الثورات العربية تؤكد على فشل الاستراتيجية الاميركية

من طرف **admin** السبت مايو 21, 2011 1:21 am

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الثورات العربية تؤكد على فشل الاستراتيجية الاميركية

الدكتور غالب الفريجات

الحراك الشعبي والسياسي الذي اجتاح المنطقة العربية، رداً على الانظمة الفاسدة في الوطن العربي، والتي تحظى بدعم مطلق من الادارة الاميركية، نظراً لمواقفها التبعية من جهة،وللمواقف الامبريالية الاميركية، التي لا تفهم في لغة التعامل مع الدول، الا في نطاق التبعية لتنفيذ اهدافها الامبريالية العدوانية، في حق الجماهير من جهة اخرى.

الانظمة العربية التي استهدفها الحراك الشعبي، كانت من اكثر النظم السياسية معادية لطموحات واماني شعوبها، ومن اكثر النظم فساداً سياسياً واقتصادياً، وهي نظم قمعية تعتمد اعتماداً كلياً على اجهزة القمع الامنية، والسعي لمحاربة الناس في ارزاقهم وقوت اطفالهم، ونهب المال العام والثروة الوطنية.

الثورات الشعبية العربية تؤكد على فشل الاستراتيجية الاميركية، لانه رغم حالة الاستبداد في الدول العربية، والدعم المطلق لسياسة الاستبداد والفساد، من قبل الادارات الامريكية المتعاقبة، الا ان اجهزة هذه الادارات، واجهزة الانظمة السياسية التابعة لها في دول المنطقة، لم تتمكن من التنبؤ بانفجار هذه الثورات، وفوجئت كما فوجئ اتباعها في النظم السياسية، لحجم هذا الحراك، وتصميمه على تحقيق اهدافه، من الخلاص الاولي من السلطة السياسية ورموز الفساد، تمهيدا لبناء نظام سياسي اكثر عدلا، وقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية.

من المخزي ان يخرج علينا اوباما بخطاب، يظهر فيه انه يوجه التعليمات الى جماهير المنطقة، وان الامة تنتظر بفارغ من الصبر دروسا من هذا المعتوه سياسياً، لان السياسات الامريكية تنطلق من المصالح الامبريالية المعادية لمصالح جماهير هذه الامة، فهل بقيت مساحة الى اللعب الامريكي على امتداد الوطن العربي، بعد ان تحطت استراتيجيتها في العراق، وظهر حجم الغضب الشعبي من عملائها في الانظمة العربية الفاسدة.

امريكا المتحالفة جذرياً مع الكيان الصهيوني، والداعمة المطلقة لسياسات التبعية، ونهب الثروة الوطنية، وقمع الحراك السياسي والاجتماعي، لن يكون في مقدور رئيسها ان يؤكد على مصداقية ادعاءاتها، في مفردات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، لان اياديها ملوثة بدماء شعوب المنطقة، سواء في فلسطين والعراق، او على ايدي عملائها في النظام العربي الرسمي.

الثورات الشعبية باتت تملك مفتاح الحلول لاوضاعها المزرية، من خلال بناء نموذجها السياسي الديمقراطي الاجتماعي، وبحجم الوعي الذي بدا واضحا في تحركاتها، فانها في غنى عن اية توجيهات ووصاية من اعداء الامة، الذين كانوا يسعون لتدميرها، وتفريغها من محتواها الجوهري، القائم على ان الايمان بأن الشعب هو مصدر السلطات، وان اي نظام سياسي يجب ان ينطلق من اهداف تحقيق المصالح الوطنية والقومية، فلم تعد قادرة على تحمل فراعنة جدد، تحت العديد من المسميات، وهو ما لا ينسجم مع اهداف الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية، العدو الاول والرئيس للامة والانسانية جمعاء.

امتنا امة عطاء وخير، فهي امة رسالة، تشع نورا وعلما على العالم، وقد استطاعت ان تبني نموذجها الحضاري على امتداد ثمانية قرون، ولا زالت رغم ما تعانيه، قادرة على اعادة بناء هذا النموذج الحضاري الانساني، بفعل ما تملكه من طاقات ابنائها، وبما تختزنه من وعي وثقافة وقيم، فهي مازالت تمتلك ارادة التحرير والتوحيد، وتحقيق التنمية الشاملة لجميع ابنائها.

dr_fraijat@yahoo.com