدف الكيان إلى تغطية الكارثة الطبيعية بدثار دبلوماسي من شأنه أن يترك آثاراً على جهات عدة وهي أولا: خلق حالة الإحباط بين الوطنيين الفلسطينيين بسبب دبلوماسية السلطة التي استدعت إنقاذ سجاني أسراها وثانياً: فإن حزب الليكود الحاكم في فلسطين المحتلة لن يأبه لتحرك المعارضة بمحاسبته بعد التقصير الفاضح برغم القوة التقنية التي يمتلكها الكيان وسيقول لهم هاهم أعدائكم يقومون بما يجب أن نقوم به. وثالثاً: على الصعيد الدولي حشد الدعم للكيان باستخدام دعاية واستمالة قذرة للرأي العام لأن تقبل الفرد لأفكار جديدة لا يمكن إلا من خلال العزف على وتر الإنسانية خاصة في حالة الكيان.
دبلوماسية الكيان تفوق بدهائها لاستمالة الرأي العام غباء قدرتها العسكرية لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الوطنيين الفلسطينيين.
فقد استخدم المتحدثون باسم الكيان مصطلحات شريرة مثل (جبل الموت) بدلا من جبل الكرمل أو (إننا نواجه العدو الأكبر). ولو سنحت له الفرصة لتدبير تهمة الحريق لفلسطينيين لما توانى عن ذلك.
فهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الدهاء الدبلوماسي ضد الوطنيين الفلسطينيين، ففي زيارة كانت مقررة لوزير خارجية بريطانيا روبين كوك لإلقاء كلمة في المؤتمر الأول لطلبة الإعلام في الجامعات الفلسطينية بجامعة بيت لحم رافقت فريقا دبلوماسيا بصفتي منسقا عاما للمؤتمر قبل وصول الضيف.
لقد حول الفريق مسار دخول الضيف إلى الحرم الجامعي كي لا يضطر لوضع إكليل من الزهور على ضريح طلبة الجامعة الذين قتلوا برصاص جنود الكيان وهم داخل الحرم الجامعي. إنها دبلوماسية أشبه بخشونة جزرة الصوف.
ولكي لا تشكل الزيارة حرج للكيان فقد ارتكبوا حربا دبلوماسية بقتلهم شابا فلسطينيا في بيت لحم للحؤول دون القيام بالزيارة نهائيا وإلغاء المؤتمر حيث ساد إضراباً في المنطقة حدادا وقد توجت المدينة بحدث المؤتمر الذي كان أيضا منبرا للتنديد بالجريمة.
الدبلوماسية الإسرائيلية تتجاوز ذلك، ففي ستوكهولم وصل الأمر بسفير الكيان لتحطيم مصابيح كهربائية جهزت لإضاءة إحدى الصالات حيث عُوِمت صورة وطنية فلسطينية فوق سطح مياه بركة إحياءً لذكرى استشهادها وهو ما أثار غضب الخارجية السويدية وألق الحادث استهجانا وظلالا على العلاقات بين الكيان والسويد.
عادة ما تكون الكوارث الطبيعية أو وقوع حوادث نتيجة الإهمال عبرة للدولة التي تحل بها وفي هذه المرة فإن حريق الكرمل لن يكون عبرة للكيان فقط وإنما لجهات أخرى.
لعل هذه الحادثة تغير من سلوك الكيان اتجاه الوطنيين الفلسطينيين اللذين يعانون من أيضا من مليشيات شبه عسكرية وهم المستوطنون وهم الطرف الثاني في فريق الحاجة لاستخلاص العبر كي يتوقف عن حرق الحقول الفلسطينية والاستفادة من سذاجة الدبلوماسية الفلسطينية.
أما الطرف الثالث فهو السلطة الفلسطينية فكان أول من وقع في فخ دبلوماسية الكيان بالموافقة على إرسال رجال إطفاء من أتباعه للمشاركة بإخماد الحريق بعد ساعات من تصريح الرئيس عباس بشأن حل سلطة الحكم الذاتي ولم يلبث أن يحوز التصريح على آمال الوطنيين الفلسطينيين الذين سئموا لعبة المفاوضات مباشرة وغير مباشرة وقبلها سرية فجاء اتصال نتنياهو به ليبدد غبار حريق الاحتلال المستمر في قلوبنا بقوله أن مساعدة الجيران لبعضهم البعض ضرورية.
فإذا اعتقد الرئيس عباس ومستشاروه أن بمشاركتهم ركب حلفاء الكيان سيحقق دعاية بناءة للقضية الفلسطينية فهم خاطئون والسبب هو أن دبلوماسية نتنياهو كانت جدية بمحو دعاية السلطة المتوقعة كما أن الدعاية التي تمارسها السلطة ما هي إلا تجميل للكيان وليس لمن أصيبوا بحرائق الكرمل إذ لا يمكن أن تأكل الدعاية أكلها إذا صدرت عن محتل لمحتليه.
ألم نفهم بعد أن دموع الكيان مثل دموع التماسيح، فمن منا ينسى ما قام به الوزير بلا وزارة الأسبق بن بورات الذي فجر كنيس يهودي في العراق كي يجبر اليهود هناك على الاستيطان في فلسطين المحتلة؟
وسبق ذلك أن أغرقت الحركة الصهيونية سفينة محملة بالمستوطنين الصهاينة غداة طرد ملايين الوطنيين الفلسطينيين من ديارهم عام 1948 وذلك للاستحواذ على العطف العالمي.
وأنتم أيها الوطنيون الفلسطينيون الجاثمون على ركام بيوتكم والمنتظرون عند بوابات السجون ويا ذاكرة الكرمل خلف الحدود ليس أمامكم إلا خيار الصمود والحشد للدفاع عن الأرض فهي الماء الذي سيعيد للكرمل نضارته ولدبلوماسية البعض دهائها.
بشير الغزاوي- عضو فعال
- عدد الرسائل : 622
العمر : 84
تاريخ التسجيل : 28/03/2010
مواضيع مماثلة
» دالية الكرمل
» الفلسطينيون ياملون ان تؤدي مشاركتهم في اطفاء حرائق الكرمل لاطفاء حرائق الصراع مع الاسرائيليين
» الفلسطينيون ياملون ان تؤدي مشاركتهم في اطفاء حرائق الكرمل لاطفاء حرائق الصراع مع الاسرائيليين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى