العدوان على لاجئي "أشرف"... جريمة ضد الإنسانية / د ايمن الهاشمي

العدوان على لاجئي "أشرف"... جريمة ضد الإنسانية / د ايمن الهاشمي
2011-04-17
جريمة الإعتداء الوحشي الذي تعرَّض له سُكان مُخيم أشرف العُزل (الخاضعين للقانون الدولي وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة)، مجزرة اجرامية نفذت وفقا للأوامر المباشرة الصادرة شخصيّاً من نوري المالكي إسترضاء لأسياده في طهران، وأدت إلى مقتل 34 من سكان المخيم وإصابة أكثر من 300 بجروح إضافة إلى إحتجاز أجهزة المالكي لـ(6) آخرين منهم كرهائن، وكذلك تعمد دهس العشرات منهم بالعجلات المدرعة وبالشفلات، هي بلا شك تعَذُ وفقاً للقانون الدولي، من الجرائم ضد الإنسانية التي توجب المساءلة الجنائية الدولية، لمعاقبة من أصدر ومن نفَّذَ الأوامر. لقد فوجئ العالم فجر يوم الجمعة 8 ابريل 2011 بقيام 2500 فرد مسلح من القوات المسلحة التابعة لرئيس الوزراء، وبكامل تسليحهم وعدادهم بالهجوم على نساء ورجال مخيم أشرف العزل الآمنين وذلك بلا سبب أو مسوّغ قانوني واستخدمت فيه كافة الاسلحة من المدرعات وعربات «همفي» وشفلات وأسلحة خفيفة استخدموها لاستهداف الأشخاص الأبرياء بأسلحة نارية ودهسهم بالمدرعات والشفلات. وقامت القوات المنفذة لتعليمات وتوجيهات المالكي شخصياً بالتصويب من مسافات قريبة تجاه القتلى والمصابين في إطلاقات مميتة بطبيعتها دون النظر للاعتبارات الإنسانية والبشرية وكرامة الإنسان وحرمته. وإمعانا في جعل الجريمة المرتكبة أكثر وحشية ضد المدنيين العزل رفض المالكي شخصياً ان يُمَكّن الفرق الطبية والمواد الطبية من الدخول للمخيم لعلاج اللاجئين الجرحى والمصابين وذلك في مسعى لزيادة عدد القتلى التي تشير الدلائل إلي تزايد عددهم جراء عدم تلقيّهم العلاج الملائم او نقلهم للمستشفي المتخصصة.
نظام ملالي طهران، سارع وفضح دوره بالجريمة التي أقدم عليها المالكي، وفضح التأثير الإيراني في هذه العملية المشينة والمهينة للجيش العراقي، حينما أشادت كل من قوات الحرس الثوري ووزارة المخابرات الايرانية بعمل المالكي حتى أن وزير الخارجية الايراني صَرَّحَ علناً وقال بمنهى الصلف: "إن إجراء الحكومة العراقية يستحق تقديرنا وباعتقادي انه يأتي تنفيذ للدستور العراقي"!!! ياللمهزلة إيران تتذرّع بالدستور العراقي، في حين أن كل دساتير العالم ومنها العراقي تحرم إيذاء أو تسليم اللاجئ ووجوب حمايته!!. والأدهى في الأمر والمثير للسخرية ان قيادة قوات الحرس الثوري خاطبت المالكي يوم 9/4/2011 ببيان وأعطته توجيهاتها: ((اذا لم تتكلل حركتكم اليوم بطرد مجاهدي خلق الكامل من الاراضي العراقية، فان هذا الموضوع سوف يتحول الى آلة تستخدم قريباً لتشويه سمعتكم وتشويه سمعة الحكومة العراقية بتهمة انتهاك حقوق الانسان)).
