قراءة في نتائج الانتخابات الإسرائيلية
صفحة 1 من اصل 1
قراءة في نتائج الانتخابات الإسرائيلية
قراءة في نتائج الانتخابات الإسرائيلية
أسفرت الانتخابات البرلمانية المبكرة لانتخاب الكنيست الثامن عشر, عن استمرار
حزب كاديما في المقدمة, يليه تكتل الليكود اليميني في المرتبة
الثانية, ولكن النتيجة الإجمالية هي فوز معسكر اليمين الإسرائيلي
بأغلبية المقاعد التي تعني أن هذا المعسكر بإمكانه تشكيل الحكومة
منفردا, عكس معسكري اليسار والوسط اللذين ليس بمقدورهما تشكيل الحكومة
دون الاستعانة بقوائم تنتمي لمعسكر اليمين. ونذكر هنا أن هذه الانتخابات
كان مقررا لها نهاية العام القادم, وجري تقديم موعدها بسبب قضايا الفساد
التي تورط فيها رئيس الوزراء المستقيل أولمرت, وعجز خليفته في حزب
كاديما, وزيرة الخارجية تسيبي ليفني عن تشكيل حكومة جديدة, عجز ليفني
جاء رغم أن حزبها كان لديه29 مقعدا, وحزب العمل19 مقعدا, فقد فشلت
في تشكيل الحكومة علي مدار الأسابيع الستة التي يمنحها إياها القانون
لتشكيل الحكومة, ويعود ذلك إلي رفضها الرضوخ لمطالب حزب شاس ـ يمين ديني
ـ وهي في جوهرها مطالب ومزايا مالية ومادية لطلبة المدارس الدينية المعبر
عنهم باسم الأولاد, اضافة الي تقييد موقف الحكومة من التفاوض علي مدينة
القدس المحتلة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة,
في26 أكتوبر2008 أوقفت ليفني مفاوضاتها مع شاس وأبلغت الرئيس الإسرائيلي
بيريز بقرارها وتم الاتفاق علي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
يثير قرار ليفني الذهاب الي انتخابات مبكرة تساؤلات كثيرة أبرزها ماذا كانت
تتوقع من هذه الانتخابات, فحزبها في المرتبة الأولي يليه حليفها الأبرز
حزب العمل, وحزب الليكود في المرتبة الرابعة متساويا مع حزب شاس
الديني. أيضا ما هو الجديد الذي يمكن أن تقدمه ليفني للرأي العام
الإسرائيلي حتي يصوت لها بكثافة, لقد رفعت شعارات نزاهة اليد
والتغيير, ولكن الرأي العام يهمه التشدد مع العرب وتوفير الأمن للدولة
والمواطن, وهو أمر يوفره اليمين باستمرار أو يجيد التحدث بشأنه.
عموما وسط الاستعدادات للانتخابات المبكرة, ومع اقتراب موعد انتهاء التهدئة
صباح الجمعة التاسع عشر من ديسمبر2008, بدأت حركة حماس تؤكد عدم تجديد
التهدئة مع إسرائيل, وأن الفصائل الفلسطينية المختلفة في قطاع غزة قررت
عدم التجديد, وأن أي حديث عن التجديد لابد أن يتضمن رفع الحصار المفروض
علي القطاع وفتح المعابر وفي مقدمتها معبر رفح بشكل دائم, وعندما تحركت
مصر لتجديد تفاهمات التهدئة رفضت حركة حماس ذلك مؤكدة ضرورة ضمان تنفيذ
رفع الحصار وفتح المعابر, من جانبها ركزت الحكومة الإسرائيلية علي أنها
مستعدة تماما لتجديد التهدئة, وان عدم التجديد يعني عودة أعمال العنف
مجددا وهو أمر لا تسعي إليه الحكومة الاسرائيلية, ومع انتهاء التهدئة
بدأت حركة حماس في اطلاق مجموعة من الصواريخ علي مدن الجنوب الإسرائيلي,
وهي عملية كانت تستهدف بالأساس الضغط علي الحكومة الإسرائيلية لتجديد
التهدئة مع تنفيذ عملية رفع الحصار وفتح المعابر,
ولم يكن الهدف من إطلاق الصواريخ العودة إلي المواجهة المسلحة من جديد في
المقابل استغلت الحكومة الإسرائيلية الموقف ووجدت في كل ما يجري فرصة
سانحة لشن عدوان شامل علي القطاع, فمن ناحية أولي هناك رغبة من القيادة
السياسية الإسرائيلية في تأكيد أنها لا تفرط, في أمن إسرائيل, وأن
قادة حزب العمل وأيضا كاديما يمكنهم الدفاع عن أمن إسرائيل ومواطنيها,
وكانت زعيمة حزب كاديما, تسيبي ليفني ترغب في تأكيدتشددها علي نحو لا
يقل عن تشدد القيادات من خلفية عسكرية مثل باراك أو أهل اليمين مثل
نتانياهو أيضا كانت القيادة الجديدة للجيش الإسرائيلي ممثلة في رئيس
الأركان جابي أشكينازي تتطلع إلي عمل عسكري انتقامي يرد للعسكرية
الإسرائيلية ما أفقدته من هيبة في عيون الرأي العام الإسرائيلي بعد الحرب
مع حزب الله في صيف2006 لهذا كله اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارها بشن
عدوان شامل علي القطاع, بدأ صباح السبت28 ديسمبر2008.
أوقفت إسرائيل عدوانها في السابع عشر من يناير2009, قبل احتفالات تنصيب الرئيس
الأمريكي الجديد باراك أوباما, وإسرائيليا لم يحقق العدوان أهدافه من
الناحية الأمنية, فصحيح أن إسرائيل لا تستهدف القضاء علي حركة حماس,
لأن في وجودها مصلحة إسرائيلية تتمثل في استمرار الانقسام الفلسطيني,
ولكن الصحيح أيضا أن الصواريخ استمرت في السقوط علي الجنوب الإسرائيلي,
وهو ما عكسته استطلاعات الرأي العام التي أجريت في الفترة من وقف العدوان
حتي وقف هذه الاستطلاعات قبيل الانتخابات بثلاثة أيام, فقد تقدم حزب
الليكود في كافة الاستطلاعات, ثم جاء كاديما يليه حزب إسرائيل بيتنا
العنصري المتطرف الذي يقوده أفيجدور ليبرمان مع تراجع لأحزاب اليسار سواء
يسار الوسط اي حزب العمل, او اقصي اليسار حزب ميرتس.
جاءت نتائج الانتخابات متوافقة إلي حد بعيد مع نتائج استطلاعات الرأي, فقد
سيطر معسكر اليمين علي اغلبية مقاعد البرلمان, وتراجع اليسار تراجعا غير
مسبوق, فحزب العمل فقد ستة مقاعد(19 إلي13) واحتل المرتبة الرابعة
لأول مرة في تاريخه, وحزب ميرتس فقد مقعدين( من5 إلي3), أما معسكر
اليمين فقد قفز الليكود15 مقعدا( من12 إلي27), وزادت مقاعد
إسرائيل بيتنا الأكثر عنصرية وتطرفا من12 إلي15, أما تقدم كاديما علي
الليكود بمقعد واحد عكس ما كانت تقول استطلاعات الرأي فمرده توجه شريحة من
الأصوات العائمة غير المنتمية حزبيا إلي كاديما تأثرا بشخصية ليفني وما تم
التركيز عليه من نزاهة اليد والرغبة في التغيير, لكن هذا التقدم لن يفيد
كاديما كثيرا نظرا لعدم حصول أحزاب المعسكر علي أغلبية تكفي لتشكيل
الحكومة حتي مع الاستعانة بحزب شاس الديني.
ووفق هذه النتائج فإن المجتمع الإسرائيلي قطع خطوات أخري نحو اليمين, ووفقها
أيضا لن يتمكن كاديما من تشكيل الحكومة إلا إذا استعان بحزب إسرائيل
بيتنا, وهو أمر لا يتوقع تحققه, وعندما ينتقل التكليف إلي زعيم
الليكود نتانياهو, فسوف يجد معسكره حائزا لما يكفي من مقاعد من اجل
تشكيل الحكومة الجديدة, ولكنه سيشكل حكومة تضم أحزاب اليمين المتشدد
والعنصري, وهي تركيبة لا يتحملها المجتمع الإسرائيلي حاليا, إذ إنها
تركيبة سوف تندفع إلي التحرش بالمحيط الإقليمي, وتنشر التطرف والتشدد
وتثير جوا من الكراهية والتعصب, وتغذي التيارات المتشددة في المنطقة,
وتضعف من قوي الاعتدال, الأمر الذي سيضعها في مواجهة مع الإدارة
الأمريكية الجديدة, والمؤكد أن نتانياهو علي وعي تام بهذه التداعيات,
وهو شخصية برجماتية مراوغة, يرغب في الاستمرار في السلطة ويدرك أن حكومة
يمينية ضيقة متشددة ستكون قصيرة الأجل, والعودة إلي انتخابات مبكرة
جديدة سيعني تدخلا مباشرا من الإدارة الأمريكية ضد معسكر اليمين علي غرار
ما فعل بوش الأب مع انتخابات1992, وكلينتون مع نتانياهو شخصيا حينما
نافس باراك علي رئاسة الحكومة عام1999,
وفاز بها الأخير.. لكل ذلك يرجح أن تجد الأطراف الرئيسية وتحديدا كاديما
والليكود ومعهما العمل راحة في تكرار تجربة حكومة الوحدة أو الرأسين التي
تشكلت عام1984, عندما جري تشكيل حكومة من العمل والليكود تبادلا فيها
رئاسة الحكومة لمدة عامين لكل منهما, ولكنها كانت حكومة شلل وطني أو
تسيير أعمال عادية دون الاقتراب من القضايا الكبري, وهو أمر يمكن أن
يغير منه تحقق التوافق الوطني الفلسطيني وبروز أجندة فلسطينية واحدة
مدعومة عربيا تتلقفها الإدارة الأمريكية, وتكرر تجربة كامب ديفيد التي
تمت مع زعيم تكتل الليكود مناحم بيجن عام1978.
مواضيع مماثلة
» زيارة كارتر نتائج غير ملموسة
» وحسب التقرير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية
» الحفريات الإسرائيلية تسقط شجرة معمرة في الأقصى
» استطلاع فافو : في حال جرت الانتخابات 28 % سيصوتون لفتح و 21% لحماس
» صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين في القدس المحتلة
» وحسب التقرير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية
» الحفريات الإسرائيلية تسقط شجرة معمرة في الأقصى
» استطلاع فافو : في حال جرت الانتخابات 28 % سيصوتون لفتح و 21% لحماس
» صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين في القدس المحتلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى