نبيل ابراهيم - السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال الجزءالثاني
ملتقى الفكر القومي :: المنتدى الفكري والثقافي ***(حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية) :: قسم البحوث والدراسات الحزبية
صفحة 1 من اصل 1
نبيل ابراهيم - السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال الجزءالثاني
السـرطان الذي يفتـك بعــراق ما بعـد الاحتـلال (وزارة الصحة العراقية وحقائق مريرة عن الفساد)
( الجزء الثاني )
منتدى"ملاك صدام حسين
نبيل ابراهيم
الفساد غطى البلاد وانتشر كالطاعون , حتى الطاعون له شكل واحد الا الفساد فله الف شكل والف لون
الفساد الصحي في العراق في اوجه اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الوضع المعيشي المتردي للاسرة العراقية يؤثر سلبا في صحة الطفل الجسدية والنفسية،وان الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة،ويجري بيع الادوية التي تتعلق بالجنس والمخدرات التي اصبحت تنتشر بشكل واسع في عدد من احياء مدينة بغداد وباقي المدن العراقية واغلبها منتهي الصلاحية او فاسد , وتنتشر دكاكين اللاصحة التي تبيع الدواء ويمارس اصحابها المداواة وزرق الابر،وانتشارها يفوق انتشار محلات بيع الكماليات, كذلك بروز ظاهرة بائعات الأدوية التي يطلق عليهم اسم (الدلالات) يترقبن في الاسواق زبائنهن, ومن اللافت للنظر وجود ادوية غير مسجلة لدى وزارة الصحة تأتي عن طريق القطاع الخاص ويباع اغلبها على الارصفة في ظاهرة ما يعرف بـ (صيدليات الأرصفة)،واننسبة 80% من ادوية الصيدليات الاهلية غير مسجلة،وشيوع ادوية مشابهة رديئة وفاسدة،مما ادى الى نشوء سوق الأدوية السوداء.كما يلاحظ ارتفاع عدد المرضى النفسيين،ومن يتعاطون المخدرات ويمارسون الكبسلة،بسبب الحروب والعنف والعوز والانحدار الصحي والاجتماعي خلال العقود الأربعة الماضية.
ففي تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية صدر في عام 1989 أشادت فيه المنظمة بالمستوى الصحي الجيد في دولة العراق واعتبرته من الدول المتقدمة في هذا الجانب , فقد كانت الميزانية المخصصة للرعاية الصحية في الفترة السابقة للحصار أي في 1989وماقبل , تبلغ (550) مليون دولار تشمل الإنفاق العام على جميع النواحي الصحية ومنذ سبعينيات القرن العشرين اعتمد العراق على نظام صحي علاجي مركزي مجاني، يعتمد بالأساس على سلسلة من المستشفيات ذات التجهيزات الحديثة المتطورة والأطقم الطبية المتخصصة، كما اعتمد على استيراد كميات كبيرة من الأدوية والتجهيزات الطبية وحتى أطقم التمريض.وبحسب تقرير مشترك نشرته منظمة الأمم المتحدة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية في تموز 2002، أنه في ظل هذا النظام يمكن لـ 99% من سكان الحضر، و81% من سكان الريف العراقي الحصول على الرعاية الصحية المتكاملة.
أما في الفترة اللاحقة للعدوان الثلاثيني البغيض على العراق وعلى شعب العراق والمتمثلة بفترة الحصار الجائر فبلغ إجمالي ما توفره مذكرة النفط مقابل الغذاء بما يخص مسألة الإنفاق الصحي الشامل في دولة العراق فهي (26) مليون دولار سنوياً فقط أي مقابل 550 مليون دولار كانت تصرف فيما سبق كان عدد مستشفيات العراق فترة ما قبل الاحتلال 217 مستشفى و 1394مركز صحيا و402 عيادة طبية ,كما بلغ عدد الأطباء الاختصاصين والممارسين 17532وبلغ عدد العاملين بمجال التمريض في القطر 25043 .
هذه الأرقام اعتمدت إحصاء أعداد العاملين في فترة ما قبل الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي, وقد اختلفت هذه الأرقام كلية منذ تاريخ 9\4\2003 تماشيا مع اختلاف الأحوال على الأرض فقد تم قصف وتدمير معظم المستشفيات والمراكز الصحية وإزالتها بشكل كامل .وقد قتل عدد كبير من العاملين فيها إضافة إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين فيما بعد ضمن خطة اجتثاث البعث ,وتابعت خسائر القطاع الصحي البشرية ازديادها مع تفاقم تدهور الوضع الأمني وفي تقرير لصحيفة الاندبيندت في عددها الصادر يوم الجمعة 19 / 1/ 2007 ذكرت فيه بأن 50 % من مجموع الأطباء العراقيين تركوا العمل إما نتيجة استهدافهم بشكل متعمد وقتلهم أو هروبهم نتيجة أعمال التهجير أو التهديد, ومنذ عام 2003، تعرض الاف الاطباء للقتل وتم اعتقال المئات من الاطباء من جميع أرجاء البلاد. كل ذلك أمام مرأى ومسمع قوات الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي وهو ما يعد خرقا لاتفاقيات جنيف التي تلزم قوات الاحتلال ( الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما ) بصفتها قوات محتلة بحماية حياة المدنيين وتأمين المراكز الصحية والعاملين فيها وحمايتهم ففي اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949المادة (2)التي تقول (( ...تنطبق الاتفاقية أيضا على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة...)) وفصلت ذلك في المواد (18-19-20) فيما يتعلق بمسألة الحماية الواجبة للمستشفيات والموظفين المتخصصين لتشغيلها وإدارتها والعاملين الطبيين فيها , كما ورد تفصيل ذلك في المادة ( من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية, في فقراته( هه,و,ز,ج )والمتعلقة بحماية الوحدات الطبية وأفراد الخدمات الطبية والنقل الطبي ووسائط النقل الطبي والمركبات الطبية.. وقد تحدثت التقارير عن مقتل 938 موظفا ضمن ملاك وزارة الصحة العراقية حتى 2006 , وفي العام 2007 تم استهداف الكثير من موظفي القطاع الصحي نتيجة عمليات التطهير الطائفي وعمليات القتل العشوائي مما سبب فراغا كبيرا وتدهورا يضاف إلى الأسباب الآنفة الذكر, بل ان وزارة الصحة العراقية في زمن حكومة العميل الجعفري احتفلت بطرد اخر سني من ملاك الوزارة عندما كان وزير الصحة من التيار الصدري. وقد مارست قوات الاحتلال سلوكيات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وذلك باستهدافها المشافي والمراكز الصحية والعيادات الخاصة وسيارات الإسعاف
إن تردي الوضع الأمني واستفحال الإنقسامات الطائفية وغياب هيبة الدولة ومرجعية القانون وتحكم ميليشيات حزبية وجماعات مسلحة بمجمل الوضع قد فاقم المشكلة بشكل مطرد ,وقد تحدثت وسائل إعلام متعددة عن سوء أوضاع المشافي العراقية من الناحية الأمنية وإن كثيرا من المرضى يتعرضون دون تمييز كبارا و صغارا إلى القتل على يد ميليشيا طائفية تسيطر على معظم مشافي بغداد ( القتل على الهوية والطائفة), وقد اعتقلت القوات الأمريكية على إثر تلك الأحداث وكيل وزارة الصحة العراقي والذي يعتبر ممثل الحكومة لجهة الصحة بعد اتهامه بجرائم تتعلق بتصفية بعض المرضى على أسس طائفية وسياسية . ومن مظاهر ازمة الفساد في المؤسسات الصحية في عراق ما بعد الاحتلال, توجهات حكومات الاحتلال الطائفية لتوظيف خريجي كليات الطب بنظام العقود،اي (النظام - الجسر للوساطة والمحسوبية ممن لديهم اقارب او قريبين من المتنفذين في الحكومة والاحزاب), فضلا عن اطلاق يد المسؤولين بفسخ عقد العمل متى شاءوا:
ومن اللافت اتساع ظاهرة المتاجرة بنفايات وفضلات المستشفيات ليعاد استخدامها في تصنيع الادوات البلاستيكية وادوات حفظ الاغذية, الى جانب معاناة صيدلة العراق من المسخ المهني الحاد وترويج الثقافة الصحية بالمقلوب عبر البيع المباشر للادوية الى المرضى والمتمارضين دون وصفات طبية!واحجام فرق التفتيش الصحية عن زيارة المعامل الاهلية والورش الحرفية والمطاعم ومحال صناعة المرطبات منذ سقوط الدكتاتورية!مع ارتفاع اسعار الادوية وانحسار تواجدها في العيادات الشعبية،خاصة تلك المتعلقة بالامراض المزمنة!وتعاني مستشفيات بغداد نقصا حادا في كميات الدم بما فيها الانواع النادرة،وثلاجات حفظ الدم واجهزة تقطيع اكياس الدم والطرد المركزي،ومعدات فصل مكونات الدم وفحص الفيروسات فيه.
بتاريخ 8 كانون الثاني 2007 كان براتاب شاترجي رئيس المنظمة الأمريكية - غير الحكومية- لمراقبة شركات إعادة الإعمارقد عبر في تقريره الأخير حول أوضاع الرعاية الصحية في العراق، تحت عنوان الرعاية الصحية عالية التقنية في العراق.. تنقصها الرعاية الصحية، وتضمن التقرير تفاصيل كثيرة حول دور شركات إعادة الإعمار الصحي والإدارة الأمريكية في خلق فوضى غير خلاقة في القطاع الصحي بالعراق.وقد قدم التقرير عدة نماذج وحكايات حول مظاهر هذا التخبط.
ـ النموذج الأول ـ الذي تعرض له التقرير يتحدث عن وصول تجهيزات طبية بتكلفة 70 مليون دولار إلى المخازن التي تملكها إحدى الشركات الكويتية في أبو غريب، وكان من المفترض أنها شحنت لصالح مشروع تتبناه الإدارة الهندسية للجيش الأمريكي؛ لبناء وتجهيز 150 مركزا للرعاية الصحية الأولية، لكن التقرير كشف عن عدد من الأمور العجيبة وهي:
- أولا: اختفاء عدة حاويات من بين 14 حاوية ضمت تلك التجهيزات.
- ثانيا: 40% من التجهيزات وصلت وأودعت في المخازن، لكنها إما تحطمت أو نقصت بعض أجزائها.
- ثالثا: الإدارة الهندسية ألغت تأسيس 130 من بين الـ 150 مركزا التي وصلت إليهم التجهيزات.
- رابعا: المشروع كان يتضمن برنامجا تدريبيا للطاقم الطبي العراقي على التعامل مع تلك الأجهزة مدته 15 يوما، لكن الإدارة الهندسية قررت تقليص البرنامج إلى 10 ثم إلى 3 أيام.. لم تنفذ بعدها .
- خامسا: إن شركة بارسونز جلوبال المسئولة عن تلك التوريدات حققت أرباحا تقدر بـ 3.3 ملايين دولار من الصفقة.
- سادسا: التجهيزات الطبيبة تقبع بالملايين في المخازن، بينما تبقى المنشئات الصحية التي شرع في إنشائها مهملة وغير مكتملة، ويقوم عشرات من الأطباء بإجراء عمليات جراحية في المستشفيات القائمة بالفعل والتي تفتقر إلى الإمدادات الأساسية مثل أجهزة التعقيم والتخدير. - سابعا: ألغي المشروع برمته في الثالث من إبريل عام 2006 بينما لم يتم الانتهاء إلا من بناء 6 مراكز.
وقد أرجع تقرير الهيئة الأمريكية المستقلة للإشراف على إعادة إعمار العراق سيجير الفشل في إتمام المشروع إلى تراخي إشراف الإدارة الهندسية، وقلة جودة مواد البناء المحلية، وإضراب شركات البناء المحلية في العراق، بينما أرجعته الإدارة الهندسية إلى فشل الشركة في التخطيط الجيد لجدولة المشروع، وقد ردت الشركة بأن المشروع كان مقررا له أن ينتهي في عامين بينما أرادت الإدارة الهندسية إنهاءه في عام واحد.وقد نوه التقرير إلى أن إلغاء العقد جاء بعد فشل الشركة في إنهائه لفترة امتدت 25 شهرا بعد التعاقد.