لقد حاول المطبلون والمزورون في أجهزة إعلام المالكي، من تلفيق الإدعاءات الباطلة، وتزوير الوقائع والأفتراء الرخيص، من خلال الإدعاء بأن «الحدث الذي حصل هو مجرد صدامات في مخيم اشرف ضمن إطار تبديل نقطة للجيش العراقي وتنفيذها لقرار قضائي في محيط مخيم اشرف والدخول في هذا المحيط بخمسين كيلومترًا». ولقد حاول المالكي وأزلامه أن يَدّعوا بأن العملية القمعية الوحشية على سكان أشرف العزل إنما هي بالأصل مسألة خصومة قضائية على انتزاع الاراضي التي اقيمت عليها مخيمات لاجئي اشرف، والمعطاة لهم تخصيصا رسمياً من الحكومة العراقية منذ سنين طوال، وكأنّ جيش المالكي وبقتله 33 شخصاً واصابة أكثر من 300 شخص بالرصاص المباشر اضافة الى دهسهم بالعجلات المدرعة والشفلات، كان يريد النظر في شكوى واهية لمزارعين عن أراض كانت الحكومة العراقية في حينها قد أعطتها في عام 1947الى الجيش العراقي، ومن ثم جرى تخصيصها لإقامة مخيم أشرف لإيواء اللاجئين الإيرانيين العزل. أليس هذا الاستدلال كافياً لادراك عمق الجريمة التي حدثت؟ ولكننا نتساءل في أي مكان في العالم يمكن لقوة عسكرية رسمية أن تقتحم مخيما لأناس عزل وبقوة 2500 فردا مدججة بمختلف أنواع الأسلحة الحديقة والمدرعات كيف يمكن أن تسمى مثل هذه العملية العدوانية السافرة بأنها عملية استبدال نقطة سيطرة؟؟؟ وفي أي عرف عسكري يتم استبدال سيطرة ما من خلال إطلاق النار بواسطة الرشاشات والمدافع؟ كيف يتم هذا الاستبدال حيث يقوده قائد القوة البرية بنفسه؟ اضافة الى ذلك فان الجميع يعرف ان «تنفيذ حكم قضائي» له مراحل عملية ولا علاقة للجيش بتنفيذ الأوامر القضائية في دولة تدعي أنها "دولة القانون"؟! وهل يمكن لقائد قوات البرية في جيش ما أن يقوم بإرتكاب جريمة إبادة بشرية بذريعة تنفيذ حكم قضائي؟!
ان العالم الحر يحذر قتلة سكان مخيم لاجئي أشرف من أنهم لن يكونوا بمأمن من ملاحقة القضاء الدولي، بما فيهم من أصدر الأوامر ومن قام بتنفيذها ومن قام بالدفاع والتبرير عنها، وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ونعدهم بأنهم لن يتمكنوا من الافلات من العدالة الجنائية الدولية وفقا لأحكام الاتفاقيات الدولية وملحقاتها التي تعتبر هذه الأعمال الوحشية جريمة إبادة وضد الإنسانية وتعاقب عليها، كما أن التهمة لا تسقط بمرور الزمن وسيتم ملاحقة الفاعلين حتى ولو بعد سنين طوال، علما أن هذه الجرائم كلها موثقة إعلاميا وفيديويا والدلائل بشأنها جاهزة. إن مسؤولية هذه الجريمة تقع على كل من نوري المالكي والسفير الإيراني بالعراق والفريق علي غيدان قائد القوة البرية العراقية الذي تولى قيادة تلك العملية الوحشية لأنهم أصدروا الأوامر بقتل سكان المخيم العزل الذين هم وفقاً لوضعهم القانوني والمعترف به دولياً من قبل كافة الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية كلاجئين، من خلال الاتفاقية التي وقعت معها عام 2003 وتم الاعتراف بحقهم في الحماية الدولية وفقاً لوضعهم وإنهم مقيمون بمنطقة منزوعة السلاح وإنهم خاضعون لاتفاقيات جنيف القسم الرابع منها. كما أكد البرلمان الأوربي في قرارين أصدرهما بتاريخي 24 نيسان (أبريل) 2009 و6 تشرين الأول 2010 موقعهم كأفراد محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
تصريحات علي الدباغ الناطق باسم الحكومة يوم 11/4 جاءت لتؤكد نية حكومته تصفية وجود أعضاء منظمة خلق في موعد أقصاه نهاية العام الحالي ووجوب إخراجها من الأراضي العراقية باستخدام كافة الأساليب. ولا شك ان هذه اوامر ايرانية لابد على المالكي ان ينفذها ليضمن بقاءه على كرسي السلطة. ان المطلوب تدخل من الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي فورا لسحب قوات المالكي إلى خارج المخيم مع تواجد فريق دائم من (يونامي) بحماية دولية في داخل المخيم لمراقبة الوضع بالمخيم بصفة دائمة وضمان عدم تكرار الجرائم العدوانية الوحشية.