رحيل المفكر الجزائري الكبير محمد أركون(جهينةالزبيدي)
صفحة 1 من اصل 1
رحيل المفكر الجزائري الكبير محمد أركون(جهينةالزبيدي)
رحيل المفكر الجزائري الكبير محمد أركون(جهينةالزبيدي)
توفي المفكر الجزائري الكبير محمد أركون عن عمر يناهز الثانية والثمانين، مخلفاً تراثاً ضخماً من الأبحاث والمقاربات الفكرية في مجال الدراسات القرآنية والإسلامية وفق المناهج النقدية والتحليلية الحديثة وأبرزها التفكيكية.
ويحظى أركون بمكانة رقيقة في الأوساط الفكرية الفرنسية والعالمية، لعمق ثقافته، وجرأة تدخلاته، وشمولية توجهاته، وقد ساعد ذلك على ترجمة مؤلفاته الى لغات عديدة ومنها الى العربية، ليكون ما يشبه التيار الفكري والفلسفي القائم على النقد العقلاني، وعلى تجاوز المناهج الإيديولوجية المقننة، والظواهر الكلية، مما أتاح له حرية واسعة في اختياراته ومواقفه، ومكانة حية في موقعه.
ولم تغب الإشكاليات الأساسية الدينية والعربية عن اهتمامه، فكان له الحيز الرحب في وسائل الإعلام العربية من لقاءات وندوات وكذلك في الاوساط الأكاديمية والثقافية.
إنه من طراز المفكر الحر الذي يحاول وضع العقلانية فوق كل اعتبار، وإن بدا أحياناً أنه يتفهم بعض الظواهر التي تختلف معه لا سيما في مسائل الفقه والتفاسير، لكن وفي كل الأحوال، ناهض أركون التيارات الغيبية المتطرفة، والمتعصبة، والأحادية، والتوتاليتارية سواء في المجال "الإيديولوجي" الضيق أو الديني الماضوي والكلي.
إنه من سلالة التنويريين الإسلاميين والعرب والعالميين، من أمثال محمد عبده وفرح أنطون وشبلي الشميل والأفغاني والكواكبي وطه حسين وصادق جلال العظم وعبدالكبير الخطيبي ومحمد عابد الحابري وناصر حامد أبو زيد؛ والمؤسف أنه سبق أركون الى الرحيل بعض كبار هؤلاء التنويريين كحامد أبو زيد والخطيبي والجابري في فترات متقاربة لا تتعدى الأشهر.
أركون الذي يقيم في باريس، كونه مرجعية رفيعة في الأوساط الأوروبية، لا سيما وأنه مارس التعليم في بعض أهم المؤسسات الجامعية في فرنسا وأحدثت بعض كتبه ضجة وسجالاً في الأوساط الفرنسية، وطبعاً في الأوساط العربية، سواء عبر آرائه ومواقفه أو عبر مؤلفاته الأساسية ومنها "مدخل تاريخي نقدي"، و"نحو نقد العقل الإسلامي"، و"ملامح الفكر الإسلامي الكلاسيكي"، و"دراسات الفكر الإسلامي"، و"الإسلام أمس وغداً"، و"من أجل نقد للعقل الإسلامي"، و"الإسلام أصالة وممارسة"، و"الفكر الإسلامي: قراءة علمية"، و"الإسلام: الأخلاق والسياسة".
وبرحيل محمد أركون يخسر العقل التنويري الإسلامي والعربي ركناً، وتفقد الثقافة الجدالية العقلانية الحية والحرة قامة عالية، وتغيب الصورة النقدية العميقة عن المشهد العربي.
رحل أركون ليترك فراغاً كبيراً في الفكر العربي الإسلامي المنفتح، وكأنما لا يكفينا كل هذه الفراغات الجوفاء المتعصبة الدينية والطائفية عندنا... وفي أوروبا وفي العالم.
بول شاوول
المفكر الجزائري محمد أركون رحل وفي قلبه حسرتان
خاض معركتين شرستين واحدة مع المسلمين وأخرى في الغرب
بيروت: سوسن الأبطح
توفي المفكر الجزائري المثير للجدل محمد أركون، في باريس، مساء أول من أمس، وفي قلبه حسرتان. فقد كان دائم الشكوى بأنه لا يُقرأ بما يكفي من العرب أو ينصَف من قِبلهم، كما بقي يشعر بالغضاضة لأن أفكاره لم يحتف بها في فرنسا التي أقام فيها منذ كان طالبا جامعيا، ولم يصغ إليها بالقدر الذي كان يتمناه. وبسبب كونه متخصصا معروفا في الفكر الإسلامي، فقد حاول أن تُسمع كلمته بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) شارحا مكامن الخطأ عند العرب وفي السلوك الغربي المهيمن، محاولا توصيف الدواء، لكن آراءه بقيت حبيسة الأروقة الأكاديمية والحلقات النخبوية، وإن عين في بعض اللجان التي كان غرضها النظر في شؤون المسلمين.
أصوله الأمازيغية الجزائرية جعلته عرضة للتشكيك في كلامه عن العرب، وإقامته الطويلة في الغرب، وتبنيه المناهج الحديثة، كما أن قسوته مع طلابه العرب أثارت حوله اتهامات بالانحياز إلى الغرب. لكن أركون أجاب عن هذه الاتهامات في كتابه «أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟» وهو يشرح بعضا من أهدافه بالقول: «أريد أولا زحزحة الإشكالية الإسلامية الخاصة بالقرآن من أجل التوصل إلى مقاربة أنثروبولوجية للأديان المدعوة بأديان (الوحي). كما أريد ثانيا إجبار الفكرين، اليهودي والمسيحي، على القيام بالزحزحة نفسها من أجل دمج البحث القرآني داخل بحث مشترك حول المكانة الأنثروبولوجية للخطاب الديني الحامل للوحي. وأريد ثالثا تبيان الأضرار الناجمة عن اختزال الظاهرة الدينية إلى مجرد صيغ عابرة وزائلة واستلابية».
هذه الكلمات القليلة تساعد على فهم المعركة الشرسة والمزدوجة التي خاضها أركون طوال حياته العملية، مسكونا بهاجس تحديث المجتمعات الإسلامية، وإلقاء الضوء على الأخطاء الغربية في التعامل مع الأديان.
معركة مع المسلمين الذين لم يستسيغوا أفكاره، وأخرى مع المستشرقين الجدد الغربيين الذين اعتبروا أن أطروحاته القائمة على الدراسات البنيوية سببت تراجعا في الدراسات الكلاسيكية ولم تسعف في تقديم حلول. فمنذ أنجز أطروحته للدكتوراه تحت عنوان «نزعة الأنسنة في الفكر العربي» بدا أن أركون تجاوز دراسة مسكويه الذي يفترض أن يركز عليه ليكشف من خلاله عن فكر مرحلة إسلامية كاملة في القرن الرابع الهجري اتسمت بالتعدد والانفتاح، حيث استفاد المسلمون من الحضارة اليونانية وتفاعلوا مع الفلاسفة المسيحيين واليهود، وهو ما تجلى في الحضارة الأندلسية بشكل باهر. أسباب الانحدار الإسلامي بعد ذلك العصر هي التي شغلت أركون، باحثا عن سبل للخروج، كما اهتم بإجهاضات عصر النهضة. وهذا ما جعل أركون يلقي الضوء على عيوب الثورات الاستقلالية والحكومات العربية التي أفرزتها، محملا إياها مسؤولية الانتكاسات التي حدثت بعد ذلك.
علماني صحيح، لكنه كان يعتقد بعلمانية منبثقة من الحضارة الإسلامية تصلح للعرب، مختلفة عن تلك التي أفرزتها المجتمعات الغربية بخلفيتها المسيحية. وبالتالي، فبالإضافة إلى آراء أركون في النصوص الدينية، ورغبته في التعامل الأنثروبولوجي مع التاريخ الإسلامي والثقافة الدينية التي تشكلت عبر العصور، وهو الجانب الذي أغضب الإسلاميين، فإن الرجل كان يدعو بشكل أساسي إلى رؤية شمولية للأديان، تجعلها غير منعزلة عن بعضها. وبقي يطالب الفرنسيين، بالتخلي عن علمانيتهم التربوية في المدارس التي تعتبر الدين خارج اهتماماتها في المطلق، داعيا إلى مناهج تسعى إلى التعريف بالأديان، وتنشئة التلاميذ على رؤية معرفية بالأديان المختلفة، كونها عنصرا فاعلا وأساسيا في تاريخ البشرية.
منافح شرس من أجل إسلام أكثر إنسانية وانفتاحا، طالب بدراسة آراء الآثمين والتعامل معها كاجتهادات وتفسيرات إنسانية، بمقدورنا أن نتجاوزها. وكثيرا ما كان يقول: «لنكن على مستواهم في الاجتهاد والمعرفة». وهو ما انتهجه طوال حياته، ليعجب البعض ويغضب البعض الآخر، لكنه حتما ترك ما يستحق القراءة وإعادة القراءة، ولم يرحل دون أن يترك بصمات يصعب تجاهلها حتى من ألد خصومه وأكثر الناس عداوة لفكره.
الجوائز التي حصل عليها
* ضابط لواء الشرف.
* جائزة بالمز الأكاديمية.
* جائزة ليفي ديلا فيدا لدراسات الشرق الأوسط في كاليفورنيا.
* دكتوراه شرف من جامعة إكسيتر عام 2002.
* جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2003.
* مؤلفات أركون - للراحل محمد أركون مؤلفات كثيرة باللغة الفرنسية وترجمت أعماله إلى الكثير من اللغات من بينها العربية والهولندية والإنجليزية والإندونيسية ومن مؤلفاته المترجمة إلى العربية:
1 - الفكر العربي.
2 - الإسلام: أصالة وممارسة.
3 - تاريخية الفكر العربي الإسلامي أو «نقد العقل الإسلامي».
4 - الفكر الإسلامي: قراءة علمية.
5 - الإسلام: الأخلاق والسياسة.
6 - الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد.
7 - العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب.
8 - من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي.
9 - من فصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟
10 - الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة.
11 - نزعة الأنسنة في الفكر العربي.
12 - قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟
13 - الفكر الأصولي واستحالة التأصيل - نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي.
14 - معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية.
15 - القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني.
16 - أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟
17 - تاريخ الجماعات السرية.
الذين رحلوا
لندن: فاضل السلطاني
قد يكون هذا العام، وبامتياز، عام خسارة الفكر والثقافة العربيين لأبرز رموزهما، الذين يرحلون واحدا واحدا. في أشهر قليلة فقدنا نصر حامد أبو زيد ومحمد عابد الجابري وغازي عبد الرحمن القصيبي وأحمد البغدادي وداود سلوم - الذي رحل بصمت في بغداد الحزينة - وتوجت هذه الخسارات الكبيرة برحيل المعلم الأكبر محمد أركون، الذي يستحق حقا لقب «ابن رشد العرب» في القرن العشرين، كما يحب أن يسميه صديقه ومترجمه إلى العربية الباحث هاشم صالح. هل اتفقوا على الرحيل معا بعدما شبعوا عقوقا وهجرا ونبذا؟ هل تعبوا من الكلام الضائع في الهواء العربي؟ هل شعروا فجأة باللا جدوى، فانسحبوا، كلٌ على طريقته، من العشائر والطوائف، وأصحاب السياط، وشرطة المنع، وشيوخ التكفير، ومن الولائم الثقافية العربية، والجهلة الثقافيين النشيطين، الذين ملأوا آذاننا زعيقا، فلم نعد نسمع غيرهم، ولم نعد نقرأ لغيرهم. هل تعبوا فجأة، مطلقين صرخة واحدة في وجه الجميع: أية أمة هذه يا إلهي؟
مهما كان التفاوت في فكر ونفوس هؤلاء الكبار، فإنهم يشتركون في صفة واحدة: إنهم كانوا يحفرون في أرض شبه بور، كل حسب عزيمته، إذا استعرنا قول المتنبي، أرض ليست طيبة كافية لتحضنهم كأنجب وأشرف أبنائها، بل طردتهم شر طردة. أي أرض هذه التي تطرد رجلا مثل نصر حامد أبو زيد؟ وأية أمة هذه التي يرحل وسط صخبها وضجيجها ومعاركها المضحكة حول السلطة، رجل مثل داود سلوم بصمت من دون أن تشعر بالخجل؟ ومن الذين كفّروا مرة أحمد البغدادي؟ من فقهاء الظلام هؤلاء؟ وماذا فعلنا لنسلط شيئا من الضوء على وجوهم الكالحة؟ هل عاد الصمت ممكنا؟
لا يكمن الألم في رحيل هؤلاء، ولا نتحدث عن الموت هنا، بل عن الحياة، عن النكران الذي نجيده أكثر من أي شيء آخر، وعن الخسران الذي لا نشعر بوطأته، لقلة الإحساس فينا، إلا بعد ما يقع. هل قرأنا، نحن اللاهين، محمد أركون؟ لا يبدو أن الأمر كذلك. وإذا كنا قرأناه، ماذا فعلنا بهذه القراءة؟ ثم، هل كان أركون حاضرا بيننا؟ كم وزير ثقافة عربيا، وكم مؤسسة ثقافية عربية، اهتمت بهذا الرجل فدعته في الأقل إلى محاضرة، أو إلى ندوة ثقافية، هذا إذا لم نتحدث عن التكريم قبل أن نفقده، وننعيه، بدافع من الشعور الخفي بالذنب، هذا إذا كنا أساسا نمتلك مثل هذا الشعور؟
على مدى أكثر من خمسين عاما، بقي أركون في صومعته الفرنسية، قارئا في حاضرنا، مفككا ذواتنا، وقبل كل شيء حافرا في تاريخنا كما لم يحفر أحد قبله من عصر ابن رشد. كان يخاطبنا، وهو البعيد، لكننا لم نحسن الإصغاء. بل كنا نتمنى، في الحقيقة، أن يخرس للأبد حتى لا يعكر صفونا وهدوءنا، وسلامنا الداخلي الكاذب ونومتنا الأبدية.
لا ينجب العصر، أي عصر، سوى حفنة من الرجال النادرين، وقد مروا على أرضنا من دون أن نحسن استغلال وجودهم، وسينزف العقل العربي، وستنزف الثقافة العربية كثيرا، فوق ما نزفا، لتعويض شيء من مشاعل الفكر التي انطفأت، ووهج العقول التي هوت في أيام قليلة من الزمن العربي الطويل، بعدما تركت لنا بصمات غير قابلة للإمحاء مهما فعل الذين يريدون لهذا الزمن أن يبقى واقفا للأبد عند محطة الجهل حيث نقف الآن.
ــــــــــــــــــــــــ
محمد أركون هو واحد من خمسة أو ستة كتبوا في الفكر الإسلامي، القديم والحديث، في الأربعين سنة الماضية، وهم معروفون، منهم عبد الله العروة، محمد عابد الجابري، حسن حنفي، ومحمد عمارة، وعلى رأس هؤلاء جميعا محمد أركون، لأنه أقدمهم كتابة، فهو يؤلف منذ الستينات. وحينما أتحدث عن خمسة أو ستة دون غيرهم، فإنما أقصد من يملكون أطروحات في تاريخ العقل الذي يسمونه «عربيا» تارة، و«إسلاميا» تارة أخرى. محمد أركون متميز عنهم كلهم في المنهج، فغرضهم عموما - ما عدا محمد عمارة، لأنه إسلامي - مع اختلاف مناهجهم، كيفية الخروج من الموروث والدخول في الحداثة، لذلك كل منهم قرأ التراث، هناك من أراد تجاوزه، وثمة من سعى للتحرر، وكل استخدم التوصيف الذي يناسبه. الجابري وأركون متناظران مختلفان في منهجية الخروج من التراث. فمحمد عابد الجابري يعتمد، لأنه ماركسي في الأصل، «الحاكمية التاريخية» و«الابستمولوجية» للنص من أجل التحرر منه، أما أركون فيريد تفكيك النص، لأنه يعتبره كامنا في تلافيف العقل، وكسره في الخارج يعني كسره في الداخل أيضا.
بدأ محمد أركون فيلولوجيا محترما، في كتابه عن مسكويه «نزعة الأنسنة في الفكر العربي»، لكنه ما لبث في أواسط السبعينات أن نقد الاستشراق، وأطلق ما سماه «الإسلاميات التطبيقية». وهي نظرية طبقها على نصوص في القرآن، ونصوص من القرن الرابع، وما شابه. أما في الثمانينات فنلحظ عنده نضوج تحطيم الدوغمائيات والهجوم على الأرثوذكسية السنية، وعمل بعد ذلك ثلاثين عاما على هذا النهج مع خروج منه، في بعض الأحيان، ودخول في نقاش حاد مع العنصريين الغربيين.
لا أنكر أن محمد أركون إنساني كبير، لكن ثمانين في المائة من كتاباته ومحاضراته، وهو رجل مكثر، تدور حول تحطيم الدوغمائية والأرثوذكسية السنية، واضعا برامج لذلك. كما شغله موضوع كيف نخترق المفكر فيه، باللامفكر فيه، وكرر كثيرا خلال العشرين سنة الأخيرة، في كتاباته، أنه يجب أن نفعل كذا ولا نفعل كذا، ولكننا لا نرى تطبيقاته العملية على ذلك.
ما أقوله ليس تسخيفا أو تقليلا من شأن أركون، فهو مناضل كبير، لكن مشكلته تحديدا في نضاله الذي حوله إلى داعية علماني متشدد، مثل الإسلاميين المتشددين، لذلك كان الإسلاميون يكرهونه ويكرههم، وعنده طلاب مناضلون مثله، يحملون أفكاره وينافحون عنها.
في السنوات العشر الأخيرة، عدل أركون مواقفه بعض الشيء، عاد إلى كتبه الأولى، وصار انتقائيا، لا ينكر أهمية الاقتداء ببعض ممن كان لا يرى فيهم قدوة في فترة ما، معتبرا أن العودة إليهم تشكل مجرد انطلاقة أو بداية.
كان مثلا، في السابق يهاجم الجابري، لأنه مفتون بابن رشد وابن سينا، لكنه عاد وكتب عنهما وعن ابن خلدون كلاما جيدا. كتبه الثلاثة التي ترجمت إلى العربية وصدرت مؤخرا في عامي 2009 و2010، نرى فيها بوضوح عودة إلى روح كتبه الأولى، وميله لشيء من العودة إلى التراث بأسلوب انتقائي مع ليونة تجاه ابن خلدون وابن رشد، على سبيل المثال، من خلال اعتقاده بإمكانية العودة إلى بعض من أفكارهما والاستفادة منها، لكنه بقي مهاجما للعقيدة السنية دون أن يطرأ أي تعديل على وجهة نظره هذه]
ــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
الخميس, 16 سبتمبر 2010
الراية العالية في ليل الثقافة العربية
سيرة ومؤلفات
بحثاً عن سياق تاريخي واجتماعي
الحافر عميقاً في بنية الفكر العربي
الطريق الى التحديث
الممنوع والممتنع
الثورة على الاستشراق والمآزق
خارج جدران اليقين
لم يكد المفكر الجزائري محمد أركون يتلقّى دعوة الى الاشتراك في ندوة حول نصر حامد أبي زيد في القاهرة، حتى وافاه الموت على سرير المرض في منزله الباريسي. ورحل أركون، الباحث الكبير في الفكر الإسلامي عن 82 عاماً أمضى قسطاً كبيراً منها منكباً على الفكر الديني، قارئاً وكاتباً، مقتفياً آثار المفكرين والفلاسفة الإسلاميين التنويريين الكبار.وكان أركون أستاذاً لامعاً لتاريخ الفكر الإسلامي في جامعة السوربون في باريس وفي جامعات عالمية كثيرة، وأحد رواد الدعوة الى الحوار بين الأديان.ولد محمد أركون في 1928 في قرية توريرة ميمون الصغيرة في منطقة القبائل (شمال شرق الجزائر)، في بيئة اجتماعية بالغة التواضع. وبعد إنهاء الدراسة الابتدائية في قريته، أتم دروسه الثانوية لدى الآباء البيض في وهران ثم درس الأدب العربي والحقوق والفلسفة والجغرافيا في جامعة الجزائر العاصمة. ثم تولى التدريس في عدد من الجامعات قبل أن يعين في 1980 أستاذاً في السوربون الجديدة - باريس 3. ودرّس فيها تاريخ الفكر الإسلامي وطوّر اختصاصاً هو الإسلاميات التطبيقية. ومنذ 1993، بات أستاذاً متقاعداً في السوربون، لكنه استمر في إلقاء محاضرات في أنحاء العالم كافة. وفي العام 2008، تولى إدارة مشروع «تاريخ الإسلام والمسلمين في فرنسا من القرون الوسطى حتى اليوم»، وهو كتاب موسوعي شارك فيه عدد كبير من المؤرخين والباحثين.وترك أركون كتباً كثيرة ذات منهج علمي ورؤية تحليلية جديدة، وسعى في كل ما كتب الى ترسيخ الحوار بين الأديان والحضارات، وجاب الكثير من مدن العالم محاضراً عن الدين الإسلامي والحضارة العربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الراية العالية في ليل الثقافة العربية
الخميس, 16 سبتمبر 2010
الطريق الى التحديث
سيرة ومؤلفات
بحثاً عن سياق تاريخي واجتماعي
الحافر عميقاً في بنية الفكر العربي
الممنوع والممتنع
الثورة على الاستشراق والمآزق
محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
خارج جدران اليقين
كمثل غيره من المنارات، يُنهي محمد أركون سفره في ليل العالم الثقافي العربي - الإسلامي. كان نقطة التحامٍ وراية عالية في المعترك الذي يخوضه الجهل والتخلّف والعماء، ضد المعرفة والتقدم، وضد الإنسان.
وكان يُدرك أن هذا المعترك يتخطّى، بمعناه ودلالاته، السياسة وأنظمتها. فلئن كانت الحركات الأصولية في مختلف تجلياتها، تتخذ من السياسة ميدانها المباشر، فقد فَطِنَ محمد أركون الى أن عملها السياسي مهما نجح في أن يستنفر، باسم حماية الدين والدفاع عنه، قوى مختلفة ومتنوعة، وأن يجيّشها، فإن مدار هذه الحركات يتخطى السياسي الى ما هو أبعد وأعمق: الى الثقافي - الإنساني. هكذا كان يعي أن أخطر ما تقوم به الحركات الأصولية، لا يتمثل في السياسة، كما يرى كثيرون بين الأنظمة وجماعاتها، وإنما يتمثّل بالأحرى، في العمل على تحويل الثقافة الى طبيعة. ذلك أن النظر الى الثقافة بوصفها طبيعة، أي فطرية وثابتة ونهائية كمثل الطبيعة، ليس، في الممارسة، إلا تهديماً منظّماً للثقافة وللطبيعة في آن. وفي هذا تهديمٌ للإنسان نفسه، ونفيٌ لكل إبداع.
*
مرة، في نقاشٍ حميم حول بعض أطروحاته، اقترحت عليه، باسم صداقتنا الطويلة المتينة، أن نبادر الى التأسيس لفريق عملٍ يخطط لكتابة تاريخ جديد للثقافة العربية، يخرجها من «تمركزها» حول نفسها، ومن أطر الانقسامات الدينية والمذهبية، ومن المناهج الكتابية التقليدية، ويقرأ الحياة العربية والإبداع العربي في سياق الثقافة الكونية ومُشكلاتها. قَبِلَ الفكرة، مبدئياً، وسألني أن أضع مخططاً مختصراً، نبعثه في اجتماع قريب. وهكذا فعلت، وأسمح لنفسي هنا بأن أوجزه في هذه النقاط السبع:
1 - الذات، بوصفها اندراجاً في الطبيعة (فترة ما قبل الإسلام)،
2 - الذات، بوصفها اندراجاً في ما بعد الطبيعة (الوحدانية، النبوّة، الوحي... الخ)،
3 - الذات، بوصفها معرفة (العقل، الحدس، الحقيقة... إلخ)،
4 - الذات، بوصفها مخيّلة (الفنون، الآداب...)،
5 - الذات، بوصفها رغبةً (الجسد، الحب، الجمال...)،
6 - الذات، بوصفها علاقة (الآخر، الأرض، التاريخ...)،
7 - الذات، بوصفها سياسة (الجماعة، المدينة، القانون، النظام... الخ).
في اجتماع لاحق، ناقشنا هذا المخطط، ودخلنا في تفاصيل كثيرة، ومما قاله، متسائلاً:
ألن يوسّع هذا المشروع حدود الحرب التي شُنّت علينا؟ حتى الآن، يشنُّها أهلُ الجهالة. وفي هذا المشروع ما يؤلّب علينا أهل الوظيفة والتعلّم، أولئك الذين يحتلّون المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات.
كيف لنا أن نتحمّل مثل هذه الحرب الواسعة؟
فكّر في الأمر.
*
فكّرتُ، أيها الصديق الراحل، وأفكّر.
أعرف مثلَك أن السائد في ثقافتنا وحياتنا يتمثل في الأفكار التي تقول بالإصلاح. وأعرف مثلك، في ضوء الخبرة التاريخية، أن الفكر الإصلاحي يستند، قبل كل شيء، الى المسبّقات الراسخة، وأنه لا ينغرس في الواقع لكي يغيره، بل لكي يدعمه. ولطالما تساءلنا معاً: كيف يمكن أن نُصلح وضعاً بالفكر نفسه الذي أدّى الى نشوئه؟
فكّرت، أيها الصديق الراحل، وأفكّر.
لم تعد المسألة في الحياة العربية - الإسلامية مسألة إصلاح.
إنها مسألة تأسيس.
*
أيها الصديق الكبير الراحل،
لا أقول لكَ وداعاً. سأرجئ هذا الوداع. لكن، باسمه، أتابعُ الاحتفاء بصداقتنا في الحرية والإبداع، الصداقة التي تُميت الموت
ــــــــــــــــــــــــــــــت
الممنوع والممتنع
الخميس, 16 سبتمبر 2010
علي حرب
Related Nodes:
الطريق الى التحديث
الراية العالية في ليل الثقافة العربية
سيرة ومؤلفات
بحثاً عن سياق تاريخي واجتماعي
الحافر عميقاً في بنية الفكر العربي
الثورة على الاستشراق والمآزق
محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
خارج جدران اليقين
من عجيب الصدف أن يرحل ثلاثة من أعلام الفكر، شهراً وراء آخر. فها نحن، بعد غياب الجابري ونصر حامد أبو زيد، نفاجأ بغياب الفيلسوف الجزائري وأستاذ الإسلاميات في جامعة باريس محمد أركون.
وأركون هو واحد من أصحاب المشاريع الفكرية النقدية الذين تركوا بصمتهم في الثقافة العربية المعاصرة. ولكنه لم يدرج عمله النقدي تحت الصفة أو الهوية العربية، بل اختار الإطار الإسلامي. من هنا عنون كتابه الأول الصادر بالفرنسية: نقد العقل الإسلامي.
وقد استخدم أركون في استراتيجيته النقدية عُدَّة فكرية متعددة الرؤوس بتعدد الاختصاصات والمناهج، مستفيداً بذلك من الطفرة المعرفية التي شهدتها علوم الإنسان في النصف الثاني من القرن العشرين، في مجالات اللغة والفلسفة والإناسة والتاريخ والتحليل النفسي... بكل ما انطوت عليه من الجدة والابتكار، بآفاقها العقلية وحقولها الفكرية وشبكاتها المفهومية.
ولم يؤْثر أركون، لمشروعه النقدي، العنوان الإسلامي لأنه أوسع وأشمل، بل لأنه لم يشأ تحييد المجال الديني من عمل الدرس، بل أخضعه للتحليل والتشريح، أصولاً وفروعاً.
وهكذا فإن النقد الأركوني استهدف الجبهتين: الممنوع والممتنع. والممنوع يشمل كل ما يحظّر قوله أو كشفه أو المجادلة فيه من الثوابت والمقدسات والمتعاليات...
ولكن الأهم، عند أركون، ليس فقط الجرأة الفكرية على قول ما يمنع قوله، بل تفكيك الممتنع، أي ما يستعصي على الفهم أو التناول، لا بسبب الضغوط من جانب الطاغية أو الكاهن، بل لأنه ما من نشاط عقلي إلا وتلابسه الأوهام.
من هنا فإن تجديد الفكر يتم بإخضاع العقل لعمل التفكيك للكشف عن بداهاته الخادعة وقوالبه الضيقة وممارساته المعتمة... وما حاوله أركون هو الحرث في هذه المنطقة التي تتشكل مما هو مهمّش أو مستبعد أو محرّم أو مسكوت عنه، مما أتاح له زحزحة الإشكالات وإعادة صوغ القضايا وتركيب الثنائيات.
ولا شك أن أركون، إضافة الى جرأته الفكرية، قدم الجديد والثمين من الأفكار والمعارف في ما تناوله من القضايا والمسائل. فالذي يقرأ أعماله يخرج بعد قراءتها على غير ما دخل، أعني يفوز بفهم جديد، وجدير بالاعتبار، للإسلام والدين عموماً. وهذا العمل ليس بالقليل. فمن غير فهم تسيطر الثرثرة والشعوذة أو العماء والإرهاب.
فتحية لأركون الذي رحل، ولكن آثاره باقية، ما بقي قراء ينشغلون بها أو يشتغلون عليها، لتجديد مناهج الدرس وأدوات المعرفة، بقراءاتهم الخصبة والفعالة، لا سيما إذا كانت النصوص المقروءة تتعدى أصحابها باحتمالاتها المفتوحة وإمكاناتها الغنية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
. خارج جدران اليقين
الخميس, 16 سبتمبر 2010
عيسى مخلوف
Related Nodes:
محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
بعد وفاة نصر حامد أبو زيد يفارقنا محمد أركون. ماؤنا القليل أصلاً يصبح أقلّ، فيما يتكاثر من حولنا الجفاف.
عمل محمد أركون طوال أكثر من نصف قرن على تقديم قراءة جديدة للإسلام. قراءة تستند إلى مرجعيات ومناهج علمية وتنطلق من الفكر النقدي العقلاني. وستظلّ أفكاره، حتى بعد رحيله، مدار بحث في الأوساط العلمية والجامعية، شرقاً وغرباً.
لا شكّ في أنّ فرنسا كانت محطة مهمّة في تكوين محمد أركون المنهجي هو الذي جاءها من الجزائر لمتابعة تحصيله العلمي. كان من بين أساتذته المستشرق المعروف ريجيس بلاشير ومن بين أصدقائه مفكرون وعلماء اجتماع كان لهم الأثر في توجهات فكره النقدي وأدواته، ومن بينهم المستشرق والمؤرّخ الآخر كلود كاهين الذي ساهم في تجديد المنهج التاريخي للشرق الإسلامي، والفيلسوف بول ريكور وعالم الاجتماع بيار بورديو. ولقد اكتشف مع هذا الأخير معنى القراءة الأنتروبولوجية وطرائقها لمجتمع محدّد وكيفية بناء جهاز مفهومي جديد. ففي كتابه «الحسّ التجريبي» قدّم بورديو تصوّراً علمياً أنتروبولوجياً للثقافة وللحياة اليومية لمنطقة القبائل الجزائرية، أي للبيئة التي ولد ونشأ فيها أركون، وتعمّق في تحليل تلك البيئة الشفهية التي لا تملك ذاكرة مكتوبة.
ضمن هذا المناخ العلمي، بدأ مشروع محمد أركون في تأسيس قراءته الجديدة للإسلام والتي لا ترتكز إلى الاجتهاد والتأويل وإنما إلى المنهج العلمي والفكر النقدي. ولا أظنّ أنّ هذا المشروع خضع إلى الآن إلى قراءة معمّقة في المجتمعات العربية والإسلامية، بل هو لا يزال محصوراً في بعض الأوساط الجامعية التي تبحث عن نوافذ أخرى وسط عالم يزداد انغلاقاً على نفسه. أما من جهة الوسط الثقافي الفرنسي (من المعروف أنّ معظم نتاج أركون كُتب باللغة الفرنسية، ونَقل القسم الأكبر منه إلى العربية هاشم صالح وكأنه جزء من نتاجه هو نفسه)، فلم يلتفت لنتاج أركون الذي تمحور حول نقد العقل الإسلامي، أوّلاً لأنّ هذا العمل، بحسب أركون نفسه، يتوجّه في المقام الأول إلى المسلمين أنفسهم، وثانياً لأنّ القراء الفرنسيين كانوا غارقين في «الإسلاميات الكلاسيكية»، ولاحقاً، بعد السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، في خطاب العلوم السياسية.
أراد أركون أن يوسّع ميدان الدراسات الإسلامية ويذهب إلى دراسة الظاهرة الدينية ككلّ، أي أنّه انتقل إلى تقديم دراسة نقدية مقارَنة للأديان الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام. وذلك، في رأيه، يفتح آفاقاً جديداً لتدريس الإسلام ولفهم أعمق للثقافة العربية.
ضمن مشروعه لنقد الفكر الإسلامي، تناول محمد أركون أيضاً مسألة فهم الحضارات واحترام الاختلاف، وانتقد الاستشراق الذي ينظر إلى الثقافات الأخرى بصفتها ثقافات غريبة. ودعا، انطلاقاً من نزعته الإنسانية المتأثرة بفلاسفة عصر الأنوار في فرنسا، إلى نبذ العنف والعمل على إرساء حوار عميق بين الحضارات لتفادي الصدامات التي تعيق النموّ والتقدّم وتعود بالأذى على الإنسانية جمعاء.
يقول نيتشه: «اليقين سجن». في قراءته الفكرية وتحليله النقدي للعقائد، وقف أركون ضدّ كلّ أشكال السجون والجهل والعنف، وضدّ ما أسماه «السياجات الدوغماتية»، وذلك للخروج من عمى الأحكام الواحدة المطلقة والتحليق في رحابة الأسئلة الجوهرية بحثاً عن الحقيقة في أوجهها المختلفة.،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثورة على الاستشراق والمآزق
الخميس, 16 سبتمبر 2010
رضوان السيد
Related Nodes:
الطريق الى التحديث
الراية العالية في ليل الثقافة العربية
سيرة ومؤلفات
بحثاً عن سياق تاريخي واجتماعي
الحافر عميقاً في بنية الفكر العربي
الممنوع والممتنع
محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
خارج جدران اليقين
عرفتُ أعمال محمد أركون الأولى في مطلع السبعينات عندما ذهبتُ للدراسة بألمانيا، وتعلمتُ هناك بعض الفرنسية. وما كان التعرف على كتاباته مُصادفة، إذ كنتُ قد بدأت الاهتمام بالقرنين الرابع والخامس للهجرة (العاشر والحادي عشر للميلاد) واللذين اكتملت خلالهما التكوينات الرئيسية للثقافة العربية الإسلامية، وازدهرت شتى التيارات الفكرية. وكنا جميعاً نحن المهتمين بالحضارة الإسلامية قد قرأنا كتاب آدم متز (الصادر عام 1901 بالألمانية): نهضة الإسلام، والذي ترجمه محمد عبدالهادي أبو ريدة الى العربية بعنوان: «الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري. المهم أنني بدأتُ الاهتمام بالماوردي (المتوفى عام 450هـ) صاحب الكتاب المعروف: الأحكام السلطانية، عن مقولة الخلافة، ومؤسسات الدولة في عصره، ووجدت أن الجميع يرجع الى أطروحة أركون الحديثة الصدور يومها عن «الإنسانوية في القرن الرابع الهجري: نموذج مسكويه». وقد تابع بعدها الاهتمام بالقرن وشخصياته مثل العامري ويحيى بن عربي والتوحيدي، ونشر عنهم جميعاً مقالات، كما نشر لهم نصوصاً قصيرة في الـ BEO واستوريا إسلاميكا، ثم في أرابيكا في ما بعد.
قرأت له مقالة ممتازة عن «السياسة والأخلاق عند الماوردي»، وسارعت الى ترجمتها وترجمة مقالة أخرى لهنري لاووست عنه، لخصّتهما بعد ذلك في مقدمتي على نشرتي لقوانين الوزارة وسياسة الملك للماوردي (1978) ووقتها سارعت بالمقالة (الصادرة عام 1968) معجباً الى استاذي جوزف فاك أس (1974) الذي قال لي ضاحكاً: أعرفها وهي مقالة ممتازة وفكرتها جديدة، فما اهتم أحد من قبل حقاً بدراسة آراء الماوردي في كتابه غير المهشور، والمعروف بأدب الدنيا والدين، لكن صديقي أركون ترك الآن تقاليد الاستشراق، وانصرف لنقده ونقضه! وما لبث فان أس أن زوّدني بالفعل بعدد من المقالات الجديدة (التي كتبها أركون في نقد الاستشراق نقداً ابستمولوجياًَ، وليس تاريخياً كما فعل العروي، أو من حيث الخطاب في علاقته بالسلطة كما فعل فوكو وبعض اليساريين. لكنه ما لبث أن ترك مسألة الاستشراق الى حد بعيد بعد كتاب ادوارد سعيد (1978)، وانصرف لمصارعة الدوغمائيات في ديانات التوحيد، وبخاصة في الإسلام، وعلى الأخص: الإسلام السني!
إنما في ذلك الوقت كانت قد نضجت لديه رؤية «الإسلاميات التطبيقية التي أراد من خلالها ايضاح منهجه في الخروج على الفيلولوجية الاستشراقية. وبالإسلاميات التطبيقية التي تعتمد الرؤى والمناهج والمعارف الحديثة في علوم المجتمع والإنسان، ومسائل نقد النص، اقبل على قراءة بعض السور القرآنية قراءة تأويلية تبحث تارة عن اللامفكر فيه في النص، وطوراً عن العجيب الغريب والمدهش. وظل على هذا النحو طوال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، يجرّب كل الجديد على النصوص وعلى الرؤى، ويضع «البرامج» ويعيد المطلوبات ويكررها، ويصطدم بالمستشرقين أو بالحداثيين المتطرفين أو باليمين الأوروبي العنصري، لكن نقطة تركيزه تبقى: تحطيم الأرثوذكسيات والدوغمائيات في العقل الإسلامي القديم، لكي يستطيع المسلمون عيش الحداثة وتنفسها. أما في العقد الأخير من السنين، فإن آراءه هدأت بعض الشيء. إذ ما عاد ثائراً على الفكر الإسلامي القديم كله، وصار انتقائياً مثل يساريي الخلدونيين وليبراليي الرشديين.
وطريقة الاستاذ أركون منذ أواخر السبعينات، أن يعمد لترجمة كتبه الى العربية بعد ظهورها بالفرنسية بشهور قليلة. والاستاذ هاشم صالح هو مترجمه المعتمد. وقد بلغ أوجه شهرته لدى الشبان العرب في التسعينات وما بعد. وأسقط عن نفسه الحرم الذي فرضه عليه الإسلاميون. ومع أن كتبه في الأكثر مقالات مجموعة، لكنني لا أعرف بين المفكرين العرب من هو مثلُهُ نشاطاً وعملاً وبحثاً عن المعرفة الجديدة في كل آن، وسعياً للإقناع الهادئ بأطروحاته.
آخر مرة رأيته فيها في مطار الدار البيضاء شكى إلي مما كتبه ديفيد بورز في كتابه الأخير. فقلت له: لكنك ذكرت يا أستاذ رأياً له قبل عشر سنوات في «الكلالة» باعتباره رأياً ثورياً يغير نظام الأسرة في الاسلام! فما ابتسم كما كان يفعل عندما أمزج بين المزح والجد في حديثي معه، وقال: في مقالته التي تذكرها كان الأمر أمر الكلالة، وهو الآن أمر الإسلام كله والنبوة كلها!
ما رأيت مثل أركون في معرفته بالتراث الفكري والأدبي العربي - الإسلامي. ثم انه متضلع في علوم الإنسانيات المعاصرة. وكان يملك منذ السبعينات هماً حقيقياً للنهوض بالدراسات العربية الاسلامية بعيداً عن مناهج المستشرقين غير الملائمة. ثم تجدد لديه هدف آخر عمل عليه طوال ثلاثين عاماً وهو تحرير العقل الإسلامي من الموروث، وتكسير الأرثوذكسية، من طريق فكفكة النصوص والاقتحام من طريق اللامفكر فيه. والردود السلبية التي لقيها حولته الى مناضل لا يتوانى ولا يهادن ولا يراجع، ولا يمل من تكرار الفكرة بأساليب شتى، كما انه لا يرد مباشرة على ناقديه، وإنما يجيب على الإشكاليات في مقالات وكتب. وقد صدرت له بالعربية والفرنسية في الأعوام الخمسة الأخيرة خمسة كتب، وعشرات المقالات التي لو عاش لعاد فجمعها في كتب. رحم الله أركون، فقد خسرنا معرفته وبراءته وقامته الفكرية العالمية العالية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحافر عميقاً في بنية الفكر العربي
الخميس, 16 سبتمبر 2010
سعد البازعي
Related Nodes:
الطريق الى التحديث
الراية العالية في ليل الثقافة العربية
سيرة ومؤلفات
بحثاً عن سياق تاريخي واجتماعي
الممنوع والممتنع
الثورة على الاستشراق والمآزق
محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
خارج جدران اليقين
حين علمت بوفاة محمد أركون كنت بالصدفة المحضة أشاهد مقابلة تلفزيونية على قناة «الحرة» مع الكاتب الكويتي أحمد البغدادي. كنت أقول ها هو البغدادي أستاذ العلوم السياسية الكويتي الذي توفي قبل أسابيع قليلة، والذي التقيته العام الماضي ولأول مرة في ندوة حول التنوير أقيمت في الكويت وكان ضيفها أو متحدثها الرئيس هو المفكر الجزائري محمد أركون. كانت تلك الندوة لقائي الأول بأركون أيضاً.
رحم الله البغدادي ورحم أركون فهما ككل البشر بحاجة إلى رحمة الله. كان الاثنان من أهل الرأي والمدافعين عن حرية التعبير عنه، كما كانا رموزاً لما عرف في العالم العربي بالتنوير أو الاستنارة (بغض النظر عما يعنيه هذا المصطلح بالضبط) فجزاهما الله خيراً عن جهودهما.
لقد توفي أركون ولما يمضي وقت طويل على وفاة عدد من أعلام الفكر البارزين في الثقافة العربية الإسلامية. قبله رحل الجابري، وقبل ذلك عبدالوهاب المسيري ومحمود أمين العالم وغيرهم كثير. ترك أولئك أثراً بعيداً على الفكر العربي الحديث وحفروا عميقاً في بنية الثقافة العربية المعاصرة. وليس أحد منهم بحاجة إلى الاستدلال على أهميته، فهي واضحة وضوح الشمس. لكنهم بحاجة إلى الكثير من التحليل والتقويم لمزيد الاستفادة من عطائهم.
من بين الأسماء التي أشرت إليها يبدو لي أن من يقف مقابل أركون هو المسيري، فقد سار هذا الأخير من منطلق إسلامي باتجاه الحضارة الغربية ناقداً لها وداعياً إلى إعادة تقييم العلاقة بها، في حين انطلق أركون من منطلقات غربية باتجاه الحضارة الإسلامية، ناقداً للفكر والتيارات الدينية تحديداً. كلا المفكرين اتكأ على أدوات فكرية غربية في نهاية المطاف.
في ندوة التنوير في الكويت علقت على محاضرة أركون حول التنوير الغربي وعلاقته بالثقافة الإسلامية وذكرت له وللحضور أننا في العالم العربي أقل نقداً للتنوير من الغرب نفسه (كما في نقد مدرسة فرانكفورت مثلاً). لكنني كنت وما زلت أدرك أن أركون وإن لم ينقد التنوير كان يقدم للعالم العربي الإسلامي عطاءً بالغ الأهمية في نقد ثقافة ذلك العالم. لقد تعلمت منه مثلما تعلم الكثيرون كيف نعيد النظر في بعض مسلمات التاريخ الثقافي الإسلامي، وأفدت منه كما أفاد كثيرون في ضرورة تحويل ذلك النقد إلى مسار لدخول العالم المعاصر. نعم لم أجد نفسي متفقاً مع بعض أطروحاته الأساسية لكني كنت وما زلت أراه إحدى العلامات الكبيرة في مسيرة الفكر العربي الإسلامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفاة أركون لن توقف جدلية أفكاره
وفاة المفكر والأديب الجزائري محمد أركون
أميمة أحمد-الجزائر
أظهرت آراء المثقفين الجزائريين أن مشروع المفكر محمد أركون سيبقى مثار جدل بين النخبة، حتى بعد وفاته كما كان الحال في حياته.
ووفقا للسفير الجزائري السابق في فرنسا عبد الحميد مهري، فإن أركون الذي توفي أول أمس عن 82 عاما، يعد واحدا من المفكرين الذين جاؤوا بشيء يرفضه الكثير من العلماء والمثقفين، "لكن في العالم الإسلامي يوجد مكان لأمثال هؤلاء المفكرين الذين يريدون خدمة الإسلام والمسلمين وخدمة بلادهم بطريقة أخرى".
وقال مهري للجزيرة نت إن أركون تميز بحرصه على أصالته "بالطريقة التي يفهمها"، كما شهد له بالتعلق ببلده وقومه.
أما الكاتب عمر أزراج -الدارس لمشروع أركون- فأوضح أن هذا المشروع يقوم على نزع "الجانب الخرافي والأسطوري" من الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية، بما فيها النص (الوحي) والسنة النبوية والخلفاء الراشدون.
وحسب أزراج فإن ما يميز مشروع أركون هو استيعابه لقطبين فكريين، "القطب الثقافي الفكري والتاريخي الإسلامي، وقطب منجزات الفكر الغربي"، مما سمح بخلق حوار عميق بين منجزات الفكر الغربي ومفاهيمه وبين الفكر الإسلامي، بإدخال تلك المفاهيم غلى النصوص الإسلامية بكل مراحلها التاريخية.
وهو الأمر الذي اعتبره أزراج بمثابة الزواج بين منجزات الفكر الغربي وبين التراث الثقافي والديني العربي الإسلامي، ووصفه بمثابة واحدة من فضائل أركون، معربا عن أمله بأن يواصل تلامذة أركون والمفكرون في العالم العربي البحث فيه.
عمر أزراج (الجزيرة نت)
خلاف على الثوابت
بالمقابل فإن المثقف الإسلامي أبو جرة سلطاني اعتبر أن مشروع أركون جاء للنخبة وليس لعامة الناس، بينما المشروع الإسلامي جاء لكل فئات وشرائح المجتمع. ومن وجهة نظره فإن المشروع الأركوني يتناقض مع الشريعة الإسلامية في خمس نقاط ثابتة أجمعت عليها الأمة وهي "العقائد والأخلاق والحلال والحرام والعبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج".
وشدد سلطاني في حديثه للجزيرة نت على أن النقاش مع المشروع الأركوني ممكن خارج هذه الأمور الخمسة، قائلا "خارج هذه الأمور الخمسة يكون أركون محقا ونتناقش معه"، موضحا أن النقاش يكون حول نصوص تحتمل التأويل وليس حول نصوص قطعية الدلالة لا اجتهاد فيها.
كما انتقد بشدة أركون لمناقشته القرآن عقليا لأن هناك غيبيات في كل الأديان (المسيحية واليهودية والإسلام)، كالملائكة والجنة والنار والحساب والصراط وغيرها "فتلك مسائل يُسلم بها المؤمن".
بدوره وقف عمار طالبي نائب رئيس جمعية علماء المسلمين الجزائريين موقفا مشابها، إذ قال للجزيرة نت "لا نتفق مع أركون.. لقد كتب مقالا بعنوان: هل القرآن أصيل؟ يعني غير محرف، ولهذا لا نتفق معه أبدا في منهجه الاستشراقي المحض، وهو مقلد لا إبداع له".
واعتبر طالبي أن "أركون يعتبر نفسه عقلانيا، وأن المسلمين كلهم لا يفهمون وأنهم متزمتون محرفون.. هو وحده الذي يفهم الإسلام مع أنه لم يدرس القرآن ولا الحديث وإنما يتطفل عليهما".
يذكر أن من أبرز مؤلفات المفكر محمد أركون "أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟"، و"الفكر الأصولي واستحالة التأصيل"، "نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي"، "من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرد على: رحيل المفكر الجزائري الكبير محمد أركون
فولتير العرب بأسئلته القلقة وبحثه عن الأنسنة
السبت, 18 سبتمبر 2010
091803b.jpg
الجزائر - بشير مفتي
Related Nodes:
091803b.jpg
فقدت الجزائر خلال فترة قصيرة علمين بارزين هما الروائي الطاهر وطار وأخيراً المفكر الإسلامي الكبير محمد أركون. وإذا كان الطاهر وطار يشكل الابن المدلل لهذه الثقافة فان ما يمكن أن يطلق على محمد أركون من تسمية هو أنه الابن المنشق والمتمرد عليها، ليس على الثقافة الجزائرية، وليس على المجتمع الجزائري، ولكن على النظام الذي حكم البلاد بعد الاستقلال عام 1962 والذي لم يعبر عن تطلعات الجزائر الجديدة بعد قرن ونصف من الاستعمار الفرنسي اختار أركون منذ أن بدأ يسلك طريقه المعرفي أن يكون مستقلاً في سلوكه ومعرفته، وأن تبقى علاقاته بالمحيط الذي ينتمي إليه علاقة حنين متأصل ما يفتأ في كل مرة من تذكره والتحدث عنه. وبخاصة لتلك القرية الصغيرة التي ولد فيها «تاوريرت ميمون» بمنطقة القبائل الكبرى بالجزائر عام 1928، والتي عرفت أيضاً مسقط رأس واحد من أهم روائيي الحقبة الكولونيالية المبدع مولود معمري صاحب رواية «الأفيون والعصا» و «سُبات العادل». وهي منطقة كما يقول أركون تسود فيها الثقافة الشفوية وتتميز بلغة غير مدونة، وبالتالي سيواجه أركون وهو في التاسعة من عمره عندما يرحل والده لمنطقة بغرب الجزائر (عين الأربعاء) نفسه مضطراً لتعلم لغتين جديدتين عليه هما العربية والفرنسية، حتى يفرض نفسه ضمن تفاوت طبقي واضح بين ثقافة المستعمر والثقافة العربية التقليدية، وأصوله البربرية، وهو التحدي الذي سيمنحه تفوقاً واضحاً في مساره العلمي بعدها. بعد دراسته الثانوية بوهران وانتقاله لكلية الفلسفة بجامعة الجزائر إلى أن يتم دراسته العليا بالسوربون باريس/فرنسا.
لقد اهتم محمد أركون بالفكر النقدي وبمسائل على قدر كبير من الأهمية في مجال الإسلاميات ولعل الزمن قد أعطى له الحق بعدها، عندما عرفت المنطقة العربية والإسلامية ظهور الحركات الدينية بمختلف أشكالها وأنواعها، وتمت العودة إلى رؤيته تلك كبديل عن التزمت والانغلاق، لقد حذر مسبقاً من تداعيات الانحراف الديني من دون أن يدخل في المواجهات المتعصبة أو الصراعات المتزمتة، وظل ينأى بكتاباته على أن تكون مجرد ردود فعل إيديولوجية سريعة الزوال، وكان يعتبر المعرفة هي الحل، وهي الطريق الأسلم لكي لا تتكرر الأخطاء مرة بعد أخرى.
سوء الفهم هي المشكلة التي واجهت أركون سواء مع أبناء بيئته أو من طرف المستشرقين الغربيين. ولقد وجد نفسه دائماً في صراع مزدوج مع تلك الأطراف التي لم تخرج من غطاء الايدولوجيا لسماحة المعرفة وأرضها الرحبة.
رحيل أركون هو خسارة كبيرة للعقل العربي والإسلامي، في مرحلة تزداد فيها الحاجة للعقل واجتهاداته.
هنا آراء وشهادات من مفكرين وكتاب جزائريين عن أركون.
أمين الزاوي: التجريد والتنظير
> كان لي شرف استضافة محمد أركون في واحدة من حلقات برنامج «أقواس» الذي كنت أعده وأقدمه للتلفزة الجزائرية، وقد اكتشفت في محمد أركون المفكر الذي ينزل من حيث السلالة الفكرية من ثلاث محطات فكرية أساسية: أولها المعتزلة وثانيها ابن رشد وثالثها أبي حيان التوحيدي الذي كان يعده أخاً روحياً له.
من عقلانية ابن رشد والمعتزلة في قراءة المتن الديني وعلاقته بالسياسة والمؤسسة والنص والممارسة إلى القلق المعرفي الذي حمله أبو حيان التوحيدي تأسست أسئلة محمد أركون.
كان محمد أركون حدثاً فكرياً في كل مشاركاته في دورات ملتقى الفكر الإسلامي الذي كان ينظمه المرحوم مولود قاسم بالجزائر، كانت نقاشاته مع الشيخ الغزالي إشارة فارقة للاختلاف بين فكرين يعيشان داخل مجتمع واحد ويدرسان متناً واحداً. لقد كفر الشيخ الغزالي محمد أركون وهو ما يؤكد قصور الفكر الديني لدى بعض المفكرين الذين يعتمدون أحكام «الزندقة والتكفير» على فكر يخالفهم وتلك مدعاة للفتنة. وهي مفاهيم ضد الإسلام السمح والمتسامح.
كان في كل حياته العلمية والفكرية فيلسوفاً ومفكراً وعالم اجتماع شجاعاً، فالشجاعة الفكرية والسجالية المؤسسة على القراءة والمراجعة هي التي طبعت فكر محمد أركون. لم يتردد أبداً أمام مشكلة معرفية إلا وطرحها من دون خوف ومن دون اعتبار للمؤسسات أو السلطة مدنية أو سياسية أو دينية، كان يعتقد بسلطة العلم والعالم، وهو ما حقق منه كثيراً.
محمد أركون هو مفكر اللامفكر فيه. كان دائماً يشدد على دراسة الفلسفة لأنها هي الوحيدة التي تترك وتحافظ على الفكر في حيويته ونشاطه وحيرته وأسئلته ومساءلاته.
عاش محمد أركون شاباً في فكره. لم يستسلم للأفكار الغيبية كما فعل كثير من الفلاسفة العرب حين أدركهم المال أو السلطة أو العمر من أمثال محمد عمارة وغيره.
كان محمد أركون المفكر الذي جمع أطراف التجريد والتنظير بالممارسة والسلوك. ظل بعيداً عن كل مبايعة أو تجيير أو بيع أو شراء. احتفظ باستقلاليته التي أعطته القوة والشجاعة والتفرد.
لقد طرح محمد أركون علينا ومن خلال دراساته ومساءلاته للفكر الديني عامة والإسلام في شكل خاص مشكلة علاقة العالم الإسلامي عامة والعربي خاصة بالغرب المسيحي والغرب اللائيكي. كما أنه كان يقول دائماً بأن الغرب لم يعرف ولم يحسن قراءة الإسلام والعالم العربي، وهذا وجه من وجوه الأزمة القائمة في ما يسمى بـ «العيش المشترك».
الحبيب الس
جهينة الزبيدي- عضو فعال
- عدد الرسائل : 117
العمر : 74
تاريخ التسجيل : 26/08/2010
مواضيع مماثلة
» انقسامات الفلسطينية ودور المفكر متوعده داميان حتى تكثر عدد الفصائل
» أركون: ناقد التراث الديني.. أغفل تقديم منهج «إصلاحي»
» كلمات في ذكرى رحيل"جيفارا"!
» السر الكبير : استيقظ مبكرآ
» ذكرى رحيل الزعيم العراقي صدام حسين في الشارع الموريتاني (ربورتاج مصور
» أركون: ناقد التراث الديني.. أغفل تقديم منهج «إصلاحي»
» كلمات في ذكرى رحيل"جيفارا"!
» السر الكبير : استيقظ مبكرآ
» ذكرى رحيل الزعيم العراقي صدام حسين في الشارع الموريتاني (ربورتاج مصور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى