المصالحة الفلسطينية.. آمال معقودة وتوقعات محدودة
صفحة 1 من اصل 1
المصالحة الفلسطينية.. آمال معقودة وتوقعات محدودة
المصالحة الفلسطينية.. آمال معقودة وتوقعات محدودة
منتدى"هديل صدام حسين
01/05/2011
المصالحة بين حركتي فتح وحماس خطوة لا بد منها في ظل ما تشهده منطقتنا العربية من تغيير، فقد تساعد المصالحة شعبنا الفلسطيني على التقاط أنفاسه والبحث عن حلول لمأزقه المتمثل في الاحتلال والانقسام الداخلي، فمن المتوقع أن توفر المصالحة أجواء هادئة ووقتاً كافياً للأطراف الفلسطينية المتنازعة، إن صدقت نواياها المعلنة، من أجل مراجعة مواقفها وترتيب أولوياتها وإعادة حساباتها من المشاركة في سلطة أوسلو تحت حراب الاحتلال. ورغم هذا التفاؤل، فإن سقف التوقعات من المصالحة منخفض جداً، بسبب انسداد الآفاق السياسية لحل قضية فلسطين وفق طموحات الشعب الفلسطيني المستندة إلى حقه التاريخي والشرعي في فلسطين، وبسبب التدخل الصهيوني والأمريكي والغربي الذي يهدد بإجهاض المصالحة الحقيقية التي توحد شعبنا الفلسطيني على ثوابته الوطنية في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
الانقسام أمر طبيعي وغير طبيعي في آن، فهو طبيعي لأنه يعبر عن صراع سياسي بين فئة تتبنى نهجاً مقاوماً رافضاَ للاعتراف بـ (إسرائيل) والتسوية معها، وبين فئة أخرى تتبنى نهجاً تفاوضياً معادياً للمقاومة ومتعاونا في الحرب عليها مع العدو الصهيوني. ومن جهة أخرى، فإن الانقسام غير طبيعي، لأن الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من ستين عاماً، يُفترض أن يقف صفاً واحداً في وجه الاحتلال ويقاومه على جميع الجبهات، وأن لا يقبل التفاوض على فلسطين أو التعويل على وعود المجتمع الدولي، ولا سيما أن المشروع الصهيوني يهدد وجود الشعب الفلسطيني.
ما ليس طبيعياً في الانقسام الفلسطيني، أنه تجاوز قواعد العملية السياسية المنظمة للعلاقة بين القوى السياسية في إطار نظام سياسي شرعي، إلى صراع دامٍ أحدث شرخاً عميقاً في المجتمع الفلسطيني، ولا سيما بين الضفة وغزة، ما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين إضافة إلى معاناتهم من العدو الصهيوني. كما اتخذ النظام الرسمي العربي من الانقسام الداخلي ذريعة لخذل الشعب الفلسطيني والتواطؤ على المقاومة الفلسطينية، ولاستمرار فرض الحصار على غزة وتعليق الأموال العربية المخصصة لإعادة إعمار غزة. واستغل العدو الصهيوني الانقسام الفلسطيني لإعفاء نفسه من المسؤولية عن معاناة الضفة وغزة الناجمة عن ممارساته العنصرية والعدوانية، ونجح إلى حد بعيد في إقناع الرأي العام العالمي بأن الأطراف الفلسطينية المتنازعة هي المسؤولية عن استمرار حصار غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني. والمطلوب من المصالحة على الأقل تحجيم الانقسام وتضبطه ووضعه في إطاره السياسي الصحيح.
ولا شك أن لثورات التغيير العربية تداعيات مؤثرة على حركتي حماس وفتح، ولا سيما الثورة المصرية، التي أطاحت بلاعب أساس في المصالحة الفلسطينية بين الحركتين. فقد انعكست هذه الثورات حتى الآن بشكل سلبي على قضية فلسطين، فعلى سبيل المثال، أدى الصراع الدائر بين الشعب والنظام الحاكم في بعض الدول العربية إلى تجفيف منابع الدعم المالي لحركة حماس، ما أدى إلى زيادة الأعباء المالية على حماس، وخصوصاً أنها تتحمل مسؤولية إدارة غزة وصرف رواتب عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين. ومن المتوقع أن تؤدي أزمة حماس المالية إلى زيادة الضغوط الداخلية عليها، وخصوصاً أن صبر الشعب على معاناة الحصار والبطالة والانقسام بدأ ينفد في ظل عدم وجود نهاية قريبة للانقسام. وما يزيد الضغوط على حماس أن هناك جهات فلسطينية تتستر خلف المطالبة بإنهاء الانقسام لتنفيذ أجندتها الحزبية وتحريض الشارع ضد حماس.
أما بالنسبة لحركة فتح، فإن الوضع الراهن لا يساعد زعيمها محمود عباس على المضي قدماً في عملية التسوية السياسية الفاشلة، بل يهدد بسقوط سلطة أوسلو ومشروع حركة فتح السياسي، وينذر باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة يخشاها العدو الصهيوني. كما أن استقرار الوضع الفلسطيني أمر ضروري وملح – بالنسبة للأمريكيين والغربيين – لاستقرار منطقتنا العربية التي تشهد تغيرات دراماتيكية لا يستطيع أحد توقع نتائجها وتداعياتها على المشروع الصهيوني والمشروع الأمريكي الخاص بمنطقتنا. ولذلك تبدو المصالحة بالنسبة للأطراف الفلسطينية استراحة وفرصة للهدوء والخروج من المأزق بأقل خسارة.
من أجل ذلك، ولفتح أفق سياسي جديد قد يؤدي إلى إنهاء الانقسام، قررت حماس توقيع اتفاقية المصالحة مع فتح، رغم أن إمكانية نجاحها على أرض الواقع ضئيلة، لأنها – على الأقل في المرحلة الانتقالية – تقوم على أساس المحاصَّة والتقاسم. ففي المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنة على الأقل، ستظل حماس منفردة بحكم غزة، بينما ستنفرد فتح بحكم الضفة، وستبقى الأوضاع الأمنية كما هي في الضفة وغزة، ولا يدور أي حديث خلال الفترة الانتقالية عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
كما أن التقاسم واضح من طريقة اختيار الحكومة المؤقتة ورئيسها، وتسمية أعضاء لجنة الانتخابات وقضاة محكمة الانتخابات. فالتقاسم على النحو الذي نلمسه في اتفاقية المصالحة لا ينهي الانقسام، بل يكرسه ويجعله واقعاً مشروعاً، وخصوصاً أن التناقض في نهجي الحركتين لا يزال قائماً، ولن تحل الانتخابات هذه المشكلة، فالهوة واسعة بين النهجين، لأن المشكلة تتعلق بعقيدة حماس وأيديولوجية فتح وبرنامجها السياسي القائم على التفاوض ونبذ المقاومة. وربما تُدخل الانتخابات الشعب الفلسطيني مرة أخرى في دوامة كما حدث في الانتخابات السابقة، إلا إذا قررت حماس النزول عن الشجرة وعدم المشاركة بكامل ثقلها في الانتخابات، وهذا سيعيد الأوضاع إلى مربع الصراع بين المقاومة والسلطة، ولذلك فإن دور الانتخابات في إنهاء الانقسام محدود جداً.
ولا يُخفي عباس أنه يريد من المصالحة حشد الشعب خلف مشروعه الذي ينوي طرحه في سبتمبر 2011 على المجتمع الدولي، للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطينية مسخ، مع التأكيد على التزام الحكومة الانتقالية بسياسات م. ت. ف. ومواقفها وعدم التناقض مع صلاحياتها. وما يثير تخوفات مشروعة عديدة ويخفض من مستوى التوقعات، الغموض الذي يكتنف جوانب كثيرة لاتفاقية المصالحة، ولا سيما الموقف من المقاومة المسلحة، إضافة إلى عدم وضوح معالم المرحلة التي ستلي المرحلة الانتقالية، وعدم وضوح ما ستسفر عنه الانتخابات من نتائج وردود الأفعال المحلية والدولية عليها. ولا شك أن للمصالحة تأثيراً داخلياً على حركة حماس خصوصاً، وهذا ما سأكتب معه في مقال آخر إن شاء الله.
منتدى"هديل صدام حسين
01/05/2011
المصالحة بين حركتي فتح وحماس خطوة لا بد منها في ظل ما تشهده منطقتنا العربية من تغيير، فقد تساعد المصالحة شعبنا الفلسطيني على التقاط أنفاسه والبحث عن حلول لمأزقه المتمثل في الاحتلال والانقسام الداخلي، فمن المتوقع أن توفر المصالحة أجواء هادئة ووقتاً كافياً للأطراف الفلسطينية المتنازعة، إن صدقت نواياها المعلنة، من أجل مراجعة مواقفها وترتيب أولوياتها وإعادة حساباتها من المشاركة في سلطة أوسلو تحت حراب الاحتلال. ورغم هذا التفاؤل، فإن سقف التوقعات من المصالحة منخفض جداً، بسبب انسداد الآفاق السياسية لحل قضية فلسطين وفق طموحات الشعب الفلسطيني المستندة إلى حقه التاريخي والشرعي في فلسطين، وبسبب التدخل الصهيوني والأمريكي والغربي الذي يهدد بإجهاض المصالحة الحقيقية التي توحد شعبنا الفلسطيني على ثوابته الوطنية في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
الانقسام أمر طبيعي وغير طبيعي في آن، فهو طبيعي لأنه يعبر عن صراع سياسي بين فئة تتبنى نهجاً مقاوماً رافضاَ للاعتراف بـ (إسرائيل) والتسوية معها، وبين فئة أخرى تتبنى نهجاً تفاوضياً معادياً للمقاومة ومتعاونا في الحرب عليها مع العدو الصهيوني. ومن جهة أخرى، فإن الانقسام غير طبيعي، لأن الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من ستين عاماً، يُفترض أن يقف صفاً واحداً في وجه الاحتلال ويقاومه على جميع الجبهات، وأن لا يقبل التفاوض على فلسطين أو التعويل على وعود المجتمع الدولي، ولا سيما أن المشروع الصهيوني يهدد وجود الشعب الفلسطيني.
ما ليس طبيعياً في الانقسام الفلسطيني، أنه تجاوز قواعد العملية السياسية المنظمة للعلاقة بين القوى السياسية في إطار نظام سياسي شرعي، إلى صراع دامٍ أحدث شرخاً عميقاً في المجتمع الفلسطيني، ولا سيما بين الضفة وغزة، ما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين إضافة إلى معاناتهم من العدو الصهيوني. كما اتخذ النظام الرسمي العربي من الانقسام الداخلي ذريعة لخذل الشعب الفلسطيني والتواطؤ على المقاومة الفلسطينية، ولاستمرار فرض الحصار على غزة وتعليق الأموال العربية المخصصة لإعادة إعمار غزة. واستغل العدو الصهيوني الانقسام الفلسطيني لإعفاء نفسه من المسؤولية عن معاناة الضفة وغزة الناجمة عن ممارساته العنصرية والعدوانية، ونجح إلى حد بعيد في إقناع الرأي العام العالمي بأن الأطراف الفلسطينية المتنازعة هي المسؤولية عن استمرار حصار غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني. والمطلوب من المصالحة على الأقل تحجيم الانقسام وتضبطه ووضعه في إطاره السياسي الصحيح.
ولا شك أن لثورات التغيير العربية تداعيات مؤثرة على حركتي حماس وفتح، ولا سيما الثورة المصرية، التي أطاحت بلاعب أساس في المصالحة الفلسطينية بين الحركتين. فقد انعكست هذه الثورات حتى الآن بشكل سلبي على قضية فلسطين، فعلى سبيل المثال، أدى الصراع الدائر بين الشعب والنظام الحاكم في بعض الدول العربية إلى تجفيف منابع الدعم المالي لحركة حماس، ما أدى إلى زيادة الأعباء المالية على حماس، وخصوصاً أنها تتحمل مسؤولية إدارة غزة وصرف رواتب عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين. ومن المتوقع أن تؤدي أزمة حماس المالية إلى زيادة الضغوط الداخلية عليها، وخصوصاً أن صبر الشعب على معاناة الحصار والبطالة والانقسام بدأ ينفد في ظل عدم وجود نهاية قريبة للانقسام. وما يزيد الضغوط على حماس أن هناك جهات فلسطينية تتستر خلف المطالبة بإنهاء الانقسام لتنفيذ أجندتها الحزبية وتحريض الشارع ضد حماس.
أما بالنسبة لحركة فتح، فإن الوضع الراهن لا يساعد زعيمها محمود عباس على المضي قدماً في عملية التسوية السياسية الفاشلة، بل يهدد بسقوط سلطة أوسلو ومشروع حركة فتح السياسي، وينذر باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة يخشاها العدو الصهيوني. كما أن استقرار الوضع الفلسطيني أمر ضروري وملح – بالنسبة للأمريكيين والغربيين – لاستقرار منطقتنا العربية التي تشهد تغيرات دراماتيكية لا يستطيع أحد توقع نتائجها وتداعياتها على المشروع الصهيوني والمشروع الأمريكي الخاص بمنطقتنا. ولذلك تبدو المصالحة بالنسبة للأطراف الفلسطينية استراحة وفرصة للهدوء والخروج من المأزق بأقل خسارة.
من أجل ذلك، ولفتح أفق سياسي جديد قد يؤدي إلى إنهاء الانقسام، قررت حماس توقيع اتفاقية المصالحة مع فتح، رغم أن إمكانية نجاحها على أرض الواقع ضئيلة، لأنها – على الأقل في المرحلة الانتقالية – تقوم على أساس المحاصَّة والتقاسم. ففي المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنة على الأقل، ستظل حماس منفردة بحكم غزة، بينما ستنفرد فتح بحكم الضفة، وستبقى الأوضاع الأمنية كما هي في الضفة وغزة، ولا يدور أي حديث خلال الفترة الانتقالية عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
كما أن التقاسم واضح من طريقة اختيار الحكومة المؤقتة ورئيسها، وتسمية أعضاء لجنة الانتخابات وقضاة محكمة الانتخابات. فالتقاسم على النحو الذي نلمسه في اتفاقية المصالحة لا ينهي الانقسام، بل يكرسه ويجعله واقعاً مشروعاً، وخصوصاً أن التناقض في نهجي الحركتين لا يزال قائماً، ولن تحل الانتخابات هذه المشكلة، فالهوة واسعة بين النهجين، لأن المشكلة تتعلق بعقيدة حماس وأيديولوجية فتح وبرنامجها السياسي القائم على التفاوض ونبذ المقاومة. وربما تُدخل الانتخابات الشعب الفلسطيني مرة أخرى في دوامة كما حدث في الانتخابات السابقة، إلا إذا قررت حماس النزول عن الشجرة وعدم المشاركة بكامل ثقلها في الانتخابات، وهذا سيعيد الأوضاع إلى مربع الصراع بين المقاومة والسلطة، ولذلك فإن دور الانتخابات في إنهاء الانقسام محدود جداً.
ولا يُخفي عباس أنه يريد من المصالحة حشد الشعب خلف مشروعه الذي ينوي طرحه في سبتمبر 2011 على المجتمع الدولي، للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطينية مسخ، مع التأكيد على التزام الحكومة الانتقالية بسياسات م. ت. ف. ومواقفها وعدم التناقض مع صلاحياتها. وما يثير تخوفات مشروعة عديدة ويخفض من مستوى التوقعات، الغموض الذي يكتنف جوانب كثيرة لاتفاقية المصالحة، ولا سيما الموقف من المقاومة المسلحة، إضافة إلى عدم وضوح معالم المرحلة التي ستلي المرحلة الانتقالية، وعدم وضوح ما ستسفر عنه الانتخابات من نتائج وردود الأفعال المحلية والدولية عليها. ولا شك أن للمصالحة تأثيراً داخلياً على حركة حماس خصوصاً، وهذا ما سأكتب معه في مقال آخر إن شاء الله.
ملاك القدسي- عضو فعال
- عدد الرسائل : 51
العمر : 79
تاريخ التسجيل : 26/08/2010
مواضيع مماثلة
» المصالحة الفلسطينية عامة وليست خاصة
» البطش يؤكد قرب إتمام المصالحة الفلسطينية وفشل المفاوضات المباشرة
» اسرائيل تهدد بنشر قواتها في مدن الضفة في حال نجاح المصالحة الفلسطينية
» اللجنة السياسية في المجلس الوطني تبارك وتدعم اتفاق المصالحة الفلسطينية
» الزهار:مصر وعدتنا برؤية جديدة للقضية الفلسطينية تعلن خلال أيام تشمل المصالحة ومعبر رفح
» البطش يؤكد قرب إتمام المصالحة الفلسطينية وفشل المفاوضات المباشرة
» اسرائيل تهدد بنشر قواتها في مدن الضفة في حال نجاح المصالحة الفلسطينية
» اللجنة السياسية في المجلس الوطني تبارك وتدعم اتفاق المصالحة الفلسطينية
» الزهار:مصر وعدتنا برؤية جديدة للقضية الفلسطينية تعلن خلال أيام تشمل المصالحة ومعبر رفح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى