ما يأتي من الغرب

ما يأتي من الغرب
كانت أمي أُميًََة لا تعرف القراءة ولا الكتابة كغيرها من الكثير من النساء ، عاصرن الحكم التركي و الانجليزي في بلادنا ، فالأتراك الذين استعمروا بلادنا ما يقرب من خمسة قرون مظلمة حضاريا لم يهتموا بالشعوب الذين تحت حكمهم ، فانتشر الجهل و الفقر والمرض بين الناس ثم جاء بعدهم الانجليز و الفرنسيون والايطاليون الذين أزاحوا الحكم التركي وحلوا محله مطبقين نفس الكابوس المظلم على شعوبنا العربية التي كانت تحت حكمهم ، في هذا الجو من الجهل و الفقر و المرض نشأ أبي وأمي، ولكني كنت اسمع أبي وأمي يرددان هذا المثل الشعبي المتداول بين الناس : مرة تقول أمي" ما بيجي من غربنا اللي يسر قلبنا" ومرة اسمع أبي يقول نفس المثل بصيغة أخرى :"ما بيجي من الغربي اللي يسر لي قلبي"
كنت أفكر في هذا المثل ، فنحن في غزة غربنا البحر وشرقنا أرضنا المحتلة المغتصبة حتى الآن من طرف اليهود وشمالنا أيضا أرضنا المغتصبة وجنوبنا مصر ،فماذا يقصد الناس الذين منهم أبي وأمي ويرددون هذا المثل؟
ولما كبرت وتعلمت تمكنت من الوصول إلى المثل الصحيح وهو "ما بيجي من الغرب اللي يسر القلب"
فقلت في نفسي الله يرحم كل من ردد هذا المثل في حدود ضيقة من معرفته بذلك الغربي المستعمر الذي سلب أرضه أو سجنه أو قتله أو نفاه أو سخره لمصالحه الاستعمارية .
ولما قرأت التاريخ وجدت آن احد أسباب تقهقرنا الحضاري هو الغرب الأوروبي والغرب الآسيوي من رومان و وندال و هكسوس وتتار وصليبيين وكما يقول المثل : ختامها مسك . اختتم الغرب نكباته علينا باستعماره لنا فحكم الإنجليز و الفرنسيون والإيطاليون بلادنا وبعد ما طردناهم من بلادنا شر طردة تركوا لنا قرفهم ونتنهم وعفنهم وإجرامهم بزرع اليهود في بلادنا وطرد شعب بأكمله تقريبا من بلاده ليعيش الشتات والعذاب والفقر والقهر حتى الآن .
فقد عقد الاستعماريون مؤتمراً في مدينة كامبل بانرمان وسمي مؤتمرهم بهذا الاسم الذي تحته خط وكان مؤتمرهم لإجابة هذا السؤال .
كيف نبقى أكبر مدة ممكنة في البلاد التي نستعمرها ؟ وقد خرجوا من مؤتمرهم ذلك الذي انعقد عام 1907م بنتيجة حول كيفية البقاء أكبر مدة ممكنة في الوطن العربي وأتمنى أن يطلع على هذه النتيجة الاستعمارية حول وطني العربي كل مواطن شريف ومسلم شريف ومسيحي عربي شريف وكل رئيس عربي .
يقول القرار الاستعماري حول البلاد العربية ما يلي :
يعيش على أطراف البحر الأبيض المتوسط شعب متكامل المقومات القومية ، فإذا اتخذ هذا الشعب واخذ بالميكنة الأوربية تكون الضربة القاضية لنا ، فعليكم يا مؤتمرين أن تسعوا دائما لتفرقة هذا الشعب وعدم أخذه بالتكنولوجيا الغربية ، ولضمان ذلك يجب زرع جسم غريب حليف لنا ومعادي لهم ويكون في قلب الوطن العربي بين جناحيه الأسيوي والإفريقي وقريبا من مستعمراتنا في الهند .
نشطت الصهيونية العالمية الذي انعقد مؤتمرها الأول عام 1897 م وقالت نحن الجسم الغريب حلفاء لكم وأعداء للعرب .
وصدر بعد هذه النتيجة وعد بلفور بإعطاء فلسطين وطنا قوميا لليهود وحلت النكبة بفلسطين وتشرد شعبها وما زال يناضل لاسترجاع ما اغتصب من بلاده.
واني أتساءل بعفوية الإنسان العادي البسيط لماذا لم تعط الدول الاستعمارية جزءا من بلادها لليهود ؟ لان فلسطين صغيرة المساحة وبلادهم واسعة وملك لأصحابها العرب وليست ملكا لتلك الدول البشعة المقرفة الأنانية الشرهة الحاقدة علينا المستهترة بنا .
لقد فعلت هذه الدول الغربية المستعمرة للشعب الفلسطيني ما فعلته بالهنود الحمر في أمريكيا الشمالية والجنوبية وشردت الهنود الحمر وحل محلهم أولئك القتلة المجرمين السفاحين مصاصي الدماء ، النصابين من الشعوب الأوربية الذين سكنوا محل الهنود الحمر مكونين ذلك الخليط الهجين من الشعوب المجرمة القادمة من أوروبا واسيا مكونين منهم أجرم وأتفه واقرف دولة في العالم وهي أمريكيا ، إما السود أو الزنوج فقد خطفوهم من بلادهم في أفريقيا ليشتغلوا عبيدا عندهم في مزارعهم ومساكنهم وأعمالهم الخسيسة
هذا ما جنيناه من الغرب الأوروبي من فقر و جهل وانقسام وتشرد في وطننا العربي وبعض الرؤساء العرب كل همهم مصالحهم الشخصية والقطرية والحزبية , فالغرب لم يسر القلب أينما حل ليس في بلادنا فقط بل في كل بلاد العالم .
وأخوف ما أخاف أن يحل بنا ما حل بالهنود الحمر في أمريكا .وما عمل الأوروبيين وأحفادهم الأمريكيين فينا إلا البدايات فزرع اليهود في بلادنا وتقسيم بلادنا وطمعهم في ثرواتنا واحتلال العراق وانتشار أمراضهم الصحية والاجتماعية وانبطاح أشباه الرجال من العرب لهم إلا البدايات ويا ويلنا من النهايات التي يهدفون إليها آن لم نصحو لألاعيبهم وحيلهم ومؤامراتهم علينا وانبطاح المنبطحين منا لهم الذين قال فيهم الشاعر : إن حظيرة خنزير أطهر من اطهر أطهركم ..فيا ويلكم يا منبطحين للغرب الم تسمعوا قول الله تعالى "ولم ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم" فهذه الآية ليست للرسول فقط صلى الله عليه وسلم إنها لكل عربي مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله...
إن نعل أو حذاء ذلك الصحفي العراقي الذي رماه على بوش في العراق اطهر منكم يا لاهث ين وراء الغرب إن رمية حذاءه على بوش حفيد الأوروبيين أثلجت قلب كل عربي شريف غيور على وطنه العربي وشعبه العربي وكأنه يقول نيابة عن كل الغيورين لا نريدكم ولن نقبلكم ولن نقبل حضارتكم وتراثكم المخزي ولن نقبل عاداتكم وتقاليدكم المخزية حتى لو وصلتم بحضارتكم إلى القمر وصنعتم ناطحات سحابكم وقنابلكم الذرية وأساطيلكم الحربية وتراثكم الحضاري كله لا نريدكم غوروا عنا الله لا يسهل عليكم ولا يخلف عليكم ما جاناش منكم غير المصايب لانه ما بيجي من الغرب الي يسر القلب .

أبو الوفا
غزة
8/5/2010م