البحرين في خطاب أوباما.. جهل هذا ام تواطؤ؟!

من طرف **admin** السبت مايو 21, 2011 1:24 am

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

البحرين في خطاب أوباما.. جهل هذا ام تواطؤ؟!

بقلم : السيد زهره

في المقال القادم، سوف اتوقف عند الخطاب المطول الذي القاه الرئيس الامريكي اوباما، وتناول فيه خصوصا موقف ادارته من التحولات التي تشهدها الدول العربية في الوقت الحاضر.

لكن قبل هذا، ارى من المهم ان اتوقف اليوم عند ما جاء في خطاب اوباما حول البحرين والوضع هنا.

لا بد ان نتوقف عند ما قاله اوباما عن البحرين، لأن ما قاله مليء بالتناقضات، ويقوم على معلومات غير صحيحة، ويطرح مطالب غير مقبولة. وما قاله اجمالا يثير الشبهات حول حقيقة الموقف الامريكي مما يجري في البحرين، وحقيقة نوايا الادارة الامريكية.

***

وبشكل اكثر تحديدا، اود التوقف عند الجوانب التالية التي اثارها اوباما :

اولا : اقر اوباما بداية في خطابه بأن ايران سعت لاستغلال الاضطرابات التي شهدتها البحرين.

وماذا يعني هذا؟

يعني ان اوباما يعلم ان البحرين تعرضت لمخطط ايراني، او بالاحرى مؤامرة ايرانية، هدفها بات واضحا للجميع، وهو اسقاط النظام والدولة. ويعلم ان ايران فعلت هذا في اطار استراتيجية لتحقيق اطماعها الاقليمية، ولاسباب وغايات طائفية بحتة، لا علاقة لها يمطالب الشعب ولا بالديمقراطية التي كرس اوباما خطابه من اجلها.

بالعكس، يعلم اوباما بالضرورة ان الهدف الجوهرى لهذا المخطط كان الاطاحة بالمشروع الاصلاحي الديمقراطي في البحرين، واقامة نظام مذهبي طائفي استبدادي موال لإيران.

اذن، لو كان اوباما يريد الانصاف، لكان قد ادرك بالضرورة ان هذا الاعتبار وحده، أي اعتبار ان البحرين كانت ضحية لمؤامرة ايرانية، وافشلتها، لا يبرر أي نقد يوجهه للبحرين، ولا لأي من الاجراءات التي اتخذتها لافشال المؤامرة.

كان على اوباما ان يدرك ان احباط المخطط الايراني في البحرين هو في جوهره حماية للديمقراطية وللإصلاح.

***

ثانيا : قال اوباما ان الاعتقالات الجماعية واستخدام القوة " يتناقض مع حقوق المواطنين البحرينيين".

المسألة لا يمكن ان تطرح على هذا النحو بالنسبة لبلد تعرض لمؤامرة لاسقاط النظام والدولة.

المسألة هي : هل الذين تم اعتقالهم في البحرين هناك ما يدينهم ام لا؟.. هل ارتكبوا جرائم او جنايات تسوغ اعتقالهم ام لا؟

والمسألة، ان كان اوباما يريد ان يهتم بها، هي : هل تتوافر للمعتقلين الحقوق القانونية التي يجب تتوفر لهم في التحقيقات وفي المحاكمة ام لا.

لكن، هل من ضمن " حقوق المواطنين البحرينيين" بمنطق اوباما، ان يرتكب أي مواطن جريمة بحق الوطن، بل وان يتآمر عليه، ويبقى حرا طليقا بلا عقاب؟

واليس امن الوطن واستقراره من حقوق المواطنين ايضا؟.

امريكا نفسها التي يقودها اوباما لا تتردد في اعتقال المئات، ولا تتردد في مصادرة حقوق مئات الالاف، بالتصنت عليهم ومراقبتهم مثلا، لا لشيء، سوى انهم يمثلون بالنسبة للسلطات الامريكية خطرا محتملا على امن الدولة. أي انه ليس هناك ما يدينهم اصلا ولم يرتكبوا أي جريمة. فقط السلطات تقدر انهم ربما يمثلون خطرا.

لكن الذي شهدته البحرين لم يكن خطرا متخيلا او محتملا، وانما مؤامرة تابعنا جميعا فصولها ومراحلها امام اعيننا. فعلى أي شيء يلوم اوباما البحرين اذن؟

***

ثالثا : قال اوباما في خطابه ان " السبيل الوحيد للمضي قدما يتمثل في مشاركة الحكومة والمعارضة في حوار " وان " الحكومة يجب ان تهييء الظروف للحوار".

بداية، لا شك ان اوباما يعلم ان البحرين، ومنذ انطلق المشروع الاصلاحي لجلالة الملك، لم يكن لديها في يوم من الايام أي مشكلة مع الحوار مع المعارضة. ليس هذا فحسب، بل ان المعارضة كانت شركيا في صنع السياسات العامة، سواء عبر البرلمان، او عبر انشطة جمعياتها السياسية.

المشكلة فيما قاله اوباما، ان من يسمعه، دون ان يكون على علم بحقيقة الاوضاع في البحرين وما جرى فيها، يتصور ان الحكومة، اتخذت موقفا متعنتا، وانها هي التي رفضت أي حوار مع المعارضة، واصرت على استخدام القوة وحسب.

الا يعلم اوباما، من هم الذين رفضوا الحوار الوطني في البحرين في ذروة الازمة، ولماذا فعلوا هذا؟

الا يعلم ان " المعارضة" هي التي رفضت الحوار بشكل قاطع، وانها فعلت ذلك، لأنها كانت تراهن على نجاح مخططها الايراني باسقاط النظام والدولة؟

الا يعلم اوباما ان اجهزة مخابراته بالذات هي التي اعلنت وقت الازمة ان معلوماتها تؤكد ان ايران هي التي وقفت وراء رفض المعارضة للحوار؟

هذا امر.

الامر الآخر، حين يتحدث اوباما عن مسئولية الحكومة في تهيئة الظروف للحوار، ماذا يعني؟

اذا لم تضمن الحكومة بداية استقرار الاوضاع وضمان الامن في البلاد، فكيف يمكن ان يكون هناك حوار دون امن ودون استقرار؟

***

رابعا : وقال اوباما في خطابه انه " لا يمكن اجراء حوار حقيقي عندما يكون فصيل من المعارضة السلمية في السجن".

من قال لأوباما ان المعارضة في الازمة التي شهدتها البحرين هي معارضة سلمية؟

الا يعرف ما فعلته هذه ال " سلمية" بالبحرين واهلها؟

الايعلم عن عمليات الترويع والترهيب واغلاق الطرقات، وقتل الابرياء من الاسيويين ورجال الشرطة؟.. الا يعلم ياحتلال مستشفى السلمانية وما جرى فيه؟

وماذا يعني قوله انه لا يمكن ان يكون هناك حوار وهذه " المعارضة السلمية في السجن"؟..

هل يريد اوباما لحكومة البحرين ان تتحاور مع من تآمروا على الدولة والنظام، وارتكبوا الجرائم لحساب ايران ومخططها؟

***

كما نرى، الذي قاله اوباما عن البحرين على هذا النحو، بالملاحظات التي ابديناها عليه، كلام غير مسئول وغير مقبول بالطبع، وهو خطير ايضا.

الذي قاله اوباما يعني في جوهره ان على حكومة البحرين ان تغض النظر عن المؤامرة التي تعرضت لها، وان عليها ان تغض النظر عن امنها واستقرارها وما يقتضيه ذلك.

الذي قاله يعني في جوهره ان على حكومة البحرين ان تنسى امر كل من اجرم وكل من تآمر، والا تفكر في عقابهم. ليس هذا فحسب، بل عليها ان تدللهم، وان تسارع بالحوار معهم.

الذي قاله اوباما يعني في جوهره انه عمليا يشجع من يسميهم هو ب" المعارضة" على ان يواصلوا تمردهم الطائفي على الدولة والنظام والمجتمع، ويعطيهم الانطباع بأن امريكا تؤيدهم وتقف معهم.

المرء يحار حقا. هذا الذي قاله اوباما والموقف الذي عبر عنه، هل هو بسبب الجهل بحقيقة الوضع في البحرين وما جرى فيها، ام هو تواطؤ.

ونقول بلا تردد.. هذا ليس جهلا. هو تواطؤ.. تواطؤ مع جماعات ومشاريع طائفية تستهدف البحرين. تواطؤ مع مشاريع لا تريد للبحرين ان تستقر ابدا.

اما لماذا يفعل هذا.. لأي اهداف او غايات. هذا موضوع يطول الحديث فيه سنعود اليه مطولا لاحقا.

لكن الامر الذي لا بد من تأكيده هنا هو.. الذي قاله اوباما يعنيه هو، ولا يعني البحرين في شيء.

ليس هناك أي بلد في العالم يبني سياساته ويحدد ما يجب ان يفعله حماية للوطن والمواطنين بناء على مواقف اجنبية سياسية او اعلامية، سواء كانت مواقف دول او منظمات ايا كانت.

امريكا لا يعنيها في نهاية المطاف الا مصالحها الخاصة، ولها حساباتها الخاصة التي على اساسها تبنى مواقفها ازاء الاوضاع في البحرين وفي المنطقة عموما.

وحكومة البحرين حين تقرر أي اجراءات تتخذ لحفظ امنها واستقرارها، وحين تقرر أي سياسات داخلية تتبع في مجال من المجالات، فانها لا تفعل ذلك بناء على حسابات امريكا او أي قوة اجنبية.

حكومة البحرين تبني قراراتها وسياساتها بناء على ما تقتضيه المصلحة الوطنية البحرينية العامة، وبناء على ما يرتضيه الضمير الوطني العام، وبناء على مقتضيات حماية الوطن والمجتمع وتحصينه الآن ومستقبلا ضد مخططات الفتنة، والمؤامرات الاجنبية.