المفاوضات والمصالحة والسيارات والحكومة

المفاوضات والمصالحة والسيارات والحكومة
10/10/2010

الوضع الفلسطيني جداً معقد ومختلف هذه المرة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل ، فكل شيء يدعوا للإحباط وكل القضايا عصية على الحل ، وكل الآفاق مغلقة تسودها الضبابية المعتمة كأن تفشل المفاوضات هذا أمر طبيعي وليس بجديد بفعل وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل لا تريد للسلام أن يأخذ طريق له وترفض فكرة قيام الدولة الفلسطينية ، ولكن أن تواجه هذه الحكومة إرادة العالم المجتمعه بكل وقاحة وتبجح وبشكل علني هذا الأمر مختلف وغير إعتيادي ، خاصة وقد إعتبرنا مواقف البيت الأبيض فرصة ذهبية ثمينة لم تكن موجودة بالسابـق وعلقنا عليها الامال العريضة ثم انتكست بخيبة أمل غير معتادة تخلو من الفيتو والتحريض ضد السلطة ، وهذا مختلف عن النهج الأمريكي المعتاد على إتهام السلطة في كل المواقف إذن مختلف ولكن بشكل مختلف .

والمصالحة الفلسطينية التي لاتزال تراوح مكانها بين شد وجذب ، وتصريحات إعلامية هنا وهناك تتصاعد وتيرتها من وقت لآخر بين الفرقاء ، ثم فجأة ودون سابق إنذار يلتقي المختلفون على طاولة واحدة ويتصافحون ويتبادلوا الصور ويخرجوا بتصريحات إيجابية عن إقتراب الموعد المنتظر من وقت لاتمام المصالحة وإنهاء هذا الملف الذي لم يعد مقبولاً أن يستمر أكثر خاصة في واقع سياسي يحاول فيه كل أعداء الشعب الفلسطيني استغلال هذا الإنقسام لتمرير السياسات المعادية والتي تريد إفشال المشروع الوطني باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .

المصالحة الفلسطينية هدف ولا يمكن أن يكون أسلوب مراوغة وتحايل واذا كان كذلك لدى البعض فهو مختلف ، لأن الإنقسام لا يصب في مصلحة أحد غير الأحتلال ومن يسعى لإبقاء هذا الانقسام قائماً بالنظر الى مصالحه الذاتية أو الحزبية هو شريك مع الأحتلال في خططته ، فمتى كانت المصالح الحزبية أكبر من الوطن ، ومتى كانت التنظيمات والأحزاب أهم من فلسطين ، إن الذين يفكرون بهذا المنطق مختلفون في أفكارهم وتوجهاتهم وإعتقاداتهم .

ووسط ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مؤامرة كبرى تحاك ضدها من قبل حكومة الاحتلال في مشروع هو الأخطر والذي يعبر عنه نتنياهو وليبرمن وغيرهم من قادة دولة الأحتلال ، ووسط حالة الإنقسام الحاصل بين شطري الوطن والحصار الذي يتعرض له قطاع غزة والحرمان من أبسط متطلبات الحياة ، يصير جل همنا مواضيع هامشية وتصبح السيارات وقرار سحبها الصادر عن الحكومة الفلسطينية هو شغلنا الشاغل ويستذكر زكارنه الدجاج البياض ، ويصبح الدكتور سلام فياض صاحب قرارات ليست حكيمة وليس صائباً فيما يقرر حتى لو لقي هذا القرار رضى الشعب ، هذا مختلف ومختلف أن يصبح رضا اصحاب السيارات الحكومية أهم من رضا المواطن .

السيارات الحكومية ، وكلنا يعلم ما الذي تكلفه هذه السيارات وما ينفق عليها من خزينة الدولة التي بالاصل تعاني من نقص كبير في الموارد وتعاني عجز في الميزانية ، وإذا كانت هذه السيارت تستخدم لصالح أشخاص وعائلاتهم وأبنائهم ، وتستخدم بغرض شخصي بحث ويصرف عليها من خزينة السلطة فلماذا تتخذ محكمة العدل العليا قرار باستمرار إستخدام هذه السيارات وتتعارض مع الحكومة وقرار رئيس الوزراء الذي أوضح تكاليف هذه السيارات التي تلقى على كاهل السلطة ، وكيف لموظف أن يقبل لنفسة بسياقة سيارة حكومية لأغراض شخصية ، ويطالب ببقاء الخطأ دون تصويب خدمة لمنافع ذاتية وهو يعلم أن ما تعاني منه السلطة من عجز ليس أمراً بسيطاً ، كم كان سيكون جميلاً لو إتخذت نقابة الموظفين قراراً بسحب السيارات بدلا من معارضة الحكومة وكانت السباقة في هذا القرار .

والحكومة الفلسطينية التي عادت لممارسة دورها السابق في التلويح بالوضع المالي الخطير وبصندوقها الخاوي في مطلع كل شهر ليعيش الموظفون في حالة رعب نفسي وعائلاتهم حول وجود رواتب هذا الشهر أو عدمه ثم تخرج تصريحات من هنا وهناك حتى يأتي اليوم الذي يتقاضى الموظف فيه راتبة بعد أن يكون قد مر بكل هذه المعاناة ، بهذا الاسلوب يتقاضى موظفي السلطة الفلسطينية بعكس موظفي العالم الذين يتقاضون اجورهم بشكل أجمل ، فكم سيكون جميلاً يا حكومتنا لو صرفتم الرواتب دون أن تعلنوا وتهللوا ودون اسلوبكم المتكرر بشكل شهري عن احوال الخزينة والميزانية والتباكي علينا .