توافق سياسي واسع في المانيا ضد مغامرة الحرب علي ليبيا

توافق سياسي واسع في المانيا ضد مغامرة الحرب علي ليبيا
برلين, مارس (آي بي إس) - تلقت الحكومة الألمانية دعما عريضا من جانب مختلف الأحزاب السياسية لقرارها بعدم التصويت لصالح قرار مجلس الأمن لاقامة "منطقة حظر طيران" في المجال الجوي الليبي، وذلك إنطلاقا من قلقها العميق تجاه مثل هذه التدخلات العسكرية المحفوفة بالمخاطر.
فقد امتنعت الحكومة الالمانية عن التصويت مؤكدة عدم إستعدادها للمشاركة في التدخل العسكري في ليبيا. وقال وزير الخارجية غويدو فيسترفيل أن إنشاء منطقة حظر طيران في المجال الجوي الليبي يعادل ارسال قوات برية اليها.
وعلى الرغم من أن الإمتناع الألماني عن التصويت قد أثار سلسلة من الانتقادات خاصة من جانب المنظمات الإنسانية وعدد من الساسة، إلا أنه يبلور توافق واسع بين جميع الأحزاب السياسية.
وإنطلقت الحكومة الألمانية في قرارها إلي أن فرض منطقة حظر الطيران إنما يشمل عمليات قصف جوي ضد البنية التحتية الليبية، وخاصة المطارات ومهابط الطائرات، وكذلك ضد "المناطق الساخنة" العسكرية الليبية.
وتعتبر حكومة برلين أن مثل هذه العمليات العسكرية لن تكون كافية لوقف الحرب الأهلية، وسوف تؤدي بالضرورة إلى إيفاد قوات برية.
فقد أدان فيسترفيله النظام الليبي جراء عمليات القمع الوحشي، وأكد أن معمر القذافي قد فقد "كل الشرعية". ومع ذلك، فقد أضاف "لا أرى (مشاركة) قوات ألمانية في ليبيا، ولا أريد أن تشارك ألمانيا في حرب موسعة في بلد عربي".
وبدورها دافعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن قرار الإمتناع عن التصويت في مجلس الأمن، لكنها صرحت أنه لا ينبغي إعتباره قرارا بالحياد، "فنحن نشاطر أهداف قرار الامم المتحدة دون تحفظ". وشددت علي أنه "لا ينبغي الخلط بين الامتناع عن التصويت وبين الحياد".
هذا ولقد أثار رفض ألمانيا دعم الأمن الدولي في قراره بشأن ليبيا موجة من الانتقادات، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. وفي ألمانيا، وصفت المنظمات الإنسانية وبعض زعماء المعارضة امتناع الحكومة عن التصويت بأن "وصمة عار".
وقال وزير التعاون الإنمائي السابق هايديماري فيتسوريك تسويل، وهو العضو البارز في قيادة حزب المعارضة الاشتراكي الديموقراطي، خلال مناقشة برلمانية حول هذه القضية، أنه "لا يمكن الإمتناع عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الطغاة... هذا القرار هو وصمة عار" في جبين البلاد.
ومن جانبه، صرح المكتب الألماني لجمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، أن الدافع وراء قرار الحكومة بعدم المشاركة في العمليات العسكرية ضد نظام القذافي، علي صلة بمبررات انتخابية وطنية.
فيجازف الائتلاف المحافظ، الذي تترأسه المستشارة ميركل والمكون من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الليبرالي، بالهزيمة في بضعة انتخابات إقليمية تجري هذا الشهر.
وصرح أولريش دليوس، خبير الشؤون الأفريقية بجمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، أنه علي فيسترفيله وميركل "أن يقررا ما إذا كانا يشنان الحملة الانتخابية في ألمانيا أم في الخارج".
وأضاف أن موقف الحكومة الألمانية برلين "قد يلقي إشادة من القذافي لكنه يلحق الضرر بمصداقية ألمانيا في جميع أنحاء العالم".
وذكر دليوس بأن ألمانيا، منذ شهر واحد فقط، قد أشادت بالإنتفاضات الشعبية في تونس ومصر وبالثورات الديمقراطية ضد الطغاة، "والآن، وبدافع من سياسات حزبية صغيرة، تقف موقف المشاهد من المجازر التي يرتكبها القذافي".
هذا وعلي الرغم مما سبق، فيشارك معظم قادة المعارضة موقف الحكومة. وأيد زير الخارجية السابق فرانك فالتر شتاينماير، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي البرلمانية، إمتناع بلاده عن التصويت، قائلا أنه "من الصواب أن نشكك فيما إذا هجمات جوية سوف تساعد شعب ليبيا حقا".
ومن جانبه أيد حزب اليسار، وهو تحالف من شيوعيين سابقين وساسة منشقين عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي، قرار الحكومة بالامتناع عن التصويت، فيما إقترح زعيم حزب الخضر يورغن تريتين، أن توفر بلاده مأوي مؤقت للاجئين من ليبيا، وأكد بدوره علي دعم قرار حكومة برلين.( 2011)