ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صلاح المختار " اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود(5)

اذهب الى الأسفل

صلاح المختار " اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود(5) Empty صلاح المختار " اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود(5)

مُساهمة من طرف جهينة الزبيدي الجمعة يوليو 22, 2011 3:27 pm

صلاح المختار " اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود(5) Hh7.net_13038940551
صلاح المختار " اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود(5) Showimg.php?fg=12012011011540
صلاح المختار " اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (5)
منتدى"ملاك صدام حسين
اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود 5
صلاح المختار
تذكر دوما ان الاسماك الميته وحدها تسبح مع التيار
مالكولم مكريدج
اعداد مكونات الفيلم التفاعلي وبناء مسرحه الكبير

عند الاجابة على التساؤلات السابقة ينبغي الانتباه الى اننا الان في الشهر السادس لبدء الاحداث العربية التي وصفتها هيلاري كلنتون بانها ( ربيع العرب ) !!! ولان كلنتون هي وزيرة خارجية اسوأ امبراطورية استعمارية في التاريخ الانساني واشدها عداء للعرب فان لهذا الوصف دلالات خطيرة تجعل النظر الى الواقع الحالي مع تذكر الموقف الامريكي منه منهج حتمي اذا كنا نريد ان نفهم ما يجري بصواب ، وهي ضرورة تفرض رؤية ما فعلته امريكا وماجرى فعلا في اطار توفير عناصر ( الفيلم التفاعلي ) الذي اعد له مسرح ضخم يشمل كل الاقطار العربية ودول الاقليم غير العربية .
وهنا لابد من ملاحظة ان مجريات الاحداث الفعلية في هذا الفيلم اكدت بان ما يجري ليس عملية تغيير انظمة فقط فما يجري الان في تونس ومصر من احداث ، وما لحق بتأثيرها من احداث كارثية في ليبيا وسوريا واليمن يقتل العرب فيها بالجملة ، تؤكد ان الذي حدث ، في مصر وتونس ، هو تغيير راس النظام فقط دون تغيير اسسه وانتشار الفوضى وتفاقم الفتن ، ومنها الطائفية في مصر ، وبروز مشاكل لم تكن موجودة قبل التغيير ، كل ذلك يعد مقدمات حتمية لهدف خطير جدا وهو تقسيم الاقطار العربية واعادة تركيبها بطريقة تخدم امريكا والكيان الصهيوني والنزعة الاستعمارية الاوربية التي استيقظت بعد سبات . ومرة اخرى من يعترض على هذا الرأي عليه ان يقدم انجازا واحدا حقيقيا تحقق في تونس ومصر بعد اسقاط النظام بعد مرور ستة اشهر وهي فترة كافية لمعرفة حقيقة ما يجري ، وعلى كل مناضل ان يتذكر انه النهاية وفي المحصلة الاخيرة الثورة ليست الرغبة في التغيير فقط بل تحقيقه على ارض الواقع مجسدا في قيام بديل مختلف جذريا يبدأ بتحقيق اهداف الشعب والامة .
ولذلك لابد من تسليط الاضواء على الحقائق العيانية التالية التي نراها تتحرك في الواقع وتحركه :
1 – ستراتيجية امريكية جديدة : لقد اعدت امريكا العدة كاملة منذ سنوات لتطبيق ستراتيجية اخرى تضمن الانتصار في الوطن العربي ، واهم اسسها تغيير موقف العرب من امريكا وتحويله من كره الى حب او دعم او على الاقل عدم رفض لها ، من خلال الاقدام على خطوات قريبة من المطالب الوطنية مثل :
أ - التخلص من الانظمة الديكتاتورية والفاسدة والعميلة واقامة انظمة ديمقراطية شكليا .
ب – ان هذه الانظمة يجب ان تكون وهزيلة وضعيفة داخليا وخارجيا وهذا لا يتحقق الا بفرض النظام الفدرالي عليها من قبل امريكا ، لان الديمقراطية المبنية على نظم فدرالية تبدد قوة الدولة بتوزيعها للسلطات الفعلية على الاقاليم او المحافظات ، واضعاف المركز او العاصمة ، كما نرى ذلك في العراق المحتل .
