عندما يهذي المرشد

من طرف **admin** الأربعاء يونيو 15, 2011 11:40 pm

عندما يهذي المرشد
كتب : عمرو صابح

خرج علينا الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين برؤية جديدة لتاريخنا المعاصر حيث توصل فضيلته لأسرار خطيرة عن حربي 1956 و1967 .

فعندما تناول حرب 1956 وصفها بالهزيمة !! ، وأرجع فضيلته ذلك لاعتقال وتعذيب الإخوان المسلمين بعد محاولتهم اغتيال الرئيس عبد الناصر فى حادث المنشية الشهير فقد غضب الله عز وجل لاعتقالهم لذا سلط الصهاينة على مصر انتقاما لما حل بالإخوان على أيدي زبانية عبد الناصر.

وكأن الصهاينة هم حماة الإخوان والمسئولين عن الانتقام لهم .

وتوصل المرشد لنفس التفسير العبقرى لهزيمة 1967 فأفتى فضيلته أن الهزيمة حلت بمصر وبالأمة العربية بسبب اعتقال الإخوان عام 1965 وإعدام سيد قطب .

فقد أنزل غضبه على مصر وعلى الأمة العربية مرة أخرى انتقاما للإخوان وما حل بهم.

وهكذا أصبحت جماعة الإخوان هى المعيار لرضا وغضب الله وللانتصارات والهزائم التى تمر بها الأمة.

ولأن المرشد ليس مؤرخ ولأنه يضع فوق عينيه نظارة الإخوان فيرى الأمور من وجهة نظرهم فقد حول حرب السويس 1956 إلى هزيمة وهى أكمل نصر فى تاريخنا الحديث بشهادة الأعداء.

دخل الأعداء "أمريكا – إنجلترا – فرنسا – إسرائيل " الحرب ضد مصر من أجل استرداد قناة السويس وإسقاط نظام حكم جمال عبد الناصر وجعل مصر عبرة لأى دولة صغيرة تطمح لاسترداد ثرواتها المنهوبة منذ قرون .

وانتهت الحرب بعودة القناة لمصر بدون شروط وبإسقاط معاهدة الجلاء وبانسحاب إسرائيل من سيناء وبتحول جمال عبد الناصر إلى بطل قومى وأممى بتدعيم للنظام الثورى القائم فى مصر .

أعتزل أنتونى إيدن رئيس الوزراء البريطانى السياسة بعد فشل العدوان ، كما أعتزل بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل وذهب ليعيش فى مستعمرة سد بوكر لفشله فى تحقيق أهداف إسرائيل من الحرب ، وسقط جى موليه رئيس وزراء فرنسا وانتهت الجمهورية الثالثة وقامت الرابعة كنتيجة لفشل فرنسا فى تحقيق أهدافها من الحرب .

ومبدأ إيزنهاور الذى صكه الرئيس الأمريكى دوايت إيزنهاور لملء الفراغ الناجم عن هزيمة بريطانيا وفرنسا فى الحرب سقط بالوحدة المصرية السورية وبأحداث لبنان عام 1958 .

والنظام الثورى فى مصر انتهز فرصة خروجه منتصرا من الحرب ليؤمم جميع الشركات والممتلكات الفرنسية والإنجليزية واليهودية فى مصر ويردها لأهل البلاد .

هذا ما حدث فى حرب السويس 1956 يا فضيلة المرشد وليس ما تتوهمه وتؤرخ له .

هل مؤامرة " سيفر " بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل للعدوان على مصر عام 1956 هى التدبير الألهى لما حل بكم جزاء على تأمركم على ثورة يوليو 1952 وقائدها ؟

ومتى أصبحت دماء الشهداء ثمنا لمعاناتكم ؟!

وبالنسبة لحرب 1967 فهى بالفعل هزيمة وكارثة حلت بمصر وبالأمة العربية ولكنها لم تكن بسبب كشف مؤامرة الإخوان عام 1965 واعتقال قادتهم وإعدام سيد قطب كما يعتقد المرشد الحالى بل كانت عقابا على نجاح النظام الناصري فى عملية التنمية وفى لعب دور قيادى فاعل على امتداد الوطن العربي وأفريقيا وأسيا وأمريكا الجنوبية ، كانت حرب مدبرة لإجهاض مشروع النهضة العربي ولإسقاط نظام جمال عبد الناصر ولتحقيق أهداف حرب 1956 التى تتوهم أنها هزيمة يا فضيلة المرشد.

أما مؤامراتكم عام 1965 وتحالفكم مع النظام السعودى ومع المخابرات الأمريكية لاغتيال عبد الناصر وإسقاط نظامه فمذكرات قادتكم وكتبكم هى التى فضحتكم ،فيا ليتك تقوم بمراجعتها قبل أن تتصدى للتأريخ يا فضيلة المرشد.

هذه التصريحات للمرشد توضح جناية تديين السياسة وإضفاء رؤى جماعة سياسية تتاجر بالدين على التاريخ وحتى لو لم تكن الوقائع التاريخية تظهر جهل المرشد بتاريخنا المعاصر ، فإننى باستخدام نفس منطق المرشد ومنهجه فى التأريخ أسأله :

ماذا عن هزيمة الجيوش العربية وهزيمة كتائب الإخوان المسلمين فى حرب عام 1948 يا فضيلة المرشد ؟ ألم تكونوا تحاربون هناك ؟

ألم تضع 78% من مساحة فلسطين التاريخية فى تلك الحرب ؟
من الذى منع انتصاركم فى وقت كان جمال عبد الناصر يحارب فى فلسطين أيضا ،ولم تكونوا قد تعرضتم لأى محنة ؟

وهل سقوط النظام الملكى بثورة عبد الناصر جاء ردا على محنتكم الأولى أواخر عام 1948 بعد هزيمتكم فى حرب فلسطين على يد حكومة إبراهيم عبد الهادى ؟

تلك المحنة التى لا تذكرونها إلا نادرا لإلصاق محنكم كلها بعصر عبد الناصر فقط، ولإسقاط ستار من النسيان على جرائمكم بالعهد الملكى.

هل الله عز وجل سينزل الهزيمة بشعب كامل وينصر الصهاينة من أجلكم ؟

ولو فكر اليهود مثلكم فهل يعزون انتصاراتهم لرضا الله عليهم وغضبه علينا ، ووقتها بإمكانهم التبجح أن دينهم هو الحق وإننا على باطل والدليل نصرهم وهزيمتنا،خاصة أنهم هزموكم عام 1948 وأنتم تدعون أنكم جنود الإسلام وخير من يدافع عنه؟!

مشكلة جماعة الإخوان المسلمين أنها كصاحب العاهة الذى يشحذ بعاهته التى سببها لهم جمال عبد الناصر بسحبه البساط من تحت أقدامهم بسياساته الإصلاحية وبفهمه العميق لمعنى الدين وليس لقشور الدين مثل الجماعة مما جعلهم منبوذين بعهده ولا فرصة لديهم لبيع حيلهم عبر المتاجرة بالدين .

للأسف ستظل جماعة الإخوان المسلمين جماعة انتهازية تحمل على ظهرها ميراث 83 سنة من التأمر والخديعة والفشل فى الوصول لكرسي الحكم .

هذا مثال بسيط لرؤية أكبر رأس فى الجماعة لتاريخنا وهم خارج الحكم الآن ،الشماتة لما حل بمصر من محن والاستهزاء بدماء الشهداء ورؤية سطحية بلهاء للتاريخ تنم عن جهل دفين وحقد عميق .

فما بالكم ماذا الذى سيفعلونه بنا و بتاريخنا إذا لا قدر الله وحكموا مصر؟!