ـ النموذج الثاني ـ الذي تعرض له التقرير كان حول تعاقد سلطة الائتلاف المؤقتة مع شركة آبت أسوشيتس بمبلغ 43 مليون دولار لتحديث وزارة الصحة العراقية وتزويدها بالإمدادات، لكن ماري بارترسون أول مديرة للمشروع من قبل الشركة اصطدمت بجيم هافمان المسئول عن إدارة وزارة الصحة من قبل سلطة الاحتلال، وذلك لاعتراضها على إستراتيجيته في إنفاق أموال الوزارة لبناء مراكز صحية جديدة وإمدادها بالتجهيزات؛ بينما كانت ترى أنه من الأولى إمداد المؤسسات الصحية القائمة بالمستلزمات العاجلة المطلوبة الواضحة للعيان، وأن ذلك كان من شأنه أن يكون الأسرع تأثيرا في تحسين حالة الرعاية الصحية بدلا من إنفاق الأموال الطائلة على بناء وتجهيز الجديد. وكان جزاؤها أن سحبت من العراق وأجبرت على الاستقالة من الشركة، وتوالى على إدارة المشروع بعد ذلك ثلاثة مديرين في أربعة أشهر مما جعل من المستحيل إتمام مهامهم بشكل فعال. وكما أشار التقرير فإن شحنات التجهيزات الطبية التي جلبتها الشركة وصلت بأجزاء ناقصة أو محطمة، وأسند توريد البعض الآخر (كأجهزة الأوتوكلاف) إلى شركات ليست لها سابق خبرة في تصنيعها.
من بين المشاريع الأخرى التي أسندت للشركة هو إنشاء نظام إلكتروني سريع لمراقبة الأمراض، ويعتمد على التقارير التليفونية لتتبع الأمراض المعدية مع إدخال عاجل للبيانات والمعلومات المتاحة، وهو المشروع الذي تجاهل حقيقة افتقار الكثير من المستشفيات العراقية إلى الكهرباء أو الخدمة التليفونية، كما لم تقم الشركة بتوريد قاعدة البيانات اللازمة لتشغيل النظام، بالإضافة إلى أن جهاز الكمبيوتر الخاص بوزارة الصحة الذي كان من المفترض أن يتم تشغيل النظام من خلاله كان مصابا بفيروس، وقد انسحب فريق الشركة من العراق في إبريل من عام 2004، وألغت هيئة المعونة الأمريكية عقد الشركة بعد إنفاق 20.7 مليون دولار.
ـ النموذج الثالث ـ الذي تحدث عنه التقرير هو مشروع مستشفى البصرة للأطفال والذي كان من المستهدف أن يكون درة التاج الأمريكي في العراق - بحسب تعبير التقرير- ولكنه صار عنوانا على خيبة الرجاء، ففي أغسطس من عام 2004 منحت هيئة المعونة الأمريكية مشروع بناء المستشفى إلى شركة بيكتل وهي إحدى كبريات الشركات الهندسية في العالم، وكان من المستهدف تشييد تحفة فنية لعلاج سرطان الأطفال، باعتباره احتياجا ملحا بعد الازدياد الهائل في حالات السرطان بالمدينة عقب حرب الخليج الأولى، ولكن ما حدث كان التالي:
تم تخطيط المشروع من قبل مشروع الأمل وهي مؤسسة غير حكومية يرأسها جون هوي صديق عائلة بوش، وقد تبنته كل من لورا بوش وكونداليزا رايس، كما اتخذ أيقونة للدعاية الأمريكية، لكنه كالعادة في المعونات الأمريكية لم يبال باستشارة أهل المحلة وإلا لاكتشف أن المدينة تفتقد إلى المياه النظيفة، وأن بها قسما لعلاج سرطان الدم يفتقر فقط إلى التمويل، حيث يشارك في السرير الواحد طفلان أو ثلاثة. وقبيل الشروع في بناء المشروع في أغسطس 2005 حامت الشكوك حوله وتعرض لهجوم حاد داخل أمريكا، وبعد عام قدرت زيادة تكلفة المشروع من 50 إلى 169.5 مليون دولار، وتنبأ أحد مسئولي الشركة بفشل المشروع، وبالفعل في يوليو 2006 انسحبت الشركة من المشروع، ومن ثم توقف دون استكماله.وكشف المفتش العام لوزارة الصحة عن عمليات الفساد في تحليل العروض، والتي قال إنها تبدأ من اللجنة الفنية والتي تضع المواصفات وبحسب الشركة التي تدفع عمولات أكثر، إضافة إلى حالات الفساد في موضوع الإحالة. وفضح اكبر عملية فساد في تاريخ وزارة الصحة حيث تمت إحالة 12 عرضًا إلى شركة واحدة هي شركة GE بمبلغ 400 مليون دولار تضمن استيراد أجهزة طبية. وأوضح أن عملية الفساد في العرض الخاص بمعامل الأوكسجين البالغة 45 مليون دولار والمخصصة لـ 22 معملاً، قد أرسلت مواصفاتها المطلوبة إلى شركة واحدة وهي التي فازت بها بعد أن دفعت عمولات قيمتها 5 مليون دولار. وأشار المفتش العام في وزارة الصحة إلى أن الفساد لا يقتصر على العقود فحسب، وإنما أيضًا بعد مجيء البضاعة إلى العراق وعند الإخراج الجمركي وفي ا لمخازن. مؤكدًا أن مخازن الأدوية في العراق تعيش وضعًا سيئًا من ناحية انعدام الخدمات فضلاً عن حرق المخازن الإستراتيجية في حي العدل بالعاصمة بغداد والتي كانت تحتوي على مواد طبية بقيمة 100 مليون دولار. وأكد انه لا توجد آلية واضحة لمقاضاة الشركات التي تورد الأدوية إلى العراق في حال عدم صلاحية الدواء أو عدم تطابقه مع المواصفات المطلوبة. وخلال العام الماضي، أعلنت مفوضية النزاهة العراقية أنها أحالت إلى محكمة الجنايات العراقية ثلاثة وزراء سابقين عملوا في حكومات الاحتلال المتعاقبة والمنصبة من قبل المحتل الامريكي الصهيوصفوي بتهم فساد إداري ومالي. وقالت الهيئة إنها ستحيل قضايا 37 وزيرًا ومسؤولاً كبيرًا تعاقبوا على الحكومات العراقية الثلاث السابقة إلى المحاكم بتهم فساد مالي وإداري إلا أن معظم هؤلاء غادروا العراق تخلصًا من متابعتهم مما اضطر هيئة النزاهة إلى الاستعادة بالشرطة الدولية الانتربول لإعتقالهم وإعادتهم إلى العراق، لكنه لم يتم حتى الآن القبض على أي منهم .
من جهة اخرى أفاد تقرير أن قطاع الرعاية الصحية في العراق في حالة فوضى نظرا لفرار الاطباء والعاملين بالتمريض الى الخارج وارتفاع معدل وفيات الاطفال. وقال التقرير الذي أعدته منظمة ميداكت Medact إن نحو 75 بالمئة من الاطباء والصيادلة والعاملين بالتمريض العراقيين تركوا وظائفهم منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على البلاد عام 2003. وهاجر أكثر من نصف الفارين. بحسب رويترز. وأضاف التقرير الذي يحمل عنوان (اعادة التأهيل تحت النيران) Rehabilitation under Fire، القطاع الصحي في حالة فوضى ليس فقط بسبب الوضع الامني السائد ولكن أيضا بسبب الافتقار لاطار عمل مؤسسي ونقص كبير في العاملين وانقطاع الكهرباء ونقص امدادات المياه النقية والانتهاكات المتكررة للحياد الطبي. وليس في العراق حاليا سوى تسعة الاف طبيب أي بمعدل ستة أطباء لكل عشرة الاف شخص بالمقارنة مع 23 طبيبا لكل عشرة الاف في بريطانيا. وقالت ميداكت، الفشل المتكرر في ادراك الوضع الخاص للخدمات الصحية والعاملين في أوقات الصراع اوجد مناخا سادت فيه انتهاكات معاهدة جنيف. وأضافت المنظمة ان ذلك اثار انتقادات خاصة بوزارة الدفاع الامريكية التي أدارت شؤون العراق بعد الغزو مباشرة. فقد انتهجت الوزارة برنامجها الخاص بها المتعلق باعادة بناء القطاع الصحي متجاهلة الممارسات الدولية.ومن بين أكثر من 18 مليار دولار خصصت لاعادة اعمار العراق تم توجيه اربعة في المئة منها فقط للرعاية الصحية. وفي حين ارتفع نصيب الفرد من الانفاق على الرعاية الصحية من 23 دولارا في 2003 الى 58 دولارا في 2004 قالت ميداكت ان البيروقراطية والافتقار للكفاءة أدى الى ان جزءا من ميزانية الرعاية الصحية لم ينفق بعد. وقال التقرير، منحت العقود الكبيرة لاعادة اعمار القطاع الصحي بتسرع شديد وبقليل من المشاورات.وتابع التقرير أن معدل وفيات الاطفال دون سن الخامسة يقترب الان من مستواه في دول جنوب الصحراء في افريقيا على الرغم من ان العراق دولة غنية نسبيا وتتمتع بموارد ومستوى مرتفع من التعليم. وقال التقرير ان ثمانية ملايين عراقي يحتاجون الى مساعدات طبية عاجلة.وتابعت المنظمة أن العراقيين -سواء الزعماء السياسيين او الخبراء في مجال الصحة والمجتمع- يجب ان يكون لهم صوت أكبر في تطوير القطاع الصحي.
وطالبت المنظمة كذلك بتجدد الاهتمام بالصحة العقلية وهو مجال طبي كان يحظى دائما باهتمام محدود في العراق.وقالت، هناك مشكلات كبيرة تتعلق بالصحة العقلية... فكثيرون لا يجدون رعاية تذكر في مجال الصحة العقلية ويوصم بالعار المصابون ببعض الاختلالات العقلية. وقد صرح جيل ريف نائب مدير (ميداكت) التي نشرت التقرير أن (صحة الشعب العراقي قد تدهورت بصورة كبيرة منذ الغزو في عام 2003، إضافة إلى أن الغزو قد خلق الظروف التي سببت المزيد من التدهور الصحي والإضرار بقدرة المجتمع العراقي على تجاوز ذلك).
وكان تقرير آخر قد كشف أن سوء التغذية الحاد الذي انتشر بين الأطفال العراقيين بين سن ستة أشهر و5 سنوات قد كان بنسبة 4% قبل الغزو وزاد ليصل إلى 26.3% منذ بدء الغزو الأمريكي على العراق، مما يعني أنه وبالرغم من العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي سبقت الغزو بثلاثة عشر عاماً فإن الأطفال العراقيين كانوا يعيشون في ظروف أفضل في ظل النظام الوطني بقيادة الشهيد صدام حسين مقارنة بفترة ما بعد الاحتلال. وهذا التقرير الأخير الذي أجراه معهد الدراسات التطبيقية الدولية بالنرويج بالتعاون مع المكتب المركزي العراقي للإحصاء والمعلومات، وتحت رعاية وزارة الصحة العراقية وبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة قد أظهر أن اكثر من 400 ألف طفل عراقي يعانون من هزال وجفاف يؤديان إلى إسهال حاد ونقص في البروتين.
لو القينا نظرة سريعة لاحد الجداول حول المؤشرات الصحية في العراق لعام 2007 , لوجدنا ان معدل وفيات الأطفال دون الخامسة لكل ألف مولود حي 165 وان معدل الوفيات الرضع لكل ألف مولود حي 108 فيما تبلغ نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية 28% اما نسبة الأطفال المدارس الابتدائية الذين يعانون من فقر الدم 6 فتبلغ 66% كما ان نسبة النساء( خصوصا في جنوب العراق) في سن الإنجاب الذين يعانون من فقر الدم 80%.
انتشار وباء الكوليرا في عدد من المناطق العراقية مرتبط بفضيحة فساد يقف وراءها مسؤول في الحكومة الحالية الذي قبل رشوة لشراء مادة كلورين من إيران المنتهية صلاحيتها لتعقيم الماء بقيمة 11 مليون دولار وتركز الوباء في محافظة بابل جنوب بغداد، وفي العاصمة التي لا يحصل معظم سكانها البالغ عددهم ستة ملايين على الماء الصحي ويستخدمون الآن الماء المغلي أو ماء الزجاجات المعبأة ، بحسب صحيفة 'الاندبندنت' في تقرير لمراسلها في بغداد، نشر بتاريخ 11-10-2008 .
النقص الكبير في المياه والخدمات الصحية والبنية التحتية ، تهدد حياة الملايين بالأوبئة الناجمة عن المياه الملوثة ويفتقر أكثر من 40 %من العراقيين إلى المياه الصالحة للشرب مما يشكل مصدر خطر على الصحة العامة وجاء ذلك في بيان منظمة الصليب الأحمر الدولي من مقرها في جنيف نشر بتاريخ 9- 11- 2008 .
ظاهرة الأدوية الفاسدة
1ـ ضبطت وزاره الصحة العراقية خمس شاحنات محملة بالأدوية الفاسدة تم تصديرها من قبل إيران تحتوي على أدوية الصداع , والتي ظهر أنها أدوية للصرع صنعت بشكل أدوية صداع , وأدوية B6, والتي ظهر أنها أدوية منع الحمل , وقد قامت نقابة الصيادلة ووزارة الصحة بإرجاعها , ثم أقيل نقيب الصيادلة الدكتور عمر خيري بعد تلك الحادثة من منصبه, وأقيل معه مدير الرقابة الصحية في وزارة الصحة, ثم اغتيل بعد أسبوع واحد بسبب تصريحه لإحدى الصحف اليومية وأن إقالتهم كانت بسبب ضبطهم لتلك الشاحنات في 9 آذار من عام 2004 , ونشرت هذه الحادثة على موقع مفكرة الإسلام في 26/12/2005.
2ـ أانتشار عقار الألبومين الملوث بفيروس الايدز ( نقص المناعة المكتسبة ) في صيدليات محافظة بابل,وأن وزارة الصحة لم تقوم باتخاذ أي أجراء سوي إبلاغ صحة بابل بعدم استعمال هذا العقار، مما يضع هذه الوزارة في ( دائرة الشك والاتهام ) وأشارحسان الطوفان عضو مجلس محافظة بابل إلى ذلك في تصريحه المنشور على موقع وكالة العراق الإخبارية في 22/12/2007.
3ـ تقدر نسبة ألأدوية الفاسدة من60 - 70 % من الأدوية المتداولة في الأسواق العراقية التي تسبب أمراض خطيرة لمتناوليه , وأن هناك مسؤولين في المنافذ الحدودية متواطئين مع المهربين وخاصة منافذ كردستان وهي المصدر الرئيس لتهريب الأدوية إلي العراق وكشف عادل محسن المفتش العام لوزارة الصحة الحكومية ذلك في تصريح له نشر في 12-8-2008.
4ـ تسرب الأدوية من المستشفيات و المخازن الدوائية نتيجة السرقات والفساد الإداري أدى إلى نقصها في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية وانتشارها وبيعها على ناصية الشوارع مثلما تباع السكائر والمرطبات لغياب الرقابة الحكومية
5 ـ عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة والمنصبة من قبل الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي بالوضع الصحي بحيث أصبحت حصة الفرد العراقي من التخصيصات لقطاع الصحة 22 دولاراً سنويا وتبلغ في الأردن 164 دولاراً وفي بريطانيا 2500 دولار سنويا , وكان صالح الحسناوي وزير الصحة في حكومة الاحتلال قد برر النقص الحاصل في الأدوية بسبب القصور الواضح في الميزانية الحكومية لعام 2008 فيما يخص استيراد الأدوية والعقاقير المخصصة للاستعمال الطبي , وأوضح أن الميزانية اعتبرت قيمة الإنفاق الإجمالي للمواطن الواحد علي الأدوية والمعدات الطبية وسيارات الإسعاف لن يتعدي 22 دولارا, كما ألقي الحسناوي اللوم أيضاً في تصريحه المنشور في صحيفة القدس العربي في 4/3/2008 علي فساد بعض الأشخاص الذين يقومون باستيراد أدوية منتهية الصلاحية أو مغشوشة وينجحون في مراوغة إجراءات الفحص التي تقوم بها الوزارة، مشيراً إلي أن عدداً قليلاً من الأدوية المستوردة فقط يصل إلي مختبرات الوزارة .
ـ يتبع ـ
بشير الغزاوي- عضو فعال
- عدد الرسائل : 622
العمر : 84
تاريخ التسجيل : 28/03/2010
مواضيع مماثلة
» نبيل ابراهيم - السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال الجزءالثالث
» نبيل ابراهيم - السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال الجزء الاول
» أحداث 11 من أيلول ما الذي تغير؟ وما الذي لم يتغير؟!
» الشهيد نبيل محمد نافع
» (( الشهيد البطل / نبيل حسين ناصر))
» نبيل ابراهيم - السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال الجزء الاول
» أحداث 11 من أيلول ما الذي تغير؟ وما الذي لم يتغير؟!
» الشهيد نبيل محمد نافع
» (( الشهيد البطل / نبيل حسين ناصر))
ملتقى الفكر القومي :: المنتدى الفكري والثقافي ***(حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية) :: قسم البحوث والدراسات الحزبية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى