جبهة التحرير العربية بقلم الكاتب محسن الخزندار

ولدّت حالة التنافس بين جناحي
البعث في سوريا والعراق الدوافع الإضافية لتأسيس التنظيم الفدائي الفلسطيني المنضوي
تحت الجناح الآخر من حزب البعث العربي الاشتراكي الجناح الذي كان يعرف باسم (تيار
القيادة القومية)، فتم تأسيس جبهة التحرير العربية كجناح فدائي للتنظيم
الفلسطيني لحزب البعث في العراق في (30/كانون أول عام 1968) أثناء انعقاد المؤتمر
القومي التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي عقد في بيروت في شباط
عام 1968، بهدف إنشاء جبهة فدائية فلسطينية تترجم وتعكس رؤية حزب البعث
لتحرير فلسطين، تضم كل المقاتلين الفلسطينيين والمناضلين العرب، تتبنى
الكفاح المسلح أسلوبا في الكفاح والنضال وحرب الشعب طويلة الأمد .
صدر البيان السياسي الأول
للجبهة بتاريخ (31/12/1968) خلال مؤتمر صحفي عقد في العاصمة الأردنية/عمان معلنة عن نفسها
كتنظيم فلسطيني قومي مسلح مؤمناً بفكر حزب البعث العربي الاشتراكي حيث تم تقديم برنامجها
السياسي الداعي لاستثمار إمكانيات وطاقات الأمة العربية، معلنة تبنيها
الكفاح المسح من أجل تحرير فلسطين.
تم تأسيس جبهة التحرير العربية
كتنظيم فدائي عربي المنطق والتكوين انبثق بمبادرة من حزب البعث الاشتراكي سعيا لإنشاء
منظمة فدائية تمارس الكفاح الفلسطيني المسلح عن طريق حزب البعث في العراق بقيادة
شاكر يوسف وهو فلسطيني من سكان العراق وقد كان لتأسيسها صدى كبير في
لبنان والأردن والعراق بين 1969م و1970م.
كان نشاط جبهة التحرير العربية
ممنوعاً في سوريا وتعتبر جبهة التحرير العربية رد العراق من الأساس على تأسيس الصاعقة
من قبل سوريا و وتَبنت جبهة التحرير العربية خطها الإيديولوجي في أول بيان
سياسي صدر عنها حين قالت بأن الخطر الذي تواجهه الثورة الفلسطينية هو محاولة
حصرها في نطاقها القطري وقطع شريان الحياة الذي يصلها بمنابع القوة
والقدرة والكفاءة لدى جماهير الثورة العربية في العالم العربي لها مجلة نصف
شهريه باسم الثائر العربي 1972 ترأس مؤتمرها الأول الدكتور عبد الوهاب
الكيالى و أنتخب أمينا عاما لها.
طرحت جبهة التحرير العربية أن
تكون معركة تحرير فلسطين معركة كل العرب ليكون ثقل التفوق العددي عند العرب في وجه
التفوق التكنولوجي الاستعماري الصهيوني.
ندد البيان السياسي الأول
للجبهة بالقوى المعادية التي تضخم مرحلياً قدرة الشخصية العربية على القتال والصمود والتحرير
الكامل لتصل في النهاية إلى غايتها في دعوة الفلسطينيين إلى التخلي عن القتال بحجة
عدم قدرتهم وحدهم على ذلك وترى جبهة التحرير العربية أن الحرب الشعبية
المسلحة هي الطريق الوحيد لتحرير الأرض و إن الاشتراكية هي الإيديولوجية
الوحيدة القادرة على إيقاظ الطبقات الشعبية وتجنيدها وتنظيمها.
كانت جبهة التحرير العربية منذ
نشأتها المنظمة الوحيدة التي تضم أكثرية من البلدان العربية خصوصاً العراق ولبنان
والأردن وأقلية من الفلسطينيين الشيء الذي جعل مركز جبهة التحرير العربية ضعيفاً في
مخيمات اللاجئين ورفضت جبهة التحرير العربية في البداية بسبب فهمها الخاص
للنضال من أجل فلسطين أن تشارك في المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة
التحرير الفلسطينية لأنها رأت فيه إطاراً لمنظمة قطرية بينما تركيب الجبهة
قومي.
شاركت بوفد مراقب للاطلاع على
تطور العمل الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ولرغبتها في الوقوف موقفاً
ايجابياً من محاولات بعض حركات المقاومة الرامية إلى تطوير منظمة التحرير الفلسطينية
باتجاه تحقيق الوحدة الوطنية.
أعلن انطلاق عمل مجموعاتها
الفدائية المسلحة عملياً ورسمياً في (آب/أغسطس 1969) عندما تم تخريج دفعة من (300) مقاتل من
أعضائها بعد أن خضعوا لدورات تدريبية مكثفة على يد الجيش العراقي، ومن حينها انتشرت
قواتها في أغوار الأردن، ومن ثم على جبهة جنوب لبنان، بينما كانت قد نفذت
أولى عملياتها الفدائية في4/7/1969 .
مارست الجبهة الكفاح المسلح منذ
انطلاقتها، وتميزت عملياتها بالنوعية، كعملية الخالصة الثانية، وعملية كفار يوفال
في حزيران عام 1975، وعملية كفار جلعادي بالجليل الأعلى قي تشرين الثاني عام 1975،
وعملية طبريا في أب عام 1977، وعملية مسكاف عام في نيسان عام 1980، وعملية
تدمير سرب من السيارات العسكرية الصهيونية عام1979.
وتشير المعطيات الفلسطينية
الرسمية، أن جبهة التحرير العربية نفذت في العام الأول من تأسيسها أكثر من (600) عملية
فدائية على امتداد الحدود المحيطة بفلسطين خصوصاً الجبهة الأردنية إضافة للداخل
الفلسطيني. وفي العمل المسلح السري بمرحلة السبعينات والثمانينات
وانتفاضة عام 1987 وانتفاضة عام 2000 .
شاركت الجبهة في كافة المعارك
التي خاضتها الثورة الفلسطينية، في الأردن ولبنان وحرب تشرين والأراضي العربية المحتلة
والساحة العربية، وكان لها دور بارز في أحداث أيلول الأسود عام 1970، و في حرب
تشرين عام 1973، والدفاع عن المخيمات الفلسطينية في لبنان. وكانت
تشكيلاتها المقاتلة قد انتشرت على طول الحدود الأردنية الفلسطينية، وعلى الحدود
اللبنانية الفلسطينية.
عقد المؤتمر التأسيسي الأول
للجبهة في أب عام 1972، الذي أنتخب اللجنة المركزية الجديدة، وأكد على ضرورة زيادة قوة
ووزن الجبهة ضمن أطار الثورة الفلسطينية، وفتح المزيد من المعسكرات العسكرية في لبنان
والعراق لتدريب المقاتلين وأعدادهم عسكريا وثوريا .
انضوت جبهة التحرير العربية في
إطار منظمة التحرير الفلسطينية وجميع مؤسساتها ورفعت شعار فلسطين طريق الوحدة
والوحدة طريق فلسطين، إلا أنها أحجمت في تفعيل دورها في إطار المنظمة "لأن منظمة
التحرير الفلسطينية تبنت الرؤية الإقليمية والقطرية، التي تتناقض مع تركيبة
الجبهة القومية" ولذلك اكتفت بمشاركتها بوفود مراقبة، والدخول في المجلس الوطني
الفلسطيني أثناء أحداث أيلول الأسود. لكنها عادت لتفعيل دورها بعد الخروج
الفلسطيني المسلح من الأردن، بهدف مواجهة "التطورات والتحديات"
حسب ماتشير إليه الأدبيات الصادرة عنها، وأتسمت علاقة الجبهة بالتنظيمات
الفلسطينية الأخرى على أسس الكفاح المسلح وائتلفت من عام 1974 إلى العام 1979 مع
بعض القوى في إطار جبهة الرفض الفلسطينية التي تأسست من تحالف الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية/القيادة العامة، جبهة النضال الشعبي
الفلسطيني، جبهة التحرير العربية، وبعد ذلك جبهة التحرير الفلسطينية حيث
شاركت في الاتجاه الرافض للبرنامج المرحلي الفلسطيني، باعتباره انتقاص
لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة .
من أشهر أبرز قياداتها الدكتور
اسعد محمد عكه عضو القيادة القومية للحزب وعضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو اللجنة
المركزية للجبهة ومسئول العلام والعلاقات الخارجية، ناصيف عواد عضو القيادة القومية
للحزب، محمد صالح إسماعيل التايه قائد فصائل المقاومة الفلسطينية في محور
رأس العين في عمان أبان مجازر أيلول عام 1970، وتولى قيادة منطقة عمان،
ومسئول معسكر جبهة التحرير العربية في العراق عام 1971 ومسئول الجبهة في
ساحة الكويت وعضو المجلس الوطني الفلسطيني وهو كاتب سياسي معروف، عفيف
محمد العبد أبو صبيح، الدكتور محمد محمود مشعل، محمد جابر نبهان قائد فصائل
المقاومة في محور رأس العين في عمان أبان مجازر أيلول الأسود وقائد منطقة
عمان، موسى شعيب عضو القيادة القطرية للحزب في لبنان، حميد حسين
السلطاني، كمال كعوش من مؤسس الجبهة عضو اللجنة المركزية للجبهة، عبد الأمير
حلاوي، راتب العمله، حسين رحال، محمود إسماعيل، إبراهيم الزعانين، الدكتور
بيطر قمري، مسعد ياسين، قاسم الزعانين، عوض العاروقي، زاهر الجديلي،
خليل تايب، حسن العلوي. ونشط في صفوفها القيادية على الساحة اللبنانية،
العديد من الرموز البعثية التي كانت في عداد أنصار (تيارالقيادة القومية)
مثل : معن بشور، بشارة مرهج، عبد المجيد الرافعي، محمد طي، نقولا
الفرزلي… وقد غادر معظمهم حزب البعث في سنوات لاحقة، مع استمرار نشاطهم في إطار
المنتدى القومي العربي في بيروت. واقتصر نشاطها الفاعل لأشهر معدودة بين
اللاجئين الفلسطينيين
في سوريا حيث انحاز لها وعمل في صفوفها العديد من القيادات البعثية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في
سوريا ثم حظر نشاطها بشكل كامل مع القطيعة التي تكرست بين طرفي البعث أواخر العام
1969وبعد حرب الخليج الثانية ودخول السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة خرج وأنشق
عن الجبهة عضو قيادتها جميل شحادة ومعه اللواء سليم البرديني فشكلا
بدورهما تنظيم أخر حمل عنوان الجبهة العربية الفلسطينية .
وبعد سقوط نظام حزب البعث وصدام
حسين في العراق تضعضعت أوضاع جبهة التحرير العربية والتنظيم الفلسطيني في حزب البعث
العراقي، إلا أن تواتر صدور بيانات الحزب تواتر بشكل مستمر باسم الحزب وجبهة التحرير
العربية وقوات القدس في فلسطين، مشيرة إلى أن حزب البعث "لن ينهزم
ولم ينهزم ولن تتأثر رسالته الفكرية والإنسانية ولن ينحرف أبداً عن مسيرته
الكفاحية نحو تحقيق أهدافه القومية التحررية رغم شدة المؤامرات والاستهداف
العالمي ضده وما حصل من عدوان واحتلال يؤكد علي مدى قلق وخوف ورعب أعداء
الأمة من فكر ومبادئ البعث" على حد قول بعض بياناتها في الداخل
الفلسطيني( ).
تمهلت الجبهة أربعة أشهر قبل أن
تشارك في صيغة الكفاح المسلح فيها باعتبار أنها تشكل أرضية مشتركة يقف عليها المقاتلون
ووافقت الجبهة عام 1970م على صيغة القيادة الموحدة.
اشترطت إنشاء مجلس وطني للثورة
يكون المرجع الأخير للقيادة الموحدة وعلى الرغم من تقدم هذه الصيغة الأخيرة على صيغة
الكفاح المسلح ظلت في نظر جبهة التحرير العربية تعاني وجود ثغرات كثيرة دفعت قيادة
الجبهة في 6/ديسمبر/1970م
إلى تقديم مذكرة إلى منظمات المقاومة ضمنتها مآخذها على صيغة القيادة الموحدة ومقترحاتها لتعزيز
الوحدة الوطنية.
قبلت جبهة التحرير العربية بعد
أحداث أيلول الأسود وخروج الثورة من الأردن دخول المجلس الوطني واللجنة التنفيذية التي
انبثقت من المجلس المنعقد في القاهرة في شهر يوليو/1971م.
جاءت مشاركتها بعد الأحداث التي
بررت الحاجة إلى مشاركة القوى القومية في حماية الثورة وباعتبار أن تأسيس الجبهة وخطها
ومبادئها تسير مع النظام العراقي فإن مكانة جبهة التحرير العربية صعوداً ونزولاً
كانت وما زالت مرتبطة بمدى التزام العراق بالقضية العربية ومدى إسهامه
في نضالها.
حين وقف العراق في معارك أيلول
1970م موقفاً محايداً رغم وجود اثني عشر آلف جندي عراقي على الأرض الأردنية كان
بإمكانهم تغيير الكفة بشكل واضح تعرضت جبهة التحرير العربية إلى انتقادات لاذعة خاصة بعد
تصريحات أحد زعمائها منيف الرزاز بالموافقة على مهادنة الملك حسين
ولكن في شهر يناير/1973م وقفت العراق عسكرياً إلى جانب قوات المقاومة
الفلسطينية التي اشتبكت مع الجيش اللبناني مما أسهم في إعادة مكانة جبهة
التحرير العربية داخل الساحة الفلسطينية.
خاضت جبهة التحرير العربية
معارك طاحنة مع حركة أمل حليفة سوريا أبان الحرب الأهلية اللبنانية أدت إلى تحجيم دورها
في لبنان كان العراق يمثل قمة التصلب وعدم الاستعداد دخول في المشاريع السلمية بل
والمزايدة على منظمة التحرير الفلسطينية خاصة وحمايته لصبري البنا
المعروف باسم أبو نضال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في بغداد والمنشق عن حركة
فتح.
انضمت الجبهة إلى جبهة الرفض
التي تكونت من الفصائل الفلسطينية المناهضة للحلول السلمية وخاصة ندوة جنيف ورغم تبدل
المواقف العراقية بل وذهابها من النقيض إلى النقيض ورغم الحرب العراقية الإيرانية التي
أضرت كثيراً بمكانة العراق التي أرادتها قيادته بعد وفاة جمال عبد الناصر
وموافقة الرئيس محمد أنور السادات على مشروع كامب ديفيد ورغم كل هذا ما زالت
جبهة التحرير العربية صوت العراق داخل المنظمة وهو ما ترجمته بوضوح
كلمة الجبهة في المجلس الوطني السادس عشر بالجزائر والذي حددت فيه
موقفها من مجمل القضايا المطروحة.
تعتبر جبهة التحرير العربية
قرارات قمة فاس من الممكن الالتزام بها في الظرف العربي الرديء الراهن كما ترفض مشروع
ريغان جملة وتفصيلاً ونظراً لدعم الأردن للعراق في حربه ضد إيران ونظرا للعلاقات
الطيبة السائدة بين عمان وبغداد في مواجهة دمشق ترى الجبهة أن ممارسة منظمة
التحرير الفلسطينية
لمسؤوليتها تجاه شعبها في الأرض المحتلة تفرض وجود علاقة مميزة
مع الأردن وبالتالي فهي مع
المحادثات الفلسطينية الأردنية والتنسيق القائم بين الطرفين.
ترى جبهة التحرير العربية في
المطالبة بإحياء جبهة الصمود والتصدي والتحالف الاستراتيجي مع سوريا إصراراً على
استخدام الأدوات القديمة التي سقطت في الامتحان والتجربة مع أن المرحلة الجديدة تحتاج
إلى تحالفات جديدة وبخصوص مصر ترى جبهة التحرير العربية أن الواجب ألان هو
متابعة ما يجري على أرض مصر بتفهم ومسؤولية مما ينبغي إعطاء فرصة للرئيس
حسني مبارك وهو ما تؤمن به العراق بعد زيارة مسئوليها إلى القاهرة رغم
مقررات قمة بغداد وبعدما وقفت مصر إلى جانب العراق في حربه ضد إيران.
من البداهة الإشارة إلى أن موقف
جبهة التحرير العربية من الحرب العراقية الإيرانية هو موقف حكام بغداد دون زيادة أو
نقصان وتبقى جبهة التحرير العربية في الأخير حركة محدودة العدد والتأثير شأنها شأن
الصاعقة نظراً لارتباطها العضوي بالنظام العراقي.
حيث أنها تصبح فاقدة لحرية
التخطيط والتصور والتحليل بل وتصبح تبحث عن التنظيرات المقبولة لتبرير سياسات العراق
فلسطينياً وعربياً ومما يسجل لجبهة التحرير العربية خلال الأزمة التي عرفتها منظمة
التحرير الفلسطينية بعد الخروج من بيروت هو وقوفها إلى جانب الشرعية
الفلسطينية وتنديدها بالاقتتال بين رفاق السلاح والأساليب الانقلابية داخل
الصف الفلسطيني وقد وقفت في الفترات الحرجة التي أعقبت الخروج من طرابلس إلى
جانب ياسر عرفات في نهجه السياسي لاسيما في الجانب المتعلق بالاقتراب من
مصر والتحفظ على الدور السوري في لبنان وعلى الساحة الفلسطينية وهو ما
كانت بغداد تشاطر فيه القيادة الفلسطينية( ) لم تشارك في الانتخابات
الفلسطينية في الأرض المحتلة.
رفضت جبهة التحرير العربية
اتفاق أوسلو واستنساخاته (مدريد وأوسلو وما لحق بهما من لقاءات واتفاقيات أمنية وسياسية
واقتصادية) انطلاقاً من "رؤيتها الفكرية والثورية والسياسية من الصراع العربي
الصهيوني"، معتبرة أن "أي لقاء أو اتفاق مع العدو الصهيوني يشرع وجوده على ارض
فلسطين ويعطيه الصفة القانونية من الجانب الرسمي، وبهذا يكون قد أعطي فرصة
ذهبية لترجمة أهدافه العدوانية وتنفيذها في الوطن العربي، وعلى رأسها دمجه
رسميا وشعبيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا وسياسيا في قلب المجتمع
العربي ضمن ما سمي بالسوق الشرق أوسطية، وهذا الأمر يشكل خطر حقيقي ونسف
لمشروع الأمة في تحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية وإقامة المشروع العربي
الوحدوي النهضوي على الأرض العربية، كما انه ينهي الحقوق الوطنية
التاريخية العادلة لشعبنا وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة
الفلسطينية على كامل ترابها التاريخي، لهذه الأسباب وغيرها رفضت وسترفض
الجبهة أي حلول تنتقص من الحقوق الوطنية لشعبنا، وستقاتل مع كل القوى الحية كل
المشاريع التصفوية
وستبقي متمسكة بفلسطين عربية حرة من بحرها إلي نهرها وبنهج المقاومة كخيار استراتيجي وحيد لدى شعبنا
لنيل حريته واستقلاله". لذلك لم تشارك جبهة التحرير العربية في الانتخابات
التشريعية والرئاسية التي جرت في فلسطين باعتبارها جزء من اتفاقيات أوسلو المرفوضة من
قبلها، واكتفت بالمشاركة بانتخابات البلديات باعتبارها خدماتية إنسانية
تهتم بشئون المواطنين، وبقى هدفها "تحرير فلسطين من البحر إلى
النهر."ومن المعلوم أن جبهة التحرير العربية من الفصائل المشاركة في حوارات
القاهرة الفلسطينية الفلسطينية، لكنها كانت قد رأت ضرورة عقد تلك اللقاءات
والحوارات الفلسطينية
الفلسطينية على الأرض الفلسطينية وتحت المظلة الفلسطينية "لتكون بعيدة عن كل أشكال التأثير والضغوط
الخارجية، وبهذا ضمان لاستقلالية الموقف الفلسطيني ورؤيته الخالصة التي لا
تخضع لمزاجات وأراء إقليمية". اعتبرت الجبهة وثيقة الوفاق الوطني التي
صيغت بالتوافق داخل السجون الصهيونية على أيدي قادة فصائل العمل الوطني
والإسلامي داخل السجون، بأنها "أساس صالح لاستمرار الحوار الوطني
الذي عقدت أول جلساته في غزة والضفة عبر الكونفرس بمشاركة كل الفصائل والقوى
الوطنية والإسلامية، على الرغم بان الجبهة تحفظت على بعض البنود الواردة في
الوثيقة، إلا أنها لم ترفضها وتعاطت معها ولم تكن عائق لتنفيذ ما ورد بها،
وذلك حفاظا وحرصا على الوحدة الوطنية وإنهاء كافة الخلافات والنزاعات
الداخلية وتوحيد كل الطاقات والإمكانيات وتصويب الأداء الفلسطيني لضمان
استمرار الانتفاضة والمقاومة وإفشال مشاريع التصفية والاستهداف والعدوان
الصهيوني المتواصل على شعبنا. رفضت الجبهة عقد أي هدنة أو تهدئة مع
الاحتلال الصهيوني، مؤكدا أن لا تهدئة ولا هدنة مع من يحتل الأرض ويقتل الإنسان
والمطلوب استمرار النضال الوطني بكافة أشكاله وصولا إلي تحرير فلسطين كل
فلسطين، كما أنها رفضت ما سمي بأراضي عام 1967، واعتبرت ذلك خطوة فلسطينية
خطيرة للتنازل التدريجي عن فلسطين وحدودها التاريخية، ولذلك لم تتعاطى
بهذا المفهوم وترفضه بشكل قاطع مؤكدة عروبة فلسطين كل فلسطين".
تناوب على أمانة سر جبهة
التحرير العربية أعضاء في القيادة القومية لحزب البعث في العراق، الدكتور زيد حيدر وهو من
قدامى أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي من الذين انحازوا إلى خط القيادة القومية
برئاسة ميشيل عفلق عام 1966. المرحوم أحمد المرعشلي وأخيراً الأمين العام الحالي ركاد
سالم وجهت له
سلطات الاحتلال (تهمة) توزيع أموال من الرئيس العراقي صدام حسين
لعائلات الاستشهاديين في فلسطين
بواقع عشرين ألف دولار كمساعدة عاجلة لأسرة كل استشهادي . ( )
































المراجع

1 - من تاريخ للمزيد على بدوان
صفحات الكفاح المسلح الفلسطيني – دار صفحات دمشق 2008

2 - الموسوعة الفلسطينية المجلد
الخامس صــ955-960.

3- -للمزيد راجع: يزيد الصايغ
،"الكفاح المسلح والبحث عن الدولة الوطنية الفلسطينية 1949-1993"