ج - انشاء دويلة فلسطينية منزوعة السلاح في بعض اراضي غزة والصفة .
د - تطبيق خطة اسرائيل المسماة ( الوطن البديل ) كاملة لتشمل الضفتين الشرقية والغربية لنهر الاردن وغرب العراق لتكون دولة كبيرة والغاء الاردن كدولة ، وضم غرب العراق الى الدولة الفلسطينية يحقق عدة اهداف منها اكمال تقسيم العراق وتوطين الاربعة ملايين لاجئ فلسطيني في غرب العراق .
ه – اقامة اتحاد كونفدرالي بين الدولة الفلسطينية ( في الضفة وغزة والاردن وغرب العراق ) واسرائيل .
و - اعادة الجولان بعد اعتراف سوري رسمي بالكيان الصهيوني وضمان عدم عودة العسكرة اليها تماما مثلما حدث في سيناء طبقا لاتفاقيتي كامب ديفيد .
ز - تنفيذ خطة مارشال عربي لتحقيق بعض الاصلاحات الثانوية التي تهدأ الغضب الشعبي العربي ان لم تحتويه نهائيا .
ك – انضمام الدولة الفلسطينية للنظام الاقليمي الجديد ( الشرق الاوسط الجديد ) .
بهذه الخطوات وغيرها تريد امريكا والكيان الصهيوني اعادة تشكيل الاقطار العربية سكانيا وسياسيا وجغرافيا واقتصاديا بعد تقسيمها لضمان امن اسرائيل من جهة ، وبقاء وتوسيع الهيمنة الامريكية على الاقتصاد العربي من جهة ثانية ، ومنع قيام ثورات وطنية جذرية حقيقية هدفها ليس فقط اسقاط انظمة متهرئة بل ايضا واساسا طرد الجهة التي مكنت الانظمة من البقاء وممارسة القمع والفساد وهي امريكا ، من جهة ثالثة .
وهذه الخطة كانت السبب وراء وصول باراك اوباما الى الادارة الامريكية من اجل تنفيذها وهو ما بدأ بفعله فور استلامه للادارة ، وما جعل زيارته لتركيا ومصر بعد توليه المسؤولية كاول محطتين في زياراته الخارجية الا رسالة للعرب والمسلمين تقول تبدلت سياستنا تجاهكم فكفوا عن كراهيتنا وتقربوا منا ، وهذا يعني ان الادارة الجديدة تبنت موقفا يبدو متصالحا مع ، ومتقربا من ، الاسلام ويختلف عن موقف بوش الصغير المعادي . ولترجمة هذه السياسة واقناع بعض العرب بها كانت نقطة البداية في تنفيذها تكليف تركيا بدور رئيس في تنفيذها ليس فقط لانها عضو اصيل في حلف النيتو وليس فقط مرة ثانية لانها عضو اصيل في النظام الاقليمي الجديد المنتظر بل ايضا ، وقبل هذا واهم من ذاك ، لان من يحكم تركيا حزب اسلاموي لديه امتدادات طائفية داخل الجسم العربي ، تماما مثلما لايران امتدادات طائفية في الجسم العربي .
وكان اوباما قد ابلغ رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي بان امريكا تخوله صلاحية الاتصال بكافة الاطراف العراقية بما فيها فصائل المقاومة والقوى المناهضة للاحتلال من اجل حل فعال لازمة العراق ، وترجمت تركيا ذلك فورا بدعوة مقتدى الصدر وشخص سني – لاحظوا الدعوة التركية وجهت على اساس طائفي صرف - لزيارة تركيا في مطلع عام 2009 للتفاوض حول البديل السياسي وحصل اللقاء ، ثم دعت تركيا ( المجلس السياسي للمقاومة ) الى تركيا ونظمت له لقاء توريطيا مع المخابرات الامريكية التي ضللت الوفد بوعود كاذبة وكان هدف اللقاء كشف المقاومة واحتواء عناصر منها وهو ما كشفه المجلس السياسي وانتقد نفسه على التورط في اللقاء !
ومن المثير للانتباه ان هذه الفترة شهدت ترويجا غير طبيعي لفكرة خطيرة جدا ومشبوهة بكل المعايير تقول ( ان تركيا تحمي السنة العرب وغير العرب في المنطقة من خطر التوسعية الايرانية الشيعية ) ، وروجت فكرة اخرى موحية وهي ( ان الحكم التركي الحالي يعيد السلطنة العثمانية وهو امتداد للسلاطين العثمانيين ) ، لذلك استخدم وصف مهم في معانيه الواضحة والمخفية للنظام التركي وهو انه يمثل ( العثمانيون الجدد ) ! وخطورة هذا الطرح تكمن في :
أ - انه ينقل الفتن والصراعات الطائفية من مستوى قطري داخلي الى مستوى اقليمي عام يعيد انتاج الصراع الصفوي العثماني القديم بحلة جديدة ، وهذا التطور يشكل احد اهم اسس نظرية ( الفوضى الخلاقة ) التي تبنتها امريكا لان الصراع العثماني – الصفوي سيكون عبارة عن صراع يحكمه توازن اقليمي منضبط تتحكم فيه اولا امريكا وتتساوم بواسطته تركيا وايران على حساب العرب ثانيا . والفوضى الاقليمية ، المنضبطة والمسيرة ، ضرورية جدا للتمهيد لانبثاق النظام الاقليمي الجديد على اساس انه يوفق بين الاطراف المتناحرة في اطاره ويحل المشاكل الاقليمية سلميا .
ب - وهو يكمل تجريد العرب من اي دور اقليمي بعد منح تركيا الوصاية على ( العرب السنة ) ! فيصبح الصراع التركي مع ايران هو المتحكم في الاقليم كله وتتراجع حقوق ودور العرب الى الخلف . ولذلك فان الضرورة تقتضي تهميش كافة الاقطار العربية حتى قبل تقسيمها من خلال انهاكها بصراعات دموية داخلية وفيما بينها تستهلك كل طاقاتها وتحولها الى كم مهمل لا تأثير له ، وتلك الضرورة تفسر احد اسباب ما تواجهه الاقطار العربية الان من مشاكل معقدة ذات طبيعة انهاكية وتهميشية خصوصا مصر التي ينحدر دورها بانتظام منذ تولى السادات السلطة وتفقد دورها الرئيس لدرجة ان قطر اصبحت اكثر تأثيرا منها بفضل هذا المخطط الامريكي الصهيوني .
ان التعاون الامريكي مع الحكم التركي يشكل رسالة اخرى للعرب والمسلمين تعزز رغبة اوباما بتحقيق تغيير شامل في صورة امريكا لدى العرب والمسلمين تكون كفيلة بفتح الطريق امام امريكا لدخول الوطن العربي بلا عوائق كبيرة ، واخيرا وليس اخرا دشنت امريكا مرحلة جديدة من خطة بريجنسكي القديمة ، والتي بدأت بتنفيذها في افغانستان ، عبر غلق ملف ابن لادن والقاعدة باعلان مقتله وانتهاء ( الاسلام المتطرف والارهاب الاسلامي ) والانفتاح على ما يسمى ( الاسلام المعتدل ) ممثلا ب( الاخوان المسلمين ) وبدء التفاوض معهم من اجل تسليمهم السلطة في مصر وسوريا وليبيا وغيرها .
بين بوش الابن ( الصليبي ) المكروه لدرجة الحقد واوباما المشتبه بهويته الاسلامية واسمه الاسلامي ولونه الاسود الذي اوحى للسذج بانه ربما يكون اهون من الابيض ، راينا رايات جديدة ترفع واطراف اقليمية اخرى تكلف بالعمل نيابة عن امريكا ومنها تركيا الاسلاموية من اجل اعادة تشكيل الاقطار العربية !
2 – اعداد ( ثورة الفيس بوك ) : في السنوات الماضية قامت المخابرات الامريكية باستقطاب مئات الشباب العرب عبر دورات اكاديمية او ثقافية او سفرات سياحية لامريكا ودول الاوربية وغيرها ، او نفذت دورات ( تأهيل ) ديمقراطي لعدد من الشباب والشابات في اقطارهم كما حصل في اليمن ، وتلك حقائق نشرت حولها عشرات الوثائق والاعترافات ، او أثرت اجهزة امريكا عليهم عبر الانترنيت وشبكاته مثل الفيس بوك وتويتر وغوغل وغيرها ، لان هؤلاء الشباب غير مسيسين واحزنتهم وبعثت اليأس فيهم ظاهرة الصراعات العربية - العربية التي قادتهم الى استنتاج مهم وهو ان الاحزاب والنظم والايديولوجيات كلها فاشلة لذلك لابد من البحث عن بديل .
وبما انهم بلا خلفية سياسية وبدون تجربة حقيقية ، وفي ظل تراجع القوى الوطنية تحت ضربات امريكا وانظمتها في الوطن العربي ، فان التأثير الامريكي على الكثير من الشباب اصبح المحدد لاختياراتهم ، خصوصا وان الاعلام اصبح امريكيا او متأمركا كليا في الوطن العربي والعالم وانشأت مئات القنوات الفضائية التي تروج للمفاهيم الامريكية السياسية والاجتماعية والاخلاقية ، او تؤهل للظهور وكأنها قنوات وطنية تنتقد امريكا وتسمح بالرأي والرأي الاخر لاجل استقطاب الوطنيين وكسب رضا الجميع ، كما حصل مع قناة الجزيرة التي انشأتها واعدتها المخابرات الامريكية بالتعاون مع المخابرات البريطانية من خلال استقطاب مذيعين ومقدمي برامج كانو يعملون في هيئة الاذاعة البريطانية ليكونوا الفئة الاساسية في الجزيرة .
وهكذا يصبح ممكنا اعادة تثقيف الناس وقولبة طريقة تفكيرهم وزرع روح التمرد العفوي والفوضوي والعدمي فيهم وليس روح العمل الثوري ، والاهم انها شجعت النزعة الفردية القائمة على فلسفة ان الفرد وليس المجتمع هو الاساس وهو الهدف ، وهكذا اصبح تحت تأثير امريكا مئات وربما الاف الشباب العرب اليائسين والكارهين للنظم والاحزاب الوطنية وغير الوطنية . ومن بين هؤلاء الشباب تم استقطاب العشرات لادخالهم في دورات ل( تعليم ) الديمقراطية وكيفية تنظيم الاحتجاجات السلمية وانشاء شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات الانترنيت لتحقيق اكبر تحشيد شبابي رافض للانظمة العربية ، يعد هذا العدد الكبير من الشباب لينفذ ويقود في ان واحد وفي ظرف ما خطة اسقاط الانظمة بطريقة سلمية لا يكون فيها اي دور للقوى الوطنية التقليدية . هذه الحقيقة قلناها مبكرا وبعد احداث تونس مباشرة ولكن ويكيليكس اكدتها في شهر حزيران – يونيو من هذا العام بوثائق رسمية امريكية كشفت النقاب عن قيام المخابرات الامريكية باعداد بعض الشباب العرب خصوصا من مصر واليمن لكي يقودوا انتفاضات ( سلمية ) ضد النظم العربية .
هذا الاعداد لا يختلف من حيث الجوهر عن اعداد الاف الناس للاشتراك في فيلم تاريخي ضخم او يتناول حدثا ضخما معاصرا يؤثر في ملايين الناس فنرى الاف الناس يشاركون في معارك تمثيلية ويتحركون وفقا لتوجيهات المخرج ، دون ان يكون كل هؤلاء المشاركين في التمثيل ممثلين وانما يستخدمون لمرة واحدة فقط ، والفرق الوحيد بين من يدعا للمشاركة في فيلم ضخم والاحداث الحالية هو ان من يشارك في فيلم يعلم انه يمثل بينما الاغلبية ممن شاركوا في انتفاضة تونس ومصر واحداث ليبيا واليمن وسوريا شاركوا فيها بصدق دون ادراك ان هناك من خطط ويوجه ويحدد مسار الاحداث من خلال ادوات داخل التظاهرات او المعارك الدامية .
3 – ممكنات التغيير في الفيلم التفاعلي : ان مأساة شباب الفيس بوك بدات تظهر بعد ستة شهور فهم ضحوا بارواحهم وتعرضوا للقتل والتعذيب لانهم كانوا يريدون اسقاط ديكتاتور فاسد بصدق ولكنهم وجدوا ان الديكتاتور بعد ان سقط عاد للوجود ممثلا بمن كان يحميه او شريكه ، وهذه الحقيقة يدركها الان شباب مصر وتونس بالم ومرارة . من هنا كان من الطبيعي وكما في عمل مخابراتي متقن ان تبقي امريكا التيار الرئيس في الاحداث بيدها دون ان يدرك انه يعمل مع جهاز مخابراتي او لصالحه واتبعت طرقا معروفة في تحقيق ذلك ، وتعمدت عدم تجنيد اغلبية من تعاون في برامج الديمقراطية وحقوق الانسان وانما دربتهم على رفض كل ما يتعارض مع الاهداف الامريكية الكبرى لاجل ان يكونوا مؤمنين بانهم اكثر وطنية ممن يتهمهم بالعمالة لامريكا ، بينما ربطت بها مخابراتيا قلة قليلية من الشباب هم الذين اردات عبرهم توجيه الاحداث وتقرير شعاراتها وما يطرح فيها .
وبالمقابل ولكي تضمن السيطرة على الحدث فانها تعمدت ايضا تنمية الاختلافات بين الشباب وترسيخها واختارت تحقيقا لهذا الغرض شبابا يختلفون في كل شيء الا في رفض النظام من اجل تسهيل عملية التخلص ممن يريدون او ابرازه او اثارة الخلافات بينهم عندما تقتضي الضرورة ، ولذلك راينا ان امريكا لم تدرب شبابا من نمط واحد بل انهم يختلفون في الكثير من الاتجاهات الفكرية والسياسية ، والسبب عرف فيما بعد نجاح انتفاضة تونس ومصر وهو توفير قدرة فائقة لامريكا على اشعال خلافات بينهم وازاحة من تريد من الشباب من واجهة الاحداث متى ارادت وتنصيب من تريد في الواجهة ، وعدم انسجام الشباب يساعد على ازاحة اي طرف ، وهذه الازاحة والابعاد لا ينتبه اليها الرأي العام لان الشباب اصلا غير معروفين وبقاءهم او ذهابهم لن يحدث فرقا ظاهرا في نظر الراي العام .
وفي ضوء هذه الحقيقية فان اسقاط النظامين في تونس ومصر اتبع فورا باستلام رجال النظام العسكريين فيهما للسلطة ، الامر الذي اوقف عملية الاصلاح عند حد اسقاط الرئيس وبعض بطانته فقط بينما بقيت منظومة الفساد والتبعية للخارج موجودة وتحكم مصر وتونس ، وتبدد دور الشباب وانصرف معظمهم عن ساحة التغيير واصابهم يأس قاتل ! وتكملة لهذا الهدف المخابراتي فان الاجهزة الامريكية ارادت تلميع شبابا بعينهم ليكونوا قادة في المستقبل مثل وائل غنيم الذي لم يتردد اوباما بالدعوة لتنصيبه رئيسا لمصر وليس ثمة شك في انه ادخل في دورات تأهيل وسيدخل في دورات اخرى اعدادا له ليكون من قادة مصر ! هذا الامر لم يحدث صدفة بل هو عمل محسوب بدقة .
4 –الاطروحة الاساسية : الديمقراطية نعم طرد الاستعمار لا : ان اخطر واهم مؤشر على ان امريكا هي من خطط للاحداث ودفع الى تفجيرها ، باستثناء تونس التي فجرت الانتفاضة فيها بعمل عفوي حقيقي هو انتحار محمد البوعزيزي ، هو ما لوحظ بقوة اثناء الانتفاضة في تونس ومصر ثم في تظاهرات واحداث اليمن وسوريا ، وهو الفصل القسري والتام بين مطلب الديمقراطية ومطلب طرد الاستعمار والجهة المسببة لكوارثنا والصانعة للانظمة وهي امريكا ، وهذا فصل يكفي بحد ذاته لتحديد طبيعة ما يجري . لماذا ؟ تقليديا وتاريخيا الديمقراطية في الانتفاضات الشعبية الحقيقية هي جزء اساس من مطاليب الشعب وليست كلها ولا المطلب الوحيد لان مشاكلنا ليست مثل مشاكل اوربا او امريكا ، التي تتمحور حول الديمقراطية بعد ان تطورت هذه المجتمعات واصبحت الدولة فيها دولة مؤسسات بالاضافة لعدم وجود احتلال خارجي لاراضيها او تهديدات وجودية لها من الخارج ، اما نحن فان مشاكلنا مركبة ومتعددة ومنها الاستغلال الطبقي والفساد اللذان انتجا الفقر والامية والتخلف وغياب دولة المؤسسات والقانون ووجود احتلال اجنبي لاراضينا او وجود تدخلات خارجية خطيرة ، لذلك حصل اقتران شرطي – اي اجباري وعضوي – بين الديمقراطية وتحرير الوطن او الاراضي المحتلة وطرد الاستعمار .
بهذا المعنى فان الديمقراطية ترتبط بالتحرر من الاستعمار والنفوذ الاجنبي وتلحق به ، فالديمقراطية تزول ان كانت موجودة بمجرد حصول احتلال او فقدان السيادة الوطنية لان الاحتلال بطبيعته عمل استبدادي انموذجي ، اما اذا كانت الديمقراطية غير موجودة قبل الاحتلال فان الاحتلال لا يقيم الديمقراطية ابدا لانها تعني حكم الشعب وحكم الشعب يصطدم بالاحتلال لان السلطة واحدة فهي اما للاحتلال او لحكومة وطنية ، لذلك فان التاريخ اكد بانه لا توجد حركة تحرر حقيقة تلحق بالديمقراطية ، مادام تحقيق الديمقراطية مشروطا بتحقيق التحرر من الاحتلال او النفوذ الاجنبي . وتجربة العراق المحتل هي اخر تجربة عملية تثبت استحالة بناء ديمقراطية في ظل الاحتلال او فصل الديمقراطية عن التحرر السياسي من النفوذ الاجنبي .
من هنا فان عزل الديمقراطية في شعارات انتفاضة تونس ومصر واحداث اليمن وسوريا عن الهدف المركزي وهو التحرر الوطني من النفوذ الاجنبي واستعادة الحقوق العربية مؤشر لا يخطأ للدور الامريكي الحاسم وليس الثانوي في توجيه التظاهرات العربية وقدرتها على تحديد مسار وشعارات واهداف الانتفاضة والتظاهرات . لذلك فان السؤال المركزي هنا هو : لم تلازمت وترابطت مطاليب الديمقراطية مع مطاليب تحرير الوطن او الارض في العقود الماضية من تاريخ نضال امتنا العربية ولم تنفصل ابدا لكنها تفصل الان عمدا ؟ ان الاجابة على هذا السؤال تشكل نقطة الانطلاق في فهم نوعية وطبيعة وحجم الدور الامريكي فيما يحدث الان .
بما ان التبعية لامريكا ضرورة امريكية وان الخضوع للكيان الصهيوني من اهم متطلبات حل الصراع لصالح المشروع الصهيوني فان امريكا قامت بشق الاسباب التي تحرك الجماهير الى نصفين نصف ديمقراطي مطلبي داخلي يتعلق بضرورة انهاء الانظمة الفاسدة والديكتاتورية ، وشق تحرري يتعلق بتحرير الاراضي المحتلة وطرد الاستعمار ونفوذه واستعادة كافة الحقوق العربية ، وجعلت من الشق الاول موضوعا للانتفاضة العربية بينما استبعدت الثاني كليا من شعارات التظاهرات والتغطية الاعلامية التابعة لامريكا والنظم الموالية لها ، لان وجود الشق التحرري في الانتفاضة يهدد بافلات الانتفاضة من يد شباب الفيس بوك الذي دربته امريكا واعدته ليقود الانتفاضة وبروز شباب وطني يشكل الاغلبية في الانتفاضة العربية ليقود انتفاضات تتبنى اهدافا مترابطة عضويا ولا يمكن فصلها خصوصا الربط الجدلي بين الديمقراطية والتحرر من الاستعمار والصهيونية .
5 – انتفاضة تونس ومصر طعم مغر : الان وفي الشهر السادس لا يمكن تجنب سؤال اخذ يفرض نفسه منذ تفجير احداث اليمن وسوريا وليبيا والبحرين وهو : لم كانت الانتفاضة في تونس ومصر سلمية حقا واسقطت النظامين بينما اصبحت عنفية ودموية في ليبيا وسوريا واليمن والبحرين ولم تسقط النظم هناك ؟ ان طرح هذا السؤال امر مهم جدا لان الجواب عليه يضعنا امام حقيقة مفزعة لكل ضمير حي ، وهي ان الطابع السلمي والنظيف للانتفاضة في تونس ومصر صممته امريكا ليكون طعما يغري الشعب العربي بتحقيق انتفاضات مماثلة في الاقطار العربية الاخرى دون اراقة دماء ودون تدمير الدولة والمجتمع او خلق مشاكل اكبر مما كان يتم من خلالها تغيير الانظمة باسهل وامن الطرق ، ومادام الامر كذلك فمن الضروري تفجير الانتفاضات في كل قطر عربي لاجل التخلص من الديكتاتوريات والفساد !
ان هذه الفكرة كانت المحرك الاساس لما حصل ويحصل في اقطار عربية عديدة من احداث خطيرة ابتدأت بتقليد ما جرى في تونس ومصر لكنها انتهت لتصبح كوارث وطنية وقومية عندما أخذ الدم يجري انهارا واتجهت جموع غاضبة لتدمير الدولة والمجتمع وتعطيل الخدمات وازالة الامن الاجتماعي وليس الامن السياسي فقط ، وهكذا لم يتكرر ما حصل في تونس ومصر في تلك الاقطار وانما اصبحت تواجه كوارث دموية ودخلت تلك الاقطار نفقا مظلما وخطيرا مملوء بالثعابين والعقارب والالغام المدمرة ! فقط انظروا لما يحدث في سوريا واليمن وليبيا سترون ان تكرار ما حصل في تونس ومصر كان وهما او ايهاما وتوريطا وان الدماء تسيل بغزارة وان تغيير النظام لم يعد رحلة سهلة وبلا دماء او بدون تهديد وحدة القطر . هل كان ذلك التوريط صدفة ؟ كلا بالطبع واذا ظن احد منا بانه حدث صدفة فانه يحكم على نفسه بجهل كيفية عمل العدو ، والذي يخطط لنصف قرن من اجل تحقيق هدف محدد ، وليس مثلنا حيث نتخاصم ويسيل الدم وتحرق مدن وقرى ولكننا نتصالح ونقبل بعضنا البعض الاخر وينتهي كل شيء !
هل استمعتم لما قاله سيف الاسلام القذافي ؟ لقد قال بسذاجة مذهلة ، لا يجوز ان يتصف بها رجل دولة وحكم ، باننا اخطأنا لاننا لم ننشأ جيشا قويا وتصورنا ان دفع تعويضات سيغلق ملف خلافاتنا مع الغرب !!! ان كلمة ( تصورنا ) هذه هي مقتل الحكام العرب الذين يعلمون بكل صغيرة وكبيرة عن شعبهم لكنهم يجهلون حتى ما يعلنه الغرب والصهيونية ! سيف الاسلام انموذج لمستوى تفكير حكامنا وفيه يبدو بلا غموض انه لا يعرف الغرب ولا يفهم طبيعة ثقافته ولا تاريخه وهو بعيد كل البعد عن التقاط طريقة تفكيره مع انه هو واغلب الحكام العرب زاروا الغرب كثيرا ، بل ويقضي بعضهم فيه اكثر اوقاته ، ويفترض بهم معرفة العدو ، خصوصا واننا تعلمنا في الابتدائية مسلمة كبيرة تقول بان ( معرفة العدو كسب لنصف المعركة ) ، لذلك وبسبب هذا الجهل الفاضح بطبيعة الغرب وقعت ليبيا في فخ مميت منذ سلمت مفاعلها النووي ودفعت تعويضات عن قضية لوكربي مع انها لم تقم باسقاط الطائرة ، وجلست فرحة مطمئنة الى توني بلير وسركوزي و( شريف روما ) برلسكوني الذي اشترى طمأنينة القذافي بتقبيل يده فظن القذافي ان برلسكوني اصبح عبدا بين يديه !
هذه السذاجة المقترنة غالبا بالعنجهية والغرور هي احد اهم اسباب وقوعنا في فخاخ الغرب دون ان ندري ، وما يجري الان كان عبارة عن توريط لكتل جماهيرية ضخمة ، تضم مثقفين ونخب وطنية ، وفي مشروع تدعمه امريكا واوربا مباشرة وعلنا وتصرف عليه وهو دمقرطة اقطارنا وازالة الفساد ، ولكن النخب ما ان تجاهلت الدور الامريكي ونست ان امريكا هي العدو الرسمي والفعلي حتى فقدت القدرة على اكتشاف ان امريكا لم تكن تريد الديمقراطية وتغيبت ذاكرتها ونسيت بديهية تعرفها وهي ان امريكا خططت لتقسيم الاقطار العربية بالتنسيق مع الصهيونية وكيانها وتريد الان تنفيذ تلك الخطة تحت غطاء الديمقراطية واسقاط الانظمة العربية عبر تفجير ازمات دموية مدمرة وكارثية ، وهي ما نراه الان شاخصا امام اعيننا .
لنتذكر دوما وبلا اي غموض بان ثورة سلمية في الوطن العربي امر مستحيل لان البنية الاجتماعية ليست بنية مجتمعات مدنية كما هي حالة الغرب بل هي بنية مجتمعات قبلية تتأثر بالدين والطائفة والعرق والعائلة والفرد ونزعات الثأر ووجود حروب داحس والغبراء بين العرب . كما ان هناك مفاسد كثيرة نتيجة الفقر والامية مما يجعل التغيير السلمي بثورة سلمية ليس اكثر من وهم انتحاري نراه الان في ليبيا وسوريا واليمن والبحرين .
ولان امريكا تعرف مجمعاتنا العربية جيدا ، وافضل من اكثر نخبها ، فانها خططت لاطلاق موجة تغيير لكنها موجة تفجر الراكد والكامن من الغام في المجتمع كالطائفية والقبلية ونزعات الزعامة وثأرات التاريخ القريب والبعيد والاصول الاثنية ، وهي الغام كفيلة بدفع الدولة الى حافة الانهيار او حتى الانهيار من خلال تمترس كل طرف بما لديه من خلفيات قبلية او طائفية او عرقية ...الخ والقتال حتى النهاية ! وهذا الحال يمهد بسهولة لتدويل الحرب الاهلية وتدخل خارجي يقوم باعادة رسم الحدود وتوزيع السكان وفرض انظمة جديدة ليس للديمقراطية صلة بها ، لانها تستبدل الفاسد والمستبد بفاسد ومستبد اخر يختلف عنه في توقيت ظهور فساده واستبداده .
لقد وضعت امريكا الطعم التونسي والمصري الطيب لنا واستدرجتنا لتحركات صارت عمليات قتل جماعي تقوم به الانظمة والمعارضات ولم نكن نفكر ان من يقوم به سوى الكيان الصهيوني ! الان نحن العرب نلتهم اللغم العلقم والمسمم في اليمن وسوريا وليبيا في حين ان الطعم التونسي والمصري لم يشكل لشعبنا في تونس ومصر حلا بل ادخل القطرين في نفق اكثر ظلاما من نفق بن علي ومبارك ! يتبع
6/7/2011


جهينة الزبيدي
عضو فعال
عضو فعال

عدد الرسائل : 117
العمر : 74
تاريخ التسجيل : 26/08/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى