ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى الفكر القومي
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملتقى الفكر القومي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ألف باء البعث - الدكتور منيف الرزاز

اذهب الى الأسفل

ألف باء البعث - الدكتور منيف الرزاز Empty ألف باء البعث - الدكتور منيف الرزاز

مُساهمة من طرف admin الأربعاء مايو 05, 2010 12:18 am

ألف باء البعث

الدكتور منيف الرزاز
إن إستمرارية حزب البعث العربي الإشتراكي التي جعلت منه خلال ثلث قرن جزءا لا يتجزأ من صمود الشعب العربي في وجه الصهيونية والإستعمار والرجعية والإنفصالية يجب أن لا تكون مصدر رضى مبالغ فيه عن النفس أو سببا لعدم التخلي عن عقلية التخلف والجرأة في مواجهة مشاكل الأمة ومشاكل الحركة الثورية العربية .

فحزب البعث العربي الإشتراكي يشعر أنه مطالب بمضاعفة وثباته الفكرية والعملية كلما تقدم مسيرة الثورة العربية ليبقى في قلب الجماهير العربية وعقلها وروحها تلك الطليعة الثابتة المتجددة التي تخوض معركة المصير بقوة أصالتها الفكرية القادرة على أن تجنبها مزالق العقلية التجريبية عند كل أزمة وأمام كل منعطف.

غير أن أصالة الحزب إذا كانت مبعث ثقة بالذات تتجسد في قدرة الحزب على التجدد مع بقائه كما هو من حيث الجوهر فالمفروض فيها أيضا أن تدفع بكل حزبي وبكل وطني الى ممارسة عملية نقد لحزب البعث تضعه بإستمرار في مستوى مهمته القومية والتاريخية .

وقد خطا الحزب من جهته خطوات جدية في عملية النقد الذاتي فأقر المؤتمر القومي الثامن نقدا واضحا وموضوعيا لحكم الحزب في العراق عام 1963 كما أقر في مؤتمره القومي التاسع نقدا لتجربة الحكم في سورية . ولكن في نفس الوقت الذي تنصب فيه الجهود على إكتشاف نقاط الضعف والعيوب في الحزب يجب القيام بعملية أخرى هي عملية توضيح حقيقة الحزب في وجه حملات عنيفة ومتجنية تعرض لها حزبنا كما لم يتعرض حزب آخر .

إن هذه الحملات وإن كانت في الظاهر موجهة ضد سلبيات الحزب واقعية أو منفعلة إلا أنها في الحقيقة موجهة في أغلبها ضد ذلك الشيء السليم والثابت والمستمر في حزب البعث ونعني به جوهره كحركة تاريخية في سبيل وحدة الأمة العربية وحريتها وإشتراكيتها . والقصد من هذه الحملات هو زرع الحواجز بين الشباب العربي وفكرة حزب البعث هذه الفكرة التي تجعل من السباب العربي مدركا القوانين المحركة للواقع العربي ممسكا بطريق المستقبل .

لذلك وبدلا من أن يكون الحديث هو عن دور حزب البعث في معركة المصير العربي على أرض فلسطين على ضوء إلتزامه بالمنطلق القومي في الكفاح الشعبي المسلح وبدلا من أن يكون الحديث عن نضال حزب البعث في لبنان ضد النظام الذي يشكل بالحلف الظاهر الذي يجسده بين الإقليمية والطبقية أكثر من أي نظام عربي آخر النظام النقيض لدعوة حزب البعث العربي الإشتراكي القائم على ربط النضال الوحدوي والنضال الإشتراكي .

بدلا من ذلك كله إخترت أن يكون حديثي في هذا اللقاء عودة الى الأصول والمبادئ تمهيدا لمناقشة مواقف الحزب من كافة القضايا في نهاية الحديث .

-1- البعث حركة عقائدية :

البعث حركة عقائدية ... حركة ذات عقيدة ...

العقيدة هي حصيلة الدراسة العلمية للتاريخ للقوى الفاعلة فيه لتصارع هذه القوى للقوانين المسيرة لها وبالتالي هي الخلاصة المستنتجة من تجربة العالم التاريخية خلاصة معنى التاريخ .

بذلك تصبح العقيدة أداة عملية لتحليل المعنى التاريخي للواقع التاريخي للواقع القائم وتكون نبراسا للإستشراف المستقبل ؛ العقيدة إذن في مستوى العلم تكتشف قوانين التاريخ ولا تضعها .

وكما أن قوانين العلم متطورة حتميا تقود الى إكتشافات جديدة وتتطور هي نفسها بهذه الإكتشافات كذلك قوانين التاريخ متطورة حتميا متأثرة بتطور التاريخ قابلة للتعديل مع فارق أساسي فمادة العلم هي الطبيعة وقوانين الطبيعة ثابتة إكتشافنا لهذه القوانين هو المتطور فيها . ومادة التاريخ هي المجتمع الإنساني والمجتمع الإنساني متطور غير ثابت ومن هنا فليس إكتشافنا لقوانينه فحسب هو القابل للتطور بل قوانينه نفسها ؛ ومن هنا فإن صاحب العقيدة مضطر الى أن يطور عقيدته أي قوانينه مع تطور التاريخ .

فالبعث عقائدي ولكنه ليس مذهبا جامدا دوغمائيا ؛ البعث ينطلق من أن العالم بشكل عام والتاريخ بشكل خاص حركة دائبة الحركة هي نتيجة تصارع قوى وليست مجرد تصارع مستمر .

كل مرحلة تاريخية هي رد فعل لمرحلة أخرى وأوضاع معينة تجاوزت حاجة المجتمع المتطور إليها كل مرحلة تاريخية مستمرة لذلك من المرحلة التي سبقتها نابعة من أحشائها ونقيضة لها في نفس الوقت أي ثورة عليها . ولكن المرحلة التاريخية الوليدة تتجاوز في عملية نموها الأوضاع التي ولدتها تتجاوز عملية رفض السابق لتصبح وضعا جديدا له خصائصة الذاتية هذه الخصائص جذورها في المرحلة التي سبقت فروعها في مرحلة المستقبل .

ومن خلال رد الشعوب على تحدي الإستعمار إكتشف البعث معنى الصراع بين الإستعمار من جهة وبين القوى المقاومة للإستعمار من جهة أخرى ؛ إكتشف معنى الصراع القومي معنى التناقض الأول والأساسي الذي يحرك المجتمع في العالم الثالث ؛ أدرك قيمة المحرك القومي القوة الدافعة لكل حركة تاريخية أدركها لا بشكل قوة مناقضة للإستعمار فحسب لا كرد فعل سلبي فحسب بل أدركها كذلك في وجهها الإيجابي كقوة حضارية بناءة تطلق الطاقات الثورية الكامنة في الشعوب المتخلفة المستعمرة تفتح أمامها الآفاق لبناء عالم خال من الإستعباد والإستغلال بكل أنواعه سواء كان إستعباد وإستغلال شعب لشعب أو طبقة لطبقة أو فرد لجماهير .

القوة القومية ولدت مقاومة للإستعمار تبغي التخلص منه نقيضا له وتحولت في نموها لتصبح القوة الدافعة وراء كل بناء تقدمي . ومن خلال التناقض الأساسي إكتشف البعث كل التناقضات الأخرى المتفرعة عنه تناقض المصالح القطرية الجزئية مع المصلحة القومية الكبرى تناقض العلاقات الفرعية كالطائفية والعنصرية والعشائرية مع العلاقة القومية الوحدوية تناقض الكبت والدكتاتورية مع حرية الجماهير تناقض الملكية الفردية مع ملكية المجتمع .

فالبعث إكتشف الصراع الطبقي من خلال الصراع القومي أدرك أن موقف الطبقات المالكة لأدوات الإنتاج الأرض والرسمال ليس موقفا من الملكية مناقضا لمصلحة لمصلحة الطبقات الكادحة وأهدافها فحسب بل هو الى ذلك وفوق ذلك موقف من القومية من الحركة القومية التحررية من الإستعمار من التجزئة من الحرية من الثورة مناقض لهداف حركة الجماهير القومية .

أدرك أن الدافع القومي للطبقات المالكة ( الإقطاعية والرأسمالية ) مخنوق حتما بمصالح هذه الطبقات المادية وأن مصالحهم تأثر في مواقفهم من القضايا القومية .

أدرك أنه من خلال الجماهير فحسب الجماهير المتناقضة مصلحتها مع مصلحة الإستعمار وضد التخلف وأن المعركة التي تخوضها الجماهير ضد الإستعمار تقودها حتما الى أن تخوض المعركة ضد كل القوى الممالئة للإستعمار والمرتبطة مصالحها بمصالخه وأن الصراع الطبقي هو وجه آخر للصراع القومي .

-2- البعث حركة نضالية :

لو كان البعث عقيدة فحسب لكان مدرسة فكرية فحسب ولكنه الى جانب ذلك نضال من حيث هو عقيدة فهو علم ومن حيث هو نضال فهو حركة وقوة فاعلة ونضاله نابع من وعيه للتاريخ ومن كونه قوة فاعلة فيه لا متفرجا على أحداثه ؛ نضاله عقائدي بمعنى أن نضاله ليس أعمى إنه يسترشد بتجارب الإنسان الماضية فيدرك غايات نضاله ويدرك وسائل نضاله ويستعملها .

وكما أن العقيدة تنير سبيل النضال فممارسة النضال تعمق معنى العقيدة وتوضحها وتطورها غايته من النضال أن يكون القوة الدافعة لتحقيق حتميات التاريخ المقبلة ووسيلته في النضال خلق القوة الجماهيرية القادرة على تحقيق هذه الغاية فالنضال ليس وسيلة لتحقيق أغراض النضال المعلنة فحسب النضال المسلح بالعقيدة الذي تخوضه الجماهير هو السبيل الوحيد لتحرير هذه الجماهير من قيودها التي تمنع إطلاق قواها الكامنة هو الذي يفتح طاقاتها ويطلق إمكاناتها .

خلق النضال الواعي في ذاته خلق للأمة التقدمية التي يحتم التاريخ نشوءها والجماهير بعد النضال ليست هي الجماهير ذاتها قبل النضال .

البعث يدرك أن حتميات التاريخ لا تأتي أوتوماتيكيا حتميات التاريخ محصلة قوى دافعة الى الأمام ضد قوى تشد الى الوراء وواجب البعث خلق القوى الدافعة ؛ إختصار التاريخ ؛ تحقيقه . ومن أجل أن يكون البعث قوة لا بد أن يكون أولا تنظيما أي أن يكون حزبا ؛ وواجب الحزب الأول تنظيم الشعب وتعبئته حول العقيدة التاريخية السليمة وإستنفار قواه وتحريكها ثوريا من أجل المشاركة الفعالة في الثورة . فالحزب ليس فئة متميزة عن جماهير الشعب وليس بديلا لها ؛ ليس فوقها ولا وصيا عليها إنه الطليعة النابعة من صفوف الشعب نفسه تميزت بوعيها التاريخي بتنظيمها بأصالة ثوريتها ميدان عمله جماهير الشعب ومقياس نجاحه في رسالته مقدار إلتفاف جماهير الشعب حوله مؤمنة بما يؤمن مناضليه معه في ميادين النضال .

قوة الجماهير وقدرتها على التحرك الثوري قوة كاملة وقد تركن الجماهير الى التواكل والإستسلام ومستلزمات الحياة اليومية على رغم كل الكبت والحرمان والإستغلال الذي تئن تحت نيره ؛ فمجرد الإنتساب الى الجماهير الكادحة ليس إنتسابا للثورة وقد تنفجر الجماهير في ثورات عفوية من غير توعية سابقة ومن غير تنظيم مثل هذه الثورات العفوية لا تؤتي ثمارها تخمد قبل أن تنضج وواجب الطليعة أولا تحريك روح الثورة لتتحول القوة الكامنة الى قوة فاعلة وثانيا تنظيم هذه القوة من أجل أن تكون مثمرة وثالثا وضعها على الطريق التاريخي السليم .

العلاقة بين الجماهير وطليعتها علاقة متبادلة فكما أن الجماهير بدون طليعتها قوة كامنة أو قوة فاعلة مهدورة كذلك الطليعة بدون جماهير ثورة نظرية ثورة على الورق .

إن محاربة التنظيم الحزبي محاربة لتنظيم الشعب وشعار اللاحزبية شعار ضد فاعلية الجماهير الثورية المنتجة فاللاحزبية شعار ديكتاتوري .

-3- البعث حركة ثورية :

البعث من حيث هو رفض للأوضاع التي ولدته ومن حيث هو إنفتاح لخلق أوضاع جديدة تقدمية هو ثورة وليس حركة إصلاحية ؛ فالحركة الإصلاحية قبول لأسس الأوضاع القائمة ورفض لتفاصيلها والثورة رفض لوضع وإنفتاح على نقيضه ؛ إنسلاخ من القوى التي تشد الى الوراء وإقبال على قوى المستقبل .

الثورة لا تطرح جانبا واحدا من جوانب الأوضاع الفاسدة لتغيره إنها تدرك التلاحم الطبيعي القائم بين مختلف جوانب الأوضاع الفاسدة لذلك فرفضها لها رفض شامل وهدفها الذي تناضل من أجله هدف لذلك جاء شاملا ومن هنا فثورة البعث ثورة شاملة تستهدف رفض الإستعمار بأشكاله من تجزئة وأنظمة حكم فاسدة وعلاقات إقتصادية تابعة وتستهدف رفض عوامل التخلف الداخلية وما يرتبط بها من علاقات إجتماعية متخلفة كالطائفية والعشائرية والإقطاع ومن نزعات مفرقة كالإقليمية والعنصرية .

فالثورة تستهدف بناء مجتمع عربي موحد تسوده علاقات إجتماعية تقدمية ويختفي فيه الإستغلال الطبقي وتنفتح فيه طاقات الجماهير ومن خلال الثورة على المجتمع القائم من خلال ثورة الجماهير لرفض واقع فاسد لا يتغير هذف الثورة فحسب بل تتغير الجماهير نفسها تنقلب على ذاتها تتخلص من رواسب المجتمع الثائرة عليه والتي هي منه وتصبح قادرة على بناء مجتمع جديد .

ومن خلال ثورتها على وضع تاريخها تحقق ثورة في ذاتها فتحقق ذاتا جديدة مبدعة خلاقة منصهرة في حركة التاريخ فتخلق الإنسان العربي الجديد وعمق أية ثورة يقاس بمقدار وعيها التاريخ العلمي لمعنى دورها وإتساع قاعدتها الجماهيرية وقوة تنظيمها وعمق رفضها لمعطيات الواقع الفاسد وعمق تلقيها لقيم المجتمع الثوري المرتبط بمصلحة الجماهير .

-4- البعث حركة جماهيرية :

لا تكون الثورة ثورة إلا بجماهيرها حين تكون الجماهير المسحوقة أداتها وغاياتها معا فكل ثورة لا تكون الجماهير أداتها هي ثورة ناقصة ثورة فوقية وكلّ ثورة لا تكون الجماهير غايتها هي ثورة محرفة ثورة كاذبة .

ففي المجتمع الفاسد الذي ولد البعث ردا عليه الجماهير الكادحة المسحوقة محرومة مستغلة مخنوقة الطاقات وهدف البعث هو تحرير هذه الجماهير من ربقة العبودية والإستغلال والحرمان والكبت وإطلاق طاقاتها ووسيلة البعث في ذلك الإعتماد على تحريك عوامل الثورة لدى الجماهير لتعي وضعها لترفضه لتثور عليه لتبني وضعا تمسك فيه بمصيرها ومصير مجتمعها بيدها فكلّ معركة تخوضها الجماهير هي خطوة في سبيل إيقاظ طاقاتها والوسيلة المثلى لتحريك الطاقات الثورية حمل الجماهير لعبء الثورة وعليه فإنه ليس لفئة ولا طبقة أن تأخذ مكان الجماهير بالثورة .

إن إختصار طريق الثورة عن طريق القفز فوق الجماهير يطعن معنى الثورة الحقيقية فالإستعمار والإقطاع والطائفية والعشائرية والدكتاتورية الفوقية ألوان مختلفة من إستمرار كبت الجماهير وسحقها والمحافظة عليها مكبوتة مسحوقة والجماهير المحرومة قد تقبل حرمانها وتحتال على إحتماله بوسائل عديدة لا سيما حين يكون المجتمع ساكنا راكدا خاليا من عوامل التحدي الطارئة .

فالجماهير التي لم تتعرض لريح الثورة تحمل في ذاتها كل عوامل التخلف على رغم أنها ضحية للتخلّف وتحرير الجماهير من كبتها هو الوظيفة الأولى للثورة وبشكل خاص للطليعة الثورية ولهذا فإن توفر الطليعة الثورية هو محرك روح الثورة لدى الجماهير ومنظمها وقائدها والطليعة هي التي تعي معنى الكبت معنى الحرمان معنى التخلف وهي التي تدرك تناقض الأوضاع والعلاقات الإجتماعية السائدة مع المرحلة التاريخية وهي التي ترفض هذا التناقض لتبدأ رسالتها التاريخية في الثورة عليه وتركيب الطليعة من أجل أن تكون طليعة صادقة مع رسالتها يجب أن ينبع من هذه الجماهير نفسها .

-5- البعث حركة قومية :

في جميع البلدان التي تعرضت للإستعمار بشكل مباشر أو غير مباشر الرفض الأول والأساسي موجه ضدّ الإستعمار فالتحدي الإستعماري هو العامل الأساسي الذي حرك المجتمع الراكد منذ مئات السنين وخلق فيه ردّ الفعل على التحدّي .

من هنا كان التناقض الأساسي في مثل هذه البلدان هو بين الإستعمار والقوى المناضلة ضدّ الإستعمار أي أن الصراع في أساسه هو صراع قومي لذلك كان البعث حركة مناضلة ضدّ الإستعمار ؛ كان بالنتيجة حركة قومية .

في عصور التخلف الطويلة تضيع الهوية وفي النضال ضدّ الإستعمار الواضح الهوية يجب أن تتضح هوية المناضل ويطرح الشعب الماضل على نفسه السؤال : من نحن ؟؟ ما هويتنا ؟؟

ولقد أجابت ظروف الصراع التاريخي نفسها على هذا السؤال : نحن عرب و قال البعث أمة عربية واحدة ؛ آمن بوحدة الأمة وحدة اللغة والتاريخ والأرض كانت الأساس الذي بنيت عليه وحدة الأمة العربية .

ووحدة المصالح الإستعمارية على رغم إختلافات دول الإستعمار الجزئية فرضت على الأمة العربية الوعي على وحدتها فوحدة العدو كانت السبب في إدراك وحدة الذات وحدة المعركة : معركة المصير الواحد .

إن معركة النضال ضد العدو المشترك سلخت مسألة وحدة الأمة من مستواها النظري لتضعها في مستوى النضال الثوري الإيمان بوحدة الأمة لم يعد إذن مسألة نظرية لقد أصبح هدف النضال هو الوحدة العربية وأصبحت وسيلة النضال هي النضال العربي المشترك .

لذلك خطى البعث الخطوة العملية الأولى حين جعل تنظيمه قوميا متجاوزا حدود الأفكار المجزأة الحدود التي إختطها الإستعمار وحافظت عليها المصالح المحلية وخطى البعث خطوته العملية الثانية حين جعل من معركة كل قطر ضد الإستعمار معركة الشعب العربي كله .

لقد أدرك البعث أن الإستعمار ليس إحتلالا عسكريا فحسب ينتهي بالجلاء والإستقلال ووعى المعنى العميق للحركة القومية حين وعى المعنى العميق للإستعمار فهذا الأخير قد يكون إحتلالا عسكريا وقد يكون نفوذا سياسيا أو معاهدات غير متكافئة وقد يكون تحالفا مع أنظمة حكم مماثلة ولكنه فوق ذلك كله إستغلال إقتصادي وربط لمصالح البلاد بمصالح رأس المال الأجنبية وإمتيازاته وإحتكاراته والإستعمار لا يعتمد في تنفيذ أغراضه على قواه وحدها إذ له حلفاء من الطائفية والإقطاع والعشائرية والعنصرية والرأسمالية المرتبطة به .

فالحركة القومية لدى البعث لم تعد إذن مجرد نضال من أجل الجلاء والإستقلال بل حركة ثورية للخلاص من الإستعمار ومن كل ما يمثله مكشوفا كان أم مبطنا وللخلاص من كل الأوضاع والعلاقات التي تسهل لمصالح الإستعمار البقاء ومن هناك كانت قومية البعث جماع لنظرته الثورية .

-6- البعث حركة إشتراكية :

من خلال معاناة الصراع القومي كان لا بدّ للحركة القومية من أن تصبح في نفس الوقت حركة إشتراكية وإشتراكية الحركة القومية منبعثة من عاملين إثنين :

أولهما : إدراك أن الإستعمار نفسه ليس مجرد إحتلال عسكري و لا نفوذ أجنبي بل هو فوق ذلك ربط للبلاد الواقعة تحت النفوذ الإستعماري بمصالح الرأسمالية المستغلة العالمية . فمقاومة الإستعمار إذن تعني مقاومة النظام الذي يقوم عليه الإستعمار ذاته .

ثانيهما : إدراك الترابط الوثيق بين المصالح الإستعمارية وبين مصالح الطبقات المحلية المالكة للأرض ولرأس المال وإدراك لحتمية إنحراف هذه الطبقات عن متابعة الخطّ الثوري السليم في مكافحة الإستعمار ونفوذه ومصالحه إذ أن مقاومة الإستعمار تعني مقاومة المماثلين له من المستغلين .

ومن ردّ الفعل السلبي هذا ومن خلال الصراع القومي أصبحت الحركة القومية حركة إشتراكية وولد الصراع الطبقي ولكن هذه الحركة في تجاوزها لرد الفعل السلبي وفي إنطلاقها نحو البناء الخلاق وعت حقيقتين أساسيتين :

أولهما : أن لا مكان للإستغلال في أمة تقدمية حرة وأن الإشتراكية هدف لأنها النظام الوحيد الذي يطلق طاقات الجماهير ويحررها من الإستعباد والإستغلال ويطوّر الطاقة الإنتاجية للوطن المتخلف .

وثانيهما : أن ثروة الأمة ملك للأمة وأن أدوات الإنتاج لا بد وأن تكون في يد المنتجين ؛ فالإشتراكية إذن مصير حتمي لأن الروح الثورية التي يخلقها النضال القومي في الجماهير تؤدي بالجماهير الكادحة وقد تحررت من رواسبها الى رفض الإستغلال بكل صوره والإشتراكية وحدها هي النظام المناقض للإستغلال .

فالإشتراكية ليست مجرد نظام إقتصادي يتحقق في مستقبل الأيام إنها قبل ذلك وعي على القوى الفاعلة في المجتمع ووعي على مكان هذه القوى من المعركة القومية فالإيمان بالإشتراكية إذن ليس إيمانا بالمستقبل بل هو إيمان اليوم في قلب المعركة إيمان بأن الجماهير الكادحة مكانها في قلب المعركة هي مصدر القوة الدافعة في الحركة القومية سواء في دورها السلبي أي مقاومة الإستعمار أو في دورها الإيجابي أي بناء الأمة .

إن تحرير الأمة وتحرير الجماهير معركة واحدة لا معركتان والجماهير الكادحة في هذه المعركة هي هدف التحرير ووسيلته معا جميع الذين هم مع تحرير الأمة بصدق ووعي هم بالضرورة مع تحرير الجماهير أي مع الإشتراكية .

-7- البعث حركة إنسانية :

البعث حركة عربية لا عالمية قومية لا أممية ولكنه حركة تقدمية ترفض الإستعمار والتخلف فكريا ونضاليا ؛ لا الإستعمار ولا التخلف مقصوران على العرب وتحطيم الإستعمار في أرض الوطن العربي تحطيم للإستعمار في كل مكان وإنهاء لدور الإستعمار في العالم .

إن إنهاء دور الإستعمار عمل حضاري ضخم يقلب كل معطيات الحضارة الإستعمارية القائمة كما يقلب العلاقات الإجتماعية والإقتصادية في كل من الدول المستعمرة واللامستعمرة ؛ فالإنتصار على التخلف في أرض الوطن العربي مساهمة في الإنتصار على التخلف في كل مكان ودفع للقوى التقدمية في أنحاء العالم ومن هنا فإن رسالة البعث القومية رسالة إنسانية عالمية .

لذلك فالبعث يعي معنى التحالف الطبيعي بينه وبين جميع قوى الثورة والتقدم والإشتراكية في كل أنحاء العالم ويعي رسالته في العالم الثالث بشكل خاص وفي كل العالم بشكل عام . فالبعث يتطلع لتحقيق السلام ولكنه السلام الذي يستند الى إلغاء الأسباب الموضوعية للحرب والعدوان لا السلام الشكلي القائم على الإتفاقات السطحية .

-8- البعث يتطلع الى تحقيق السلام :

البعث الذي هو التطور الإيجابي لرد الفعل السلبي للإستعمار له هدف أساسي واحد ؛ والهدف الأساسي للبعث هو تحريك قوى التاريخ التقدمية في الوطن العربي تحريكا ثوريا يحقق من خلال النضال ضد الإستعمار والتجزئة والتخلف خلق أمة عربية واحدة تضمها دولة عربية واحدة في مجتمع إشتراكي متقدم تستعمل فيه الجماهير كل طاقاتها وتتمتع بحرياتها .

ومن هنا كان شعار البعث : وحدة حرية إشتراكية وكان إيمانه بترابط هذه الأهداف ترابطا قوميا ؛ فلا تقوم وحدة مع بقاء الإستعباد والإستغلال ولا تتحقق حرية الجماهير في ظل التجزئة والإقطاع والرأسمالية ولا تقوم إشتراكية في قطر متخلف مكبوت الجماهير مجزء .

إن المجتمع العربي الموحد الحر الإشتراكي هو في النهاية هدف البعث ...
admin
admin
مدير عام

عدد الرسائل : 1748
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 09/02/2008

https://arabia.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى