المعركة وآفاق المستقبل

المعركة وآفاق المستقبل
من كتابات القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق
عداد"الرفيق بشيرالغزاوي
إنكم تشاركون (1) في معركة سوف تذكرها الأجيال، سوف تخلد في تاريخ العرب، ليس فقط لأنها حمت الجناح الشرقي للوطن العربي وردت عنه كيد موجة عنصرية توسعية، وليس فقط لأنها حمت قطرا عربيا عظيما بالطاقات البشرية والحضارية وهو العراق، وهذا شيء عظيم بحد ذاته، ولكن أهمية هذه المعركة هي أيضا وعلى الأخص أنها تجسد على ارض الواقع وبأقوى صورة ما تحتاجه الأمة العربية في هذا الوقت في مواجهة أعدائها الكثر وفي مواجهة التحديات الصعبة.

هذه المعركة تعطينا صورة للصفات والسمات التي يطلب ان يتصف بها الجيل الجديد والأجيال العربية الصاعدة لكي تتغلب على الأعداء وعلى التحديات ولكي تشق طريقها نحو الحرية والاستقلال والوحدة والنهضة، وأي صفة تحتاجها الأمة في هذا الوقت اشد من احتياجها إلى روح القتال، فقد مثلت معركة العراق وعلى مدى ما يقرب من الثلاث سنوات ومنذ بدايتها حتى الآن، هذه الروح التي هي أساسية في كل وقت ولكنها مطلوبة الآن أكثر من أي وقت، ولقد كان تجاوب الجماهير العربية وضمير الأمة العربية مع انتصارات العراق العظيمة تعبيرا عن حاجتها إلى مثل هذه الروح، فلا يمكن أن نواجه كل هذه المجموعة الشريرة من الأعداء المتآمرين على وحدة هذه الأمة ونهضتها، لا يمكن أن نواجه هذا العداء الذي قلما عرف التاريخ مثله إذا لم نتسلح أول ما نتسلح بهذه الروح، روح القتال، ولكن أيها الشباب يا أمل الأمة العربية وبناة المستقل العربي، هل هذا كل ما تجدونه في معركة العراق؟

تجدون معظم الصفات والسمات التي تعطيها مرحلة النهضة والانبعاث، تجدون إلى جانب روح القتال والشجاعة والإقدام والثقة بالنفس، تجدون المستوى الرائع من الوعي، تجدون الشخصية العربية المتكاملة التي تنمّى فيها كل الجوانب والمواهب التي تؤهل الإنسان للعطاء والإبداع ومواجهة ظروف البناء كما يواجه ظروف الحرب والقتال، فهي فعلا معركة تتزودون فيها بدروس غنية بدخول معترك النضال في أقطاركم التي تنتظركم لكي تعرفوا أيها الإخوة والأبناء أن التحدي الذي يواجه امتنا في هذا العصر ليس مثل أي تحد او صعوبة او معركة واجهتنا في الماضي وفي السابق، إنه تحد في منتهى الصعوبة والتعقيد لذلك فهو يتطلب تنمية الشخصية العربية بكل جوانبها وإطلاق جميع مواهبها وتفجير كل طاقاتها، مطلوب أن يحشد الشعب بكامله وان تعبأ ملكات الإنسان العربي بكاملها وعندئذ نمشي إلى مواجهة قدرنا والى مواجهة التحديات بثقة راسخة بالنصر وبشعور عميق وقوي بأن عهدا جديد قد ابتدأ وقد كان لكم شرف الإسهام في هذه البداية.

إن عهدا جديدا للأمة العربية قد ابتدأ لخروجها من جو الانكسارات والخيانة والتخاذل، من حالة التردي والعجز إلى حالة النهوض والإقدام والخلق والإبداع لكي تعود إلى حقيقتها الأصيلة.. الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة...
16 حزيران 1983
(1) حديث مع قاطع الطلاب العرب في إحدى معسكرات تدريب المقاتلين في بغداد 16-6-1983